تفاصيل أخرى - المنشية/ حي من يافا ولا يعتبر قرية - قضاء يافا


من حيّ إلى عشب أخضر

تدريجياً تحولت المنشية إلى حقل تجارب للهندسة المعمارية "الإسرائيلية" ونقلت إلى الملكية العامة. في سنوات ال 50 بدأت تنسج مخططات حول مستقبل مسطح الحيّ. أبرز هذه المخططات كان مخطط "سيتي"(المدينة). كان من المفروض، حسب هذه الخطة، أن يقام في الحيّ المركز الجديد للمدينة العصرية. "مسطح المنشية"، كتب المهندسون، "كأنه أُعدّ منذ البداية ليكون مركزاً جديداً للمدينة". إلا أن بعض المواطنين الذين ما زالوا يسكنون في الحي المهمل لم يعلموا بأمر المخطط واستصعبوا فراق بيوتهم الصغيرة قبالة البحر.
 إن قرار البلدية بتجميد البناء كلياً كان بداية مشوار آخره محو الحي بشكل مطلق، وخلاله توقفت البلدية عن صيانة المباني وسمحت بتحويل الحي إلى ساحة خردة.

إن التجاهل المتعمد من قبل السلطات لوضع الحي أدى إلى رحيل معظم سكانه وبقي فيه ذوو الأوضاع الاقتصادية والصحية السيئة. هذا الإهمال عزز في ذهن الجمهور، أن الحي هو مكان بائس يعيش فيه من الناس من يعتبر عبئاً اجتماعياً. 

في عام 1963 اتـُخذ قرار ببدء البناء في المنشية وتحويله إلى مركز تجاري عصري، فأقيمت لذلك شركة حكومية – بلدية، اسمها "أحوزات هحوف"(ضيعة الشاطيء)، وأعلن عن مسابقة دولية لتخطيط المكان. شملت الخطة مباني عامة وإدارية، منطقة تجارة وتسوّق، أبراج للمكاتب وآلاف الوحدات السكنية، مواقف للسيارات، فنادق ومرافق ترفيهية، مع استغلال  أقصى لشاطيء البحر من أجل راحة الجمهور. هدم حي المنشية كلياً ما عدا مسجد حسن بك. مقابل المسجد أنشيء متنزه لتخليد ذكرى محتلي يافا وفيه مواقف سيارات ومحطات للحافلات.  
 تـُوّج المشروع بمتنزه على اسم تشارلز كلور، متبرع يهودي بريطاني، وقام بتخطيطه مصمم المناظر والشاعر ع. هيلل، حيث أقيم المتنزه على الجزء الأساسي للحيّ. صـُمم المتنزه على شكل "كثبان رملية" تغطي ركام الحي الذي جـُمّع على شاطئ البحر. وكما تعمل الصهيونية، التي تحيي القفر، تم تغطية الكثبان بالعشب وأصبحت خضراء اللون.

كما هو الحال في أماكن أخرى في يافا، فإن مشروع المنشية يمثـّل مشوار التدمير الذي بدأ بهجوم على الحي، ما زال مستمراً حتى اليوم، وبالذات تحت عنوان "تخطيط" وتطوير". عملياً، تصميم المنشية يشبه أكثر من أي شيء، رؤى ناحوم جوطمان.