القرية اليوم - ترشيحا - قضاء عكا

ترشيحا بعد الاحتلال وإسكان القادمين الجدد فيها عندما دخل الجيش "الإسرائيلي" القرية في 30.10.1948 وجد فيها فقط حوالي خمسين شخصا من الشيوخ والعجائز جمعتهم الراهبة ماري لويس حداد التي كانت تقيم في ترشيحا في كنيسة الكاثوليك.  أخذت القوات "الإسرائيلية" بتفتيش البيوت والإستيلاء على محتوياتها ونقلها إلى مخازن خاصة واستولت على ما كان الأهالي قد خزنوه من مؤن وحبوب وما كان لهم من أثاث ودخان. أما باقي السكان فقد نزحوا عن القرية لاجئين إلى لبنان وقسم منهم التجأ إلى القرى المجاورة مثل يانوح وكفرسميع والبقيعة وفسوطة، واخذ هؤلاء بعد أن هدأت حدّة الاحتلال وزال الخوف من الحرب بالعودة إلى بيوتهم تسللاً وكذلك أخذ بعض الذين ظلوا في منطقة الحدود اللبنانية بالتسلل عائدين إلى القرية تحت جنح الظلام حتى انه لم تنته سنة 1948 إلا وبلغ عدد السكان الذين عادوا إلى بيوتهم حوالي 700 نسمة من مسلمين ومسيحيين، ويقدّر عدد سكانها المهجرين اليوم نحو 60,000 نسمة. فرض على القرية مثل باقي القرى حكم عسكري وكان الناس لا يستطيعون مغادرة القرية حتى  إلى قرية معليا المجاورة إلا بتصريح من الحاكم العسكري وكانت مكاتب الحكم العسكري في ترشيحا أولا ولكنها نقلت إلى معليا ثم عادوا فنقلوها إلى ترشيحا. ما انفك الاحتلال يطالب بإخلاء منطقة الحزام الأمني على طول الحدود الشمالية من الفلسطينيين وتوطينها باليهود قدر الإمكان وذلك منعاً لعودة اهالي القرى الى بيوتهم. وانصب جلّ اهتمامه على ترشيحا، أكبر قرى المنطقة. حيث سعت المؤسسات الاستيطانية إلى إسكان "قادمين يهود جدد" في البيوت المتروكة، وقد رأت بالاستيطان اليهودي في القرية " ذا أهمية كبرى"، إذ شكل اليهود حينئذ فقط 12% من سكان الجليل. عاش أهالي ترشيحا المتبقون في حالة خوف دائم خشية الطرد، وأوعزوا ببعثة إلى أوساط يهودية طالبين البقاء في مكانهم. إلا أن الجيش، غزا مرة تلو الأخرى،  ترشيحا والقرى العربية المأهولة والمأهولة جزئياً حتى يطرد منها المتسللين ( أي أولئك السكان الذين هربوا حينها وتسللوا فيما بعد عائدين إلى قريتهم ولم يسجلوا في إحصاء السكان في نوفمبر 1948). دخل الاحتلال إلى قريتي ترشيحا ومعليا في 16/1/1949، طوّق القرية بالسلاسل وفرض منع التجول. وركـّـز كل الرجال المتجاوزة أعمارهم ستة عشر عاماً في ساحة القرية وتم التحقيق معهم هناك من قبل ثمانية محتلين. 33 من وجهاء العائلات و 101 من أقربائهم تم اعتقالهم وترحيلهم.  دون بيرتس وراي هارتسو، مندوبا "لجنة الخدمة من الأصدقاء الأمريكيين" ( الكويكرس AFSC) في الجليل، قاموا بزيارة ترشيحا بعد ذلك بوقت قصير. واستنتجوا أن الحملة "المدروسة" من قبل  الاحتلال ضد المتسللين وضد من آواهم، هدفها كما يظهر، "تفريغ بيوت من أجل قادمين يهود. وهما يؤمنان أن اليهود قرروا تحويل ترشيحا إلى مدينة يهودية خالصة". كل سلطات الدولة كانت على رأي واحد وهو اقتلاع عرب ترشيحا من قريتهم. ففي 21/1/1949 اقترح العميد أفنر نقلهم إلى معليا، إلاّ أن الأمر لم يتسنّ لإعتبارات سياسية. وفي آذار كان من فكـّـر في تفريغ البلدة من ساكنيها لتوطين ألف عائلة يهودية فيها. إلاّ أن الأمر لم يكن ممكناً، كما يشرح ذلك زلمان ليفشيتس، أحد مساعدي بن غوريون: "رأي رئيس الحكومة هو ألآّ نمارس  الترحيل في هذه اللحظة، وذلك من وجهة نظر عالمية"، وبدلا من ذلك اقترح " محاولة إقناعهم بالرحيل". في الخامس من حزيران التقى موظفون يهود مع رؤساء سكان القرية وقالوا لهم، حسب ما قاله مندوبي AFSC، أنه لن يكون خيار أمام العرب سوى مغادرة قريتهم، إلاّ أن "العرب رفضوا". في أعقاب ذلك قال الموظفون اليهود أن ال- 115 شخصاً غير القانونيين الذين تسللوا إلى المدينة انهم سيطردون من البلاد وأن المواطنين القانونيين ال- 600 لن يسمح لهم تلقائياً التنقل إلى قرى عربية أخرى.  الا ان سكان ترشيحا مكثوا في قريتهم ولم يغادروها.     في مارس\فبراير 1949 أحضرت قوات الاحتلال عائلات من القادمين الجدد من رومانيا وأسكنتهم في بيوت ترشيحا الخالية التي هُجّرَ أهلها وتم تركيز العائلات العربية في منطقة واحد، اخذ القادمين الجدد باستغلال الأراضي حتى التي يملكها الذين ظلوا في القرية وكذلك فقد مدّت السلطة لهم أنابيب ماء للشرب وأقامت مشروع كهرباء محليا ولم ينعم العرب بهذه المشاريع إلا في فترة متأخرة وبعد دفع مبالغ كبيرة نسبيا في تكاليف مد الأنابيب والأسلاك وخلافها. قامت سلطات الحكم العسكري بتعيين ثلاثة مخاتير للقرية حسب الطوائف وتجاهلت المختارين المعينين زمن الانتداب (المرحوم بشارة والمرحوم فهد شريح) كما وصادرت أوراق المجلس المحلي. نشأت بين السكان العرب والسكان اليهود الجدد علاقات جوار لا بأس بها رغم استيلاء الآخرين على الأراضي ورغم الحكم العسكري، ولكن هؤلاء القادمين من رومانيا لم يلبثوا أن غادروا القرية إلى المدن وانتقل قسم منهم ليعيش في قرية تعاونية جديدة أقيمت في مرج ترشيحا الغربي ودعيت معونا. أحضرت السلطات اثر ذلك قادمين جدد من شمال أفريقيا عاشوا في القرية حتى أواخر الخمسينات حين أقيمت بلدة معلوت فانتقلوا إليها. عند خروج اليهود من ترشيحا سمحت السلطات لعائلات عربية من اللاجئين في الداخل بالانتقال إلى ترشيحا والتوطن فيها فجاءتها عائلات من عمقا وسحماتا ومن الدير القاسي واقرث، ثم انتقلت عائلات من عرب النعيم وعرب السويطات وفاعور الذين كانوا يقيمون بجوار كيبوتس ايلون وغيرهم، حيث صودرت اراضيهم وبدّل قسم منها بتبادل غير متكافيء من اراضي ترشيحا وارغموا على السكن في ترشحا، فزاد عدد السكان حتى بلغ اليوم حوالي 4500 نسمة. في سنة  1963  اعلن عن اعاده تشغيل مجلس ترشيحا تحت اسم مجلس معلوت ترشيحا حيث اقيمت بلدة معلوت الجديده وضمّت السلطة ترشيحا إلى معلوت في إطار مجلس محلي مشترك في محاولة لمنع إقامة مجلس محلي منفرد لترشيحا وخوفا من أن إقامة مثل هذه المجلس قد تؤدي إلى المطالبة بتوسيع مسطح القرية فيحد ذلك من توسع معلوت ومعونا والمطالبة بإعادة أراضٍ  عائدة  للقرية وكانت ضمن أملاك المجلس البلدي ما قبل عام 1948 وقدرت بحوالي 17,000 دونماً اضافة الى اموال لم يكن بالامكان تقديرها بعد الاحتلال بسبب ضياع المستندات والوثائق، وقد صودرت. عندها فقدت ترشيحا مركزها الإداري المتميز وأصبحت تابعة لمعلوت ومعتمدة عليها بدل أن تكون في قائدة المنطقة كما كانت في السابق . .