خارطة المدن الفلسطينية
اشترك بالقائمة البريدية
معلومات عامة عن قرية المنشية/ حي من يافا ولا يعتبر قرية
البنية المعمارية - المنشية/ حي من يافا ولا يعتبر قرية - قضاء يافا
شارع المحطة وحيّ الرشيد
بدأ شارع المحطة من نقطة التقاء شارع بسطرس وشارع جمال باشا شمالي يافا القديمة. في هذه النقطة بدأ حي الرشيد اليافيّ، الذي كان فاصلاً بين يافا والمنشية وبني في نفس الفترة.
بنى حيّ المنشية، خارج أسوار مدينة يافا، جنود مصريون كان أصلهم من قرية الرشيد الواقعة على ضفاف نهر النيل، والذين بقوا في يافا بعد انسحاب قائدهم ابراهيم باشا الذي احتل يافا بين السنين 1831 – 1834. سكن هؤلاء الجنود أيضاً في أحياء يافيـّة أخرى مثل سكنة درويش، أبو كبير وتل الريش. الأثر الوحيد الذي بقي من الحي، و"حظي بترميم وصيانة" ببداية سنوات الثمانين من القرن الماضي، هو البيت الذي أصبح بعد ترميمه عام 1983 متحف "الإيتسل" على اسم عميحاي جيدي، ضابط العمليات في منظمة "الإيتسل"، تخليداً لذكرى محتلـّي الحي.
كان شارع المحطة في المنشية شارعاً ضيقاً ومكتظاً، مليئاً بالدكاكين والبيوت السكنية والتجار والمشاة والحافلات التابعة لشكة الباصات المتحدة والحناطير. أعطي الشارع اسم المحطة نسبة إلى محطة القطار يافا – القدس التي كانت في الشارع والتي أقيمت عام 1892 بواسطة شركة فرنسية. مع الوقت، بنيت في المحطة بنايات كثيرة منها ضيعة عائلة ويلند، التيمفلرية (جماعة الهيكل: حركة بروتستانية دينية أسست في ألمانيا). استعملت منظمة "الإيتسل" مبنى المحطة خلال الحرب كمقر قيادة خلفي وقاعدة تجنيد. اليوم، تجرى أعمال ترميم وصيانة في المحطة لتحويلها إلى موقع ثقافي وترفيهي.
قرب المحطة كان مقر منظمة النجادة (1945 – 1947)، التي انبثقت من جمعية الشبان المسلمين، لتكون نواة تنظيم عسكري فلسطيني. إلا أن أحداث 1947 – 1948 تفجرت قبل أن تتبلور المنظمة مما أدى إلى تفكيكها. في تلك المنطقة كان أيضاً مقر الحركة الكشفية الإسلامية. يستمر الشارع شمالاً إلى مكان كان يسمى "سوق اليهود". كان في السوق حتى عام 1947 عدد من الدكاكين بملكية يهودية وكان أيضاً عدد غير قليل من التجار العرب. السيد صالح مصري، لاجيء من المنشية ويسكن اليوم في يافا، يقول في شهادته عن مصدر اسم السوق: سمعت قصتين عن اسم سوق اليهود. الأولى أنهم سموه كذلك بسبب التجار اليهود الذين عملوا فيه، والثانية تقول أنهم سموه بهذا الاسم لأن بائعات هوى يهوديات كات تقف قرب السوق في المنطقة الواقعة بين المنشية ونفيه تسيدق. لذلك سموه سوق اليهود".
في مدخل حي المنشبة، غربي شارع المحطة، في شارع كان اسمه الجازلي، أقيم أحد أكبر المقاهي وأكثرها شهرة في المنطقة وهو "مقهى الانشراح". في هذا المقهى التقى القادة والشخصيات المعروفة والتجار المهمون. مقابل المقهى كان مخبز صغير لمهاجرين ألمانيون. في الجهة الثانية من الشارع أقيم مقهى آخر، كان أقل شهرة من سلبقه وهو " مقهى مِدها" نسبة إلى اسم صاحب المحل حسين مِدها، كان هذا مقهى شعبياً ورخيصاً وارتاده بشكل خاص كبار السن من المنشية.
في جزئه الشمالي، أصبح شارع المحطة شارع العالم. في بداية الشارع أقيم "مقهى اللمداني"، الذي كان في ذلك الوقت مقهى شعبياً مشهوراً. شمالي شارع العالم أقيم سوق الكرمل، الموجود حتى اليوم، الذي عمل به تجار فلسطينيون ويهود، ومنه تطورت حينئذ تل أبيب.
منطقة جامع حسن بك
جامع حسن بك، واسمه أيضاً الجامع الجديد، بني عام 1914 في الطرف الشمالي لحي المنشية، بأمر الحاكم التركي حسن بك الجابي، عشية الحرب العالمية الأولى. في فترة حكمه، عمل حسن بك الكثير من أجل تطوير يافا وأحيائها. المسجد هو المبنى الوحيد الباقي من حي المنشية، بالإضافة إلى منطقة محطة القطار وبعض البيوت القريبة من حي شابازي، ولا يزال عشرات المصلين يؤمـّونه حتى يومنا هذا، خاصة من مدينة يافا.
في كتابه، "قصص من يافا" يكتب المؤلف خيري أبو الجبين عن أسباب بقاء المسجد وعدم هدمه من قبل السلطات أن "أحد الأصدقاء، وحيد الجعبري، ابن الشيخ محمد علي الجعبري، الذي كان رئيس بلدية الخليل ووزيراً أردنياً سابقاً، حكى لي أن والده طلب من صديقته جولده مئير – رئيسة حكومة إسرائيل بين السنوات 1969 – 1973، ألا تهدم المسجد فوافقت على طلبه وأبقت على المسجد".
في رواية أخرى حول سبب بقاء المسجد رواها لنا صالح المصري:
" بعد سقوط المنشية، مُنعنا من زيارة المسجد والصلاة به، وبقي مهملاً لسنوات طويلة بعد أن هدموا به المأذنه وحاولوا تحويله الى متحف. في أواخر الستينات، اجتمعنا بعض الرجال من يافا وقررنا أقامه لجنة يافا للدفاع عن المقدسات وخاصة مسجد حسن بك. مع بداية السبعينات نجحنا في الحصول على موافقة البلدية في إعادة ترميم المأذنه وتنظيف المسجد من بقايا أوساخ الدواب التي عاشت به. أحضرنا مقاول من الناصرة لترميم المأذنه المدمّرة وقمنا بفتحه للمصلين مع حراسة مكثفة لان بعض اليهود من الأحياء اليهودية المجاورة رفضوا ذلك وحاولوا الاعتداء علينا"
أقيمت بجانب المسجد المدرسة المروانية للبنين التي كان في مكتبتها 1608 كتب. قرب المسجد كانت تلة صغيرة اسمها "تلة بيدس"، إذ بني عليها قصر كبير لعائلة بيدس الثرية. مع مرور الزمن، أصبحت هذه التلة رمزاً هاماً في الحي. جنوبي المسجد كان شارع المنشية، وعلى جانبه الغربي كان مدرستان، "الأموية" التي كانت مدرسة مختلطة للبنين والبنات، ومدرسة "العباسية". قرب المدرستين كانت جمعية الشبان المسلمين التي أقيمت عام 1924 وكان لها دور هام في رفع الوعي الوطني بين الشبان العرب وكذلك في العمل الجماهيري مثل بناء مدارس وعيادت طبية.
1936 – 1948
في سنوات ال 30 وال 40 اتسعت تل أبيب بشكل سريع وأصبحت محاطة بأحياء عربية. في الشمال الشيخ مونـّس وجماسين وصمـّيل، وفي الجنوب سلمة ويافا والمنشية. في الخرائط من تلك الفترة تظهر المنشية كقطاع طويل يفصل بيت تل أبيب والبحر.
عام 1936 بدأت الثورة العربية الكبرى، حيث تمرد العرب ضد سياسة الانتداب البريطاني وضد الصهيونية وهجرة آلاف اليهود إلى البلاد. حتى الثورة، كان حي المنشية في طريقه ليصبح جسراً بين المدينتين، خطاً واصلاً بين تل أبيب ويافا. إلا أنه مع بداية الثورة وحتى 1948 اعتبر السكان اليهود حي المنشية مبعث القلق الأمني الأكبر لتل أبيب وللأحياء اليهودية المحيطة. من المحتمل، أن يكون هذا هو السبب لاختفائها من رسومات نحوم جوطمن، الرسام من تل أبيب، حين رسم تل أبيب الصغيرة في سنوات الثلاثين والأحياء اليهودية الأخرى، لم ير المنشية.
قبل عملية "حميتس" بأيام قليلة، عملية تطويق مدينة يافا وعزلها عن القرى العربية المحيطة بها، بدأت منظمة "الإيتسل" بهجوم مباشر على حي المنشية. لأول مرة، جمع "الإيتسل" وحدات عسكرية من أنحاء متعددة في البلاد من أجل هذه العملية، وحسب مصادر "الإيتسل" وصل عدد مقاتليه حوالي 600 مقاتل مدججين بالسلاح والقنابل اليدوية التي سرق قسم منها قبل ذلك من قطار عسكي بريطاني في منطقة "فردس حنه". كان هدف هجوم الإيستل هو عزل المنشية عن باقي أحياء يافا، ثم السيطرة عليها واحتلالها.
بسبب عطل فني، أجلت ساعة الصفر. والهجوم الذي كان مخططاً لساعات الليل بدأ فجر يوم 25 نيسان، بدون أن يكون للمهاجمين سلاح احتياطي كاف. لم تنجز المهمة في 25 نيسان ولا في الليلة التي تلته. في هذه الثناء وصلت قوات من الجيش البريطاني الذي أصدر إنذاراً صارماً لوقف هذا الهجوم. بالرغم من ذلك جدد "الإيتسل" هجومه في 27 نيسان، وخلال تكبده خسائر بشرية كبيرة وصل إلى البحر.
حاول سكان المنشية والقرى الخرى محاربة "الإيتسل". قاموا بالتجمع حول مسجد حسن بك وحاولوا المقاومة، رغم عددهم القليل ورغم النقص الكبير بالسلاح. خلال أيام المعارك، أخذ عدد القتلى والجرحى يتزايد حتى سقوط المنشية نهائياً يوم 28 نيسان 1948 وعزلها عن يافا. بعد ذلك قامت "الهجناه" بعملية "حميتس" لاحتلال يافا وقراها الجنوبية والشرقية.
طالب البريطانيون من "الإيتسل" أن يسلموا لهم بناية الشرطة بالمنشية وفتح شارع حسن بك من يافا إلى تل أبيب، في الجزء الجنوبي من المنشية، لحركة السير وللحراس من الجيش البريطاني. في اليوم التالي فجـّر عناصر "الإيستل" مبنى شرطة المنشية، ورفعوا العلم العبري على ركام المبنى. هكذا حولوا الجزء الجنوبي من الحي إلى خراب. فجـّرت المنازل من جانبي شارع حسن بك، ومنعت حركة المركبات البريطانية من يافا إلى داخل المنشية. في شوارع المنشية تجولت مكبرات الصوت تنادي المقاتلين الفلسطينيين بإلقاء السلاح والاستسلام. وقع قسم منهم بالأسر.
مع تمام احتلال المنشية سلـّم "الإيتسل" بشكل رسمي كل منطقة الحي المحتل إلى قوات "الهجناه" حتى يثبت خط الاحتلال على الحد الجنوبي للمنشية. في نفس اليوم صدر هذا البيان: " مع فجر يوم السبت 22 من شهر نيسان العبري سنة "تشاح" 1948، أصبح جزؤها الجنوبي من المنشية المحررة إلى خراب. شرطة المنشية زالت من الوجود".
طرد قسم من أهل المنشية إلى الأردن، والقسم الآخر طرد إلى غزة ومصر عن طريق البحر. عدد قليل منهم طرد إلى يافا وعاشوا بعد ذلك مع لاجءي يافا والقرى المجاورة في "جيتو" العجمي. في 28 نيسان وصفت صحيفة "همشقيف" (المراقب) المنشية هكذا: " تلال من الخراب أينما نتوجه، ثقوب مفتوحة في الحيطان، شظايا أثاث، جداول ماء تمشي من الحنفيات المفتوحة في البيوت المهدومة و... سكون موت. هذه هي مناظر المنشية اليوم. يشوش الهدوء بين الحين والآخر طلقة نارية منفردة... "هذه طلقات فحص من رجالنا"، يشرح لنا القائد جدعون الذي أدار المعارك الضارية ضد العرب، وأن المهاجمين رُشـّت عليهم نيران "شفنداو" و"برِن". في أغلب هذه الحالات تلقى رجال "الإيتسل" مساعدة بواسطة أعمال هندسية كانت تقدح في الحيطان بين المنازل وتفجرها، وهكذا تقدموا إلى قلب المنشية... في حالات أخرى، عندما احتل المهاجمون موقعاً، جروا معهم أكياس الرمل من الموقع المحتل ليستعملوها في تقدمهم كساتر واق أمام النيران التي أطلقت عليهم. عندما وصل المهاجمون شارع العالم في مركز المنشية، واجهوا موقعين صعبين من جهتي الشارع فتوقفت كل أفواج المتقدمين بالمعركة. عندها فجر الشباب المنازل من جهتي الشارع، انهار الموقعان وأكوام الركام غطت الشارع".
منذ احتلاله بيد "الإيتسل" مرّ حي المنشية عدة موجات من التدمير. في الواقع، خططت بلدية تل أبيب هدم الحي مع انتهاء المعارك، لكن هذه الخطة فشلت بعد دخل مهاجرون يهود في شهر حزيران 1948 وسكنوا في البيوت المهجورة. بشكل سريع، تحولت المنشية إلى حي يهودي فقير جنوبي تل أبيب.