روايات أهل القرية - المنشية/ حي من يافا ولا يعتبر قرية - قضاء يافا

إحنا تهجّرنا من المنشية 6 مرّات:

 افتخار ترك مواليد المنشية سنة 1936

"لما صارت حرب ال 48، صار السلك اللي يفصل بين العرب واليهود بالمنشية كبير، وصارت الناس تنظر لليهودي كيهودي والعربي كعربي، وبدأت الكراهية وبدأت الحرب وصار في مقاومين وثوار. العرب ما كان عندهم جيش منظم، كان بس مقاومه شعبيّة. اليهود كان عندهم جميع الاسلحه، وصاروا يضربوا علينا قنابل من سوق الكرمل ومن تل أبيب، الضرب علينا كان ليل نهار مثل زخ المطر، واللي بالعجمي كانوا يضربوا عليهم من مصنع البيرا من بات يام.

  أهل المنشية الفقراء هربوا على البحر، سمعوا انه المصريين بتجيب سفن وبتحمّل الناس على مصر ببلاش، كتير ناس نزلت ع البحر. انا كنت أشوف الناس كيف تحط أغراضها بالسفن وبعدين يرموهم بالبحر لأنه الحِمل كان ثقيل. ستي تتطلّع علي وتقول لي: " شايفي يا ستي اللي بطلع من داره بقلّ مقداره".

أهلي بالمنشية ما كان بدهن يهاجروا وكان كل ما يضرب اليهود علينا قنبلة نتنقل لبيت تاني بداخل المنشية. مرّه أجا مدفع على حيط الجنينية عند دار سيدي، كانت دار من طابقين، المدفع هدّ الحائط بس ثاني يوم خالي صلّحه ونقلنا على بيت تاني... بنفس المنشية إحنا تهجرنا 6 مرات، وما بدنا نطلع منها."

 اطلعوا من الدور... اليهود وصلوا فرن خلف!!

"إحنا آخر ناس طلعت من المنشية"، استمرت افتخار في حديثها:

الناس هجّت ع البحر وعلى اللد والرملة والأردن، خصوصاً بعد ما سمعوا بمجزرة دير ياسين. كانوا يقولوا انه بشقوا بطن الحبلى وبيطلعوا الجنين من بطنها وهذا اللي خوف الناس اكثر واكثر.

 بقينا إحنا وأربع عائلات بالمنشية. بشي يوم بساعات الصبح دخل ع المنشية واحد من المناضلين، وصار ينادي، يا ناس يا عالم، اطلعوا من الدور، اليهود وصلوا فرن خلف. أمي طلعت من الدار واللا هو واقف على باب الدار. قاللها بسرعة اليهود صاروا بفرن خلف، طلعنا من البيت وقلت له انه ستّي كبيره وبما بتقدر تطلع، قال لي بحملها. كان هو حامل شنطة وسلاح بدون فشك. أعطاني احملهم وهوي حمل ستّي على ظهره وطعلنا على يافا بالاطومبيلات (السيارات).

 من المنشية ركبت معنا مرا كبيره اسمها سعدية شقير ومعها بنت بنتها، كانت بصفي بالمدرسة. بعد ما البنت ركبت بالاوطومبيل، قالت لنا سعدية انها نسيت المصاري بالدار، وصارت بدها ترجع، النسوان قالولها ما تروحي أحسن ما يقتلوك، قالت لهم ما بقتلوني أنا مرا كبيره، ما ردت عليهم وراحت، اليهود مسكوها وقتلوها، وضلت ثلاث أيام بالدار ميته وما حدا قدر يروح يجيبها. بس بعدين راح ناس من يافا سحبوها بحبال وجابوها على يافا."

 عجمي

تستمر افتخار ترك في حديثها قائلة:

الاوطومبيل نزلنا بشارع بشديروت (شارع النزهة سابقاً) بنص الشارع، البلد كانت فاضية من الناس وكل منطقة كان فيها ثلاث أو أربع عائلات، اجو اليهود أطلعوهم من دورهم وجمعوا الناس في حي العجمي. بعدها بمدّه مدّوا سلك على البلد من عند السبيطار (المستشفى) الفرنسي لعند عمارة السفير الفرنسي، إحنا جوا واليهود برا، همّ بروحو وين ما بدهم وإحنا بالسجن.

 لما وصلنا شارع النزهة لا كان معنا أواعي ولا شي، وين بدنا نروح؟ كان معنا مرأة كبيرة من دار الشيخ عوده وبنتها، رحنا معهم عند أقاربهم بالنزهة، وصلنا لهناك، دقينا على الباب، بس طلعوا أهل الدار مهاجرين والدار فاضي. دفعنا الباب وقعدنا بالبيت من الصبح للمغرب، كنت معهم أنا واخوي ابن ال 9 سنين. اخدت مصاري من ستّي ونزلت اشتريت خبز وجبنه وزيتون أسمر وحلاوة وأكلنا. ستّي قالت خلينا نروح عند دار عمتي أم صالح السمنهودي لأنه هون ما في فراش ولا أواعي.

 نزلت ع الشارع ولاقيت داليجانس (عربه يجرها حصان)، ما كان في تكسيات لأنه كل التكسيات كانت تنقل الناس برا يافا. وقّفت الزلمة وقلت له "يا عم الله يخليك إحنا هجرنا من المنشية وما في مطرح ننام فيه وبدنا نروح عند أقاربنا، ومنعطيك مصاري". اطلعنا معه وجينا عند دار أم صالح، استقبلتنا بميت مرحبا وضلينا عندها. قعدنا عندها شهرين وجينا بعدها هون ع بيتنا اللي إحنا ساكنين فيه لليوم. شو بدي احكيلك... تمرمرنا إحنا وكل الناس، كان عذاب وكان خوف. قسم من الشباب أخذوها ع الأسر وقسم أخذوهم على شط البحر وطخوهم واللي هاجروا كسبوها.

 قعدنا اشهر بالعجمي بدون أكل ولا شغل وأولاد كتير معنا. كان واحد اسمه الحاج احمد أبو لبن وأخوه عبد الرزّاق، كانوا تجار قماش بشارع بسطرس، صاروا ينادوا على أهل العجمي واخذوا الشباب وراحوا ع الميناء حتى يجيبوا مؤن للناس، الميناء كان مليان خيرات، حبوب، رز وحمص وفول. راحت الشباب ونقلوا كل المونه ع الحمير على شارع الأقباط. وفتحوا فرنين، واحد بشارع الحلوة وين بوظة اندري اليوم والثاني ورا السوق قريب ع دار السمنهودي.