معلومات عامة عن لُوبِيَا/ لُوبِيَة - قضاء طبريا
معلومات عامة عن قرية لُوبِيَا/ لُوبِيَة
قرية فلسطينية مُهَجَرة، كانت مبينة على قمة تلٍ ضخري مستطيل الشكل يمتد من الشرق إلى الغرب ويطل على سهل طرعان، بارتفاع يبلغ 300 م عن مستوى سطح البحر، وعلى بُعد لا يتجاوز 10 كم غرب مدينة طبرية.
كانت مساحتها المبنية حوالي 210 دونم من مجمل مساحة أراضيها البالغة 39629 دونم.
احتلت وقريتي نمرين وحطين المجاورتين لها في سياق عملية دكال وذلك يوم 16 تموز/يوليو 1948.
الحدود
كانت قرية لوبية تتوسط البلدات والقرى التّالية:
- قرية نمرين شمالاً.
- قرية حطين من الشمال الشرقي.
- امتداد أراضي مدينة طبرية شرقاً.
- قرية المنارة/ عرب المنارة من الجنوب الشرقي.
- قرية كفر سبت جنوباً.
- قرية الشجرة من الجنوب الغربي.
- وقرية طرعان غرباً إلى الشمال الغربي. (من قرى الناصرة)
سبب التسمية
على وزن النبتة المعروفة باسم "لوبية"، يرجح المؤرخ "مصطفى الدباّغ" في مؤلفه بلادنا فلسطين، أن لوبية الحالية مبنية فوق قرية قديمة كانت تحمل الاسم ذاته بمعناه اليوناني.
البنية المعمارية
بُنِيَتْ منازل لوبية على تلٍ ارتبط بطريق فرعي بالطريق العام الواصل بين مدنتي طبريّا والناصرة، هذا الطريق قسّم القرية إلى جزئين شرقي وغربي، تركزت منازل القرية في الجزء الشرقي من هذا التّل أكثر من جزئه الغربي، إذ كان الجزء الشرقي يطل على الأراضي الزّراعيّة التابعة للقرية.(1)
الـبـيــــــــوت
أوّلا ـ بيـــــــــت المـونــــــــــــة
إنّ النّمط القديم للبيوت في لوبية لا يختلف كثيرا عن نمط البيوت في معظم القرى العربية في جنوب بلاد الشام، فقد كان البيت يضم الأسرة بكاملها مع دوابها، وتقاس فخامة البيت وضخامته وعراقة أصحابه بعدد القناطر الّتي بني عليها البيت؛ كانت الجدران الخارجية من الحجارة غير المقصّبة في معظمها، أي أن الحجارة كانت غير منحوتة وغير مجمّلة، وتثبّت مداميكها بالطين، إذ لم يكن الإسمنت مستخدماً، بل ربما لم يكن معروفاً عندما بنيت تلك البيوت؛ أو تبنى من اللّبن، وهو الطوب الطيني الممزوج بالقش أو التبن الخشن المعروف بالقصل، ثم ترشق أو تطلى بالكلس الأبيض فتبدو كحمائم ضخمة راخمة؛ وكانت البيوت تنشأ على قناطر، وهي أقواس عالية من الحجارة المقصّبة، ثم يسقف البيت بوضع جسور من الخشب ـ جذوع أشجار ضخمة ـ تستند على القناطر، ثم يعمل نوع من الحصيرة فوق هذه الجسور من أعواد القصب، ثم تغطى بالقش أو أغصان الشّجر، ثم بالتراب، وأخيرا بالطين الّذي يدحل بمدحلة يدوية ثقيلة حتّى يتماسك تماما، ثم يدلك بحجارة صوانية ناعمة الملمس كي يصبح غير نفوذ للماء في الشتاء؛ أما التقسبمات الداخلية للبيت فكانت على النحو التالي ـ
أ ـ قــــاع البيـــــت ، وهو ساحة كبيرة مخصصة للحيوانات العاملة، كالخيل والحمير والبقر والبغال؛ ويوجد عند المدخل قرب الباب الخارجي للبيت خابية الماء وهي كبيرة وموضوعة في تجويف خاص مرتفع عن الأرض حوالي متر ونصف، تقوم النّسوة بملئها بالماء المجلوب من الآبار البعيدة بواسطة الجرار الفخّارية الّتي تحملها النّسوة على رؤوسهن بشكل مائل يثير الإعجاب؛
ب ـ المصـطـبـــــــة ، وترتفع عن قاع البيت بمقدار ارتفاع صدر الفرس، وتتصل بقاع البيت بشراع أو معلف يوضع فيه العلف الّذي تأكله الدواب أثناء وجودها في قاع البيت؛ ويوجد في جدران المصطبة ما يعرف بالكواير، مفردها كوارة، وهي مصنوعة من طين على شكل مكعب طويل أو أسطوانة طويلة أشبه بصوامع الحبوب المعروفة، مفتوحة من الأعلى كي تعبأ بالحبوب ـ القمح، الشعير، العدس، الحمص، الفول، الخ ـ، ولها فتحة من الأسفل ـ كوة ـ تغلق بقطعة قماش كي يكون فتحها سهلا عندما يراد استخراج الحبوب من الكوارة؛ ويوجد في إحدى زوايا المصطبة موقد فوقه ما يعرف بالداخون؛ ومن المصطبة يصعد درج داخلي إلى السدة؛
ج ـ الـســـــــدة ، وهي أشبه بما يسمى اليوم الدوبلكس، والتي يتكون جدارها المطل على المصطبة من كواير أيضا، وللسدة عادة نوافذ أو شبابيك يعرف الواحد منها بباب السر؛ والسدة عادة هي المكان المخصص للنوم والإستحمام في حين تعد المصطبة الصالون أو غرفة المعيشة التي يسهر فيها أفراد الأسرة خصوصا في فصل الشتاء حول منقل نار الحطب؛ ويعرف البيت من هذا النوع ببيت المونة؛ وكانت معظم بيوت القرية من هذا النوع متصلة ببعضها البعض لدرجة أنه كان بإمكان المرء أن يتنقل من حي إلى حي من على سطوح البيوت؛ وكان يبنى على السطح أحيانا غرفة تعرف بالعلية، وجمعها علالي؛
ثـانـيـا ـ الـعـقــــــــــــــــــد
العقد هو طراز من البيوت أكثر تقدما، وهو بيت واسع أيضا ولكنه يخلو من القناطر، وبدلا من ذلك يتكون سقفه من عقدة على هيئة قبة تصنع من حجر رقيق من الحثان، وهو حجر كلسي لين، فيصبح السقف كتلة واحدة قوية؛ وليس فيه قاع بيت أو مصطبة، بل هو غرفة واحدة واسعة أشبه بالقاعة؛ ويسمى كذلك المربع أو الأنبوب؛
ثـالـثا ـ الـبـيــــــت الـحـديــــــــــث
وهناك نوع أحدث من البيوت تبنى من الحجارة والإسمنت حسب الطراز الدارج في ذلك الوقت، غرفتان بينهما ردهة يقال لها ليوان، أو صف من الغرف أمامها شرفة عريضة على امتداد الغرف؛ وكانت العادة أن يرفع البناء عن سطح الأرض حوالي متر على الأقل ويردم هذا الإرتفاع بالتراب، أو يترك فيه فراغ كغرف صغيرة توضع فيها بعض اللوازم.
المضـــــافة أو المنــــــزول
كان لكل عشيرة مضافة عامة في بيت شيخ الحمولة، وهي صالة واسعة مفروشة بالسجاد، في وسطها نقرة يشعل فيها الحطب أو الفحم، حيث تصنع القهوة العربية السادة، وتوضع أباريق القهوة كبيرها وصغيرها، ويوجد في المضافة المحماصة وصينية فناجين نحاسية كبيرة عليها فناجين قهوة سادة كبيرة أيضا؛ وكان يوجد في المضافة منقلة يلعب بها كبار السن أثناء سهراتهم في فصل الشتاء، أو أثناء فراغهم في أي وقت؛ ويجتمع فيها رجال الحمولة، وينزل فيها أي غريب يفد إلى القرية فيحل ضيفا على الحمولة حيث يقدم في المضافة الطعام في الأوقات الثلاثة حتى ولو لم يكن هناك ضيوف؛ وكثيرا ما كان يأتي إلى المضافة عازف على الرّبابة فيعزف ويروي حكايات، وشعرا بدويا يغنّيه مع العزف على الربابة.
الآثار
تُعدّ قرية لوبية موقع أثري يحتوي على آثار صهاريج، معاصر خمر، مدافن منقورة في الصخر، وقطع معمارية مستعملة في القرية، وعلى مسافة تقدر بنحو 2 كم شرقي القرية كان يوجد بقايا خان قديم يُعرف باسم "خان لوبية"، فيه آثار بناء قديم مبني بالحجارة الكبيرة، بركة متهدمة وصهاريج، ما يدل أن القرية وما جاورها كانت محطة هامة في طريق الرّحلات التجاريّة والمروريّة لفترات زمنيّة طويلة.
السكان
- قدر عدد سكان قرية لوبية عام 1922 بـ 1712 نسمة.
- وفي إحصائيات عام 1931 ارتفع عددهم إلى 1850 نسمة، جميعهم من العرب المسلمين وكان لهم حتى تاريخه 405 منزلاً.
- عام 1945 بلغ عددهم 2350 نسمة.
- وفي عام 1948 وصل هذا العدد إلى 2726 نسمة، وكان لهم 596 منزلاً.
- قدر عدد اللاجئين من أبناء قرية لوبية عام 1998، بـ 16741 نسمة.
عائلات القرية وعشائرها
أسماء عائلات قرية لوبية:
- عائلة حميد.
- عائلة المحمود.
- عائلة التوبة.
- عائلة مهنّا.
- عائلة حمدان-عثمان.
- عائلة قاسم.
- عائلة عاصي.
- عائلة موسى.
- عائلة لاسة.
- عائلة كرزون- كايد.
- عائلة حسين.
- عائلة أبو علول.
- عائلة صالح.
- عائلة شحادة.
- عائلة عوض.
- عائلة برماوي.
- عائلة بكار.
- عائلة الكفارنة- حجو.
- عائلة الياسين.
- عائلة دلاشي.
- عائلة المنصور- عطا.
- عائلة الخرشة.
- عائلة دبس.
- عائلة رشدان.
- عائلة العثامنة.
- عائلة شنشيري.
- عائلة الشناشرة.
- عائلة عودة.
- عائلة الشهابي.
- عائلة زامل.
- عائلة رشراش.
- عائلة الديراوي.
- عائلة رشيد.
- عائلة أبو حيط.
- عائلة الحمزات.
- عائلة العجانية.
- عائلة عايد.
- عائلة عدوان.
- عائلة بكراوي.
- عائلة قواطين- المصطفى.
- عائلة عبد الحليم.
- عائلة العوايدة.
- عائلة زيد.
- عائلة أبو قلبين.
- عائلة شرعان.
- عائلة العصافرة.
- عائلة غبيشي.
- عائلة شبكوني.
- عائلة عبد الرحمن (باش).
- عائلة الطلوزي.
- عائلة الزعاترة (زعيتر).
- عائلة الزين.
- عائلة خليل.
- عائلة عثمان- يونس.
- عائلة غيث.
- عائلة الفقرا.
- عائلة رحيل- علي.
- عائلة محمد.
- عائلة الحجاجوة.
- عائلة خالد.
- عائلة هدروس.
- عائلة الظبيات.
- عائلة عموري.
- عائلة العطية.
- عائلة التكلي.
- عائلة نوف.
- عائلة نايف.
- عائلة الحسن.
- عائلة الشيري- الحسن.
- عائلة علي.
- عائلة عدوان.
- عائلة غيث.
- عائلة يونس.
- عائلة كيلاني.
- عائلة الرفاعي.
- عائلة السلموت.
مؤلفات عن القرية
الحياة الاقتصادية
اعتمد اقتصاد القرية على الزّراعة بشكل أساسي وبالتحديد القمح، إذ اشتُهِرَت لوبية وكذلك جارتها بزراعة القمح لخصوبة تربة أراضي القريتن، و قد خصص أهالي قرية لوبية مساحات كبيرة من أراضي قريتهم لزراعة الحبوب عموماً ومن ضمنها القمح فبلغت مساحة الأراضي المزروعة بالحبوب في قرية خلال الأربعينيّات من القرن العشرين بنحو 31026 دونم.
كما غُرِسَتْ أشجار الزيتون على المنحدرات الجبلية شمالي القرية.
كما كانت تُزرع الخضراوات والبقوليّات وبعض الأشجار المثمرة في أراضي القرية، بالإضافة إلى اهتمام بعض أهالي القرية بتربية الماشية وبعض الأعمال المهنية الأخرى.
التعليم
تأسّست في قرية لوبية مدرسة ابتدائيّة في زمن العثمانيين عام 1895، كان أعلى صف دراسي فيها عام 1942-1943 هو الصّف الخامس الابتدائي.
يذكر أن المدرسة هذه بُنِيَتْ على نفقة أهالي القرية الخاصة، وكانت المدرسة الوحيدة في القرية حتى عام 1948.
التاريخ النضالي والفدائيون
رافق صدور قرار تقسيم فلسطين في 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 1947 ومن ثم قرار الحكومة البريطانية بإنهاء انتدابها على فلسطين أواسط أيار/ مايو 1948، نشاطات صهيوينة إرهابية واسعة طالت البلاد من شمالها إلى جنوبها، في تلك الفترة تعرضت قرية لوبية كما غيرها من القرى والبلدات الفلسطينيّة، وقد سجلت المصادر التاريخية والتوثيقيّة عدة هجمات صهيونيّة طالت قرية لوبية منذ مطلع العام 1948 وحتى أواسط تموز/ يوليو من ذات العام، ومن هذه الهجمات نذكر:
- هجوم استهدف قريتي: لوبية وطرعان ليل 20 كانون الثاني/ يناير 1948، أسفر عنها استشهاد شخص من أبناء قرية لوبية.
- مناوشات بين أهالي قرية لوبية وقافلة يهوديّة صبيحة يوم 24 شباط/ فبراير 1948، دامت المعركة أربع ساعات وأسفر عنها شهيد وجريْحَين من أبناء القرية.
- هجوم في الأسبوع الأول من شهر آذار/ مارس 1948، ويذكر المؤرخ "عارف العارف" حول هذا الهجوم، أنّ جنود الهاغاناه حاولوا أن يشقوا طريقهم عنوةً عبر الطريق الممتد بين طبريّا قرية الشّجرة أغاروا على قرية لوبية، وقد بلغوا المشارف الغربيّة للقرية، لكن سكانها تصدوا لهم فقتلوا سبعة منهم (صهاينة) في حين فقدوا ستة، كذلك أوردت صحيفة (فلسطين) نبأ عن تسلل آخر طال لوبية في 11 آذار/ مارس مُهِّدَ له بقصف مدفعي ولم تُذكر معلومات أخرى حول هذا الهجوم.
- بعد سقوط مدينة طبريّا شعر أهالي قرية لوبية بأنهم معزولين بين المستعمرات اليهودية المبينة في محيط القرية من ناحية ومدينة طبريّا الّتي يحتلّها الصهاينة من جهة أخرى، الأمر الذي دفعهم للّجوء إلى الناصرة طلباً للعون والإرشاد من أهلها، وهذه رواية أهالي القرية للمؤرخ "نافذ نزال"، ولكن هذا الواقع المتوتّر لم يدفعهم إلى الرّحيل وترك القريية، بالمقابل لم تتوانَ العصابات الصهيونيّة عن الهجوم على القرية بغية احتلالها، ونفذت هجوماً على لوبية قبل انتهاء الهدنة الأولى يومي 10- 11 حزيران/ يونيو 1948 تزامناً مع هجوم لوحدات جيش الإنقاذ العربي وعدداً من أبناء القرية على مستعمرة "سجرة" الواقعة جنوب غربي لوبية (ليست مبنية على أراضها)، الأمر الّذي دفع وحدة مشاة "إسرائيليّة" لاتخاذ مواقع وتحصينات لها جنوب القرية، ولكنها انسحبت مع حلول ليل 11 حزيران/ يونيو 1948.
احتلال القرية
رغم ما تعرضت له القرية من هجمات صهيونيّة منذ مطلع عام 1948، إلى أن أبناء القرية بقيوا صامدين في قريتهم ويصدون عنها الهجومات الصهيونيّة المتعاقبة بين الحين والآخر، ومع نهاية الهدنة انطلقت عملية "ديكل (ديغل)" الّتي سقطت على إثرها مدنية الناصرة، وعندما بلغ مسمع أهالي لوبية نبأ سقوط الناصرة، طلبوا العون وامساعدة من وحدات جيش الإنقاذ العربي الّتي كانت مرابطة على مسافة قريبة من القرية، لكن لم تُسجّل لهم أي مساعدة أو دعم يُذكر, واعتمد أبناء القرية على أنفسهم بالدفاع عن قريتهم، ووصلت وحدات العاصابات الصهيونيّة على مشارف "نمرين، لوبية وحطين" واحتلت هذه القرى الثلاث يوم 16 تموز/ يوليو 1948 بعد أن استبسل أبناءها في الدفاع عنها دون أي مساندة أو دعم يُذكَر من قبل جيش الأنقاذ العربي.
العادات والتقاليد في القرية
ًالـعـلاقـــــات الاجـتـمـاعـيــــــة
إنّ أهالـــي لوبيـــة عرب مســلمــون ســنيّون ارتبطوا فيما بينهم بروابط متينة جعلتهم كعائلة واحدة؛ لا يوجد في لوبية حمولة إلا وارتبطت مع الحمائل الأخرى برباط المصاهرة والنّسب، حتى أنّك قلما ترى في لوبية عائلة إلا ولها رباط بعائلة من حمولة أخرى؛ كانت أماكن سكنـــهم متداخلة بحيث أصبح الجوار عمودا فقريّا يجمع الجميع بهذا الرباط المقدّس، وبهذا أصبح أهالي القرية متعاونين في الحياة الإجتماعيّة بشكل لا مثيل له؛ وبهذين الرباطين، رباط المصاهرة ورباط الجوار أصبح أهالي القرية كســلســلة متينة الحلقات من الصّعب فكاكها حتّى تولّد لديـهم التعــاون في كـل شــيء، وفيما يلــي بعض الأمثلة على هذا التعاون :
أ ـ في موسم الخضار وقد كان الموسم صيفيّا، كان التقاسم سمة يعتزّ بها الجميع؛ إما أن يكون التقاسم في الأرض فيعطي الشّخص لجاره أو قريبه قطعة أرض يزرعها ليتموّن منها، وإما إذا كان غير قادر على زراعتها فيزرعها صاحب الأرض ويقاسمه الثّمار. وربما يجني إنتاجها ويقاسمه ذلك الإنتاج ومن هذا التعاون نشأت قاعدة هي ألا تباع الخضار في القرية، فبيعها سمة غير مقبولة، ولم يكن أحد من القرية يرضى بها، وكان ذلك يشمل مقاثي البطيخ والشمام؛
ب ـ إذا وجد جاران أو قريبان أحدهما يملك المواشي والثاني لا يملك، كان المالك يعطيه مؤونة تكفيه من شاة أوبقر يعيل بها عائلته، وعلى هذا كان بيع اللبن والحليب من العار؛
ج ـ التعاون في الزراعة عامة، فإذا كانت أرض أحدهم واسعة، ولا تكف وسائل الفلاحة الّتي يملكها لزراعة أرضه، كان الجميع يهرعون لمساعدته في فلاحة أرضه في الموسم وذلك دون أجور، وتلك الحالة تعتبر واجبة، وتعاطي الأجر عليها من العار أيضا؛ كان التعاون يشمل كل شيء، أفراحها وأحزانها، وفي البناء، وفي كل ذلك كان النّاس جميعاً يعتبرون التعاون واجباّ مقدّسا يتسابقون لتقديمه لا فرق بينهم في ذلك.
الـمـنـازعــــــــات
في بلد مثل لوبية، متشابكة في السكن والأرض، كان لا بد أن تحصل خلافات أو منازعات. عندما كانت تنشأ تلك الخصومات كان الناس جميعا يسعون لحلها وبسرعة. كان الوسطاء في حل أية خصومة يدفعون من أموالهم ليجعلوا الحل حقيقياً ودائماً، وكان الّذي عليه الحق في كثير من الأحيان يسعى لإيجاد المصالحة، ولذلك قلما كنت ترى أنّ الخصومة كانت تصل إلى المحاكم في كل الأمور، وخاصة موضوع الزّواج، حيث كان أهالي لوبية يرون أن من العار أن يقف الرجل وزوجته متخاصمين أمام القضاء، ولذلك كانت الخصومات الزوجية تحل داخل القرية، حتّى أنّ الشيخ سعد الدّين العلمي رحمه الله، عندما كان قاضياً شرعياً في طبريّا كان يثني على أهالي لوبية من هذا الوجه.
الأفـــراح و الأتـراح
الأتــــراح
كان أهل القرية يشارك بعضهم بعضا في الأتراح والأفراح. فعندما كان يتوفى شخص في القرية، يأتي إمام القرية، فيغسله ويكفنه ثم يحمل على نعش مغطى بقماش يحمله أربعة من المقربين ويسير أهل القرية في جنازته مشياً على الأقدام حتى يصلوا به إلى المقبرة، ويكون القبر قد حفر مسبقا. إذا كانت الوفاة عادية كانت الجنازة تسير صامتة يصحبها دموع الأهل وخشوع المصاحبين والتفكّر بالقضاء والقدر. أما إذا كان المتوفى شهيداً فتسير الجنازة يرافقها الإعتزاز والزغاريد والعهد على السير على الطريق، طريق التضحية. وكانت مواكب الشّهداء مواكب موت من أجل عرس الحياة.
وبعد الدّفن يتلو الشّيخ الكلام المألوف والمعروف بتلقين الميت، الّذي هو في حقيقته تلقين للأحياء وتذكير لهم. ثم يصطف أهل الميت، ويقوم بقية أهل القرية بتعزيتهم، ويعود كل إلى بيته. ولا توجد أمسيات لمدة ثلاث ليالي كما هو الحال اليوم، بل يظل أهل المتوفى يستقبلون المعزين من القرى المجاورة ومن الحمايل الأخرى، دون تحديد مدة معيّنة. ويقوم أهل الحي أثناء ذلك بتقديم الطعام لأهل المتوفى كيلا يشغلوهم بالطبخ وغير ذلك من الواجبات المنزلية. أما المعزون من القرى المجاورة أو الحمايل الأخرى فيحضرون معهم الذبائح وأكياس الرز والسكر والقهوة، فيقوم أهل المتوفى بذبح هذه الذبائح وطبخها وتقديمها للمعزين، ويدعون بالطبع أهل الحي أو حتى أهل القرية.
وكانت الأفراح تعلق لمدة سنة من تاريخ وفاة أحد أبناء القرية، إلا إذا استأذن أصحاب الفرح أهل المتوفى بإقامة فرحهم ونالوا موافقتهم عن طيب خاطر ورضى كامل، وعندها يقبل أهل المتوفى الدعوة لحضور ذلك الفرح ومشاركتهم فيه دليلا على رضاهم وطيب خاطرهم.
الأفــــــــــــــــــــراح
إن الأفراح والأحزان في قرية لوبية هي عواطف تحرك المشاعر، وتحرك في النّفوس تبدلات تلك العواطف ولذلك كما في قرى فلسطين كلها، كانت الأفراح والأحزان في لوبية تتبدل في النفوس وتتغير حسب المشاعر الآنية أو المستقبلية. لذا نجد في لوبية أن الأفراح تبدلت على الشكل التالي :
كانت الأفراح عادية يكون الغناء فيها عاديا ًجداً مثل زريف الطول، على دلعونة، والعتابا الغزلية. واستمرت على تلك الحالة حتّى ثورة البراق عام 1929، حيث تبدّل الغناء ليصبح غناءً وطنياً، وكان النّسوة في لوبية منذ ذلك التّاريخ وفي كل عرس يغنين :
فؤاد حجازي يا عالم ماله ـــ منشان الوطن ضحى بحالـه
فؤاد حجازي وشـو بهمه ـــ منشان الوطن ضحى بدمـه
شوفوا خواته وبنات عمـه ـــ حوالي المشـنقة عما يبكونا
أنا أبو جلدة أنا العرنيط ـــ أنا انقتلت عفعلي وصيتي
عيطي بثيابك جميلة عيطي ـــ أبوكي انقتل تحت الزيتونا
وعندما اصطدم الثائر الأسطورة صالح المحمد الطه، الملقب صالح الرقية، مع الإنكليز على أطراف لوبية ودارت معركة عنيفة بينه وبينهم، تمكن خلالها من قتل ضابط وشاويش وجندي بعد أن فرّ الباقي، وتمكن صالح من الفرار بعد أن اصيب حيث كان ذلك كله على مرأى ومسمع أهالي لوبية، أصبح النّساء في كل عرس ينشدن الأغاني الشعبية والأهازيج الّتي تمجّد بطولة هذا الثائرـ
صالح يا صالح يا بو الشاليشـي ـــ قتلت الزابط مع الشاويشـي
تمشـي وتخابط تمشـي وتخابط ـــ صالـح المحمد قتل الزابط
هيي يا بو سحـاق يا مال الغارة ـــ ولحيقت صالح درب القنارة
يومن رابطلـك بين الحـجـارة ـــ وأنطاك الطلق بين العيون
هيي يا بو سحاق وش مالك عاير ـــ ولحيقت صالح درب الشكاير
هيي يا بو سحـاق يا بو طقيـة ـــ ولحقت صالح درب الصيفية
وكان أهالي لوبية يعبّرون عن مناهضتهم للإنتداب البريطاني على فلسطين بالآتي :
يا سامي خبر دولتك ـــ لندن مرابط خيلنا
والمقصود بسامي هو المندوب السامي البريطاني.
وكان الشاعر الشعبي المرحوم أبو سعيد الحطيني يقول:
بلكي يا زماني تعود بلكي ـــ تداوي جروح القلب بالكي
وانا إن مروا عليي ميتين بلكي ـــ عليي يمرقوا مثل السحاب
بلكي الأولى تعني لعل، والثانية تعني الكي بالنار، والأخيرة هي فرقة تركية.
من النوادر الكثيرة الّتي حصلت في لوبية القصة التالية: بينما كان الشباب يدبكون في أحد الأعراس قالت إحدى الفتيات اللّواتي كنّ يرقبن الدبكة من على سطح أحد البيوت لصديقاتها، شوفوا فلان في على راسه قملة، فسمعها صاحب العلاقة، أو أن ربما أحدا ما أخبره بما قالت تلك الفتاة، فاعتبر هذا الكلام لا يليق بحقه، وكان يعتز كثيرا بنفسه، فغنى بصوت مرتفع وهو على رأس الدبكة يعاتبها ويذكرها بما كان بينهما ـ
عالشب اللايق بتقولي قملة ـــ يا بنت الهامل وشو هالعملة
وشو هالعملة اللي عملتيها ـــ وبوسة بالعزب كنو نسيتيها
وساد في لوبية الشعر الشعبي المغنى الّذي يحكي قصة بعض الحوادث التي كانت تحصل بالفعل في لوبية .
من النّوادر الّتي ما زالت تروى على لسان كبار الّسن من اللوابنة قصة زر البندورة. كان السّيد محمد الحسين الملقب بقنبور، وهو من حمولة العجاينة، كان يتاجر بالبندورة الّتي يحضرها من طبريا ويبيعها في لوبية، لأن بندورة طبريا كبيرة بينما بندورة لوبية حباتها صغيرة. في إحدى المرّات وبينما كان مع حماره المحمل بالبندورة على مشارف لوبية اعترضه اثنان من الحصادين اللوابنة هما صنديد العودة وشخص آخر كان معه، وطلبا من قنبور أن يعطيهم حبتين من البندورة، ولما رفض قاما بضربه وأخذوا حبتين من البندورة الشهيّة، فشكاهما لدى الشرطة الإنكليزية في طبريّا، وكان يطلق على الشرطي آنذاك مفتش العموم، فاستدعتهما الشرطة وحبستهما وعاقبتهما بالضرب المبرح. وكان للصنديد أخت إسمها نصرة العودة معروفة بسرعة قولها للشعر، فقالت معاتبة لقنبور:
عشان زر البندورة يا ابن العورة ـــ لعبوا بالصنديد الكورة مفتش لعموم
وأخذوه عالمحابس ريقه يابس ـــ قالو له شو لابس ثوب المرسوم
وكان حميد العلي الحسن معروفاً في لوبية بسرعة البديهة في قول الشعر الشعبي، وقد شارك في السفربرلك، وعندما عاد إلى لوبية كان قد بلغ الأربعين أو أكثر. وكان يحب قول الشعر الشعبي والغناء أيضاً، وقد سئل يوماً عن رأيه بحمايل لوبية فقال على سبيل الدعابة :
تعدوا حدود الرفاعي ـــ يا ما يذوقوا عنا وشدات
نشف القطر وما جا مطر ـــ وخربوا علينا الزرعات
رحت على دير حنا ـــ تمني أجيب الزيتات
لقيت فيها شيخ ختيار ـــ بلحيته أربع شعرات
دقنه مثل كوع القرد ـــ مغروز فيها أربع شعرات
شارك الحجه بدكانه ـــ وصار يقاسمها المصريات
قرش طار وقرش هدى ـــ وقرش راح بالسموات
وعذ بالله من الشيطـان ـــ دارت علينا الأوقات
وصار الإمام شهابي ـــ والمأزون من العطوات
وكان له طفلة صغيرة يحبها كثيرا ويلقبها بالنطاطة، وقال عنها الكثير من الأشعار مثل ـ
النطاطة بباب الـدار ـــ بتسوى زهرة والمختار وفطيم الشلبيه
النطاطة بباب الحوش ـــ بتسوى دواس وطروش، وحنيفة الشريتحيه
وقد اشتهر بيت الشعر التالي الّذي خاطب فيه إمام مسجد لوبية المرحوم الشيخ علي اليحيى الشهابي قائلا ـ
صمنا وافطرنا على خير
وصقى الله فراق صلوعك على خير
ونجدد غيركو واحنا طياب
ومن النوادر الّتي تحولت إلى شعر يقال كثيرا في لوبية المجاورة لقرية حطين، قصة أحد الغرباء الّذي كان يمر من حطين عند المغيب صاعدا باتجاه قمة التلّة الّتي تقع عليها القرية. كانت حطين تقع على تلّة وتصطف البيوت فوق بعضها بتدرج جميل وتبدو البيوت فوق بعضها البعض كأنها درجات السلّم، ومر هذا الغريب منها، وكان كلّما مر قرب بيت يقول السلام عليكم آملا في أن يدعوه أحدهم للنّوم حتّى الصباح لكي يكمل مشواره، وكانوا يردوا عليه السلام دون أن يقول له أي منهم تفضل. واستمر هكذا إلى أن وصل إلى قمة التلة بعد مروره قرب آخر بيت في القرية، فشعر بالحزن الشديد وجلس هناك وأحس بالغربة، ونظر إلى الأسفل ليشاهد بيوت حطين كالحمائم النائمة، وقال بأعلى صوته:
صاح محمد العابد يا حطين
عرايش فوق عالي السطح حاطين
هذولا ما يفرحون بقول حطين
ولا بظيفن لفا بعد الغياب
فسمعه أهالي حطين وشعروا بالخجل وانطلقوا نحوه يعتذروا، وأصروا على استضافته فقبل دعوتهم، وأكرموه كما ينبغي، ونام عندهم حتى الصباح.
الأعياد والأعراس
وفيما يلي سيتم شرح أهم الأفراح الّتي كانت تجري في لوبية، وهي الأعياد والأعراس. وبما أن الأعراس كانت مرتبطة إرتباطا وثيقا بالأغاني الشعبية فسوف يتم شرح هذه الأغاني الشعبية بالتفصيل مثل أغاني يا ريمتن فرعنت، والجفــــــــره، و يا زريف الطول، والأغاني الفكاهيّة، وأغاني النّساء، والعتابــا والميجانـــا، وأغاني الزفّة، والزجل وغير ذلك الكثير.
أولا ـ الأعياد
يحتفل أهل لوبية، كبقية أهالي قرى فلسطين، بعيدين فقط في الّسنة، هما عيد الفطر بعد رمضان المبارك، وعيد الأضحى أثناء موسم الحج، وذلك لأن جميع أهالي القرية من المسلمين السنّة، وليس فيها أي شخص من أية ديانة أخرى، سوى مدير المدرسة الإبتدائية الوحيدة في القرية، وهو مسيحي من مدينة الناصرة اسمه نصري نخلة، وظل مديرا للمدرسة مدة حوالي عشرين سنة، وكان يحب أهل القرية ويحبونه ويعدّونه واحدا منهم، وكانت المدرسة تعطل يومين في الأسبوع هما الجمعة والأحد، خصيصا من أجل مدير المدرسة، وعندما نقل إلى الناصرة ألغيت عطلة يوم الأحد، وبقيت عطلة يوم الجمعة. وفي ليلة العيد، ليلة الوقفة، تنشغل كل الأسر وينهمك جميع أفرادها صغاراً وكباراً وخصوصا النّسوة، بالإعداد للعيد، فيصنعون الكعك، وهو خبز مصنوع من الطحين المعجون بالماء وزيت الزيتون، والممزوج بالقزحة والسمسم وجوزة الطيب واليانسون والشومر والمحلب والقرنفل والقرفة، ثم يرق على قوالب مزخرفة برسوم متنوعة وجميلة مصنوعة من الخشب، ثم يخبز في الطابون الحصاوي، وبعد إخراجه من الفرن يدهن بالزيت فيظل طريا وشهيا أياما طويلة. ويصنعون الزرد من العجينة نفسها، ولكنه يعمل على هيئة دوائر محشوة بالعجوة التي نزع منها بذرها ودقت مع البهارات حتى أصبحت كالعجين، ويخبز العجين بعد حشوه بالعجوة وجعله على هيئة حلقات في الطابون كذلك. كما يسلق البيض بعد تغليفه بورق البصل فيخرج بعد نضجه ملونا بالأحمر والأصفر والأبيض. يستخدمه الأطفال والشباب طعاماً، ويلعبون به لعبة المفاقسة. كان الأطفال يقضون وقتهم فرحين مبتهجين بطريقتهم الخاصة البسيطة، فمنهم من ينصب مراجيحه على أغصان الشّجر، ومنهم من يقوم بألعاب عادية، أو يذهبون للبرك فيسبحون. كذلك كان النّاس يقدّمون القهوة العربية والزرد والكعك والسمبوسك في بيوتهم لدى معايدة بعضهم بعضاً. وأول ما يفعله النّاس في العيد هو أداء صلاة العيد صباحاً، ثم الذهاب إلى المقبرة أو التربة، لقراءة الفاتحة على أرواح أمواتهم. ثم يذهب الرجال لمعايدة الولايا، أي بناتهم وأخواتهم وعماتهم وخالاتهم، ويقدمون لهنّ الهدايا إما نقوداً أو قماشاً، ثم ينطلق الرجال مجموعات يعايدون كبار الحمولة وكبار الأسرة الواحدة، وأخيرا يجتمعون في المضافة. وفي العيد يلبس الجميع رجالاً ونساءً كباراً وصغاراً ثيابا جديدة. ولا بد أن يكون اللّحم هو الطعام الأساسي أيام العيد، وخصوصا في عيد الأضحى، حيث يقوم معظم النّاس بذبح الضحايا وتوزيعها على الأقارب وخصوصا الأخوات والبنات والخالات والعمّات وعلى الفقراء. وكان بعض شباب القرية يذهبون في عيد النّبي شعيب قرب حطين وهو عيد الدّروز، ويشاركون الدّروز في احتفالاتهم هناك، وهي احتفالات جميلة حيث تعقد الدّبكات والرقصات الشعبية المصحوبة بالأغاني والأهازيج، كما تجرى سباقات خيل وغير ذلك.
ثانيا ـ الأعــــــــــــــراس
قبل القيام باحتفالات العرس لا بد من خطوات أساسية تسبق الزواج، وتتلخص فيما يلي :ـ
أ ـ الطلبـــــــــة
وهي الخطبة حيث يفصح الشاب عن رغبته في الزواج لأهله بطرق مختلفة مباشرة وغير مباشرة. فيأخذ الوالدان بالتشاور حول من ستكون كنتهم، أما إذا كان الولد قد حدد عروسه ونالت موافقة الأهل فإن الأمور تسير بدون عقبات. وبعد الإتفاق على العروس يشكل أهل العريس وفدا يعرف بالجاهة. تذهب الجاهة إلى بيت أهل العروس بعد إعلام ولي أمرها برغبتهم في المصاهرة والإتفاق على الموعد. يتحدث أكبر أفراد الجاهة سنا، أو والد العريس موجها الكلام إلى والد العروس، أو ولي أمرها، مبديا رغبته في طلب يد فلانة لولده فلان. فيجيب والد العروس بكلام مجاملة يدل على الموافقة. ثم يجري الحديث عن المهر حسب شرع الله وسنة رسوله، ويتم الإتفاق على موعد آخر لعقد العقد، أي كتب عقد الزّواج، حيث يحضر إمام القرية ويعقد العقد. وبعد ذلك يتم الإتّفاق على تحديد موعد العرس، وغالباً ما يكون في الصّيف بعد انتهاء موسم الحصاد والبيادر أو أثناء موسم البيادر. ترسل المراسيل لدعوة الأقارب وأهل القرية شفوياً، وترسل المراسيل المزودة بمكاتيب لوجوه القرى يدعونهم إلى العرس.
الـتـعـــــاليـــــــــــــــــــل
وتستمر أسبوعاً كاملاً يقوم الشباب والشابات من أهل العريس وحمولته بإحياء سبع ليال بالكمال والتمام في الدبكة على المجوز والأرغول والشبابة مع الأغاني الشعبية المختلفة مثل على دلعونا، وجفرا ويا هالربع، وعتابا وميجنة، ويا زريف الطول، ويا ريمتن فرعنت، وغير ذلك مما تتفتق عنه قريحة الفلاحين الأصلاء الملتصقين بالأرض.
أما دبكة النّساء فلا تصاحبها آلات موسيقيّة بل تقترن بالغناء المستمر والمتواصل على طريقة الترديد حيث يقول فريق مقطعاً غنائياً، يردده فريق آخر، وهكذا طيلة السهرة. وبالطبع تبدي كل فتاة خير ما عندها من لباس وزينة ذهبيّة، وتزين بالحناء والكحل والعطر وغير ذلك.
الأغاني الشعبية
فيما يلي أمثله عن الأغاني المختلفة الّتي كانت تردد في التعاليل ومراحل العرس المختلفة ـ
يـا ريمــــــــــتن فرعنـــــــــت
يا ريمتن فرعنت يا ريمتن صاحت ـــ واربع جدايل شقر عظهيرها لاحت
يا ريمتن فرعنت وتصيح دلونــي ـــ غشيمة بنوم الحضن يا ناس دلوني
لو قطـعوني شقف ولواح صابونـي ـــ ما توب عن عشرتك يا نور عينية
يا ريمتن فرعنت وتمشي الشط الشط ـــ مدري فريخة حجل ولا فريخة بط
وحياة من علم الغـزلان قمز ونـط ـــ ما توب عن عشرتك لو قطعوا ايديا
يا ريمتن فرعنت برض المناظيـري ـــ غابت علي الشمس يا مهيرتي طيري
لبيع كباش الغنـم بسعر القراقيـري ـــ واخذ حبيب القلب هلخاطرو بيا
يا ريمتن فرعنت وتصيح يا محمد ـــ والعين سودة مكحلة والصلاة عمحمد
سألتكو بالنبي اللي اسمـه محمـد ـــ يبنو لاولفي قصر من فوقو عليه
يا ريمتن فرعنت بها الليل الداجي ـــ مرسوم عصديرها خرفان ونعاجي
لا تزعلوا يا سمر، والبيض غناجي ـــ والبيض شحم الكلا والسمر عينيا
يا ريمتن فرعنت وتصيح يا عمامي ـــ ما باخذ ولد النذل لو صحنوا عظامي
ون كان جيزة غصب والسيف والزامي ـــ لرمي حالي بالبحر وطوش علميا
أغـانـــــي الجفــــــــره
إنّ كلمة جفره تعني الغزالة الصغيرة، أي أنثى الغزال الّتي لا يتجاوز عمرها سنة. ويحكى أنّه كان هناك شاباً يحب فتاة من قرية كويكات قضاء عكا، فتقدم لخطبتها ولكن أهلها لم يقبلوه لابنتهم، فساح في هواها وصار يصفها بالجفره كيلا يذكر اسمها صراحة وراح يغني لجفرته هذه.
أما في لوبية فقد كان الشهيد أحمد الكفري أبوجاسر يحب أغاني الجفرة وكان يغنيها باستمرار، وهو لم يتجاوز الرابعة عشرة من عمره، حتّى أنّ لقب بأبو الجفرة. وفيما يلي نمط هذه الأغاني
جفره ويا هالربع ريتك تقبريني ـــ وتدوسي على قبري وتطلع ميرميه
جفره ويا هالربع مرت من قدامي ـــ والعين سودة مكحلة وعخدودها شامه
جفره ويا هالربع وتصيح يا عمامي ـــ ما باخذ ولد النذل لو صحنوا عظامي
ون كان جيزة غصب والسيف والزامي ـــ لرمي حالي بالبحر وطوش علميا
وهذه الكلمات نفسها تقال في أغاني يا ريمتن فرعنت. وبالطبع صار الناس يؤلفون على نمطها أغان محلية مثل ـ
جفره ويا هالربع جفرة يا شامية ـــ نزلت عجورة الحمى تغمر وحدانية
جفره ويا هالربع بين الخربتين ـــ ودمع عيني سكب ملا القربتين
جفره ويا هالربع طلعت على الصافح ـــ والشفة تنقط عسل على الصحن طافح
جفره ويا هالربع علبير نشالة ـــ ومزنرة بالكمر فوق الكمر شال
يا رب تغيب الشمس وسلمك حالي ـــ وتكون ليلة عتم والسرج مطفية
أغانـــــــي يا زريــــــــف الطـــــــول
يا زريف الطول الحمص بلتوه ـــ حتى عقلي من ضميري سلتوه
وان كان بدو ياني يطلق مرتو ـــ قبل ما يهل الشهر بينينا
يا زريف الطول وردفني واراك ـــ تعبت جرييه ونا راكض واراك
وان قدر المولى والهوى راماك ـــ لفرمك فرم التتن علهاونا
يا زريف الطول وين رايح تاروح ـــ عذبت لقليب وغمقت لجروح
عشير المزيونات لا بد ما يسوح ـــ لونو عقلو ولجبال موازنا
يا زريف الطول وين أهلك غدو ـــ عجبل حوران راحو وبعدو
ريت عيونك هي يا سايغ يرمدو ـــ ليش ما تصيغ التراكي محملات
يا زريف الطول وين رايح تاروح ـــ جرحت لقليب وغمقت الجروح
خايف يا ابن العم عبلادك تروح ـــ وتعاشر الغير وتنساني أنا
يا زريف الطول وقف تقولك ـــ رايح علغربة بلادك أحسن لك
خايف يا ابن العم تروح وتتملك ـــ وتستحظي بالغير وتنساني أنا
يا زريف الطول يا إبن الملك ـــ يا بو دامر جوخ برمي علهلاك
ون كان أهلي ما عطوني إلك ـــ اندشر الأهلين ونتبع بعضنا
أغانــــــــــــي الديـــــــــــــــك
الديك بالحكورة ـــ بشرب ميه معكورة
صاحبتو بيعي الشورة ـــ واشتري حلاوة للديك
الديك بباب الدار ـــ بوكل بندوره وخيار
صاحبتو بيعي الزنار ـــ واشتري حلاوة للديك
الديك علبلاطة ـــ بوكل رز وبطاطا
صاحبتو يا خياطة ـــ اشتري حلاوة للديك
الديك بالعلالي ـــ بوكل رز ودوالي
الديك شمل شمال ـــ واخباره مع النسوان
ريت نسوانه تترمل ـــ اللي رمل نسوان الديك
يبدو أن هذا النوع من الأغاني الفكاهية يهدف التهكم على الرجل الكسول الذي لا يشتغل، بل يعتمد على زوجته كي تعيل الأسرة وتقدم له الطعام.
مـتـنــوعـــــــــــــــــات
قامت من النوم تنده يا لطيف ـــ لاني مجنونة ولا عقلي خفيف
بالله يا محبوب تعطيني رغيف ـــ من إيد الحبيب يكفيني سنة
شملو شمال يزورو النبو شعيب ـــ والشعر لشقر مدلى للكعيب
طلبت البوسة قالت يا ولد عيب ـــ ما تخاف من الله، واخوي قبالنا
ركبت بويضان وقالت حيدو ـــ يبعد بويضان ولي بيقودو
لا تعطوني للنذل، والله بطردو ـــ والكويس بدو مثله واحسنا
أجيت عدارهم بعد العشا بنتفه ـــ لقيتهم نايمين وسراجهم مطفي
مديت إيدي عالصدر تقطفلي قطفة ـــ قالت حامض ما استوى بعده على نيه
راحت ترد الغنم سودة سوالفها ـــ من زود الغوى ولا أنا عارفها
بالله يا راعي الغنم شبب توصفها ـــ وعيون شبه المها في صحرا برية
من هونا مرت من هونا مرت ـــ مرور الكحل بالعين جرت
دعست علأرض والأرض اخضرت ـــ نبتت الأرض خوخ وليمونا
رايح صيدا جاي من صيدا ـــ عيون سعيدة مكحلات
رايح يافا جاي من يافا ـــ كل من شافا طق ومات
رايح عكا جاي من عكا ـــ بقلبي شكت هالنبلات
رايح لوبية جاي من لوبية ـــ كفوف محبوبي محنيات
من أغانـــــــــــي النســــــــــــاء
حولونا حولونا ـــ نسايب لا تزعلونا
عادتنا نلبس مخامل ـــ عادتنا نشلح مخامل
وعادتنا نناسب حمايل ـــ حولونا حولونا
عادتنا نلبس مقاصب ـــ عادتنا نشلح مقاصب
وعادتنا نناسب مناصب ـــ حولونا حولونا
قاعد عطبقة ـــ يا بو فلان
قاعد عطبقة ـــ عمنو الشيخ
خرج الذهب تحتو ـــ عمنو الشيخ
خرج الذهب تحتو ـــ يا ما شا الله
قاعد عطبقة ـــ يا بو فلان
قاعد عطبقة ـــ عمنو الشيخ
يختم علورقة ـــ عمنو الشيخ
يختم علورقة ـــ يا ما شا الله
يا شوفة شوفتها ـــ تخبز على الصاج
مرسوم عصديرها ـــ خرفان ونعاج
يا شوفة شوفتها ـــ بين البصل لخضر
مرسوم عصديرها ـــ كعكبان وسكر
يا شوفة شوفتها ـــ عحيطان أبوها
تمشي الخفا الخفا ـــ من خوف يشوفوها
أغانـــــــــــي الطربـــــــــــوش، فكاهية
رن الجرس بالطربوش ـــ حليوه يا حليواني
روح عسكر المحبوس ـــ حليوه يا حليواني
رن الجرس علخاتم ـــ حليوه يا حليواني
روح عسكر الحاكم ـــ حليوه يا حليواني
وهناك أغاني كثيرة بعضها يغنى عند حمام العريس والعروس، وبعضها يغنى ليلة الحناء، وبعضها يغنى أثناء الزفة. وسوف يتم إيراد بعض الأمثلة في الموضع المناسب.
العتابــــــــــــــا والميجانــــــــــــــا
يا طولك طول نخله بسرايا
عيونك سود وخدودك طرايا
عدرب الشام لبنيلك سرايا
حجر ألماز والباقي ذهب
أبويي من قبل ما يموت قلي
فؤادك عمرار الدهر قلي
وكلمن اغتنى من بعد قله
يموت وللفقر يحسب حساب
عجبني اللي وضع عشنبر شرابيش
حرير من العجم مدري شرا بيش
يا ذايق روس وجناتو شراب يش
شرا ولا من الباري عطا
جاء شخص يطلب تبغا من خاله بعد جني محصول التبغ، فقال هذا
البيت من العتابا ـ
هجم كيف التتن والكيس خالي
وهجرني من له علخد خال
أنا قاصدكم يا دار خالي
على شوية تتن من هالطياب
وترد زوجـــــة خالـــــه عليــــه رافضـــــة طلبــــه قائلــــة ـ
تسلم يا بعد خالك من الشر
إن شا الله عظم عدوك منشر
لو جيتنا والتتن منشر
لعبيتلك جيابك ولعباب
يروى أن شخصاً أحب فتاة ولكن والدها رفض تزويجها منه، رغم أنّه عرض عليه مالاً كثيراً، فشكى إلى حبيبته بهذا البيت ـ
يا طولك طول عود الحور لا مال ـــ وخصرك لا ملا الكفين لا مال
وبوكي ما قبل فضه ولا مال ـــ وكيف الراي عندك والجواب
فردت عليه البيت التالي ـ
بدالي في محبتكم بدالي ـــ يا عود الند يسقيكوا بدالي
هات أختك الى خويي بدالي ـــ وهذا الراي عندي والجواب
وكثيرا ما كان يبدأ بيت العتابا بعبارة ـ صاح محمد العابد ـ فمن هو محمد العابد، وما هي حكايته.
يروى أن شخصاً إسمه محمد العابد من قرية البعنة قضاء عكا، كان يحب فتاة من قريته، إسمها عتابا، ويقال سمي هذا النّوع من الشعر الغنائي بالعتابا على إسمها. وكانت عتاباً تقول الشّعر كذلك، وكان حبهما عذرياً كأي حب بين فتى وفتاة في القرى. وذات يوم ذهبت مجموعة من بنات القرية إلى صائغ في قرية مجاورة قيل أنّه كان يصنع الخلخال الواحد في غضون دقائق، وكان مشهوراً بدقة صنعه وجمال الخلاخيل الّتي يصنعها. وكانت عتابا من ضمن هذه المجموعة، وكان محمد العابد يعلم بذلك. ولكن الصائغ بهت بجمال عتابا فنوى لها السوء، فأخرها عن بقية زميلاتها، وتباطأ في صنع خلخالها بحجة أنه يريد إتقانه أكثر من سواه، ولكنه كان يصنعه تارة أصغر مما هو مطلوب فيعيد صناعته فيخرج أكبر مما هو مطلوب، وهكذا، الأمر الّذي جعل الفتيات يتركنها ويعدن إلى القرية بسبب تأخر الوقت. فوقفت عتابا في الشارع تبكي لأنّها فهمت قصد الصائغ ونيته السيئة الّذي دعاها كي تبيت عنده في البيت، والصباح رباح، ولكنها رفضت بإباء كعادة القرويات. وعندما وصلت الفتيات القرية، لم ير محمد العابد، الّذي كان يراقب عودتهن، لم ير عتابا بينهن، فانطلق إلى بلد الصائغ فوجدها تبكي في الطريق، وما زال الصائغ يحاول إقناعها بدخول بيته، فاستل سيفه وهم بقطع رأسه. لكن عتابا منعته بحجة أنّه لا ضرورة لارتكاب جريمة، ربما تؤدي إلى فضيحة لم تحصل، أو على الأقل سوف تؤدي إلى فضح سر حبهما الّذي لم يكن يعلم به أحد سواهما. اقتنع برأيها، ولكنّه أجبر الصائغ على صنع خلخال بسرعة وإلا، ثم أردف محمد العابد عتابا وراءه على فرسه، وعاد بها إلى القرية، وأنزلها، طبعا، قبل دخوله القرية كيلا يراهما أحد. وكانا قد اتفقا على أن يرمي لها قميصه من فوق سور البيت في الليل وذلك لتغسله في اليوم التالي على العين. أخذت قميصه مع غسيل أسرتها إلى العين في اليوم التالي، ولم يكن هناك أحد. خلعت ثيابها تماما وقبلت قميص محمد العابد، ثم لبسته. وفي تلك اللحظة سمعت صوتا يقول ـ
بدالي من جمالك ما بدالي ـــ يا عود الحور خيم علآلي
مسعد يا قميصي يا لكنت بدالي ـــ على جسم نظيف وشعر ماب
فأدركت صوته وعرفته، فأنكرت عليه تسلله وراءها ومشاهدته لها عارية، وأقسمت ألا تكلمه بعد الآن وألا تطأ لهم دارا، وقالت البيت التالي ـ
جميله يا محمد العابد جميله ـــ علبس الثوب بتحملنا جميله
محرمه داركو ان عدنا نجيلا ـــ حتى يشيب النسر ويبيض الغراب
فخجل محمد العابد وندم على فعلته، وعاد أدراجه راكباً فرسه وهو حزين على هذه الغلطة الشنيعة. حاول بعد ذلك التقرّب منها ومصالحتها لكن عبثاً. كادت تنقضي سنة كاملة دون أن يحظى منها ولو بنظرة، فاضطر إلى أن يفضي بسره لأحد أصدقائه، فشار عليه ذلك الصّديق بأن يتظاهر بالمرض، ففعل، فزاره كل النّاس باستثناء عتابا، فمرض حقاً، وطال مرضه ولم تزره عتابا. فشار عليه صديقه أن يتظاهر بالموت ويترك وصية ألا يغسّله إلا صديقه هذا وليترك الباقي على هذا الصديق. ففعل، وغسّله صديقه، وكفّنه، ووضعه على التابوت الّذي كان عبارة عن سلم خشبي عادي يوضع عليه الميت ويغطى، ويحمله أربعة من أقاربه أو أولاده. سارت الجنازة في حارات القرية نحو المقبرة، وعندما اقتربت من بيت عتابا صاح صديق محمد العابد بأعلى صوته ـ الفاتحة على روح محمد العابد-ّ ، سمعت عتابا ذلك فطار صوابها، واندفعت نحو الجنازة وهي تنشد هذه الأبيات ـ
مضيت العمر أتحاور أنا وياك ـــ ما حدا يدري بمحبتنا أنا وياك
أنا تمنيت هلموته أنا وياك ـــ بقلب حفرة ونشبك العشرة سوا
يمن كنتو أيادي الخصم لاوين ـــ حبكو بالقلب فاتح لواوين
بالله يا حاملين النعش لا وين ـــ حطو النعش تنودع هلحباب
فقال صديق محمد العابد ـ يا ناس حرام عليكو، حطوا النّعش خلي عتابا تودعه ـ، فوضعوا النّعش على الأرض، وأبعد صديقه النّاس عنه كيلا تخجل عتابا وهي تودعه، وكشف لها عن وجهه، فقبّلته والدموع تنهمر من عينيها قائلة ـ سامحني يا محمد، سامحني ـ، فهب محمد العابد من نعشه وطوقها بذراعيه وقبّلها، فصاح صديقه ـ الله أكبر، الميت طاب ـ فكرر أهل القرية نفس الكلام وهم مصدقون لما شاهدوا. وعندئذ قرر أهل محمد العابد وأهل عتابا تزويجهما، وعادت الجنازة بزفّة فرح وعرس.
أما الميجانا فكانت تقال تمهيدا لبيت العتابا، ومن الأمثلة على الميجانا ـ
يا ميجنا ويا ميجنا ويا ميجنا ـــ حيوا الزمان اللي جمعنا ولمنا
يا ميجنا ويا ميجنا ويا ميجنا ـــ عشب القرنفل يا ربيع بلادنا
ويؤلف على هذا النمط كلام كثير ومتنوع، تماما مثل أغاني على دلعونا، فعلى سبيل المثال ـ
يا طير يا طاير، يا طير يا طاير ـــ السمره والبيضه صاروا ضراير
بلبق للسمره لبس الأساور ـــ وبلبق للبيضة كحل العيونا
على دلعونا على دلعونا ـــ السمر بيجرحو البيض يداوونا
على دلعونا على دلعونا ـــ لرحل وجاور سود لعيونا
على دلعونا على دلعونا ـــ بي بي الغربة الوطن حنونا
على دلعونا على دلعونا ـــ الهوا الشمالي غير اللونا
الهوا الشمالي غيرلي حالي ـــ بدي حبيبي أسمر اللونا
ب ـ ليلـــــــــــة الحنـّـــــــــــــاء
ليلة الحنّاء هي آخر ليلة من ليالي التعاليل السبعة، وفي تلك الليلة يقوم الشباب من أقارب العريس وأصدقائه بطلي إحدى يدي العريس وأيديهم بالحنّاء ويرسمون أشكالا متنوعة على كفه وظاهر يده وأصابع يديه، ثم يلفون الأيدي بخرق من القماش حتى الصباح. والأمر نفسه يتم فيما يتعلق بالعروس وصديقاتها وقريباتها، ولكن النّساء يحنين القدمين إضافة إلى اليدين والشعر. وتترافق عملية الحناء بأغاني ورقصات ودبكات. ومن الأمثلة على أغاني الحنّاء
حنوا العرايس ولا حنولي دياتي ـــ يا محلا النومة بحضين البنيات
حنوا العرايس ولا حنولي صابيعي ـــ يا محلا النومة بحضين المرابيع
خيتنا يا فلانة لا تبكي وتبكيني ـــ نزلت دموعك على خدك حرقتيني
يا لمي يا لمي ـــ حشي لي المخداتي
وطلعت من الدار ـــ ما ودعت خياتي
يا لمي يا لمي ـــ هدبي لي المناديلي
وطلعت من الدار ـــ ما ودعت جيلي
ج ـ تغسـيــــــــــل العريـــــــــس والعــــــــروس
ينام أقرباء العريس وأصدقاؤه معه ليلة الحنّاء، وكذلك قريبات العروس وصديقاتها، وكثيرا ما يسهرون حتّى الصّباح. وفي اليوم التّالي لليلة الحنّاء، يقوم أحد الأصدقاء بدعوة العريس كي يستحم عنده. فيسخن الماء ويهيء الحلاق، ويحضر الصابون والليفة الجديدة، ويجهز الملابس الجديدة وهي عقال سنارة، شورة شاش بوال سويسري، ثياب داخلية، لباس أو سروال نيشان أبيض، كلسات حرير، كندرة بوكس، قمباز روزة، صاكو، عباءة خيشية رقيقة وشفافة. ثم يقوم الشباب بتغسيل العريس بعد أن يكون الحلّاق قد قام بواجبه على أكمل وجه، وسط الأغاني والدبكة والسحجة. ويكون بعض الشباب قد استحم كذلك مع العريس. ثم يلبِسون العريس ثيابه ويعطرونه. وكان الشباب أحيانا كثيرة يقومون بتغسيل العريس في مغارة العريس ثم يلبسونه ثياب العرس. أما العروس فغالباً ما يدعوها أحد أخوالها أو الخال الأكبر، وإذا لم يكن لها خال فيدعوها شيخ الحمولة، كي تستحم عنده وتصمد إلى أن يأتي أهل العريس لأخذها إلى بيت الزوجيّة، وتقوم الصبايا من قريبات العروس وصديقاتها بإزالة الشعر عن جسمها تماما ويستخدمن في ذلك ما يسمونه العقيدة، وهي من الماء المغلي مع السكر والليمون. وتتم عملية تغسيل العروس مصاحبة بالأغاني والدبكة والسحجة، وتقوم كذلك بعض صديقاتها بالإستحمام مع العروس، ثم يلبسنها ثيابها الجديدة وهي شنته أو ثوب داخلي، شنتيان، فستيان، منتيان، حطة حرير أو شال حرير، عرجة ذهبية على الرأس، كندرة، إضافة إلى الأساور والخواتم والخلاخيل. وفيما يلي بعض النماذج من الأغاني الّتي ترددها الصبايا أثناء تغسيل العروس وبعضها يغنى للعريس أيضا ـ
ومبيرحه يا رويد كنت أنا ونتي ـــ والفلفك بحضيني وانتحب وابكي
ومبيرحه يا رويد كنا بالمحطب ـــ واحدثنك حديث الشيخ للمنصب
ومبيرحه يا رويد كنا بالحارة ـــ واسمع عنينك مع العصفور طيارة
يالهلي، يالهلي لا يبري لكو ذمة ـــ شو الله عماكو عن ابن الخال والعمي
يالهلي، يالهلي لا يجبر لكو خاطر ـــ شو هاللي عماكو عن ابن العم هالشاطر
وأغنية رويد هذه هي من الأغاني الشعبية التي ما زالت تغنى في دولة الإمارات العربية المتحدة.
بالهنا بم الهنا يا هانيه ـــ ولتوت عيني على الفيصلية
ولتوت عيني عفلان بالاول ـــ راعي هلوجه السموحي لمدور
قلتلو يا فلان يا ابن الكرام ـــ عيرني سيفك ليوم لكوان
سيفي محلوفن عاليه ما باعيره ـــ جاني مسقط من بيلاد الياماني
ودوا ورا ولاد عمو ييجولو ـــ بالطبول وبالزمور يلعبولو
ودوا ورا ولاد عمو ييجولو ـــ وبلخيول لمبرشمه يطاردولو
يا رايحه لم العريس قوليلها ـــ عريسنا خش الحمام عريان
وديتلو ميتين بدله مصفطة ـــ يلبس ويلبس جملة الشبان
يا رايحة لم العريس قوليلها ـــ عريسنا خش الحمام جوعان
وديتلو ميتين وزه محمرة ـــ يوكل ويطعم جملة الشبان
عصفوري الزقزقاني ـــ يا غريب البلاداني
عصفوري يومن لاقيتو ـــ بهدب عيني رميتو
راح الخبر لهل بيتو ـــ يبكوا على الزقزقاني
يا ممشطة مشطيها ـــ وشويشة لا توجعيها
ريت الوجع لدياتك ـــ والحب تطلع سليمة
غسلوا الغالي ـــ بالرواق العالي
عدوة إمو تصيح ـــ وتقول يا ناري
يا طالعة من عتبة البستان ـــ وقفوا للعريس مهرتو، تعبان
وقولو لبيو تايمد بسفرتو ـــ يا سفرتو ما مدها سلطان
ابن العم يا خايب يا نايب
بنات العم أخذوهن غرايب
ابن العم لا توخذ غريبة
ردايدنا ولا القمح الصليبي
فطومة وين بتصيح ـــ تحت المطر والريح
خذيلك شب مليح ـــ لا تموتي محرومة
فطومة يا هلالي ـــ يا مزنرة بشالي
لحقوكي الخياله ـــ ما بين الكروما
فطومة فطمتني ـــ عن إمي سلبتني
يا شراب التتني ـــ عبيلي غليونا
طلبت منا ذراع الفل ـــ منين نجيب ذراع الفل
وان رحتي عالمستر دل ـــ الحبي غير تأديها
طلبت منا ذراع الشيت ـــ منين نجيب ذراع الشيت
وان رحتي عالمستر رايت ـــ الحبي غير تأديها
وبعد انتهاء الحمام، يؤخذ كل من العريس والعروس إلى مكان صمدته وسط الأغاني والأهازيج، ومن الأمثلة على هذه الأغاني ما يلي ـ
هاتونا هلعريس تنشوف حلاتو ـــ تنشوف بياض خدو وزرق شاماتو
عددوا المهرة وشدو عليها ـــ تييجي فلان وييركب عليها
عددوا المهرة وهاتو شرواله ـــ واصمدوا العريس بحارة خوالو
عددوا المهرة وهاتو المهفة ـــ واصمدوا العريس بسدر المصفة
عددوا المهرة وهاتو البارود ـــ واصمدوا العريس بسدر لعقوده
عددوا المهرة وهاتو عباتو ـــ واصمدوا العريس بحارة خلاته
مسعاد يا هلعريس فرحو خاواته ـــ وفرحوا بنات عمو، وفرحو رفقاته
د ـ الـــزفـّـــــــــــــــــــه
بعد إنجاز عملية الحمام لكل من العريس والعروس، تبدأ عملية زف العريس إلى المكان المخصص لذلك، وأشهر مكانين لزفة العريس هما راس الزيتون في حارة الشهايبة والشمبشية في حارة العطوات، أما العروس فتصمد في بيت خالها الأكبر. وتكون الزفّة إما مشياً، وإما أن يكون العريس ممتطيا صهوة فرس إلى أن يصل إلى مكان الصمدة. أما العروس فلا بد أن تركب حصاناً، وخصوصا أثناء إحضارها من حيث هي مصمودة إلى بيت العريس، وتلبس عباءة وترفع يدها اليمنى وفيها قطعة عجين لتقوم بإلصاقها على باب بيت العريس قبل دخوله حيث يتفاءل النّاس بذلك. كما أنه لا يمكن أن يسير موكب العروس قبل موافقة خالها الكبير الّذي لا بد من أن تخلع عليه عباءة، وربما مبلغا من المال يسمى خلعة الخال. أما إذا كانت العروس من حمولة ثانية أو من قرية ثانية فيدفع والد العريس خلعة أخرى لشيخ الحمولة أو شيخ تلك القرية، ويدفع كذلك خلعة ثالثة لشباب الحمولة أو شباب القرية. وهذه الخلعة خصوصاً إذا كانت مالا فإنها تعاد إلى العروس على هيئة نقوط، مضافاً إليها ما يقدر عليه أهل العروس وأقاربها. ثم يقوم الخال الأكبر بإركاب العروس على الحصان، ويرافقها إخوتها وأعمامها، دلالة على رضاهم وعلى افتخارهم بابنتهم. ثم تسير النّسوة خلفها ينشدن ويزغردن إلى أن يصل الموكب إلى بيت العريس حيث تكون قد أعدت لها مرتبة عالية لتصمد عليها، وتعقد الدبكة النّسائية أمامها على مصطبة البيت أو في قاع الدار إلى أن يؤتى بالعريس. أما العريس فيصمد في المصفة أو تحت شجرة زيتون كبيرة، وتعقد أمامه الدبكات وسباق الخيل وتذبح الذبائح للضيوف وللنّاس كافة وتقدّم المناسف، وتقام حفلات السحجة في النهار، وفي الليل على ضوء اللوكسات، حيث يسهم فيها شعراء زجالون ويتبارى اثنان منهم في حلقة السحجة حيث يكون الرّجال قد اصطفوا جنباً إلى جنب يصفقون حسب نغمة الغناء ولازمته الشعرية التي يرددونها مع السحجة مثل يا حلالي يا مالي، دحي يوبه دحي يوب، مفتي العرب مفتي العرب، أو يرددون آخر الشطرة من البيت الشعري أو الزجلي. ويطرح الشاعران موضوعا يتحاوران فيه، ويحتد الحوار أحياناً حتّى ليخال للمرء أنّهما سوف يتقاتلان ويستلان السيوف على بعضهما. ولكن ما هي إلّا إثارة وتشويقاً ينتهي بالمصالحة طبعاً، لأنّه لم يكن هناك خصام أصلاً، وبالعناق والهتاف من قبل الجمهور والتصفيق والفرح والزغاريد. ومن أبرز الشعراء الزجالين في لواء الجليل هم مصطفى الحطيني وأخوه محمد الحطيني من قرية حطين، وهما من بيت بدوي في حطين، وفرحات سلام من قرية المجيدل وتوفيق الريناوي من قرية الرينة، وقريتي الرينة والمجيدل هما من قضاء الناصرة.
هـ ـ ليلــــــــــــة الدخلـــــــــــــــة
في ختام يوم الزفاف، وبعد انقضاء جزء كبير من اللّيل يزفّ العريس إلى بيته حيث تكون العروس قد أحضرت إليه وصمدت على المرتبة المخصصة لها. وكان يزف العريس إلى عروسه راكبا فرساً، والرجال من ورائه يهزجون ويغنون، ولدى وصوله إلى البيت يقوم رفاقه بإنزاله عن الفرس، فيسارع بالإفلات منهم هاربا داخل البيت ليتلافى لسعات الخيزرانات. ولدى دخول العريس إلى بيته وسط الزغاريد والأغاني، تقف له العروس ترحيباً وعلى وجهها خمار أبيض اللًون شفاف، فيقوم العريس برفع الحجاب عن وجه العروس ويجلس بجانبها فترة قصيرة، ثم تنزل العروس عن عرشها، فتحيط بها الصبايا ويحملنها شمعتين مضاءتين، ويرقصنها رقصة هادئة تميل بالشمعتين يمينا ويسارا، ويقال لهذه الرقصة تجلاية العروس. ثم تعود إلى مكان صمدتها بجانب العريس، وينصرف الغرباء ويظل الأقارب المقربون. وكثيراً ما كان الشباب يحشرون أخ العريس الّذي ما زال أعزبا ويغنون له ـ
يا فلان وين المبات ـــ ما إلك غير خم الجاجات
فيهرب منهم خارج البيت. وأخيراً ينفض الجميع تاركين العروسين لحياتهما الجديدة، إلّا أنّ بعضاً من أهل العروسين، وخصوصاً أم العريس تظل ساهرة بانتظار ابنها ليخرج ويطلق طلقة من مسدسه في الهواء، أو عدة طلقات، إشارة إلى أنه دخل في زوجته العذراء، فتطلق الأم الزغاريد ابتهاجاً بإبنها وبطهارة كنتها. وفي صبيحة اليوم التالي تأتي أم العروس بالطعام الشهي والدسم للعروسين. ثم تتوالى بعد ذلك التهاني من الأقارب والأصدقاء وأهل القرية، وأولئك الّذين لم يتمكنوا من أهل القرى الأخرى حضور الزفاف لسبب من الأسباب.
أمّا إذا كانت العروس من قرية ثانية، يذهب أهل قرية العريس بفاردة لإحضار العروس من قريتها إلى قريتهم. وتتألف الفاردة من مشاة وخياله، وجمال محملة بالهدايا. ويكون أحد الجمال قد أعدّ للعروس، فيوضع على ظهره هودج، تركب العروس فيه ويسر أمامها الخيالة، وخلفها المشاة إلى أن يصلوا إلى قرية عريسها مصحوبة بالأغاني والأهازيج والزغاريد. وفيما يلي أمثلة من الأغاني التي كانت تردد يوم الزفاف وليلة الدخلة.
عنــــــــد حمــــــــل المناســــــــــف لــوضــعــهــــــا أمـــــام النــــاس ـ
يا عيال اهلنا يا حمول الخيلي ـــ جرو المناسف وانهضوا بالحيلي
يا عيال اهلنا شرقت عصرية ـــ حمر الكفافي والعقل ملوية
يا عيال اهلنا وارفعوا لعناق ـــ جرو المناسف وفردو لطباق
رزك يا بو فلان طلع دفاقي ـــ ورز العدا حمظ ولا ينذاقي
رزك يا بو فلان طلع بصحونه ـــ ورز العدا حمظ ولا ذاقونه
عنـــــد وصـــــول الفتيــــــات لأخـــــذ العـــــروس إلــــــى بيــــــت عريسهــــــــا ـ
قومي اركبي هالله، هالله ـــ شعرك هلشقر ولمدلى
قومي اركبي يا غزالة ـــ واهلك ملات العلالي
قومي اركبي يا غوية ـــ واهلك ملات العليه
قومي اركبي لا تخافي ـــ واهلك ملات المضافة
قومي البسي عقد اللولو ـــ هلعريس حلو ويسلم لي طوله
قومي اركبي يا فلانة ـــ قومي تمامك بس
شعرك رطايب سعد ـــ مرمي عجنب البص
قومي اركبي يا فلانة ـــ قومي تمامك عاد
شعرك رطايب سعد ـــ مرمي عجنب الواد
وقع مشطك بالعطر يا ام الحلق ـــ رضي بيك ولا نزيده ورق
وقع مشطك بالعطر يا مزيونة ـــ رضي خالك ولا نزيده شلونه
وقع مشطك بالعطر يا خياطة ـــ رضي بيك ولا نزيده فراطة
وقع مشطك بالعطر يا فلاحة ـــ رضي بيك ولا نزيده فلاحة
هلك يا بنية نازلين بجوره ـــ كبر الصهاوي عاقدين الشوره
هلك يا بنية كلهن فهوده ـــ حتى الطفل منهم شاكل بروده
يا بي فلان كثر الترحيبي ـــ وغرب البلاد وممشانا بعيدي
يا بي فلان كن علينا راظي ـــ وان كنك زعلان تخظعلك الجوادي
يا بي فلان عشينا ومشينا ـــ واركب جوادك ولهلنا ودينا
عنـــــــــــد وصــــــــول العــــــــروس إلـــــــــى بيــــــــــت عريســـــــــــهـاـ
ابشر يا فلان وطلت حمامتك ـــ طلت بنت عمك وطلت حليلتك
دوسـي عالفرشة دوســي ـــ يا مباركة يا عروسه
دوســي عالفرشة بقميصك ـــ يا مباركة ععريسك
دوسي عالفرشة من يمك ـــ يا مباركة عبن عمك
دوسي عالفرشة من حالك ـــ يا مباركة على عيالك
دوسي عالفرشة بخلخالك ـــ يا مباركة يا مباركة عبن خالك
مباركة يا عروس علعم والعمه ـــ وتبكري بالصبي وتكثري الأمة
مباركة يا عروس علجار ولجاره ـــ وتبكري بالصبي وتملي هالحاره
مباركة يا عروس عالسلف والسلفه ـــ وتبكري بالصبي وتكثري الخلفه
حوطتك بالله وجندتك بالسيف
قال العريس أهلا وسهلا بهالظيف
ظيف يعللني ما طال الشتا والصيف
مـــــن أغـــانــــــــــــي زفـــــــــــــــة العريــــــــــس ـ للنّســــــاء ـ
شوشي وروشي يا فرس
وشويش لتدبينو يا فرس
وفلان غالي عامو يا فرس
وغالي عخواتو يا فرس
وبحلفوا بحياتو يا فرس
والله ان دبيتينو يا فرس
البيت ما تفوتينو يا فرس
والعلف ما تذوقينو يا فرس
باب المدينة عاليه ـــ وشباكها بايديي
خلو قلبي يفرح ـــ قد ما بكت عينيي
باب المدينة عاليه ـــ وشباكها بالخنصر
خلو قلبي يفرح ـــ قد ما بكى وتحسر
مـــــــــــن أغانــــــــي الفـــــــاردة
يا شيخنا يا شيخنا ـــ شيخ المشايخ شيخنا
يا شيخنا يا بو فلان ـــ وادعيلنا بشورك نسير
شيخ المشايخ شيخنا ـــ بالسيف نوخذ حقنا
كل ما يعادينا نحاربو ـــ بالسيف نقطع شاربو
ذلو ذلو يا كفار ـــ تتمرق بنت لكبار
ذلو ذلو من هالحاره ـــ تتمرق بنت الأمارة
مـــــــــن أغانــــــــي الزفــــــــة ـ للرجال ـ
عريسنا عنتر عبس ـــ زين الشباب عريسنا
عريسنا عنتر عبس ـــ عروستو ظو القمر
واحنا نوينا عالسفر ـــ وبخاطرك يا بلادنا
يا شمس غيبي من السما ـــ عالأرض في عنا عريس
باب المدينة مسكرة ـــ مفتاحها ذكر النبي
الحـدايـــــــه، الزجـــــــل والشعـــــــر ـ يبدأ الشاعر الزجال مفتتحا السهرة بقوله،
بديت باسم الله العزيز الواحد العلام ـــ اللي خلقنا ونشانا ويعلم عددنا بالتمام
يرد المصطفون مع السحجة
واحد أحد فرد صمد ـــ لم يلد ولا إلو غلام
أو يقول من باب الفكاهة
جيت آحاديكو وسليكو من المسا لطلوع الميزان
يا طير يلي اسمك حجل يرفرف بروس الجنحان
بتقاقي بروس لجبال وبتبيض بقاع الوديان
وطبعا كانت تطرق مواضيع مختلفة منها الغزليّة ومنها في الحكمة، ومنها حول حياة الفلّاح من فلاحة وزراعة، ومنها فكاهي، ومنها وطني. فيما يلي بعض الّنماذج من الحدادي الوطنية للشّاعر الكبير فرحات سلام ـ
في لوبية يا ما استشهدت شبان ـــ بصمودها طردت أعاديها
ولولا ال **** بالجليل خان ـــ ما راحت الناصرة وراحت ذراريها
باسم الإله الواحد الرحمن ـــ من ذكر هذا الإسم خر الشياطينا
رب كريم يفرج كربة الإنسان ـــ عسرا ويسرا مهما شاء يعطينا
يا غرب نحن عرب من نسل قحطان ـــ تاريخنا يعلمك أحوال ماضينا
نطرب لصوت الموازر في رحى الميدان ـــ كصوت فاطر شاعر بسلينا
إن كان بلفور يجهل قيمة الأوطان ـــ نحن بأرواحنا نفدي أراضينا
نبيع أرواحنا بأبخس الأثمان ـــ حقا على الله ينصر المؤمنينا
يا مسجد الأقصى افرح لا تكن حزنان ـــ لبيك لبيك هذا الزمان نادينا
حولك تلاقي بواسل بالحرب شجعان ـــ نسقي إلى الأعداء زقوما وغسلينا
كنيسة المهد من كان بيك طمعان ـــ حولك تلاقي النصارى والمسلمينا
يا صخرة القدس كوني في رضا ـــ إن هجرناكي فللرحمن إشكينا
نفديك بالروح والأموال والولدان ـــ في جنة الخلد نلقاك وتلقينا
الاحتجاجات لا تنفع مع الطرشان ـــ سوى الموزر ما يحمي ذرارينا
اليوم يظهر الصاحي من السكران ـــ وروح خالد على اليرموك تنادينا
يا فلسطين لا تحزني يا زهرة البلدان ـــ نحن فداك جميعا يا فلسطينا
مفتينا يا حامي الحمى ـــ بالصدق تفهم بالوما
صاحت ملائكة السما ـــ مفتي العرب مفتي العرب
هالمفتي طالت غيبتو ـــ يا رب تكرم شيبتو
جاب الطلب في جيبتو ـــ مفتي العرب مفتي العرب
ليس الغمار بمدفع ـــ لكن بقلبي الأصمعي
قرب إلينا يرجع ـــ مفتي العرب مفتي العرب
وهكذا يقال الكثير، ويردد المصطفون بالسحجة مع التصفيق المنسجم مع النغمة اللازمة الأخيرة في كل فقرة ـ
ويزمن قال للحاج أمين ـــ خذلك أربع ملايين
المفتي جاوب لو بتموت ـــ ما بتتملك فلسطين
فكرك تبني فيها بيوت ـــ إحنا فيها موجودين
ويزمن قالو يا حجي ـــ من جنابك مترجي
أرجو تمضي هلحجة ـــ منكون منك ممنونين
قالو الحجي يا دكتور ـــ وبمالك لا تكن مغرور
عندي رجال زي النمور ـــ بتحمي منك فلسطين
سيبك من وعد بلفور ـــ وعيشو معنا ذميين
قالو يا حجي عندك رجال ـــ وعنا مال واحتيال
لمحافظين والعمال ـــ صارو معنا متحدين
قالو الحجي يا موعود ـــ تقسيم الوطن مردود
ملوك العرب هالأسود ـــ بهالتقسيم مش رضيانين
وعندما شعر الشعــــب أن هناك بوادر تخاذل من الحكـــام العرب، صار الزجالـــون ينددون بذلك في الأعراس، ومثال ذلك ـ
انتبه يا شعب وفيق ـــ وتذكر أيام الضيق
صديق ما ينفع في الضيق ـــ عدو مع العدواني
تنبه يا شعبي الغفول ـــ عوطانك إنت مسؤول
ودم جدك فيها مجبول ـــ ومنها أسرى العدناني
تنبه يا شعب وفز ـــ وتذكر أيام العز
الطفل اللي يرضع علبز ـــ ما بقبل شريك ثاني
العصفور بحافظ على عشو ـــ من خوفو حد يوخذ قشو
استيقظوا لا تنغشو ـــ أموات ناقصكو كفاني
يا خائنين الوطن يا أيها الفجار ـــ هل غاب عنكم ماذا في فلسطينا
توبو إلى الله توبة الفجار ـــ قولا وفعلا وصدقا في براهينا
هلا نسيتم ضحايا تاركين صغار ـــ بصيحوا الوحى من ذا يربينا
يا ديرتي مالك علينا لوم ـــ لا تعتبي لومك على الجيران
يا ديرتي مالك علينا لوم ـــ نحن من أجلك ما عرفنا النوم
يا ديرتي مالك علينا لوم ـــ لا تعتبي لومك على من خان
للعرب والإسلام صيحي اليوم ـــ يظهر لك الصاحي من السكران
يظهر لك من ينجدك بالحـال ـــ ويضحي بالأرواح والأموال
ما أفضل الأقوال على الأعمال ـــ والقول من غير العقل نقصان
والقول من غير العقل مذموم ـــ كثر الأسف شو بنفع المظلوم
لو بالكلام يصح هالمسـقوم ـــ كان الجمل ما يلزمو قطران
كان الألم ما يلزمو دكتور ـــ يبرز لهذا العالم المعمور
والبنسلين اللي غدا مشهور ـــ لولاه شو بتألم الإنسان
من هيك بدها فلسطين علاج ـــ من بنسلين العرب هالوهاج
والمسجد الأقصى غدا محتاج ـــ أسرع دوا من سائر الأركان
أسرع دوا كون المرض معضال ـــ لا يقبل التأخير والإمهال
والمهد يشكي والدمع سيال ـــ من عين مريم يا بني غسان
يهدر الدمع من مريم العذراء ـــ من صوت عيسى اهتزت الأركان
خوفا على مهدو من الأعداء ـــ والغرب فيه تهودو الصلبان
وقد قيلت هذه القصيدة كذلك أمام مجلس الجامعة العربيّة، عندما كان عبد الرحمن عزام باشا أمينا عاما لها، وهي من تأليف الشاعر فرحات سلام.
المرأة في القرية
أما المرأة فكانت تقضي النّهار كلّه منذ الفجر حتّى إلى ما بعد العشاء في العمل؛ كانت تصحو مع الفجر لتحلب البقر والغنم والماعز، وتغلي الحليب وتروب ما يبقى منه بعد استهلاك الأسرة اليومي، ثم تقوم بخبز العجين في الطابون، ويقوم الأطفال بتسريح الدواب، أي إرسالها إلى المراح حيث تتجمع دواب الحمولة، ثم يسوقها الرّاعي إلى المراعي ليعود بها عند الغروب، فتقوم صغار الدواب باستقبال أمهاتها راكضة كل منها يبحث عن أمه بين القطيع العائد من المرعى تصدر أصواتا كأنّها نداءات وترحيب، تهز بأذيالها طرباً؛ ولدى التقاء الأمهات مع صغارها يهرع الصغير إلى ضرع أمه يهز ذنبه في حين تقوم الأم بلحس صغيرها وكأنّها تقبّله؛ ثم تأتي النّسوة فيحلبن ما يفيض عن حاجة الصغار، وهكذا فإن عملية الحلب هذه تتم مرتين في اليوم؛ وبعد إنجاز عملية الخبز في الصباح وإعداد زوادة الحراثين أو الحصادين والغمارات وبقية العمّال، تذهب المرأة إلى البئر لإحضار الماء، وكان لكل أسرة بئر خاصة بها؛ وكانت بعض النّسوة تعمل مع الحصادين في جمع ما يحصدون في أكوام يسمى الواحد منها غمار، ولهذا يطلق على هؤلاء النّسوة غمّار، وبقية النّسوة يتابعن عملهن في البيت من تكنيس وتنظيف، وخض الحليب لاستخراج الزبدة، وعمل السمن من الزبدة، وعمل لبن الكيس من الشنينة، والشنينة هي المادة المتبقية من الحليب بعد استخراج الزبدة منه؛ وتستخدم الشنينة شراباً للحراثين والحصادين خصوصا لما لها من فوائد جمّة أهمها أنّها تحمي الحصادين والعمّال من ضربة الشّمس، وتهدئ الأعصاب؛ وتقوم النّسوة كذلك بعمليات السليقة وإعداد البرغل والسميدة الناعمة وإعداد الطعام وغير ذلك؛ فالمرأة كالنحلة لا تتوقف عن العمل منذ الفجر حتّى يسدل الليل بستائره على الدنيا؛ كانت المرأة اللوبانية كغيرها من نساء القرى الفلسطينيّة والعربيّة عموما تعمل جنبا إلى جنب مع الّرجل في الحقل والبيدر دون حرج أو أي مساس بالأخلاق؛ بل كانت الشهامة والشرف والسمعة الطيبة هي عنوان المرأة والرّجل على حد سواء، فمعظم الناس أقارب أو أنسباء كل منهم يحافظ على سمعته وسمعة غيره
أهالي القرية اليوم
بعد أن سقطت القرية بيد العصابات الصهيونية لجأ بعض كبار السن إلى كهف قريب من القرية، ولم يُعرف شيء عن مصيرهم بعد ذلك، أما بالنسبة للرّجال ونساء وأطفال القرية فقد لجؤوا قبل سقوط القرية بعدة أيام إلى قريتي نمرين وعليبون المجاورتين، وعند سقوط القريتن اتجه أبناء تلك القرى وأبناء قرية لوبية نحو الحدود اللبنانية أملاً بالعودة القريبة إلى قراهم، ووصلوا إلى مخيمات اللجوء في لبنان وسورية الّتي يقميون بها حتى اليوم أملاً بالعودة إلى أواطانهم.
الباحث والمراجع
إعداد: رشا السهلي، استناداً للمراجع التالية:
- "بلادنا فلسطين الجزء السادس-القسم الثاني"، مصطفى الدباغ، دار الهدى: كفر قرع، ط1991، ص: 424- 425- 426.
- "المواقع الجغرافية في فلسطين الأسماء العربية والتسميات العبرية"، شكري عراف، مؤسسة الدراسات الفلسطينية: بيروت، 2004، ص: 498- 499.
- أنيس صايغ. (1968). "بلدانية فلسطين المحتلة 1948-1967". بيروت: منظمة التحرير الفلسطينية- مركز الأبحاث، ص:272.
- وليد الخالدي، كي لاننسى قرى فلسطين التي دمرتها اسرائيل عام 1948 وأسماء شهدائها، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، 1997، ص: 413- 414.
- جميل عرفات، "من قرانا المُهَجّرة في الجليل- الجزء الأول"، 1999، ص: 76-77- 78- 79- 80- 81- 82-83- 84- 85- 86- 87- 88- 89- 90- 91- 92.
- Reoprt and general abstracts of the census of 1922". Compiled by J.B. Barron.O.B.E, M.C.P:42
- أ.ملز B.A.O.B.B. "إحصاء نفوس فلسطين لسنة 1931". (1932). القدس: مطبعتي دير الروم كولدبرك. ص: 83.
- "Village statistics1945". وثيقة رسمية بريطانية. 1945. ص:12.
- لوبيا- قضاء طبريا، المركز العربي للتخطيط البديل.
- "لوبيا قضاء طبريا"، فلسطين في الذاكرة.
- "لوبيا (قرية)"، الموسوعة الفلسطينية.
- "قرية لوبيا قضاء طبريا"، فلسطين في الذاكرة.
- "لوبيا قضاء طبريا"، مؤسسة فلسطين للثقافة.