معلومات عامة عن البيرة - قضاء رام الله
معلومات عامة عن قرية البيرة
بلدة البيرة حالياً من ضواحي مدينة رام الله، تقع على طريق رئيسي، وترتفع 850 عن سطح البحر، بنيت فوق مدينة بيرزيت الكنعانية بمعنى (آبار) وتبلغ مساحتها العمرانية 7200دونم ويدير شؤونها مجلس بلدي، وهي بلدة قديمة بتاريخها ومساحة أراضيها الكلية حوالي 22040 دونم، يزرع فيها الحبوب والأشجار المثمرة والزيتون بشكل خاص والعنب والتين .
بلغ عدد سكان البيرة عام 1922م حوالي 1429 نسمة، وفي عام 1945م 2920 نسمة، وبعد عدوان حزيران 1967م بلغ عدد سكانها حسب الإحصاء الصهيوني 13037 نسمة، ارتفع هذا العدد ليصل عام 1987م حوالي 22540 نسمة بما فيهم سكان مخيم الأمعري .
تضم البيرة ثلاث مدارس للبنين ابتدائية وإعدادية وثانوية ومدرستان للبنات لمختلف المراحل الدراسة .
ويتوفر في البيرة العيادات الطبية، والخدمات البريدية والهاتفية، وفي البلدة العديد من الجمعيات الخيرية كجمعية إنعاش الأسرة التي تشرف على العديد من النشاطات كروضة أطفال ومراكز للتدريب المهني ومركز لمحو الأمية ودور للأيتام،وغيرها.
وجمعية أصدقاء المجتمع الخيرية وتشرف على العديد من المراكز الخيرية، والجمعية الخيرية الإسلامية تشرف على مدارس الصم والبكم وعلى روضة أطفال، وجمعية حماية الأسرة والطفولة التي تقوم بنشاطات اجتماعية وثقافية وصحية .
الموقع والمساحة
البيرة مدينة فلسطينية، ومركز محافظة رام الله والبيرة. تقع في الضفة الغربية إلى الشمال من القدس بحوالي 15 كم. تبلغ مساحتها 22045 دونم (22.045 كم2)، كما يقدر عدد سكانها بحوالي 80000 نسمة، بينما يقدر عدد سكان المحافظة بحوالي 301,296 نسمة، وترتفع عن سطح البحر 885 متراً. تقع مستعمرة بسغوت على جبل الطويل إلى الجانب الشرقي من المدينة. يوجد في المدينة مكتبة عامة تحوي فيما يقارب الخمسين ألف كتاب. تحتل البيرة حاليا مركزا سياسيا يجعلها من أهم المدن الفلسطينية، إذ أنها تُعتبر العاصمة الإدارية المؤقتة للسلطة الوطنية الفلسطينية، وفيها مقر الرئاسة الفلسطينية (المقاطعة)، والمقر العام لجهاز الأمن الفلسطيني في الضفة الغربية، بالإضافة إلى معظم مكاتب ووزارات السلطة، كما تعتبر العاصمة الثقافية لوجود عدد من المراكز الثقافية الفلسطينية النشطة فيها.
تقع مدينة البيرة في سلسلة جبال فلسطين الوسطى وتبعد 16 كلم عن القدس باتجاه الشمال، تتمتع المدينة بمناخ معتدل جعلها مركزاً لجذب المصطافين، تتمتع مدينة البيرة، وهي من المدن القديمة والكبيرة في فلسطين بموقع استراتيجي هام على تقاطع الطرق، التجارية الرئيسية تقع مدينة البيـرة على الشريان الرئيسي الذي يربط شمال فلسطين بجنوبها فهي على الطريق الرئيسي الموصل بين مدينة نابلس والقدس على بعد تسعة أميال فقط من مدينة القدس الخالدة وهي الطريق الواصل بين الغور والسهل الساحلي الفلسطيني والطريق الجبلي الواصل بين الشمال فلسطين وجنوبها هذا بالإضافة إلى موقع المدينة الهام، يعود الفضل في استيطان البيرة إلى توفر المياه فيها من عيونها المختلفة، وخاصة عين البيرة المعروفة «بالعين»، الواقعة على طريق القدس- نابلس الرئيسي، لأهمية هذه العين بني أهل البيرة قربها خاناً ما زالت آثاره ماثلة للعيان حتى اليوم في البلدة القديمة وهو يعود للفترة الصليبية، وبنوا في الفترة الإسلامية المبكرة مسجدين بالقرب من الخان ما زالا مستخدمين حتى اليوم، يعرف الأول منهما باسم الجامع العمري، وهو الجامع الملاصق لكنيسة العائلة المقدسة وسط البلدة القديمة، وجامع العين الواقع على عين شارع القدس- نابلس بالقرب من مبنى البلدية الحالي لقد تغير مركز مدينة البيرة من عصر إلى آخر، ويبدو أن أقدم موقع استوطنة أهل البيرة هو منطقة الإرسال، ثم انتقل مركز المدينة بعد ذلك إلى تل النصبة، ثم إلى عين أم الشرايط، ثم إلى موقع البلدة القديمة الحالي، والآن توسعت حدود المدينة فشملت كل هذه المناطق هناك عدة بلدات تحمل اسم البيرة في فلسطين احداهما تقع شمالي بيسان، وأخرى في منطقة الخليل وثالثة قرب صفد، ورابعة في منطقة بئر السبع، ولكن بيرة القدس تبقى أهمها وأكبرها وأشهرها جميعا.ً يعتقد أن الاسم البيرة مشتق من الأصل الكنعاني (بيئرون) ويعني (الآبار) نسبة إلى العيون الكثيرة المنتشرة في المدينة وأهمها عين البيرة، والعيون الأخرى الكثيرة مثل عين القصعة وعين أم الشرايط، وعين جنان، وعين الملك وغيرها وربما كان الاسم من الأصل الآرامي (بيرتا) ويعني القلعة أو الحصن نسبة إلى تل النصبة الأثري.
سبب التسمية
أما عن تسمية البيرة؛ فقد كانت تدعى قديماً بتيروت، وأغلب الظن أن الذين بنوها هم الحيثيون قبل الميلاد في الفترة التي بنيت فيها أختها يبوس أي القدس القديمة، وكلمة بتيروت اسم البيرة القديم، وهي كلمة كنعانية ويقول مصطفى الدباغ: البيرة بلدة قديمة تعود بتاريخها إلى العرب الكنعانيين، وقد بنيت على موقع مدينة بتيروت عرفت في العهد الروماني باسم بيرة من أعمال القدس، ثم حرف إلى البيرة.
هناك عدة بلدات تحمل اسم البيرة في فلسطين إحداهما تقع شمالي بيسان، وأخرى في منطقة الخليل، وثالثة قرب صفد، ورابعة في منطقة بئر السبع، ولكن بيرة القدس تبقى أهمها وأكبرها وأشهرها جميعاً، يعتقد أن الاسم البيرة مشتق من الأصل الكنعاني (بيئرون) ويعني (الآبار) نسبة إلى العيون الكثيرة المنتشرة في المدينة وأهمها عين البيرة، والعيون الأخرى الكثيرة مثل: عين القصعة، وعين أم الشرايط، وعين جنان، وعين الملك وغيرها وربما كان الاسم من الأصل الآرامي (بيرتا) ويعني القلعة أو الحصن نسبة إلى تل النصبة الأثري.
الآثار
أبرز المعالم السياحية والتاريخية
البلدة القديمة:تقع على ارتفاع 860 متراً عن سطح البحر، وتقدر مساحتها بحوالي 175 دونماً، و تشتمل على آثار تعود إلى الأحقاب التاريخية التالية: العصر الإفرنجي والعصر الأيوبي والعصر العثماني، وقد حملت أسماء مختلفة مثل خربة رام الله و حي صلاة حنه، وتشمل البلدة القديمة على الآثار التالية:
البرج الإفرنجي:
يقع البرج في حارة الشقرة، الذي هدم مؤخراً لتداعي بنائه، وقد أجمع الدارسون أن وظيفة البناء الأساسية كانت الاستكشاف والمراقبة للأراضي الزراعية وتحذير المزارعين من العدو القادم.
المعصرة أو البد:
تعود إلى العصر الإفرنجي، وقد استخدمها راشد الحدادين ومن معه.
مقام إبراهيم الخليل:
يقع في وسط البلدة القديمة تحيط به الحارات من جميع الجهات، كان أهل رام الله يعتقدون أن إبراهيم الخليل هو حاميهم وحامي بلدتهم وأن رام الله لن تتعرض لأذى مادامت في جواره وحمايته وقد تأثرت عادات أهل البلدة تأثراً شديداً بالخليل.
المحكمة العثمانية:
عندما اعتبرت رام الله مركزاً لناحية سنة 1902م، قامت الحكومة العثمانية بتعيين مدير للناحية، وهو أحمد مراد من القدس، وقامت بفتح بعض المراكز التي تعتبرها رموزاً هامة للسلطة العثمانية، وهي مركز للشرطة، ومحكمة فيها حاكم صلح وقاضٍِ شرعي.
محط المدافع:
وجاءت التسمية نسبة إلى تلك المدافع التي قصفت منطقة رأس الطاحونة، وبقيت مصوبة عليها لعدة سنين. أما المدافع فهي تعود إلى إبراهيم باشا بن محمد علي باشا عندما دخل في 12/4/1834 إلى مدينة رام الله، ضمن حملة عسكرية كبيرة، فقد أراد أن يستعرض القوة أمام الباب العالي من جهة، والقوى الغربية من جهة ثانية، وأمام الشعوب العربية من جهة ثالثة.
خربة الطيرة (كفر غملا):
تقع إلى الغرب من البلدة القديمة لمدينة رام الله على بعد كيلو ونصف الكيلومتر، على رأس تلة منخفضة ترتفع 810م عن سطح البحر، وهي أراضي تتبع كنيسة الروم الأرثوذوكس في فلسطين، وتحتوي على بقايا كنيسة أرضها مرصوفة بالفسيفساء، وقواعد أعمدة وصهاريج منقورة في الصخر.
خلة العدس:
تقع إلى الشمال الغربي من كفر غملا، تحتوي على الكثير من القبور الرومانية المنحوتة بالصخر، وبعض الجدران القديمة التي تعود إلى العصر الحديدي.
الكفرية:
وهي خربة تقع في أسفل منحدر وترتفع 560 متراً عن سطح البحر، وتشتمل على العديد من الجدران ومزرعة تعود إلى العصر الإفرنجي.
القرينعة أو الكرينعة:
وهي خربة تقع في أسفل منحدر، وترتفع 571 متراً عن سطح البحر، ومساحتها 60 مترمربع ، وتشتمل على آثار تعود إلى العصر البيزنطي والعصور الإسلامية المبكرة.
خربة السويكة:
تقع في جنوب البيرة، وتضم أنقاض أبنية وعمود وعضاضات باب وصهاريج ومُغر ومعصرة زيت قديمة وفسيفساء مبعثرة.
خان اللبن:
وهو معلم عربي إسلامي، حيث كان محطة عثمانية للقوافل التجارية.
تل سيلون:
وهو عبارة عن تل، ومدينة كنعانية، ومعلم عربي إسلامي.
عائلات القرية وعشائرها
تقسم العائلات إلى قسمين: قسم سابق، وقسم وفد على الآخر, أما العائلات العربية السابقة لسكنى المدينة فهي الزعاربة, الجبرة, الغزاونة واليعاقبة. وقد وفد حسـين وأبناؤه على هذه العائلات في القرن السابع عشر الميلادي سنة ١٠٠٧ هجري. وحسـين هذا كان من سكان الحجاز الذين استوطنوا الشوبك أثناء الزحوف الإسلامية الأولى. ولما تعاظم أمر حسين وأبناؤه في البيرة اشتد خطره على العشائر التي استضافته ووقعت بين الطرفين عدة معارك أدت إلى رحيل بعض العائلات الأصلية. كما أدت إلى تكتل من تبقى من العائلات إلى أن أصبحت حمائل البيرة على الشكل التالي:
- العـابد ومنها عوائل حماد ، عطـا ، أبو حسـان ، عطـا الله ، احسينه وعائلة أبو سلامة من الغزاونة السكان الأصليين.
- الطويـل ومنها عوائل أبو نايفة ، بحـور ، ناصر ، جادالله ، دعاس ، عميرة ، اتيم ، ابو خلف ، عامر ، مزيد ، زايد ، خلف ، عوض الله ، ابزيع ، عبد الرسول ، ابو تينة ، وعائلات أبو عباس و النسـر من الزعارنة واتيم زاغنيم من الغزاونة.
- القرعـان ومنها عوائل أبو عيد ، جبر ، شبلي ، عيسى ، اسعد ، عبد الفتاح ، أبو شحاده ، صرصور ، أبو موسى غنيم ، و تنضم إليها عائلة جاد الله.
- القـراقرة ومنها عوائل عويس ، حميده ، أبو عاصي ، الشلاوه ، المالكية ، و عائلة أبو عبيــد من الغزاونة السكان الأصليين.
- الحمـايل وتتألف من الجبرة واليعاقبة ولهذه الحمولة تنتسب عائلات عبد الوهاب ، صمرين ، قاهوق ، أبو حموده ، درويش ، واطريش.
الرفيـدي وهي تنتسب إلى نصـارى نجـران. نزحت إلى البيرة من رفيديا بالقرب من مدينة نابلس, قدم جد عائلة الرفيدي إلى البيرة حائكا, ثم نال خطوة عند أهل البيرة نظرا للخدمات التي كان يقدمها لمشايخ البيرة خصوصا ما كان متصلا منها بالكتابة و قد كانت هذه العائلة تتقرب لحامولة الطويل.
مؤلفات عن القرية
- كتاب قصة مدينة رام الله البيرة - تأليف يحيى الفرحان
- قصة مدينة رام الله والبيرة - تأليف حسين العودات
-الهجرة الداخلية إلى مدينتي رام الله والبيرة - تأليف ياسر محمد سرحان كساب
- الأمراض والخدمات الصحية في مناطق مختارة من محافظة رام الله والبيرة - تأليف فتحية فليح عبد الكريم نجار
- مدينة البيرة مصيف الاردن الجميل – تأليف محمد احمد حماد
الحياة الاقتصادية
تعكس البيرة صورة مدينة مزدهرة تشهد حركة أعمال محمومة وفورة عقارية كست تلالها بالمباني، غير ان هذه المدينة التي تحتضن مقر السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية تبقى استثناء في مشهد اقتصادي عام هش.
ولقد مارس سكان مدينة البيرة العديد من الحرف منذ القدم، منها الزراعة وتربية المواشي حيث زرعوا العنب والتين والزيتون، واشتغل السكان في التجارة حيث تنقل التجار بين المدن والقرى المجاورة، كما اشتغل السكان في الصناعة مثل صناعة الأحذية والملابس والمواد الغذائية والفخار واستمر الحال حتى أوائل القرن العشرين، حيث اتجه السكان إلى الهجرة إلى أمريكا خصوصا الشباب منهم، فأخذت الأموال تتدفق على المدينة ليستثمرها السكان في شراء الأراضي وبناء العقارات لاستغلالها في السياحة، وازدادت حركة التعليم وما أن انتهت الحرب العالمية الثانية حتى وقعت حرب 1948 فكان معظم سكان المدينة قد هاجروا إلى أمريكا باستثناء 12% منهم بقوا في المدينة.
توجد حاليا العديد من الصناعات مثل صناعة الورق الصحي والكرتون والأثاث والمواد الغذائية وعصر الزيتون والصابون والألمنيوم والأدوية والكثير من الحرف اليدوية والتقليدية.
أما بالنسبة للزراعة فقد اضمحلت بسبب هجرة السكان للأراضي الزراعية وتحويلها بنايات لتأخذ مكان البيوت القديمة وأصبحت المدينة تعج بمئات المحال التجارية الممتدة.
ومن الملاحظ أن تكلفة المعيشة في مدينة البيرة هو أعلى مستوى من نظيراتها في المحافظات الأخرى، ويمكن إرجاع السبب إلى عدة عوامل أهمها وجود شريحة واسعة في البيرة يفوق مستوى دخلها معدل الدخل لباقي سكان البيرة وباقي سكان المحافظات الأخرى نظرا لعمل هذه الشريحة مع المؤسسات الأجنبية والدولية قادرة على تحمّل هذه النفقات وثانيا وجود عدد كبير من الأجانب العاملين في البيرة ذوي الدخل المرتفع جدا بالمقارنة مع المواطن العادي مما تسبب في زيادة الأسعار على كافة المستويات وبالذات العقار والمنافع الخدماتية كالمطاعم والقاعات، بالإضافة إلى وجود تحويلات شبه دائمة من المغتربين من سكان قراها الشرقية والتي معظم أفرادها مغتربين في الولايات المتحدة الأمريكية، وهنالك أمثلة صارخة للقرى الشرقية للمدينة التي حققت أعلى النسب في اغتراب أفرادها إلى الولايات المتحدة الأمريكية. ويمكن اليوم أن يُقارن مستوى المعيشة في المدينة بنظرائه في مدن عالمية أخرى. يشار إلى أنه يُقام كل عام معرضا للصناعات الفلسطينية في مدينة البيرة.
التعليم
لقد أدرك سكان مدينة البيرة ورام الله أهمية التعليم منذ القدم، حيث أنشئت الكتاتيب لتعليم القراءة والكتابة والقرآن الكريم وأصول الدين، وظلّ الحال هكذا حتى قامت الدولة العثمانية ببناء مدرسة واسعة عام 1913م ولا تزال غرف هذه المدرسة قائمة،
ولكنَّ التعليم توقّف فيها وفي غيرها من المدارس خلال الحرب العالمية الأولى، وكانت تعتبر مدرسة قروية، تدرِّس حتى الصف الثالث الابتدائي. وفي عهد الانتداب البريطاني توسعت المدرسة، ففي السنة المدرسية 1931-1932م تمّ رفع مستواها إلى مدرسة مدينية، وفتحت فيها صفوف الرابع والخامس الابتدائية، وفي السنة المدرسية 1936-1937م أصبحت مدرسة ابتدائية كاملة (حتى الصف السابع)، ثمَّ اتسعت وزاد عدد طلابها الملتحقين فيها من أبناء البيرة وأبناء القرى المجاورة فارتقت لمدرسة ثانوية.
وإلى جانب المدرسة الأميرية، أنشأت جمعية الكويكرز (الفرندز) في أواخر العهد العثماني مدرسة للذكور في البيرة بعد سنوات من تأسيسهم لمدرسة للبنات في رام الله، وقد قاموا بذلك بناءً على طلب من سكاّن البيرة، وكان يدرس فيها تلاميذ من رام الله والبيرة والقضاء. وتأسست في البيرة أوَّل مدرسة حكومية للبنات سنة 1935م، وكانت حتّى الصف الخامس. وأنشأت الجمعية الصلاحية في القدس، والتي أسسها ورئسها القيادي الفلسطيني أحمد حلمي عبد الباقي باشا، معهداً تعليمياً في البيرة دعي باسم “معهد أبناء الأمّة”. وخصِّص المعهد لإيواء وتعليم أبناء الشهداء الذين ضحوا بحياتهم دفاعاً عن فلسطين.
يورد حمّاد في كتابه شيئاً عن ذكرياته في المدرسة الأميرية الابتدائية التي دخلها في أوائل العشرينيات من القرن الماضي، فيتحدّث عن أنَّ الطلاب الصغار لم يكونوا يرون معلميهم كثيراً، بل كان العرفاء، وهم الطلاب النجباء من الصفوف العليا، هم غالباً من كانوا يقومون بمهمة التدريس، إذ كانوا يرددون أمام التلاميذ الصغار ما كان يكتبه المعلِّم على اللوح. وذكر حمّاد أنَّ الضرب بالعصا على أسفل القدمين (الفلقة) كان شائعاً في المدرسة، فكان التلميذ يُضرب لأتفه الأسباب، ويذكر حمّاد شيئاً عن شخصية المعلِّم الذي علّمه اللغة الإنجليزية، والذي كان يطلب من التلاميذ تزويده بالأصناف المختلفة من الفاكهة، ويستذكر أنَّ هذا المعلِّم كان يقول لهم “من يأكل عدس يحفظ”، وحين يرفع التلاميذ أيديهم يأمرهم بأن يرسلوا العدس إلى زوجته في البيت. كما يقول حمّاد إنَّ التلاميذ في المدرسة كانوا ينقسمون إلى فريقين، فريق القيس وفريق اليمن، ويتعاركون بينهم تبعاً لهذا التقسيم.
أمّا خليل السكاكيني، فقد كتب في رسالة مؤرخة في 3 آذار 1932م، لولده سري في الولايات المتحدة الأمريكية، يقول: “الآن الساعة الرابعة بعد الظهر، رجعت من رام الله وقد ذهبت إليها في الصباح ففتشت بعض صفوف مدرسة البيرة، وبعض صفوف مدرسة رام الله نفسها، وأنا ماشٍ من مدرسة البيرة إلى مدرسة رام الله مرّت أمامي فرق مدرسة الفرندز للصبيان الواحدة بعد الأخرى، مكشوفي الرؤوس، وعلى كل فرقة عريفها الذي يدربها على المشي المنظم وسائر الحركات الرياضية، فما حاذتني فرقة إلاّ حيّيتُها وحيّتني، الأجسام عالية، الصدور واسعة، العضلات مكتنزة، والوجوه مشرقة صحةّ وشباباً، فخفق قلبي في صدري شوقاً إليك”.
وقد دوَّن سالم الزعرور في دفتر يومياته خبرين عن مدرسة البيرة أولهما يوم الثلاثاء 1 نيسان 1941م، حيث ذكر أنّه حضر في المدرسة حفلة شاي دعا لها رئيسها، وحضرها حاكم اللواء كيث روش ومساعده كورنز ومدير المعارف ومساعده، كما حضرها ما لا يقل عن خمسين مختاراً من مخاتير القضاء. أمّا الخبر الثاني، فقد ذكره في يومية الأربعاء 21 أيّار 1941م، ويتعلق باجتماع عقد في بلدية رام الله مع جميع وجهائها، وحضره القائم مقام جميل التاجي، الذي طلب من الوجهاء مساعدة مالية من أجل الحفلة الرياضية التي ستقام بمدرسة البيرة، وطلب من أهل رام الله سبعة جنيهات. ويقول الزعرور إنَّه تبرع بجنيهٍ واحدٍ، بينما تبرَّع كلُّ واحدٍ من باقي الحاضرين، وكانوا ثلاثةً وعشرين شخصاً، بقيمة 25 قرشاً، عدا جريس سلامة وأسعد سمعان، حيث دفع الواحد منهما نصف جنيه. ويورد الزعرور أنّه حضر حفلة مدرسة البيرة هذه يوم السبت 14 حزيران 1941م.
وتمثل جزءاً من المدرسة الهاشمية الثانوية حتى عام 1984م، ثم أسست مدرسة الفرندز عام 1912 وباشرت التعليم عام 1919م وكانت مدرسة متميزة، لاقت نجاحاً منقطع النظير وأصبحت محط أنظار الطلاب من أنحاء فلسطين وشرق الأردن. ثم أسّست مدرسة البيرة الثانوية في الوقت الحاضر، وهناك العديد من المدارس أهمها:
• المدارس الحكومية، وتضم خمس مدارس: ثلاث للبنين، واثنتان للبنات.
• مدارس وكالة الغوث، وتضم خمس مدارس أيضاً.
وكان التعليم في رام الله، أول الأمر في المساجد، حيث يتلقى الطلاب العلوم الدينية، واستمرّ الحال حتى عام 1846م؛ عندما حضر مبشر من طائفة البروتستانت اسمه صموئيل غوبات وأسس خمس مدارس إحداها في رام الله، وهي مدرسة تبشيرية؛ بينما كانت الأولى الأرثوذكسية مدرسة وطنية، وظلّت مدرسة غوبات مفتوحة حتى قبل الحرب العالمية الأولى. وفي سنة 1857قدم اللاتين إلى رام الله، وافتتحوا لهم مدرسة لم تعمر طويلاً. وكان للمدارس السابقة طقوس طائفية.
أما عن مدارس الإناث؛ فقد أسست جماعة الفرندز في عام 1889م أول مدرسة من نوعها للإناث في رام الله. والأولى من نوعها في فلسطين، وكان افتتاح هذه المدرسة حافزاً للروم الأرثوذكس لإنشاء مدرسة للبنات، وحذا حذوهم اللاتين، وفي عام 1901 افتتح الفرندز مدرسة البنين في رام الله.
أما الآن ففي رام الله ثلاث مدارس حكومية للذكور، ومدرستان للإناث. وبعد عام 1950م افتتحت بعض المعاهد، مثل: معهد المعلمات الحكومي ،وألحق به مدرسة للتطبيقات والتجارب التربوية، والتعليم فيها مختلط، ولوكالة الغوث أربع مدارس للذكور، ومدرستان للإناث في رام الله. كما يتبع وكالة الغوث مركز لتدريب المعلمين والفتيات، وهناك سبع مدارس خاصة مختلطة، وثلاث مدارس خاصة للإناث، وواحدة للذكور، ودار لرعاية الأحداث، وكلية بيرزيت التي تحوّلت إلى جامعة، وتعتبر من أهم الجامعات الفلسطينية.
كما أن مدينة رام الله تعتبر مركزاً للنشاط الثقافي في الضفة الغربية، إذ تمتلئ بالمسارح ودور السينما والمراكز الثقافية، وفيها المعهد الوطني للموسيقى ومجموعة كبيرة من المنتديات الثقافية.
الطرق والمواصلات
شركة باصات رام الله – البيرة
تأسست هذه الشركة في البيرة أوائل الثلاثينيات، وتأسست شركة مماثلة في مدينة رام الله سنة 1932م، واتحدت الشركتان سنة 1936م، وسيَّرت الشركة باصاتها على خطوط رام الله – البيرة – القدس، واعتمدت نوعين من السير على هذا الخط، أحدهما سريع لا يتوقف على الطريق، والثاني بطيء يتوقف على الطريق لتنزيل وتحميل الركاب. كما سيّرت باصاتها على خط رام الله – البيرة – الطيبة – أريحا، وعلى خط بيتونيا – عمواس.
المساجد والمقامات
الحياة الدينية في البيرة
جاء في إحصاء أعدته دائرة المعاهد الإسلامية في المجلس الإسلامي الأعلى أن عدد سكان البيرة في 8 محرم 1349هـ، 4 حزيران 1930م، 1700 نسمة، منهم 1630 مسلماً و70 مسيحياً أرثوذكسياً، وأن في البيرة مسجدين ومقامين، أحدهما للشيخ يوسف والآخر للشيخ شيبان، وأنهما يزاران ولهما أوقاف كبيرة وهما خارج القرية. وجاء أيضاً أن أحد المسجدين [المعروف بالمسجد العمري حالياً] مكون من طبقتين، ولكل منهما محراب، والطبقة العليا مستعملة كمضافة. وقد أنشأ أهل البيرة المسجد الثاني قرب عين الماء التاريخية، الواقعة على طريق القدس نابلس، وسمِّي مسجد العين نسبةً لها. ولم تكن للمسجد مئذنة، رغم وجود قاعدتها، حتى سنة 1942م حين قام الأهالي ببنائها بمساعدة من المجلس الإسلامي الأعلى، وقد دفع الأهالي ثلثي التكاليف، في حين ساهم المجلس بالثلث الباقي، وتمَّ الانتهاء منها في شهر تموز
القرية بين عامي 1945-1948
البيرة خلال حرب 1947-1948م
حسب أحمد حمّاد فقد تحركت البيرة للجهاد بعد صدور قرار التقسيم في 27 تشرين الثاني 1947م، وانضمَّ العديد من أبنائها لجيش الجهاد المقدَّس بقيادة عبد القادر الحسيني، ويقول حمّاد إنَّ مقاتلي البيرة شاركوا في معركة سنهدريا. وحسب العارف، فقد جرت هذه المعركة بتاريخ 10 كانون الثاني 1948م، وقام خلالها مئةٌ من مجاهدي جيش الجهاد المقدَّس بقيادة عبد القادر الحسيني يساعده كامل عريقات وعبد الفتاح المزرعاوي وإبراهيم أبو ديَّة، وبمشاركة مجاهدين من قرى رام الله، بالهجوم في منتصف الليل على الحي اليهودي الواقع شمال القدس، ويقول العارف إنَّ إطلاق بعض المهاجمين النار قبل أن يصل حاملو الألغام للحي تسبب بإفشال الهجوم.
ويورد عارف العارف تفاصيل حول معركةٍ حصلت في منطقة الماصيون، قرب رام الله، وشارك فيها مقاتلو البيرة ورام الله وقاتلوا قوة من الهاجاناة، كانت قد اعتدت على ركّاب أحد الباصات العربية، ثمَّ دخلوا لمنطقة الماصيون، يقول العارف:
“في ساعة مبكرة من اليوم الأول من شهر آذار 1948م، قام تسعة عشر يهودياً من سكان مستعمرة (عطاروت) الواقعة إلى الجنوب من مدينة رام الله وعلى بعد بضعة أميال منها، فعبروا السهل الكائن شمالي قرية رافات، وراحوا يتربصون لباص رام الله عند نقطة قريبة من الطريق التي تربط رام الله بباب الواد. وعندما مرَّ الباص من هناك، قذفوه بعددٍ من قنابلهم، ثم راحوا يطلقون النار عليه من بنادقهم، إلا أنهم لم يصيبوا أحداً من ركابه بسوء. وعندما أرادوا العودة من حيث أتوا وكان الفجر قد لاح، خشوا أن يراهم المقاتلون من سكان (رافات) المرابطون على طرف ذلك السهل من الجنوب، فعبروا الوادي المعروف بـِ (وادي الدير)، ذلك الوادي الذي يفصل بين بيتونيا ورام الله. وعندما كانوا يصعدون التل المعروف بـِ (الماصيون) من أراضي رام الله، كان عددٌ من المناضلين من أبناء رام الله والبيرة قد سمعوا الخبر، وهرعوا إلى مكان الحادث، يتقدم الأولين الدكتور جليل بدران ولبيب حشمة، والآخرين عبد الدايم عبد الصمد وعبد الرؤوف إسماعيل. فأخذ فريقٌ منهم مواضعه على جبل (العباص) وفريق على جبل (الماصيون).
ونشبت معركة بين العرب واليهود كان النصر فيها حليف العرب. وتمكن المناضلون من قتل خمسة من اليهود هناك. وفرّ الباقون، فاتجهوا صوب الوادي (وادي الماصيون) ولكن المناضلين اقتفوا أثرهم. وكان في تلك اللحظة أن وصل إلى مكان الحادث عددٌ كبيرٌ من المناضلين من الجيب وبيتونيا ومن رافات والجديرة، فحاصروا اليهود، وقتلوا منهم ستة، واستسلم الباقون، فألقوا بنادقهم، ورفعوا أيديهم. ولما اقترب المناضلون منهم ليتسلموهم، رماهم أحد الجنود بقنبلة، وانبطح الخمسة الآخرون على بطونهم. الأمر الذي حدا بالمناضلين للارتياب، فقتلوهم. وبهذا يكون العرب قد قضوا على المهاجمين، ولم ينج منهم سوى اثنين. فعادا للمستعمرة يحدثان رفاقهما بما جرى. وصل إلى الميدان، والمعركة قائمة، قائد فرق الجهاد المقدس عبد القادر الحسيني. كما وصلت المكان نفسه مصفحة إنجليزية تحمل عدداً من رجال الأمن، معظمهم عرب، وبعضهم إنجليز، فحمل هؤلاء جثث القتلى، حملوها في سيارةٍ كبيرةٍ، وجاءوا بها إليّ. وكنت الحاكم المسؤول عن قطاع رام الله، فأمرت بتسليمها إلى أصحابها. وثبت من أوراق الهوية التي وجدناها في جيوب القتلى أن خمسة منهم من موظفي مصلحة البريد في القدس، وقد حصلوا على إذن من رؤسائهم كي يتغيبوا عن العمل لقضاء مصالحهم العائلية، واشتركوا في القتال، فلاقوا حتفهم.
واقتسم المناضلون الأسلحة التي غنموها في هذه المعركة. وكانت قسمةً ضيزى، إذ حصل أبناء (الجيب) على الشطر الأكبر من تلك الأسلحة –لقربهم من المكان- مع أن عبء القتال وقع على عاتق أبناء رام الله والبيرة أكثر من الجميع.
وذكر العارف أنّ المجاهد البيراوي عبد الصمد عبد الدايم أُصيب جراء انفجار قذيفة بشظية في وجهه وكان في ذلك الوقت قد بلغ السبعين من عمره.
شارك مجاهدو البيرة أيضاً في معركة الشيخ جرّاح، التي جرت في 13 نيسان 1948م وقتل فيها عددٌ كبيرٌ من اليهود، كانوا في قافلة متوجهة نحو الجامعة العبرية على جبل سكوبس. كما شاركوا في مهاجمة قافلة النبي يعقوب مع قوة من جيش الجهاد المقدَّس قادها الشيخ عبد الفتّاح المزرعاوي، وشاركوا في معركة الخضر، وفي هذه المعركة استسلمت قافلة يهودية لأحد أبناء البيرة الذي كان ضابط ارتباط لدى قيادة الجهاد المقدَّس، وشاركوا في معارك باب الواد وفي معركة القسطل، ومعارك الدفاع عن القدس الشرقية وضواحيها، وبعد استشهاد القائد عبد القادر الحسيني، انضمَّ مجاهدو البيرة لقيادة المقاتل الليبي الأصل، السوري الجنسية، طارق الإفريقي.
لجأ للبيرة خلال الحرب المئات من اللاجئين الفلسطينيين الذين أجبرتهم العصابات الصهيونية على الخروج من مدنهم وأحيائهم وقراهم، ومن هؤلاء عددٌ من أهالي دير ياسين التي تعرضت لمجزرة بتاريخ 9 نيسان 1948م، ومنهم عددٌ من العائلات المسلمة التي كانت تسكن أحياء البقعة والقطمون وحي النمامرة. كما لجأت للبيرة العشرات من عائلات اللد والرملة ويافا.
وخلال الحرب، أغارت طائرات اليهود على رام الله والبيرة بتاريخ 26 أيار 1948م، وكان الجيش العربي قد اتخذ المنطقة مقراً لقيادته ومركزاً لحركاته، وعادت هذه الطائرات وأغارت مرةً أخرى في اليوم التالي، وهدفها الأساسي دار عودة التي اتخذها اللواء الرابع مقراً له.
المؤسسات والخدمات
مؤسسات البيرة الاجتماعية والشبابية والاقتصادية
الكشاف المسلم
عيَّن المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى قائد الكشّافة اللبناني بهاء الدين الطباع مسؤولاً عن الكشاف المسلم في فلسطين، وأوكل له مهمة إحياء النشاط الكشفي فيها، وقد قام الطبّاع فعلاً بتأسيس عددٍ من الفرق الكشفية في مدن وقرى فلسطين، التي كانت منها فرقة في البيرة. وحسب تقرير قدَّمه للحاج أمين الحسيني، رئيس المجلس بتاريخ 5 محرَّم 1354هـ، الموافق 8 نيسان 1935م، فإنّ تأسيس فرقة الكشاف المسلم في البيرة جاء في نيسان 1935م. ويقول الطباع في تقريره إنَّه توجَّه للبلدة بعد أن دعاه السيد محمد علي الكيشي لزيارتها لتأسيس الفرقة، فوصلها في الساعة الخامسة بعد ظهر الأحد الرابع من محرَّم، السابع من نيسان، ووجد أعضاء الفرقة بانتظاره وهي بألبستها الكشفية، وقال إنَّها كانت تلبسها لأول مرة. وعقد الطباع بعد صلاة المغرب اجتماعاً للفرقة في ناديها المؤقت الملاصق لمسجد البيرة، حيث دعاها إلى الالتحاق بالكشاف المسلم، “فلبى الجميع النداء وعاهدوا على العمل في سبيل الإسلام وخدمة المسلمين”.
أضاف الطّباع في تقريره أنَّ عدد أعضاء الفرقة الذين اجتمع بهم بلغ الأربعين، وأنَّ هناك ما يربو عدده على العشرين يود الالتحاق بالفرقة. وحول ترتيب شؤون الفرقة قال الطباع إنَّه أجرى انتخاباً للجنة قيادية، قوامها السادة جمعة موسى قائداً للفرقة، ورشدي إبراهيم معاوناً له، ومطر فرهود أميناً للسر، وعبد الجابر علي أميناً للصندوق، وعزات عبد الفتاح مراقباً. وذكر أنّ الفرقة سُميت بـِ “فرقة الجهاد”، وأنَّ أعضاءها يعتبرون ضمن منظمة “النجادة” التي كانت تناصر الحاج أمين وجماعته، مقابل منظمة “الفتوَّة” التي أسسها نمر الهواري، وكانت تنافس منظمة “النجادة”، وقال الطباع إنَّ أعمار الأعضاء تتراوح بين الثامنة عشرة والخامسة والعشرين. وكتب أنَّه آنس منهم جميعاً همَّةً ونشاطاً، وهم عازمون على المشاركة في موسم النبي موسى، وأضاف أنّه سوف يجتمع إليهم بعد ظهر الأحد القادم لتنظيمهم وتدريبهم. ويختم الطبّاع تقريره بالتعبير عن أمله بأن يخصص المجلس الإسلامي للفرقة إعانة مالية تنشيطاً لها.
ويورد أحمد حمّاد، وكان عضواً في فرقة الجهاد للكشّافة، شيئاً من ذكرياته عن لقاء تمَّ في البيرة صيف سنة 1935م بين الفرقة ومجموعة أخرى من شباب الكشّافة المسلم قدموا مع الطبّاع، فيقول إنَّه في ذلك اليوم وقفت سيّارة باص في البيرة وهي “ملأى بالشباب المتوقد المتوثب، ثمَّ نزل منها المجاهد بهاء الدين الطبّاع معلناً لنا بأنَّه قدم ليحلَّ ضيفاً علينا”. ويقول حمّاد إنَّ الطباع رفض دعوة شباب البيرة له للنزول في بيوتهم، وجمعهم في ساحة مقام الشيخ يوسف، حيث ذبحوا وطبخوا وسهروا وتدربوا على إطلاق النار.
نادي البيرة
يذكر أحمد حمّاد أنّه تأسست في البيرة عدة أندية وجمعيات في العهد البريطاني ولكنَّها لم تعمِّر طويلاً لخلافات داخلية ولسيادة روح الأنانية، وقال إنَّ أول جمعية تأسست في البيرة كانت سنة 1920م، لكنَّها انتهت بمشاجرة ذهب ضحيتها أحد أبناء القرية. وفي سنة 1931م تمَّ تأسيس نادي شباب البيرة على يد نفرٍ من شباب عموم الحمائل والعشائر في القرية، وحسب حمّاد فقد قام النادي “بنشاطٍ واسعٍ في محو العصبية العائلية، كما أسهم إسهاماً كبيراً في تشجيع الحركة الثفاقية والعلمية إلى أن أصبح مقصداً يقصده أبناء البيرة وأبناؤهم”. ويضيف حمّاد أنَّ هذا النادي تعرَّض للأذى من بعض المفسدين الذين سعوا لإغلاقه، وسعوا لدى الحكومة بذلك، وأضاعوا مكتبته وماليته.
كتب خليل السكاكيني في رسالة كتبها لولده سري، الذي كان يدرس في الولايات المتحدة، رسالة مؤرخة في 17 آذار 1932م، يتحدث فيها عن نادي البيرة: “بالأمس ذهبت إلى رام الله باكراً، فعرجت على قهوة البيرة، وهي القهوة الجديدة بجانب بيت أنضوني عطا الله. في أول الطريق وأنت ذاهب من البيرة لرام الله، وقد اتخذ شباب البيرة القسم الأعلى من القهوة نادياً لهم، وقد أسسوه من عهدٍ قريب، كما روت جريدة فلسطين. جلست في القسم الأسفل منه، فلمّا رآني بعض أعضاء النادي، جاءوا إليّ يكلفونني أن أتكلم في ناديهم يوماً من الأيام، فأمهلتهم إلى المستقبل القريب، والمستقبل بيد الله، وكان بينهم أحد رفاقك في مدرسة الفرندز وهو عبد الحميد موسى، فسألني عنك، وقال إنّه يكاتبك، فوعدته أن أذكره لك في رسالتي هذه، وقد فهمت منه أنه مسافر بعد قليل إلى أمريكا الجنوبية ليشتغل مع أبيه هناك”.
نادي الثقافة العربي
حسب محمد حمّاد، فقد تأسس هذا النادي سنة 1942م وتفرع لعدة لجان ترعى الشؤون الثقافية كالتمثيل ومحو الأميَّة والمحاضرات، وكوَّن النادي فرقة كشفية كبيرة بعد أن كانت فرقة الكشاف المسلم قد جمَّدت نشاطها خلال الثورة الفلسطينية. ويقول حمّاد إنَّ الأهالي تبرعوا للفرقة بمبالغ طيبة لشراء الآلات الموسيقية، ولكنَّ هذه المبالغ دفعت لشراء السلاح بعد صدور قرار التقسيم في 29 تشرين الثاني 1947م. وأنشأ النادي فريقاً لكرة القدم، كما أسس مكتبة لأعضاء النادي ضمَّت الآلاف من الكتب. ويعتبر حمّاد النادي الثقافي بأنَّه كان من أقوى الأندية والجمعيات التي قامت بالبيرة، ويقول إنّه قدَّم خدمات جليلة للبيرة.
التاريخ النضالي والفدائيون
الأوضاع السياسية ومقاومة الانتداب البريطاني والصهيونية
عرفت البيرة بولائها للدولة العثمانية، وقد تشكّل فيها طابور البيرة العسكري الذي كان يقاتل مع الجيش العثماني، لذا لم يكن أهالي البيرة ليرحِّبوا بالاحتلال الإنجليزي. وبعد احتلال البيرة قامت السلطات العسكرية البريطانية بإبعاد اثنين من شيوخ البيرة، هما: رشيد العلي وعامر محمد العامر، إلى مصر، بسبب موقفهما المؤيد للعثمانيين. يورد صالح عبد الجواد تفاصيل عن عملية الإبعاد هذه تبيّن أنّها جرت بعد زيارةٍ قام بها حاكم القدس رونالد ستورز للبلدة واجتماعه بشيوخها وسؤاله لهم حول موقفهم من الإنجليز والعثمانيين، ويبدو أنّه غضب من جواب العلي والعامر، اللذين أفادا بأنّهما يفضلان العثمانيين على الإنجليز بحكم الدين والمذهب فتحت. الحكومة الإنجليزية مكاتبها في البناية المقابلة لملعب مدرسة الفرندز، فأقام في هذه البناية حاكم اللواء ومساعدوه.
ترك لنا ابن البيرة محمد حمّاد تقويماً عامّاً لموقف أهل البيرة من الاستعمار البريطاني، فكتب يقول إنّهم قاوموه ووقفوا في وجهه، وإنّهم حملوا الكراهية للإنجليز، “فسرت في كل عرق من عروقنا وتغلغلت إلى اللحم إلى أن مازجت الدم”. ويضيف أنّه ما إن “نادى منادي الجهاد، إلاّ وكان أبناء البيرة في الطليعة. وما إن أسفرت بريطانيا عن وجهها المبرقع الخداع، حتى بادر أهل البيرة إلى وقفةٍ عدائيةٍ في وجه الإنجليز. لقد كانت هذه الوقفة قبيل 1920، وتكررت في كل انتفاضة انتفضها عرب فلسطين من أجل حريتهم واستقلال بلادهم”. على أنَّ هذا الموقف البيراوي العام لم يمنع بعض من أطلق عليهم خليل السكاكيني لقب صعاليك رام الله والبيرة من الطواف في شهر أيّار 1919م على القرى المجاورة يحملون مضابط بطلب إنجلترا للوكالة على الشعب الفلسطيني. ويروي السكاكيني نقلاً عن عمر الصالح البرغوثي أنَّ هؤلاء الصعاليك “كانوا إذا جاءوا قريةً من قرى بني زيد قال لهم الناس لا بدَّ أن نستشير عمر أفندي،” فما كان منهم إلاّ أن رفعوا الأمر لحاكم لواء رام الله الذي أرسل قوةً من البوليس بقيادة إميل تماري لتفتيش بيت عمر الصالح في قرية دير غسّانة، وحين وجدوا معه أعقاب قنابل نحاسية، قدّموه للمحكمة التي حكمت عليه بغرامة خمس ليرات ذهبية، وعلى أخيه الذي وجد هذه الأعقاب بالسجن ثلاثة شهور لأنَّه لم يسلِّمها للحكومة.
شارك أهالي البيرة في كافة النشاطات السياسية، مثل رفع العرائض الاحتجاجية للحكومة، والمؤتمرات الوطنية. كما شاركوا في كل الثورات المسلّحة التي قامت لمناهضة سياسة حكومة الانتداب البريطاني الهادفة لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، وفي المعارك التي حصلت بعد صدور قرار التقسيم سنة 1947م. كما شارك مغتربو البيرة في التبرع للقضية وفي الدعاية لها خارج الوطن العربي. يقول محمد أحمد حمّاد، صاحب أول كتاب أرّخ للبيرة، إنّ أهلها شاركوا في ثورة 1921م وثورة 1929م، وإنَّهم قاموا بدورٍ فعّالٍ في إضراب 1936م. وحسب عبارة حمّاد، فإنّه “لم يخرج من أبناء البيرة [خلال العهد البريطاني] من راح ينافق أو يتظاهر بالرضا لأعمال المستعمرين”.
تزوّد بعض المصادر بمعلوماتٍ حول مشاركة البيرة في المؤتمرات الوطنية والإسلامية، ومنها المؤتمر الفلسطيني السادس المنعقد في يافا بتاريخ 16 حزيران 1923م، وحضره 72 عضواً، وشارك فيه عبد الله الجودة مندوباً عن منطقة البيرة ورام الله.
شاركت البيرة أيضاً في انتخابات المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى التي جرت سنة 1926م، وفي المؤتمر الإسلامي للدفاع عن المسجد الأقصى، والأماكن المقدسة المنعقد بالقدس في الأول من تشرين الثاني سنة 1928م. وكان عبد الله الجودة يمثلها، وقد شاركت في المؤتمر حوالي 700 شخصية فلسطينية. وفي سنة 1929م، نشبت أحداث ثورة البراق بعد اعتداء اليهود على الحائط الغربي للمسجد الأقصى (حائط البراق)، ومظاهرتهم الضخمة التي أقاموها في 14 آب في تل أبيب في ذكرى خراب هيكل سليمان، ثمّ المظاهرة التي أقاموها بالقدس في اليوم التالي وتوجهوا خلالها لحائط البراق ورفعوا العلم الصهيوني وهتفوا “الحائط حائطنا”، وأنشدوا النشيد القومي اليهودي (الهاتكفا). وقد أدّت هذه الأمور إلى نشوب حوادث عنفٍ بين المسلمين واليهود في القدس والخليل وصفد، فيما عرف بهبّة البراق، وقد دافعت قوات الانتداب البريطاني عن اليهود وقامت بقتل عشراتٍ من العرب. وكما ذكر سابقاً، فقد شاركت البيرة في هذه الهبّة وفي الاحتجاج على اعتداء اليهود الصهاينة على البراق، كما شارك غيرها من قرى قضاء القدس، ومن أنحاء متفرقة من فلسطين. وحسب وصف محمد حمّاد، الذي كان فتىً يافعاً من فتيان البيرة حينها، فإنّ أبناء البيرة استجابوا لداعي العروبة، فتقاطر الشباب والرجال “على البيرة لتنطلق منها إلى مستعمرة قلنديا وإلى القدس على وقع أغاني النساء وزغاريدهن”. ويستطرد حمّاد في وصف ما حدث فيقول:
“ويدفعني حب الاستطلاع وتقليد الرجال إلى الاندفاع في إثر الذاهبين للنضال فألحق بهم، ثمّ أتوقف مع فريقٍ منهم بين الصخور إلى الشرق من مستعمرة قلنديا، حيث أخذ نفرٌ من ذوي الكلمة المسموعة في إعداد خطة الهجوم. وضعت الخطة واندفع الأشاوس من أبناء البيرة والقرى المجاورة ينفذونها، ولكنَّهم ما إن شرعوا في ذلك التنفيذ حتى رأيت ضابطين يقفان أمامهم ويدَّعيان أنهما للمهاجمين من الناصحين. لقد قالا إنَّهما عربيان مثل المهاجمين ويهمهم أن تنجح الخطة ويزول هذا الدمل من الجسم العربي، وإنَّهما يريان أن ينتظر المهاجمون بعض الوقت ريثما يطلع الفجر فيتمكنون من الرؤية ويستطيعون عندئذ الوصول للهدف”.
ويعتبر حمّاد أنَّ هذا كان بمثابة خديعةٍ مارسها الضابطان على المهاجمين العرب، فمع طلوع الفجر، “كان عددٌ من الدبابات البريطانية يحيط بالمستعمرة المشمولة بالحماية والرعاية البريطانية”. بيد أنّ هذه الخديعة لم تمنع المهاجمين من الاستمرار فيما عزموا عليه، فقد “استشاطوا غضباً واندفعوا في هجومٍ جنونيٍّ، وراح الرصاص يئزُّ في كل مكانٍ كالمطر المنهمر، واندلعت الحرائق تحدق بالمستعمرة من كل الجوانب، ولم يرجع المقاتلون إلاّ بعد أن دمّروا معظم بيوت تلك المستعمرة”.
في عام 1931م، عقد المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى مؤتمراً إسلاميّاً عامّاً برئاسة الحاج أمين الحسيني، وبمشاركة ممثلين عن المسلمين في أنحاء عديدةٍ من العالم ومن فلسطين، وقد قرّر المؤتمر تأسيس فروعٍ له في المدن والبلدات الفلسطينية، وكانت البيرة إحدى هذه البلدات. وحين أقيم حفل تأسيس لجنتها للمؤتمر، حضر رئيسه الحاج أمين للحفل وألقى خطاباً أكد فيه أهمية تأليف لجان المؤتمر، معرباً عن اعتقاده بأنّه عن طريق هذه اللجان يتوحد المسلمون، وقال إنّ هذه الملايين من المسلمين الذين لو توحدوا لكان بإمكانهم أن ينهضوا بالأمَّة، وأن تكون لهم مكانةً عظمى بين العالم. وأكد الحسيني أنّ إنشاء اللجان ليس له أية غاية حزبية أو شخصية.
مقاومة بيع الأراضي لليهود
قام وعّاظ المجلس الإسلامي الأعلى بدورٍ كبير في محاربة بيع الأراضي للشركات الصهيونية. ويتوفّر تقرير كتبه واعظ منطقة رام الله والبيرة عن زيارته لقرية البيرة بعد ظهر يوم الثلاثاء الواقع في 18 رمضان 1353هـ، الموافق 25 كانون الأول 1934م، وقد ذكر الواعظ أنّه توجه عند وصوله إلى مسجد البيرة، مسجد العين، وفي صلاة العصر اجتمع عددٌ كبيرٌ من شيوخ البيرة ووجهائها وشبّانها، وحسب ما كتبه الواعظ، فقد ألقى عليهم خطاباً جامعاً بعد تأدية الصلاة جماعة، تحدَّث فيه عن “وجوب التمسك بالدين والاحتفاظ بالأراضي التي هي تراث آبائنا المجاهدين”. ويقول الواعظ إنّ جميع الحاضرين وقفوا في الختام “وأقسموا بالله على كتابه الكريم معاهدين على عدم بيع أي شبر من أرضهم لليهود ولا للسماسرة الخونة”. والثابت تاريخيّاً أنَّ أهل البيرة لم يفرِّطوا بأيِّ دونمٍ من أرضهم للصهاينة.
مشاركة البيرة في ثورة 1936-1939م
بعد نشوب الثورة سنة 1936م وإعلان الإضراب العام في كافة أنحاء فلسطين، شاركت البيرة بالإضراب والثورة، فأقفلت متاجرها، “وجنّدت نفراً من شبابها لمراقبة إقفال المتاجر ومتابعة عدم البيع لليهود والإنجليز”. ومن ناحية العمل الثوري المسلّح، فقد تشكّل فصيل كبير مشترك من رام الله والبيرة، قام بمهمة حفظ النظام في المنطقة، كما كان يقوم “بهجمات مستمرة على منشآت الحكومة وعلى قوافلها”. وقد استمر هذا الفصيل في جهاده طيلة سنوات الثورة الفلسطينية 1936-1939م، إلى أن نشبت الحرب العالمية الثانية، حيث اضطر هؤلاء المجاهدون إلى إلقاء السلاح.
على المستوى السياسي، وحين تشكلّت لجان قومية في المدن والبلدات الكبيرة من أجل تنظيم الإضراب وقيادة الأهالي في مواجهة حكومة الانتداب البريطاني، عملت رام الله والبيرة على تشكيل لجنةٍ مشتركةٍ ضمَّت عضواً واحداً من رام الله هو حنّا خلف، وأربعة أعضاء من البيرة هم: عبد الله الجودة، وسليمان عبد الرحمن، ونجيب عيدة، وعيد الموسى. ويورد أكرم زعيتر في يومياته تفاصيل حول المباحثات التي جرت خلال مؤتمر اللجان القومية الذي عقد يوم الخميس 7 أيّار 1936م في كلية روضة المعارف بالقدس. وقد تناولت المباحثات الاستمرار بالإضراب العام، والامتناع عن دفع الضرائب للحكومة البريطانية. وقد تكلّم عبد الله الجودة باسم اللجنة القومية لرام الله والبيرة، ضمن العديدين من أعضاء اللجان القومية، معلناً تأييد اللجنة لاتخاذ قرار بالامتناع عن دفع الضرائب. واتخذ المؤتمر بعد المداولة القرار التالي: “قرر المؤتمر بالإجماع الامتناع عن دفع الضرائب اعتباراً من 15 مايس [أيّار] سنة 1936م إذا لم تغيِّر الحكومة البريطانية سياستها تغييراً أساسياً تظهر بوادره بإيقاف الهجرة اليهودية”.
ساءت أحوال الأهالي الاقتصادية خلال الإضراب الذي أعلنته اللجان القومية والقيادة السياسية الفلسطينية، ويستدل من سجل قرارات مجلس بلدية رام الله على أنّ أوضاع الأهالي كانت سيئةً نتيجةً للإضراب وتعطل المصالح الاقتصادية والتجارية لهم. وقد جاء في القرار رقم 25 المؤرخ في 7 أيار لسنة 1936م أنّ المجلس بحث في الفاقة والجوع الذي أحاق بفقراء رام الله، والعاطلين فيها عن العمل بسبب الإضراب العام في فلسطين وتعطيل الأشغال، ما سبب عطلاً كثيراً، وقد وجد المجلس “أنَّه لا بدَّ من إسعاف مثل هؤلاء أسوة بسائر البلديات، فجرت المذاكرة وتقرر مجلسياً بالاتفاق صرف مبلغ خمسة وعشرين جنيهاً فلسطينياً من ميزانية بلدية رام الله للسنة الحالية 36/37”. ويكشف هذا القرار، المتعلِّق برام الله، أنَّ الوضع في البيرة لم يكن أحسن، لتقارب المستوى الاقتصادي والظروف المعيشية بين البلدتين، فضلاً عن الالتصاق الجغرافي. وقد امتدَّ الضيق للثوار الذين انقطعوا عن أعمالهم وتفرغوا لمقاومة الإنجليز. ويذكر دروزة نقلاً عن البلاغات الحكومية البريطانية والصحف الفلسطينية الصادرة بتاريخ 23 أيلول 1936م أنَّ المسلَّحين داهموا بيت ثريٍّ من البيرة يدعى “أبو مرارة” وأخذوا منه 400 جنيه، وفرضوا عليه غرامة مقدارها 1000 جنيه أخرى لدعمه الثورة.
بعد توقف الثورة وانتهاء الإضراب في تشرين الأول 1936م، انتظر الشعب الفلسطيني تنفيذ وعد بريطانيا له بالاستجابة لمطالبه بوقف الهجرة اليهودية والتأسيس لاستقلال فلسطين، الذي نقله إليهم الملوك والأمراء العرب الذين ناشدوه وقف الثورة والإضراب عبر ندائهم الشهير، بيد أنّ لجنة بيل البريطانية الموكلة بالتحقيق في الأوضاع التي أدت للثورة أصدرت توصيتها في السابع من تمّوز 1937م بتقسيم فلسطين بين العرب واليهود، وقد رفض العرب هذا القرار واستأنفوا ثورتهم، وقاموا في 29 أيلول باغتيال لويس آندروز حاكم لواء الجليل المعروف بميوله الصهيونية وبتأييده لليهود على حساب العرب، وقتلوا معه مساعده وهما خارجان من الكنيسة بالناصرة، فقامت الحكومة البريطانية في فلسطين بعد يومين من الحادث بحلّ اللجان القومية، وحل اللجنة العربية العليا، وعزل الحاج أمين عن رئاسة المجلس الإسلامي الأعلى. وقد شاركت البيرة العديد من القرى في الاحتجاج على هذا القرار، ففي تاريخ 15 تشرين الأول 1937م رفع مخاتير ووجهاء قرى شعفاط وبيتونيا وبيت عنان ودير جرير وعناتا وبيت صفافا وأبو غوش والجيب وبيت حنينا وجبع ولفتا وطوباس وأبو ديس وكفر عقب وسنجل وبلاطة وصفا وعين كارم والبيرة وترمسعيا وسردة وبيتين والمجدل وجلجولية وعبوين ومزارع النوباني وعارورة وبيت ريما وعابود، عريضة احتجاج للقائم بأعمال حكومة الانتداب بواسطة حاكم لواء القدس يحتجون فيها على قرار حل اللجنة العربية العليا.
ومع استئناف الثورة، عاد شباب البيرة وأهلها للقيام بالواجب الوطني بالدفاع عن أنفسهم وديارهم، ففي تلك الفترة، طوّق الجيش البريطاني قرية سلواد، وقام بأعمال تخريبية فيها أثناء تفتيشه لبيوتها، ومنها إفساده للمخزون الغذائي للفلاحين، ثم قام باعتقال 40-50 رجلاً من القرية، بدعوى أنهم من الثوار، وقام الجيش بنقل المعتقلين لمدرسة البيرة، فهرع أهلها وأهل رام الله إلى المدرسة يحضرون الطعام والماء والشراب للمعتقلين. ولم يقتصر الأمر عند أهل البيرة على دعم المتضررين من إرهاب القوات الإنجليزية، بل أظهر شباب البيرة ومقاتلوها شجاعةً وبسالةً فريدة في مواجهة هذه القوات، ويورد حمّاد قصّةً يعتبرها دالّةً على هذه البسالة أثناء هذه الثورة، تتلخص في أنّ مقاتلَيْن من شباب البيرة كمنا لمصفحةٍ بريطانية كانت تنقل من سجن القدس اثنين من المجاهدين لسجن عكّا لتنفيذ حكم الإعدام فيهما، وهدف المقاتلان تحرير هؤلاء السجينان. يروي حمّاد تفاصيل الحادثة كالتالي:
“تمنطقا سلاحهما، ثمَّ التفّا بعباءتيهما وأخذا يترقبان الخبر من مركز المراقبة بانطلاق المصفحة من سجن القدس لعكا. لم يصلهما الخبر، ولكنهما بدلاً من ذلك فوجئا بالمصفحة وهي على بعد أمتارٍ منهما، وعندئذٍ لم يريا بدّاً من مباشرة عملهما الذي وقفا من أجله. انتظرا إلى أن أصبحت المصفّحة موازيةً لهما، ثمّ انبطحا على الأرض وأرسلا نيرانهما كالمطر على المصفّحة، وحمي الصراع بينهما وبين راكبي المصفّحة، وهنا تمكّن السجينان من التسلل من الدبابة والقيود في يديهما فارين إلى مكانٍ أمين، حيث كسرت قيودهما وحررا من سجنٍ وقيدٍ كانا نذيرين بانتهاء حياتهما”.
لا تُعرَف الكثير من التفاصيل حول وضع الثورة في منطقة جبال رام الله والبيرة وقراهما في المرحلة الثانية من الثورة، ولكن يتضح بشكلٍ عام أنَّ الثوار انتظموا في هذه المنطقة ومباشرةً منذ تشرين الأول 1937م تحت قيادة ثائرين: سعيد شقير، من قرية بيتونيا، ومحمد عمر النوباني (أبو عمر)، من مزارع النوباني، وعمل كلاهما لاحقاً بعد تنظيم الثورة من قبل المفتي ورجاله الذين شكَّلوا لجنة الجهاد المركزية بدمشق للقيام بهذه المهمّة والإشراف على الثورة وشؤونها، تحت قيادة عبد القادر الحسيني، الذي عيَّنته اللجنة قائداً عامّاً لمنطقة جبال القدس والخليل، وكان شباب البيرة يشاركون مع هؤلاء المجاهدين ضمن مجموعة خاصَّة يقودها المجاهد عبد الدايم عبد الصمد.
نظّم شقير مع عددٍ من المجاهدين معه فصيلاً للثورة، وشنّوا هجوماً مع فصيل النوباني على مركز البوليس البريطاني في رام الله، ثمّ أخذ سعيد بعد ذلك يطوف قرى قضاء رام الله ويحضّ أهلها على الانضمام للثورة أو التبرع لها بالمال، ويصف نجاحه في ذلك بقوله: “كنت محبوباً بين معارفي، فأصبحت مسؤولاً عن قسم كبير من قضاء القدس ورام الله والرملة. واستطعت أن أجمع حولي عدداً ليس بقليل من الشبان المسلحين”. وقد قاتل مع سعيد شبابٌ مسلَّحون من قرى رام الله، لا يُعرَف على وجه التحديد عددهم، فسعيد نفسه لا يذكر عددهم، لكنه يقول إنّ عددهم ليس بالقليل. وقد خاض هؤلاء الشباب معارك عديدة ضد قوات الجيش الإنجليزي في منطقة رام الله، فاستشهد عدد منهم وجرح آخرون، ونجت البقية.
ذكرت المصادر التاريخية بعض التفاصيل عن إحدى المعارك التي حصلت على أراضي البيرة وهي معركة وادي شيبان، الواقع في القسم الشرقي من أراضي البيرة قرب قرية بيتين المجاورة، وقد جرت في 10 أيلول سنة 1938م، شارك في هذه المعركة مقاتلون من قرى عديدة، مثل سليمان عبد الله عثمان البياع، وهو قائد فصيل من قرية كفر مالك، كما شارك بها عبد العزيز أبو السعود، وهو ثائر من قرية دير دبوان. وقد استخدمت القوات البريطانية الطيران في هذه المعركة، فقامت ست طائرات بقصف مجاهدي البيرة والمنطقة بقنابلها وهم في العراء لا يخفيهم شجر ولا مبانٍ، حيث كانوا متوجهين لنصرة المجاهدين المشتبكين مع الجيش في الوادي، وقد أدى قصف الطائرات لاستشهاد خمسة وسبعين مقاتلاً فلسطينياً، في حين قتل عددٌ كبير من الجنود الإنجليز. ويتبيَّن من المصادر أنَّ كلاًّ من النوباني وشقير اشترك في قيادة هذه المعركة.
أورد القائد الفلسطيني فائق ورّاد، وهو من قرية بيتين المجاورة، بعض تفاصيل المعركة، في مذكراته، وكان بلغ حينها اثني عشر عاماً من العمر، ذكر أن “فصيلاً من الثوار بقيادة محمد العمر [النوباني] انتشر في منطقة رام الله والبيرة مع مجموعة من الثوار، الأمر الذي دفع بالجيش البريطاني إلى القدوم من القدس نحو رام الله، بمساعدةٍ بريةٍ وجويةٍ، فجرت اشتباكات عنيفة بين الثوار وجيش الاحتلال،” وقال ورّاد إنَّ مجموعاتٍ كبيرةً من الفلاحين من القرى المجاورة هبَّت مع اشتداد المواجهة لمساعدة الثوار وإسنادهم. “أغلق الثوار المدارس حفاظاً على أرواحنا، وعدنا نحن الطلاب إلى بيوتنا قبل الظهر”. ويقول ورّاد إنَّ المعركة انتهت بعد مساء ذلك اليوم “بسقوط عددٍ كبيرٍ من الشهداء، وعددٍ أكبر من الجرحى، واندفع الناس من القُرى لِحمل الشُهداء والجرحى من أرض المعركة، كانوا يحملونهم على الحمير والبغال ويبعدونهم عن عيون الجيش أو الجواسيس، فأخفوهم في بادئ الأمر في جامع القرية لمداواة الجرحى”. ولكن عدد الأطباء، حسب ورّاد، كان قليلاً في المنطقة، كما أن الطرق بين القرى كانت خطرةً وصعبةً، ورغم ذلك فإنَّ “الأهالي استطاعوا أن يسعفوا الجرحى بما تيسر من وسائل تحت ضوءٍ شحيحٍ جداً، وبسرعة، خوفاً من هجوم الجيش البريطاني على الجامع ومن ثم اعتقالهم، لهذا نقلوهم مرةً أخرى من الجامع إلى خارج القرية حيث توجد المغر والكهوف”. ويتابع ورّاد وصف الحالة مع هؤلاء الجرحى، فيقول إنَّ الأهالي تابعوا حالتهم “من حيث توفير الطعام والشراب والعناية بهم، فصار الواحد منهم يذهب إلى الجريح من الصباح إلى المساء، ثم يأتي آخر ليحل محله،” ويُضيف أنَّه كانت لجدِّه “بغلة قوية استعملها أهالي القرية في نقل الجرحى من مكان المواجهة إلى الجامع ومنه إلى الكهوف البعيدة”. أمّا عن عدد الشهداء الذين سقطوا برصاص القوات الإنجليزية، فيقدّرهم ورّاد بأكثر من عشرين شهيداً، وهو رقمٌ أقلُّ بكثير من العدد الذي ذكرته مصادر أخرى، وحسب ورّاد، فقد كان من بين الشهداء أربعةٌ من قرية بيتين “هم: راضي مصطفى شحادة، وسعيد جمعة صافي، زعيد ياسين محمد، ونسيم عبد الله ظاهر”، ومن قرية دير دبوان استشهد ثمانية أشخاص، ومن قرية برقة ثلاثة أشخاص، وكان من قرية بيتين ثلاثةٌ من الجرحى “وهم: إسماعيل بدران علي بدران، وشاكر خليل أحمد ظاهر، وعبد الهادي عبد الجابر هويدي”. وذكر ورّاد أنَّه مع غياب الشمس بدأ الناس بنقل الجرحى وإسعافهم، ونقل الشهداء ودفنهم، وبكلمات ورّاد:
قام الجمهور بجمع البغال والحمير لنقل الجرحى والشهداء، وكنت آنذاك فتىً صغيراً متحمساً للذهاب إلى مكان المعركة لمشاهدة ما حدث. منعني أهلي من الذهاب خوفاً عليَّ لصغر سني، لكن، ما إن حل المساء، حتى ذهبت خلسةً مع الذاهبين للإسعاف، وفي الطريق تلاقينا مع بعض الجرحى محملين على البغال والحمير وهم يئنّون أنيناً ما زال وقعه يضج في أذنيَّ حتى الآن، كما تلاقينا مع عائلاتٍ تبحث عن أبنائها في الظلام وينادي بعضهم على بعض من على رؤوس الجبال. وكانت هنالك قوات إنجليزية لا تزال ترابط في أطراف البيرة الشرقية، وتطلق النار على مصادر الصوت.
وبعد عودتي للقرية، شاهدت تجمُّع الجرحى بعد أن تمَّ جمعهم في الجامع، وهو عبارة عن مبنى أثري قديم موجود في موقع اسمه “حواكير الكنيسة”، وكان أنين الجرحى ينطلق من الجامع. كانت بعض النساء يمسحن الدماء السائلة من الجرحى على ضوء السراج ولمبات الكاز. أمّا الشهداء من قريتنا، فقد تم نقلهم إلى منطقة اسمها الجلغوم، وكانت فيها مغارة وضعوا جثامينهم فيها مؤقتاً، وبعدها تم نقلهم ودفنهم في ساحة الجامع تكريماً لذكراهم وتمجيداً لهم. ولا تزال قبورهم حتى الآن في ساحة الجامع.
كان سائداً بين الناس أن مكان استشهاد الثائر مكرَّم، وأنَّه من الواجب وضع حجرٍ فيه عند المرور من هناك لتكريمه، وصارت كومة الحجارة تكبر مع الأيام. كان الطبيب سليمان غنّام من رام الله وطبيب أرمني اسمه صموئيل يقومان، كلاً على حدة، بزيارتهم ومعالجتهم، وكانا يأتيان إلى المكان إمّا على ظهر حمار أو مشياً على الأقدام وذلك إسهاماً في مساعدة الثوار الجرحى، وكان الناس في قريتنا يقومون بترتيب إيصال الطعام للجرحى وحراستهم بشكل منظم”.
وعرف ممَّن استشهد بالمعركة أحمد عبد المطلب أحمد جبر، وهو من قرية رافات، الواقعة قرب رام الله، وقد شارك الشهيد في معظم المعارك بقيادة سعيد شقير.
وفي الثاني من شهر تشرين الأول 1938م، حصلت معركة واجه بها عددٌ من ثوار منطقة رام الله- البيرة، قوةً من الجيش الإنجليزي، فبينما “كان ستةٌ من المجاهدين، من بينهم محمد قسيس وسليمان عوامة، ذاهبين ليلاً من قرية البيرة إلى قرية بئر الزيت، وقد صادفوا بطريقهم عدداً من الجنود الإنجليز فرابط المجاهدون لهم على مسافة قريبة منهم. ثم أطلقوا النار على ما يقرب من خمسة وعشرين جندياً إنجليزيّاً، فقُتل عددٌ منهم وجرح آخرون، وقد استمر تبادل النار ما يقرب من ساعةٍ كاملةٍ انسحب على أثرها الثوار بعد أن قتلوا أكثر من ستة جنود من الإنجليز، وقد استشهد من الثوّار المجاهد رشيد أبو هنيَّة من قرية الدوايمة، قضاء الخليل”.
وينقل إسحق درويش في دفتر مذكراته صورةً من صور معاناة أهالي رام الله والبيرة خلال الثورة، فإنَّه “لمّا ضاقت السجون والمعتقلات في فلسطين سنة 1938م، بدأ رجال الجيش في قضاء القدس باستعمال بئرٍ قديمة مهجورة قرب البيرة ورام الله يضعون فيها الثوار وكل من تقع عليه الشبهة، ويتقصدون في إهانتهم، بحيث يقذفون عليهم المياه القذرة، ما يسبب لهم الأمراض، وقد توفي شخص من آل الكعيبني من رام الله في البئر”.
أحوال البيرة خلال الحرب العالمية الثانية
يذكر محمد حمّاد أن البيرة عاشت ظروفاً صعبة خلال الحرب العالمية الثانية، إذ شحَّت الأرزاق وارتفعت أثمانها، ولكنَّه يضيف أنَّ هذه الظروف لم تكن بنفس درجة الصعوبة في سائر القرى والمدن الفلسطينية، ويرجع حمّاد الفضل في ذلك لرفعة وعفَّة خلق الكثيرين من أثرياء البيرة “حيث حوَّلوا مؤنهم إلى المحتاجين من مواطنيهم، كما كانت تصل مساعدات قيمة من المهجر، تصل فردية وجماعية إلى العديد من أبناء البيرة”.
ومن أحوال البيرة خلال الحرب ما ذكره سالم الزعرور في يومياته يوم الجمعة 11 نيسان 1941م أنَّه ذهب مع عبد الله جودة وقابلا الحاكم البريطاني للواء رام الله، كيث روش، من أجل التوسط لكي يسمح لأهل البيرة براديو، ولكنَّ الحاكم رفض الطلب. كما ذكر الزعرور خبراً حول حضوره وزوجته حفلة شاي أقامها مساعد حاكم اللواء، كورنز، يوم الثلاثاء 15 نيسان 1941م، وكان بالحفل رئيس وأعضاء مجلس بلدية البيرة مع مختاري البيرة الثلاثة، وحضر الاجتماع أيضاً جميل التاجي القائم مقام.
تاريخ القرية
يعود تاريخ مدينة البيرة الكنعانية إلى القرن الخامس والثلاثين قبل الميلاد (حوالي سنة 3500 ق.م) ومنذ ذلك الحين وعلى مدى أكثر من خمسة آلاف سنة بقيت البيرة مأهولة بالسكان، ورد ذكر البيرة في العهد القديم أكثر من مرة باسم بيئروت، وذلك في قصة كل من النبي هارون أخي البني موسى عليهما السلام، وقصة احتلال بني إسرائيل لفلسطينيين زمن يوشع بن نون، ولكن المدينة لم تعتبر مقدسة لدى اليهود ولذلك لم تنضم إلى الممالك اليهودية التي نشأت في فلسطين في العهد الحديدي المتأخر
عرفت البيرة في العهد الروماني باسم بيرية، وأصبحت مدينة مهمة في هذه الفترة وخاصة في بداية العهد المسيحي، ويقال أن السيدة مريم العذراء وخطيبها يوسف النجار فقدوا المسيح بها وهو طفل في الثانية عشرة من عمره في طريق عودتهم من القدس إلى الناصرة، حيث شيد في المكان كنيسة بيزنطية مازالت أثارها ماثلة حتى اليوم وسط البلدة القديمة، عرفت هذه الكنيسة باسم كنيسة العائلة المقدسة
بعد الفتح الإسلامي لعبت البيرة دوراً مميزاً على مسرح الأحداث في فلسطين ويعتقد أن عمر بن الخطاب قد حل بها في طريقة من المدينة المنورة إلى القدس لاستلام مفاتيح القدس من البيزنطيين، وقد أقيم سنة 1195م في المكان الذي يقال أن عمر صلي فيه مسجداً يعرف بالمسجد العمري، وهو مازال قائماً ومستخدماً حتى اليوم وهو ملاصق للكنيسة البيزنطية، وقد أعيد تجديده عام 1995م
في الفترة الصليبية كانت البيرة قرية مهمة لقربها من القدس خاصة بعد استيلاء الصليبين على القدس سنة 1099م حيث أصبحت مركزاً للمقاومة الإسلامية ضد الصليبين، وبعد احتلال الصليبين لها أوقفها الصليبيون هي و 21 قرية فلسطينية أخرى من منطقة القدس على كنيسة القيامة، وكانت المدينة وكنيستها البيزنطية التي تم تجديدها وتنظيفها في الفترة الأخيرة مركزاً لفرسان القديس يوحنا القادمين من إنجلترا
عندما حرر صلاح الدين الأيوبي فلسطين استولي على البيرة ودمر المستوطنة الصليبية فيها سنة 1187م ويقال أن عدد الصليبين الذين استسلموا له في البيرة بلغ 50000 أسير، وهكذا تعربت المدينة من جديد
في العهد العثماني 1517-1918م كانت البيرة مركزاً سياسياً وإدارياً مهماً ومركز قضاء، سكنها المتصرف العثماني وكان فيها طابور عسكري عرف بطابور البيرة تشكل من أبنائها، وكان له دور في الدفاع عن عكا أثناء حملة الصليبين في أواخر القرن 18م
في عهد الانتداب البريطاني ألحقت البيرة بقضاء رام الله، واستمر الحال كذلك خلال الفترة من 1919-1994، بعد دخول السلطة الوطنية الفلسطينية إليها عام 1994 أصبحت البيرة مع توأمتها رام الله مركزاً لمحافظة رام الله والبيرة
المرأة في القرية
جمعية التضامن النسائي الاجتماعي
تأسست هذه الجمعية في البيرة في الأربعينيات وكانت ناشطة سنة 1946م، واهتمت بالارتقاء بالمرأة وتثقيفها ومساعدتها في شتّى أمور الحياة.
أعلام من القرية
شخصيات من البيرة في العهد البريطاني
عبد الله الجودة (أبو رياض)
وُلد عبد الله الجودة في البيرة حيث تلقى دراسته الابتدائية والإعدادية، ثم اشتغل بالأعمال الحرة، وسافر إلى الولايات المتحدة، مدةً من الزمن، ولما عاد استقر بالبيرة وعينته الحكومة عضواً في لجنة المجلس المحلّي، ثم انتخب عدة مرات لرئاسة المجلس. فازت قائمته بانتخابات البلدية سنة 1959م فعهد إليه برئاستها، ويعود له الفضل في إجراء إصلاحات كثيرة في البيرة، وعلى الأخص إنشاء حديقة البلدية، وغيرها من المنشآت. ويصف مرسي الأشقر، معد وناشر كتاب من هو في المملكة الأردنية الهاشمية، عبد الله الجودة بأنّه “شخصية مليئة بالخير، صلب العقيدة، دمث الأخلاق” ، بينما يصفه الصحفي سليم زبال في استطلاعه عن رام الله والبيرة المنشور في مجلة العربي بأنه “مؤسس البيرة الحديثة”.
شارك عبد الله الجودة في المؤتمر الفلسطيني السادس المنعقد في يافا بتاريخ 16 حزيران 1923م، وقد حضره 72 عضواً، وعقد لضرورة إعادة تنظيم الحركة الوطنية إثر مقاطعة الشعب الفلسطيني لانتخابات المجلس التشريعي التي اقترحتها الحكومة البريطانية، وقد قرر المؤتمر مقاطعة مشروع روتنبرغ للكهرباء، ومقاطعة كل قرض باسم فلسطين، ومقاطعة كل شخص يقبل عضوية المجلس الاستشاري الذي شكلته الحكومة البريطانية وعيّنت أشخاصاً في عضويته. كما قرر المؤتمر زيادة صلاحيات اللجنة التنفيذية وتوسيعها، فقد حوّل إليها مجموعة من القضايا الأساسية، مثل قضية سن الدستور، والمقاطعة الاقتصادية مع اليهود.
وكان عبد الله الجودة عضواً في المؤتمر الإسلامي للدفاع عن المسجد الأقصى والأماكن المقدسة، المنعقد بالقدس في شهر تشرين الثاني من سنة 1928. وقد شارك في المؤتمر حوالي 700 شخصية فلسطينية.
انضم عبد الله الجودة وحنّا خلف وصالح الريماوي وشريف الريماوي للحزب العربي الفلسطيني الذي تشكل سنة 1935 برئاسة جمال الحسيني وعرف بحزب المفتي. وخلال الثورة الفلسطينية سنة 1936م كان الجودة عضواً من أعضاء اللجنة القومية في رام الله والبيرة، بالإضافة إلى حنّا خلف، وسليمان عبد الرحمن، ونجيب عيدة، وعيد الموسى .
عبد الدايم عبد الصمد القراقرة (أبو العبد)
ولد عبد الدايم عبد الصمد في قرية البيرة في عام 1880م، ونشأ في أسرة فلاّحة تعتمد في معيشتها على زراعة الأرض، وكان عبد الدايم ثالث وأصغر ولدٍ لأبيه، وكانت له أربع أخوات. تعلم في الكُتّاب وحفظ القرآن الكريم. وفي مطلع شبابه تجنَّد في الجيش العثماني، ودخل في طابور البيرة العسكري، وأرسل إلى جبل الدروز وعاد في عام 1905م في إجازة ومعه زوجة كان تعرف عليها في منطقة البقاع السورية. وفي عام 1909م حكم عليه بالسجن لاعتدائه على ضابط تركي كان يتعمد دائماً توجيه الاتهامات للجنود العرب ما دعا عبد الدايم إلى طعنه في وجهه ومحاوله قتله، لولا تدخل أفراد الحامية التي كانت في موقع الحادث. وأرسل إلى إستانبول لمحاكمته بتهمة محاولة القتل المتعمد لأحد الضابط الأتراك، لكنَّه تمكن في عام 1910م من الفرار من سجنه بعد أن تحايل على أحد الحراس، حيث أقنعه بالسماح له بإحضار الخبز المخصَّص للسجناء من المخبز القريب. وبعد رحلة طويلة وشاقة تعرض خلالها للكثير من المتاعب، خصوصاً أنه كان يسير ليلا ويختبئ نهاراً خوفاً من إلقاء القبض عليه، وصل إلى قريته البيرة. وقد استغرقت رحلة العودة هذه ما يزيد على ثلاثة أشهر. وحين وصل، وجد والده في حالة الاحتضار الأخير، كما وجد زوجته قد وضعت أول أولاده.
يسرد كاتب المختصر عن سيرة حياة عبد الدايم في جريدة مساء البلد تفاصيل عن معاناة عبد الدايم مع الدولة العثمانية، فيروي أنَّ إسماعيل أفندي قائد السرايا في مدينة القدس عرف “بوجود الجندي الفار والمطلوب للمحاكمة في قريته فأرسل قوة عسكرية أفرادها من الأتراك وما كادت تصل بالقرب من بيته حتى شاهدها عبد الدايم قبل أن تدخل حوش الدار فانتزع بندقيته واستحكم في داخل الدار وأقسم بأن يطلق النار على كل جندي يحاول اقتحام الدار”. ويضيف الكاتب أنَّه حين وصل الخبر إلى مخاتير القرية، رشيد العلي، وحسين الحسن، وعمر العامر، “حضروا إلى الدار وحاولوا إقناعه بتسليم نفسه، وفي هذه اللحظة وأثناء المفاوضات بينه وبين المخاتير، علم بوفاة أبيه، فأصرَّ على رفض تسليم نفسه إلاّ بعد أن يواري جثمان والده التراب، وفي صبيحة اليوم التالي وبحضور المخاتير وبعد الانتهاء من مراسيم الدفن تسلم الجنود المجاهد عبد الدايم وما إن وصلوا قرب مسجد العين الذي لا يبعد سوى 300 متر عن المقبرة، حتى أخذ الجنود يضربون عبد الدايم بشكل وحشي حتى سال الدم من وجهه وصدره على مرأى من أهالي القرية.
وينقل الكاتب عن شهود عيان بأنَّ الجنود الأتراك الذين تسلَّموا عبد الدايم جلدوه ما يزيد على سبعين جلدة، إضافة إلى قيامهم بركله بالأرجل والأيدي، ثمَّ أخذوه إلى سجن القشلة في القدس، ويقول الكاتب إنَّ إسماعيل أفندي أمر بأن “يباشر في تعذيبه بحضوره لأن تصرفه بعدم تسليم نفسه ومحاولة مقاومة الجنود تشكل في رأيه بادرة خطيرة لا تقل عقوبتها عن الإعدام”.
وحين كان عبد الدايم في سجنه بالقدس، وفي صباح أحد الأيام، سمع المساجين أصوات موسيقى وعزف في شوارع مدينة القدس، وحين استفسروا عمّا يدور في الخارج علموا بالخبر السار وهو أمر سلطاني بالإفراج عن جميع السجناء بمناسبة تولي السلطان محمد رشاد السلطة بعد عزل السلطان عبد الحميد الثاني، وبعد خروج عبد الدايم من السجن سرح من الجيش العثماني، فعمل مزارعاً في قريته، وقبل انسحاب الجيش العثماني في نهاية الحرب على البلاد تم تعيينه مشرفاً على الأمن في البيرة.
في عام 1936م عيَّنه الحاج أمين الحسيني قائداً لفصيل الثوار في قرية البيرة، وكان ذلك الفصيل يضم خيرة شباب القرية، منهم كايد دنون، ورشدي نصر، وجمعة الطبجي. وعبد الجابر الكعش، ومحمد رشيد عويس، وقد تعرض لكثير من المضايقات والملاحقة من الجيش البريطاني، وقد سجن في عهد الانتداب البريطاني عدة مرات. اضطر في عام 1938 إلى نقل ستة جرحى من الثوار من فلسطين إلى دمشق على ظهور الخيل لعدم توفر المستشفيات في البلاد، قاطعاً نهر الأردن واستمرت رحلته من فلسطين إلى دمشق ثم العودة منها، ما يقارب شهرين.
وخوفاً من قوات الجيش البريطاني، فقد كانت أعمالهم تتم خلال الليل حيث يتصدون للجيش البريطاني في عمليات خاطفة، وأثناء النهار يعودون إلى أعمالهم وكأن شيئاً لم يكن.
في عامي 1947م و1948م عين من قبل عبد القادر الحسيني قائداً للمجاهدين من مدينة البيرة. وقد خاض عدة معارك في باب الواد، ومدينة القدس، ومنطقة الخليل، وشارك في معركة القسطل. كما شارك في معركة الماصيون وأصيب جراء الانفجار بشظية في وجهه، وكان في ذلك الوقت قد بلغ السبعين من عمره.
وقد تحدث موسى البكري، وهو من قرية جلجليا وأحد المجاهدين خلال حرب 1948م، عن تلك الفترة فقال: “في عام 1948م كان الشباب في القرى والمدن يلبون نداءات الثوار وقياداتها في المناطق للتطوع لصد هجمات معادية أو المشاركة في شن هجمات على (الكبانيات). ومن المعارك التي شاركت فيها في حينه معركة قرب معسكر النبي يعقوب على طريق القدس. وقعت صباح 15 نيسان 1948م، حيث أصبت برصاصة دخلت من طرف الكبد وخرجت من الظهر، عندها بادر قائد فصيل البيرة عبد الدايم عبد الصمد بحملي على ظهره، مسافة 300 – 400م لتقلَّني سيارة إسعاف إلى نابلس حيث عولجت هناك”. ويلخِّص البكري انطباعاته عن “أبو العبد” بقوله “إنه كان شهماً”.
وفي عام 1948م قابل عبد الدايم، الحاج أمين الحسيني في مدينة القاهرة بعد أن وصل إليها وشرح له الظروف والأوضاع التي يعيشها المجاهدون وعدم توفر الذخائر والسلاح. وفي 28 كانون الأول 1963م، توفي عبدالدايم.