معلومات عامة عن قرية برير - قضاء غزة
معلومات عامة عن قرية برير
الموقع:
تبتعد القرية عن غزة 18 كيلومتر
كانت القرية تنتشر على أرض غير مستوية في السهل الساحلي الجنوبي، وكان وادي القاعة يمتد عبر طرفها الشرقي، وكان سكان برير من المسلمين لهم مسجد وسطها، وسوق ومستوصف وطاحونة للحبوب، ومدرستان، وكان ثمة ثلاث آبار داخل القرية تمد سكانها بالمياه للاستعمال المنزلي.
وفي الأربعينيات انتعش اقتصاد القرية عندما عثرت شركة نفط العراق البريطانية (IPC) على النفط في ضواحي برير وكان سكان القرية يعملون أساسا في الزراعة، وكان بعضهم أيضا يربي الحيوانات.
حدث تسلل خطر إلى داخل برير في الأسابيع الأولى من الحرب، في 29 يناير/ كانون الثاني 1948. وتمت الخطوة الأولى من الاحتلال الصهيوني لبرير مع إقامة مستعمرة عسكرية خارج القرية مباشرة، وهي مستعمرة بيرور حايل في 20 أبريل/نيسان 1948 حيث استيقظ سكان برير العرب ووجدوا اليهود ينصبون منازل جاهزة ويبنون حائطا للدفاع وبرجا للمراقبة، وفي 12-13 مايو/أيار، هاجم لواء هنيغف التابع لعصابة للبلماح القرية، بالتنسيق مع عملية براك التي كان ينفذها لواء غفعاتي، وتذكر المصادر الإسرائيلية أنه تم احتلال القرية بضربة واحدة من دون ذكر للتفاصيل.
أقيمت خمس مستعمرات على أراضي القرية، بيرو حايل، تلاميم وحيلتس1950، وسدي دافيد 1955، وزوهو 1956.
ينمو نبات الصبار المبعثر في الموقع، وفي وسع المرء أن يشاهد بقايا المنازل. أما الأراضي المحيطة بالموقع فمزروعة
المرجع:
كي لاننسى: وليد الخالدي
الموقع والمساحة
تعد برير ضمن قضاء غزة؛ وتبعد عن قلب المدينة حوالي 18 كيلو مترًا، وتحيط بها أراضي قضاء بئر السبع وقرى الفالوجة وهوج ونجد وسمسم وبربرة.
وكان أهالي القرية يدفعون الضرائب على عدد من الغلال كالقمح والشعير والفاكهة، بالإضافة إلى عناصر أخرى من الإنتاج كالماعز وخلايا النحل.
برزت أهمية موقعها الجغرافي منذ الحرب العالمية الثانية عندما قامت سلطة الانتداب البريطاني بشق طريق رئيسي معبد، يوازي الطريق الساحلية الرئيسية لــ غزة – يافا، وتقطع طريق الفالوجة – المجدل، وتربط بين غزة ومعسكر الجيش البريطاني في جولس مارة بقرية برير.
وقد اتجه نمو العمران في القرية، بسبب الرغبة في المحافظة على الأراضي الزراعية، نظرُا لخصوبة تربة المنطقة، وبلغت مساحة رقعة القرية زهاء (46184) دونماً، أما شوارعها فقد جعلها التفاوت في المستويات الطبوغرافية تأخذ شكلاً دائرياً أو شبه دائري غير منظم في معظم الجهات، ولا سيما الجهة الغربية.
تربتها الصالحة للزراعة؛ تجود فيها زراعة الحبوب والفواكه، ولا سيما الحمضيات والعنب والتين وأصناف من الخضروات، وذلك بسبب توافر المياه الجوفية ومياه الأمطار، وكانت تحصل القرية على الماء من ثلاث آبار بداخلها، وقد قام السكان في سنوات القرية الأخيرة بحفر الآبار الارتوازية وغرس الكثير من الأشجار المثمرة كأشجار الحمضيات والعنب واللوز والمشمش والتين وغيرها.
سبب التسمية
هي تصغير لكلمة (بُر) بضم الباء وهي كلمة آرامية بمعنى (الحقل) وقد ذكر اسمها في عهد الرومان باسم (برور حايل) .. وهناك رواية تقول: أنها سميت بهذا الاسم نسبة إلى (برير) شقيق الصحابي تميم الداري أحد أصحاب النبي محمد صلى الله عليه وسلم، الذي ولد في فلسطين، ودُفن فيها وتسكن ذريته في الخليل حتى يومنا هذا، وهم آل التميميّ.
وهكذا يبدو مشهد القرية من الجو اليوم
أراضي القرية
حـارات بــريـــر الأربع
كانت برير قبل عام 1948 مقسمة إلى أربع حارات (أحياء) وكل حارة تتكون من عدة حمائل أو عدة عائلات والحمولة أكبر من العائلة فقد تضم الحمولة عدة عائلات، وكان لكل حارة مختار هو مرجع حارته وكانت كلمته مسموعة، وكان المختار حلقة الاتصال بين أهل القرية والحكومة وعنده كانت تسجل المواليد والوفيات ويقوم بإبلاغ ذلك للحكومة كما كان ممثلو الحكومة من رجال شرطة ورجال ضرائب وغيرهم يتخذون من منزل المختار مقراً لهم عند قيامهم بأي عمل في القرية.
وحارات برير قبل 1948 تنقسم إلى أربع حارات كبيرة رئيسة هي: حارة المقالدة، وحارة العجاجرة، وحارة الرزاينة، وحارة العِّبَيَّاتِ
وكانت كل حمولة من الحمائل الرئيسة الأربع تسكن في حارة من هذه الحارات وقد أطلق اسم الحمولة على الحارة، وكانت تلك الحمائل تتفرع إلى عائلات كما يلي:
أولاً: حارة المقالدة
وتتكون من العائلات التالية: عائلة ظاهر وتنقسم إلى دار إسماعيل ودار الحاج، وعائلة رشيد ويقال لهم دار أبو سخيلة، وعائلة الشيخ ويقال لهم دار أبو حمد، وعائلة العلول، وعائلة مونس، وعائلة أبو شكيان، وعائلة شقّور، وعائلة عبد العال، وعائلة أبو هزاع، وعائلات أخرى. وكان مختار هذه الحمولة المرحوم سليمان إسماعيل ظاهر.
وتقع حارة المقالدة في القسم الشمالي الغربي من قرية برير وتوجد فيها المطحنة، وكانت تسمى "بابور الطحين". وقد أنشأها صالح داود من غزة، وكان يشرف على إدارتها سليمان خالد الذي كان يسمى (أَلْبّس) وقد أصيب بالصمم بسبب شدة صوت المطاحن.
وكانت لهذه المطحنة أهمية كبيرة جداً، فقد كان كل أهل القرية وبعض سكان القرى المجاورة والبدو المجاورون لبرير مثل عرب الثوابتة وعرب الدقس وعرب الشباكي يطحنون فيها الحبوب للحصول على الدقيق. وكانت توجد في القسم الشمالي الغربي من الحارة مدرسة البلد، وقد أنشئ في المدة الأخيرة وقبل الهجرة بقليل جامع لم يكتمل بناؤه بسبب الهجرة.
ثانياً: حارة الرزاينة
وتقع جنوب حارة العبيات، وكانت تمتد من حارة العجاجرة شرقاً حتى المقالدة غرباً، وبهذا فإنها تشمل وسط وجنوب قرية برير. وكان مختارها المرحوم/ محمد حسين غَرَيِّبِّ الذي تولى المخترة خلفاً لخاله وقريبه المرحوم/ رجب موسى حماد وتضم هذه الحارة حمائل: حمولة (موسى): وتشمل عائلة موسى، وعائلة غَرَيِّبِّ، وعائلة ناصر، وعائلة إدغيش، وعائلة مسمار، والرواجيح الذين نزحوا عن برير قبل سنة 1948 ورحلوا إلى الأردن، واستقروا في مأدبة وغيرها، وحمولة الشحادات: وتضم عائلة أيوب، وعائلة شامية، وعائلة محيسن، وعائلة شحادة، إضافة لحمولة الخطيب، وحمولة العطل: وتضم عائلة أبو صفية التي ترتبط مع العطل بروابط القرابة، وعائلة اللخاوي، وعائلة الحوم، وعائلة الماشي، وحمولة أبو سمك وأبو ربيع. وأراضي الرزاينة متصلة مع بعضها البعض عبر ما يُعرف بالزاوية (جامع) يسمى زاوية الشرفا بناها الشيخ خيري القواسمي، وكان آل الرزاينة يتواجدون فيه باستمرار كما كان يفد إليها أناس من الخارج يتلقون واجبات الضيافة من مأكل ومشرب ونوم. وقد لعبت الزاوية دوراً هاماً في النضال حيث كان سطحها بمثابة برج مراقبة لمشاهدة قوافل الأعداء قبل وصولها إلى البلدة بوقت كاف فيأخذ أهل البلدة حذرهم، كما كانت قريبة من الطريق العام، لذلك أصبحت أيضاً مركزاً رئيسًا للمقاومة يتجمع فيها المناضلون ويضعون الخطط للدفاع والمقاومة وقد ارتقى فيها الشهيد/ سلمان علي حسين الملقب "بالجدع" ومناضلون آخرون في القرى المجاورة. وفي الحارة مجموعة من المطامير وهي عبارة عن آبار جافة كان أهل الحارة يخزنون فيها حبوبهم، وفي الحارة مقام الشيخ حسين، وقد امتدت حقول البترول بعد اكتشافه في جنوب حليقات إلى أراضي برير فشملت كرم الحاج/ عبد الهادي إدغيش، ويرتبط أهل الحارة مع بعضهم البعض بروابط القرابة والمصاهرة، وكانت توجد بين حارة الرزاينة والمقالدة بركة كبيرة تتجمع فيها مياه الأمطار تسمى بركة أم الجحشات.
ثالثاً: حارة العجاجرة
وتشمل حارة العجاجرة القسم الشرقي من برير، ويقسمها الطريق العام إلى قسمين شرقي وغربي ولهذا الطريق أهمية كبرى لأنه كان يربط جنوب فلسطين بشمالها مما جعل لموقع برير أهمية كبيرة في أثناء حرب سنة 1948. ومختار حارة العجاجرة المرحوم/ يوسف مصطفى علي حسين. وتضم حارة العجاجرة عدة عائلات هي: عائلة علي حسين وهي أكبر عائلة في الحارة وعائلة النيرب، وعائلة أبو دغيم، وعائلة عقل، وعائلة الحواجري، وعائلة أبو داير، وعائلة المنيراوي، وعائلة برغوث، وعائلة البصيلي، وعائلة كيلاني، وعائلة قويدر. وكان يوجد في أحد بيوت آل أبو الهنود مستوصف صغير فيه ممرض دائم يأتي إليه كل أسبوع طبيب لمعالجة السكان، وكان السوق العام (سوق الأربعاء) يقام في جرن العجاجرة حيث يفد إليه التجار من المدن والقرى المجاورة بالإضافة إلى أهل برير. كما كان في الحارة موقف رئيسي للباصات وبالقرب منه المقهى الوحيد وهو مقابل بئر البلدة.
رابعاً: حارة العِّبَيَّاتِ
وتشغل حارة العِّبَيَّاتِ القسم الشمالي الشرقي من برير ومختارها المرحوم/ عبد الهادي سالم أبو عياد. وتتكون من عائلات كثيرة هي: حمولة سالم وعائلاتها أبو عوكل، وأبو الفحم، وصباح، والعربيد، ومنصور. وحمولة عبيد تنقسم إلى عائلة عفانة، وعائلة فلفل، وعائلة درباس، وعائلة عبيد، وعائلة شريم "عبد الواحد"، وعائلة أبو جبل، وعائلة الأزرق. أما حمولة الحبول تنقسم إلى عائلة أبو رزق، وعائلة سرحان، وعائلة أبو حبل، وعائلة أبو زايدة، وعائلة الأقرع، وعائلة مرسي، وعائلة الحساسنة، وعائلة أبو عاصي، وعائلة النول. وكانت هذه العائلات ترتبط مع بعضها البعض بروابط القرابة والمصاهرة، وكان أي واحد من حارة العبيات مقدماً على غيره من الحارات الأخرى في البيع والشراء والمصاهرة، ويوجد في الحارة جامع البلد حيث يقع في مكان متوسط من البلد وجامع "زاوية" الشيخ/ سعود أبو اللبن كما توجد بعض الآثار قديمة، وكانت توجد في شمال الحارة بركة العمامي التي كانت تتجمع فيها مياه الأمطار، ويمر وسط الحارة وادي عمار.
تاريخ القرية
برير في عهد الانتداب البريطاني
خلال فترة الانتداب البريطاني، توسعت القرية غربًا نحو تل يرتفع عنها قليلًا وبقيت محافظة على أراضيها الزراعية في الجوانب الأخرى، وضمت ثلاثة مساجد إلى جانب عيادة ومطحنة حبوب، وكانت هناك مدرستان ابتدائيتان - واحدة للبنات والأخرى للبنين يدرس فيها نحو 241 تلميذًا من كلا الجنسين - تأسست في عام 1920..
وصفت بربر بأنها قرية كبيرة لها ناعورة إلى الشرق منها وبركة إلى الشمال وحديقة إلى الجنوب. وكان شكلها شبه دائري على الرغم من أن مواقع منازلها (المبنية بالطوب والطين في معظمها) كانت غير منتظمة.
في التعداد السكاني لعام 1922 لفلسطين، الذي أجرته سلطات الانتداب البريطاني، كان عدد سكان برير 1591 نسمة، جميعهم مسلمون وزاد عدد سكانها في تعداد عام 1931 إلى نحو 1894 يسكنون في نحو 414 منزلاً، وفي إحصائيات عام 1945، وصل تعداد السكان فيها لـ 2740 نسمة، وكان معظمهم يعمل في الزراعة وتربية الأغنام، وضم قلب القرية سوقاً تجارية، كان يقام فيها كل أربعاء سوق مركزي يستقطب قرويين آخرين، وبدو من سكان القرى المجاورة، في الأربعينيات من القرن الماضي انتعش اقتصاد القرية عندما عثرت شركة نفط العراق البريطانية (IPC) على النفط في ضواحي بربر وحفرت بئرًا تقع على بعد كيلومتر من القرية إلى جهة الشمال.
احتلال القرية
احتلال القرية وطرد أهلها
في 29 كانون الثاني (يناير) عام 1948، دخلت قوات "يشوف" الصهيونية القرية بخمس عربات مصفحة، لكن تم صدها دون وقوع إصابات، ويشير مصطلح الـ "يشوف" إلى هيئة السكان اليهود في فلسطين قبل قيام الكيان الإسرائيلي، ركزوا جهدهم على تأسيس بنية اقتصادية وسياسية وحضارية في إطار مفاهيم انعزالية تفصلهم عن العرب؛ تمهد لاستقدام الجماعات اليهودية لتستوطن فلسطين. ثم حدث هجوم مماثل في الشهر التالي، بعد ظهر يوم 14 شباط \فبراير. حيث دخلت قافلة صهيونية مكونة من عدد من العربات القرية وتبادلت إطلاق النار مع المدافعين عنها، مما أجبرها على الانسحاب؛ وفي اليوم التالي أقام القرويون في القرية حاجزًا عند مدخلها خوفًا من تكرار عملية الاقتحام الإسرائيلية، فحضرت قوة بريطانية وأزالت الحاجز بالقوة؛ وأصيب على أثر ذلك اثنين من سكان القرية بجروح خلال المناوشات مع القوة البريطانية.
ولكن للأسف فقد كانت الخطوة الأولى من الاحتلال الصهيوني لبرير عبر إقامة مستعمرة عسكرية خارج القرية مباشرة؛ على قمة تل يبعد أقل من ميل عن برير، وذلك في 20 نيسان \ أبريل عام 1948. وأورد مراسل صحيفة (نيورك تايمز) أن سكان القرية قد استيقظوا على وقع نصب اليهود منازل جاهزة، ويبنون حائطاً يتمترسون خلفه، وبرجاً للمراقبة وكان هؤلاء اليهود من قدامى المحاربين في الجيش البريطاني خلال الحرب العالمية الثانية الذين هاجروا إلى فلسطين.
وقد فتح بعض سكان القرية النار عليهم في محاولة لإجبارهم على المغادرة؛ إلا إن المنازل كانت عند الظهر قد ثبتت في مواضعها. وبعد هذا التاريخ بثلاثة أسابيع خلال ليل 12-13 أيار\ مايو 1948 م، هاجم لواء "هنيغف" (النقب) الصهيوني التابع للبلماخ القرية، وهي القوة المتحركة الضاربة التابعة لجيش الـ "هاجاناه"، الجيش غير الرسمي للـ "يشوف" أثناء الانتداب البريطاني على فلسطين بالتنسيق مع لواء غيفعاتي الذي يعد أحد الوية المشاة في جيش الاحتلال الصهيوني.
في شهادتها على النكبة وحادثة احتلال القرية روت الحاجة المرحومة فاطمة حسين الرزاينة في تقرير نُشر عام 2008 أنها كانت تبلغ من عُمرها وقت هجوم العصابات الصهيونية على القرية حوالي 11 عامًا؛ تقول: في أواسط مايو/أيار قبيل الفجر استفقنا على دوي انفجارات المدافع تهز القرية، وكان صوت الصراخ والنداءات في شوارعها، وأخذ كل من في البيت يصرخ للهرب .. حملت يومها يوسف ابن أخي محمود على ظهري وهربنا مع الناس لا نعلم وجهتنا .. لنلحق بالآلاف الذين فروا للنجاة بأرواحهم من قصف العصابات الصهيونية.. كنا نركض وسط حلكة ما قبل الفجر، كانت أقدام الناس تدب على الأرض مثل الخيول، كلٌ يحمل ما خف وزنه وثقل ثمنه، طوابير شيوخ وعجائز وأطفال وفتيات يهربون تاركين خلفهم كل ما يملكون، وكل يُذكر زوجته أو ابنته ما إذا كانوا نسوا أحدًا من الأطفال في الفراش، بعض النسوة عدن تحت القصف ليحملن أطفالهن بعد أن اعتقدن أنه مع أحد من أبناء العائلة! هكذا تصف فاطمة، التي استقر بها المقام في مخيم جباليا شمال قطاع غزة، آخر يوم لها قضته في وطنها وقريتها برير..
وتشير فاطمة إلى أن القرية قبل أن يُهجر أهلها، كانت تتعرض للقصف بشكل متقطع من مستعمرة 'برور حايل'، القريبة المحاذية للقرية، أو من قوافل الإمدادات العسكرية التي كانت تمر من القرية عندما يجابهها الثوار الذين أمروا الأهالي في المنازل المحاذية للطريق الرئيسة بالرحيل داخل القرية، وبعضهم رحل إلى حارات أكثر أمنًا بعيدًا عن الطريق التي تنتابها المناوشات بشكل مستمر.
وقد استمرت المناوشات بين الثوار والعصابات الصهيونية آنذاك أكثر من ستة أشهر .. ويرجع أصل النكتة التي يتم تداولها إلى يومنا هذا، بأن برير قاومت العصابات الصهيونية؛ لكون أهل القرية ولقلة إمكانياتهم وعدم توفر العتاد والسلاح قد عمدوا لوضع "الحرامات" في طريق الدبابات، لعرقلة تقدمها واستخدموا قطعًا حديدية وأخشابًا وجذورًا ضخمة للصبار.
وتذكر المرحومة فاطمة، أن الثوار كانوا يتخذون المنازل غير الآهلة بالسكان مواقع لهم ويعتمدون على أسلوب استهداف الدبابة أو المركبة العسكرية الأولى من الرتل، ما يعني توقف باقي الرتل فيتم استهدافهم بالأسلحة الخفيفة والقنابل اليدوية.
كانت المدافع والرشاشات الثقيلة تدك القرية من كل جانب، ومع كثافة القصف اليومي، وصل القرية عدد من الجنود المصريين، تمركزوا على سطح مدرسة القرية المحاذية لمنازل آل سرحان شرق القرية، قُضي عليهم جميعاً داخل المدرسة في يوم الحسم النهائي.
كان هول المشهد عظيمًا .. عشرات الجثث من البشر والأنعام ملقاة على الأرض والمئات شُردوا، بيوت نُهبت واُضرمت فيها النيران، تحولت القرية إلى كومة من الرماد في ساعات عدة، فالعصابات الصهيونية مارست فنون القتل دون تمييز .. هكذا روى أخو الحاجة فاطمة المشهد صباح اليوم التالي عندما تسلل للقرية ليحضر بعض الأموال التي كان قد نسي إخراجها من داره لحظة القصف بعد أن هرب أهالي برير إلى قرية حليقات المجاورة.
وكون برير كانت تُعد بمثابة عاصمة للقرى المجاورة التي كانت برير أكبرها؛ وكانت مركزًا من مراكز تموضع الثوار، وكان بيت المختار محمد الرزاينة (أبو نمر) مخزنًا للذخيرة؛ إلا أنه وبعد احتلالها وتهجير سكانها خاف أهالي القرى المجاورة، ونزحوا من قراهم فارين بحياتهم ليتمركزوا في مدينة المجدل كمحطة رئيسة في انتظار ما ظنوه بأن 'عودتهم قريبة' .. بعد أن تهدأ الأحداث.
73 عامًا مضت على نكبة الشعب الفلسطيني منذ العام (1948 حتى العام 2021) شارك في صناعتها العصابات الصهيونية والخذلان العربي الذي نجم عنه تدمير زهاء 500 قرية ومدينة، وتشريد مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين تشتتوا في أرجاء العالم وحل محلهم جنسيات مختلفة من شتى أنحاء العالم.
خرج فيما بعد عدد من سكان برير وهاجروا باتجاه الأردن ودول الخليج وليبيا والعراق، وعملوا في قطاعات متعددة في غزة مثل الزراعة والبناء والطوبار، أما في الخليج والأردن فعملوا في التعليم والتجارة والصحة والخدمات، ويعد المرحوم عبد العزيز عفانة وأولاده من كبار تجار اللحوم والمواشي حتى يومنا هذا، وأبناء عطا الله فلفل من كبار تجار مواد البناء، وأبناء سالم عيسى عبيد من كبار تجار الحبوب.
القرية اليوم
برير في يومنا هذا
أرض فارغة ينمو فيها بشكل مبعثر نبات الصبار، وبعض المزروعات والحشائش والأشجار، ولا تزال بعض شوارع القرية باديةً للعيان وعلى الخارطة من الجو، كما ويُشاهد بعض بقايا الأبنية والمنازل المدمرة التي بقيت لتشهد على أن حياة كان يعيشها الفلسطيني هنا بأمن وسلام و وئام .. قبل أن تُدمر العصابات الصهيونية مُستقرهم وحياتهم .. مضطرين للهرب بأرواحهم، يحملون حلم العودة وبيدهم قواشين الأرض ومفتاح الدار الذي سيبقى يُورث جيلًا بعد جيل .. إلا أن يكتب الله عودة الأحفاد المحققة لأرض الآباء والأجداد. فما ضاع حق وراءه مُطالب.
الباحث والمراجع
ابن القرية الباحث ا. أحمد منصور
1- كتاب لا ننسى ةليد الخالدنا
2- بلادنا فلسطيند. مصطفى الدراغ