تفاصيل أخرى - بيت صفافا - قضاء القدس

تسليم جزء من القرية

      شارفت أيّام الحرب على النّهاية، وأفلحت القرية في صمودها، حتّى جاء ذلك الضابط الأردني الّذي ساق نبأ اتفاق الهدنة الّذي يقضي بتسليم أراضي القرية اعتبارا من سكة الحديد. كان المقاتلون السودانيون يومها قد بدؤوا بحزم أمتعتهم استعداداً للرحيل مع الجيش المصري، وكانت الأسلحة قد حُزمت في الصناديق. فلمّا جاء الخبر؛ وثارت ثائرة القائد السوداني أخرج الأسلحة وعاد المقاتلون إلى استحكاماتهم استعداداً لمعاودة القتال.

     لم يأت اليهود في اللّيلة الموعودة، فظن الشباب بأنّ اليهود لن يعودوا، وعاود متطوعو السودان الشقيق حزم أمتعتهم ورحلوا في الصباح. غير أنّ الأمر كان خدعة!، فقد انتظر اليهود رحيل المقاتلين السودانيين ليأتي "موشي ديان" قائد القوات الإسرائيليّة في المنطقة آنذاك، وبصحبته الجنرال "رايلي" مراقب الهدنة، وضابط أردني.  وهنا يذكر الناس أمراً هو أقرب للإشاعة ربّما؛ بأنّ موشي ديان كان قد قبّل أرض بيت صفافا عند دخوله إليها، كناية عن حصانتها طوال الفترة الماضية.

    تجمع أهالي القرية، فبدأ " ديان" الحديث بما معناه أنّ الاتفاق بتقسيم القرية قد تم مع الحكومة الأردنية، وأنّه قد جاء للاتفاق مع أهل البلدة بأن يمر سياج الهدنة من وسطها. واستمر في حديثه الدبلوماسي اللطيف وتزيين فكرة التقسيم، ووعد النّاس بفتح بوابة خاصة بين الجانبين حتّى لا ينقطع التواصل بين أهل البلد، لكنّه طلب منهم أن يحضروا إلى اجتماع في الساعة الرابعة عصراً حتّى يتم الاتفاق بشكل رسمي.

    وما إن اقترب موعد الاجتماع حتّى بدأت القوّات الإسرائيليّة بضرب القرية بالمدافع من كل اتجاه. فأيقن الأهالي حقيقة الأمر، وأن التقسيم حاصل وأن لا حول لهم ولا قوة، وفي صباح اليوم التّالي بدأ نصب الشريط عند الحدود المقررة.