العادات والتقاليد في القرية - الظَاهِريَّة التَحّتَا - قضاء صفد

الزواج

كان الزواج يبدأ مبكراً بين الفتيات والشبان وهو عادة بين الفتيات من سن الرابعة عشر وما فوق، والشبان من 16 وما فوق. وإذا تأخرت الفتاة إلى سن العشرين ولم تتزوج تعتبر من العانسات.  

وكانت بعض الخطوبات تتم بعد ولادة البنت مباشرة، فيقول عم البنت هذه البنت لابني فلان، ويقرأ الأهل الفاتحة. ومن أسباب خطوبة ابن العم لإبنة عمه عدة أسباب أهمها: وراثة الأرض حتى لا تعطى إلى الغريب، كذلك مهر ابنة العم أقل من مهر الغريبة، وكذلك كانوا يعتقدون أن ابنة العم تهتم بعمها وزوجة عمها عند الكبر بعكس الغريبة. 

وكان هناك نوع من الزواج يسمى البدل وهو يتم بدون مهر بشكل عام وكان هناك مثل في تلك الأيام "خذ أختي وأعطيني أختك". 

خطوات الزواج: 

في الغالب لم يكن هناك علاقات مسبقة بين العروسين. فكان أهل الشاب يسألونه هل لك رغبة في الزواج؟ فإذا كان الجواب نعم. يبدأ الأهل بالتفتيش عن عروسة لإبنهم، فإذا استقر رأي الأبوين على عروس معينة كانت تذهب الأم وعمة الشاب لزيارة أهل العروس المنتظرة لرؤية الفتاة عن قرب فينظرون إلى شكل جسدها (طبعاً الشكل الخارجي) وشعرها، وإلى كلامها فإذا أعجبتهم، يذهب الأب وعم الشاب لمقابلة أهل العروس، وبعد الإتفاق على المهر (الفيد) يذهب وفد من أهل العريس وهم من كبار السن (بعد اتفاق مسبق مع أهل العروس) لمقابلة أهل العروس. ويحضر من أهل العروس أبوها وعمها وخالها وكبار العائلة. إذا كانت من عائلة غير عائلة العريس. وبعد أحاديث عادية بين الجانبين عن والأرض والزراعة والموسم. يقول رجل من عائلة العريس ويكون في العادة كبير السن، يا أبو فلان طالبين القرب منكم نريد فلانة لابننا فلان، فيرد عليه أبو العروس البنت بنتكم والولد ولدكم وإذا الله أعطاكم نحن نعطيكم، فيرد عليه الرجل الآخر لنا الشرف أن نناسبكم، فأنتم عائلة كريمة ونسبكم يشرفنا، ويبدأ الحديث عن المهر (المقدم والمؤخر) وبعد الموافقة يقول الجميع: على نية القبول والتوفيق الفاتحة. وبعدها يقول الجميع ألف مبروك وتبدأ المصافحة بين الجميع. أما عقد القران فكان يتم في مدينة صفد في المحكمة الشرعية، وبعد عقد القران لا يتم هناك أية خلوة بين الشاب والفتاة، حتى إذا التقت العروس بعريسها في الطريق لا تتكلم معه بل تهرب من الطريق بسرعة، وإذا تم الإجتماع فكان يتم في بيت العروس وبحضور الأهل جميعاً. 

وبعد فترة من عقد القران يتم تحديد يوم العرس. وقبل الموعد بأسبوع كانت تتم سهرات تسمى "تعليلة" يجتمع الشباب وينصبوا الدبكة على بيادر البلدة، ومن الدبكات المنتشرة في القرية الشمالية والكرادية، وكان الشباب يدبكون على أنغام المجوز ويمسك الشباب بأيدي بعضهم في حلقة مفتوحة ويحتل طرف الحلقة شاب يمسك في يده محرمة معقودة ويلوح بها، لذلك كان يسمى اللويح، وفي بعض الأحيان ينفصل اللويح عن الحلقة ويقوم بدبك منفرد يظهر فيه مهارته. (أغلب الزيجات كانت تتم في فصل الصيف) وكان هناك سهرات للفتيات داخل البيوت. وكان يُرسل أشخاص لعزيمة القرى المجاورة، عكبرة، السموعي وأهالي حارة الوطاة في صفد. 

ليلة الحناء: 

هي آخر ليلة من ليالي التعاليل، يقوم أصدقاء العريس بطلي يدي العريس وأيديهم بالحناء. أما بالنسبة للفتاة فتحضر عدة فتيات من أهل العريس ومعهم الحناء وذلك لتحنية العروس، وكذلك يوزع الحناء على الفتيات. وفي صبحية يوم العرس يتم تحميم العروس. وكذلك حمام العريس عند أحد أصدقائه فيما أصدقائه خارج البيت يدبكون ويغنون. 

يوم العريس: 

قبل حمام العريس يحلق الحلاق شعر وذقن العريس فيما تغني أمه أو خالته أو عمته أغاني خلال الحلاقة، وبعد التحميم يطوف الشباب بالعريس بالقرية وبعدها إلى بيادر القرية حيث المكان واسع، وتأتي الناس من القرى المجاورة مثل عكبرة والسموعي وحارة الوطاة في صفد للمشاركة بالعرس. وتذبح الذبائح ويقوم الشباب بنصب الدبكة والغناء. ويحدث مثل ذلك في بيت العروس حيث تجتمع الصبايا يغنين ويرقصن، ولم يكن هناك اختلاط في الظاهرية بالنسبة للأعراس وفي المساء يأتي والد العريس وعمه ومعهم النساء لأخذ العروس من بيت أبيها، ويخرجها من بيتها والدها أو عمها أو خالها ويسلمها إلى والد العريس. أما إذا كانت العروس من خارج القرية، فتركب العروس على فرس، ويمشي أهل العريس بجانبها والنساء في الخلف. وبعد أن تصل العروس إلى بيت العريس تضع العروس على باب بيتها الجديد "عجينة" ومعها أزهار وهو بمثابة تثبيت العروس في بيتها الجديد. ويجري في بيت العريس حفل، ولا يكون داخل البيت من الرجال سوى العريس، وترقص أخوات العريس وخالاته وعماته ويغنين وفي النهاية تتم عملية (نقوط العروسين) وكانت تقف احدى النساء الشهيرات بالزغاريد وتبدأ بذكر صاحب الهدية وقيمة المبلغ المدفوع الذي يوضع في قطعة من القماش. أما (الزغاريد) فتدور حول الحسب والنسب لدى العروسين. 

وفي صبحية يوم العرس تأتي الأم والحماة لمباركة العروسين، كانت العروس تريهم منديلاً من القماش عليه من دم عذريتها تأكيداً على أنها كانت عذراء. وبعد ثلاثة أيام يبدأ الأقارب بالمباركة للعروسين. وبعد أسبوع تذهب العروس وعريسها إلى بيت أهلها لتناول الغذاء عندهم وهذه الزيارة تسمى (ردة الرّجل).

الأولا: 

إن من أهم غايات الزواج إنجاب الأطفال، وقد كانت ملكية الأرض في فلسطين ملكيات صغيرة، أي أنه لم يوجد إقطاعيين كبار مثل سوريا ومصر ولبنان، لذلك كانت الأرض بحاجة إلى يد عاملة. أما عملية توليد الحوامل، كانت تتم في القرية على يد "الداية" أو أحدى العجائز، وفي بعض الأحيان كانت القروية تضع مولودها في الحقل أو على الطريق. وكن يستعن بالله عند الولادة.

وبعد الولادة كانت تجتمع قريبات الأم وجاراتها حول فراشها وتقدم كل منهن ما تستطيع من مساعدة. وعندما يكون المولود ذكراً تزغرد أم العروس، وتذهب مباشرة لبشارة الأب وتقول له "مبروك العريس" أما إذا كان المولود أنثى فيسود السكون وتعزي الوالدة ابنتها بقولها "معليش بكره تيجي الصبيان وهذي بذرة من الرمان". 

يفرك الطفل عند ولادته بالملح والزيت، وتعاد العملية في اليوم الثالث، ثم في اليوم السابع، ويُغسّل حتى الأربعين مرة كل أسبوع. 

يدعى والد الطفل أبو فلان وتدعى والدته أم فلان. وكثيراً ما يُعطى اللقب قبل ولادة الطفل وحتى قبل زواج الأبوين لأن الولد يُعطي أسم جده.[1]

وكانت الحامل قبل الولادة تبدأ بإعداد ملابس المولود قبل ولادته بأكثر من شهرين، حيث تخيط للمولود المنتظر ثوباً وقماطة وطاقية وكذلك تحيك له كلسات من الصوف. وبعد الولادة كان المولود يلف بالقماطة من كتفيه إلى أخمص قدميه، وبعد شهرين تفك يديه ويربط باقي جسده حتى الشهر الخامس، وعندما يبلغ الطفل تسعة أشهر يبدأ بتدريبه على المشي، وعندما تظهر أسنانه، يصنع الأهل أكلة تسمى (سنونية) وهي قمح مسلوق يضاف إليه السكر ويوزع على الجيران. 

والرضاعة مهمة جداً في حياة الطفل، كانت الأم ترضع طفلها، ولم يكن في ذلك الحين حليب مجفف، وكان الطفل يرضع من ثدي أمه في بعض الأحيان حتى بلوغه الرابعة أو السادسة، ولكن في معظم الأحيان كان الطفل يرضع ما بين السنة والنصف والسنتين. وإذا كانت المرأة لا تستطيع إرضاع الطفل لمرض مثلاً أو لقلة الحليب، عندها ترضع طفلها أختها إذا كان عندها طفل بعمر المولود أو إبنة عمها أو جارتها. 

أما عملية ختان الطفل، فكانت تتم  في الأسبوع الأول بعد ولادة الطفل، في أغلب الأحيان، وكان الطفل يؤخذ إلى مدينة صفد حتى يتم تطهيره عند الحلاق في أغلب الأحيان، وفي بعض الأحيان عند طبيب، وكان يوم الطهور يشبه يوم الزفاف بالإحتفالات والأغاني والرقص وذبح الذبائح، وتقوم النساء بترديد الأغاني الخاصة بالطهور وتوزيع الحلوى. 

تعدد الزوجات: 

مع أن الشرعية الإسلامية تسمح بتعدد الزوجات إلا أنه من النادر أن يتزوج الرجل أكثر من أمرأة واحدة في الظاهرية، إلا إذا كانت المرأة لا تلد، فكان بعض الناس في هذه الحالة يذهبون إلى المشايخ فيكتب لها حجاب تعلقه في رقبتها لعلها تحمل، فإذا لم تحبل كانوا يقولون أن هذه المرأة مثل "الشجرة التي لا تثمر حلال قطعها" فيضطر الرجل للزواج بأخرى، حتى أنه حدثت في القرية حالات من بعض النساء التي لا تنجب هي التي حثت زوجها على الزواج بأخرى، وتضع الزوجة بعض الشروط على الزوج أنه في حال انجبت الزوجة الثانية فأول ولد يولد يكون لها وهي التي تربيه. 

دور المرأة : 

كانت المرأة تعمل مع الرجل في الحقل، وبالاضافة إلى العمل في الحقل كانت تصحو باكراً لتحلب البقر أو الغنم وتقوم كذلك بعجن العجين وخبزه. أما عملية العجين فكانت تحضّر بالشكل التالي: تنخل المرأة الطحين، وبعد أن تدعكه تضيف إليه الخميرة، ثم تضيف إليه قليلاً من الماء ثم تدعكه إلى أن ينشف العجين، تتركه ليتخمر ثم تقطعه إلى قطع صغيرة (كتل مستديرة الشكل) وترش عليه الطحين حتى لا تلتصق القطع بعضها ببعض. وكذلك تقوم بالأعمال المنزلية من كنس وطهي الطعام وتربية الأولاد وغسل الغسيل. أما طريقة غسل الغسيل، فكانت النساء تأخذ الملابس المتسخة إلى عين الحوش أو إلى وادي الطواحين حيث تجتمع النساء هناك فيوضع الماء في وعاء كبير على النار ويوضع معه الرماد، وبعد أن تغلي الماء يؤخذ من الماء الذي يحتوي الرماد ويغسل به الغسيل بالإضافة إلى إستعمال الصابون المصنوع من زيت الزيتون. 

وكانت المرأة تستعمل الرماد أيضاً في تنظيف الأوعية النحاسية. وكانت المرأة في الظاهرية بالإضافة إلى الأعباء المنزلية كانت تتفنن في صناعة الخرز فكانت تصنع أغطية للأباريق الفخارية والزجاجية وكذلك بيت لساعات الجيب، بالاضافة إلى صنع أطباق وسلال من القش. 

أنواع الخبز في القرية: 

هناك ثلاثة أنواع من الخبز في القرية: 

  1. التنور: كانت تُبنى غرفة للتنور، ويحفر في وسط الغرفة حفرة مستديرة عمقها حوالي متر وقطرها متر ويوضع على الجدران الطين الأصفر ويترك أرض التنور كما هو لأنه المكان المخصص الذي يوضع فيه الحطب اليابس فتشعل النار في التنور وعندما تصبح الجدران ساخنة يوضع العجين على جوانب التنور حتى ينضج. 
  2. الصاج: وهو لوح مصنوع من الحديد مستدير الشكل مقعر قطره بين 60 – 80 سنتيمتراً وكان يوضع على حجارة تعلو حوالي 30 سنتيمتراً عن سطح الأرض وهو مفتوح من الأمام لوضع الحطب تحته. وكانت المرأة ترّق العجين وتضعه على الكارة وهي قطعة من القماش محشوة بالقطن شكلها دائري وتلوح العجين حتى يصبح على شكل الكارة وتضعه على الصاج. 
  3. الفرنية: وهي فرن صغير، مستديرة الشكل يبلغ قطرها حوالي متر ونصف وهي مبنية من التراب الأصفر ويوضع لوح من الصاج المصنوع من الحديد داخل الفرنية، وكان يعلو عن الأرض حوالي 30 سنتميتراً حتى يوضع الحطب تحت الصاج وبين الصاج وسقف الفرنية حوالي 50 سنتيمتراً ويوضع العجين على الصاج حتى النضوج. 

الأتراح: 

عندما يموت الإنسان في القرية يوجه رأسه بإتجاه الكعبة المشرفة ويجتمع الأهالي حول الميت، ويُغسّل ويكفن وكان الكفن يتألف من جزئين أحدهما أبيض، والكفن الثاني أخضر اللون، وكان يوضع داخل الأكفان الحناء والعطر. وكانت عملية الدفن تتم بعد صلاة الظهر أو العصر فيوضع الميت داخل التابوت ويؤخذ إلى المقبرة ويصلى عليه ويدفن فيها. تحفر حفرة مستطيلة الشكل تكون عادة أطول من الميت قليلاً ويكون إتجاه الحفرة على نحو يتيح لوجه الميت أن يستقبل الكعبة. وبعدها يوضع عليه التراب، ويقف عند القبر أحد رجال الدين ويلقن الميت الشهادتين ويلقي موعظة حول الموت وبعدها يصطف أهل الميت في المقبرة لتلقي التعازي بالفقيد. أما الميت إذا كان قد استشهد في معركة ضد الإنكليز أو اليهود فكان يدفن في ثيابه التي كان يلبسها وقت المعركة ولا يُغسّل. 

وفي اليوم الثاني بعد صلاة الفجر كان أهل الميت يذهبون إلى المقبرة لقراءة القرآن على قبر الميت. ويلزم أهل الميت البيت ثلاثة أيام لإستقبال المعزين. وكان أهل القرية يساعدون أهل الفقيد بالطعام لمدة ثلاثة أيام. وبعد عصر اليوم الثالث للوفاة كان يجتمع الأهالي لقراءة القرآن عن روح الميت وتوزيع الحلوى، وفي اليوم السابع للوفاة كان أهل الميت يذهبون إلى المقبرة ويوزعون الحلوى عن روح الفقيد. وبعد مرور أربعين يوماً على الوفاة يجتمع أهالي القرية لقراءة القرآن عن روح الميت ويوزعون الحلوى. 

الأعياد: هناك عيدان كان يحتفل بهما أهل القرية هما عيد الفطر السعيد وعيد الاضحى المبارك، ولكن هناك أيضاً مناسبات دينية يحتفل بها أهل القرية. 

عيد الفطر السعيد: يأتي بعد إنتهاء شهر رمضان المبارك. وفي صبيحة يوم العيد وقبل صلاة العيد كان الرجال والنساء يذهبون إلى المقبرة لزيارة القبور ويأخذون معهم الكعك المحشو بالتمر والكبة المشوية ليوزعوها على الفقراء، وبعدها يذهب الرجال لتأدية صلاة العيد في حارة الوطاة في مدينة صفد. وبعد انقضاء الصلاة يرجع الرجال إلى القرية ويتزاورون، ويأخذ الأولاد العيدية ويذهبون ليركبوا المراجيح في مدينة صفد. 

عيد الأضحى المبارك: هذا العيد مقرون بحج بيت الله في مكة، ولا تختلف الإحتفالات في هذا العيد عن عيد الفطر السعيد.

ولكن هناك مناسبات دينية كان يحتفل بها أهالي القرية كما في القرى الأخرى مثل المولد النبوي الشريف حيث كان يجتمع الأهالي عند مختار القرية ويأتي أحد رجال الدين ويقرأ سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وتوزع الحلوى بهذه المناسبة.

أما مناسبة نصف شعبان (أي قبل قدوم شهر رمضان المبارك بخمسة عشر يوماً) كان الأهالي يصنعون الحلوى ويفرقها الجيران على بعضهم.

أما ليالي رمضان المبارك وهي أيام فضيلة والصوم عبادة عند المسلمين. قال الله تعالى في كتابه العزيز(يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون)[1] وكان أهالي القرية يصلون صلاة العشاء والتراويح في مساجد صفد، وبعد الإنتهاء من الصلاة يجتمع الرجال عند المختار للسهر، وكان الأهالي يصنعون مختلف أنواع الحلويات في هذا الشهر الكريم. وكان الأهالي يتناوبون في دعوة بعضهم البعض لتناول طعام الفطور في هذا الشهر.

المعتقدات الشعبية بالنسبة للجن والشياطين:

إن الشيطان مذكور في القرآن الكريم. يقول الله تعالى في كتابه العزيز (إنما يريد الشيطان ان يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل انتم منتهون)[2] 

والشيطان مذكور كذلك في السنة النبوية الشريفة. عن ابي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا وكذا حتى يقول له: من خلق ربك فإذا بلغ ذلك فليستعذ بالله ولينته).[3]

 ولكن أهل القرية البسطاء مثلهم مثل باقي القرى يردون كل خلاف وكل شيء قبيح إلى الجن والشياطين، وإذا اختلف أثنان وأراد أحد أن يصلح بينهما يقول لهما اخزوا الشيطان. وإذا قام الرجل بعمل شاذ بالنسبة للناس قالوا "راكبه الشيطان" ويقولون في الأمثال لا تنام بين القبور ولا تشوف المنامات الوحشة. 

وكان الناس يعتقدون أن القبور مأوى للشياطين ولذلك كان كثير من الناس لا يجرؤن على الذهاب إلى القبور وخصوصاً في الليل. وإذا تزوج شاب ولم يستطيع أن يدخل بعروسه قالوا معمول له عمل حتى لا يستطيع أن يتزوج أي ربطته الشياطين عن الجماع. وإذا إختلف رجل مع زوجته أو أخيه أو والده قالوا دخل بينهم الشيطان، وكان الناس يعتقدون كثيراً بالسحر. والسحر مذكور في القرآن الكريم، قال الله تعالى في كتابه العزيز (واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما انزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منها ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا باذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانو يعلمون)[4] صدق الله العظيم، ولكن، أهل القرية كما في القرى الأخرى كانوا يعتقدون أن كل تصرف غير صحيح أو مشاكل تنشب في العائلات سببه السحر، لذلك كانوا يذهبون عند المشايخ لعمل الحجب لهم أو يذهبون إلى مقام الكويس يذبحون عنده الذبائح ويطلبون منه أن يفك السحر عن فلان ويوزعون اللحم على الفقراء والمساكين. 

وكانوا يعتقدون بالإصابة بالعين. والإصابة بالعين واردة في الدين الإسلامي. عن أبي عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "العين حق ولو شيء سابق القدر لسبقه العين ".[5] وكانت العجائز ترقي وخصوصاً الأطفال بالرقية التالية (اجيت أرقيك رب السما يشفيك من كل داء يؤذيك).

وللإصابة بالعين كانوا يستعملون (فقس الرصاصة) فكانت مادة الرصاص توضع في ملعقة صغيرة، توضع على النار حتى تذوب، ويوضع صحن فيه ماء في المنخل وبعدها تسكب الرصاصة في الصحن، وكان الصحن يوضع في المنخل حتى لا يتطاير الرصاص المذاب على الطفل، وبهذه الطريقة يعتقدون أن العين تذهب عن المصاب. 

وحتى لا يصاب الطفل بالعين كانوا يعلقون خرزة زرقاء تشبه الكف على رأس أو كتف الصبي. 

وكذلك حتى لا يصاب الطفل بالعين كانوا يأخذون الطفل إلى مقام الكويس ويرقصون ويغنون ويضعون الزيت ويشعلون الشمع داخل المقام وينشدون: 

يا كــويس جينــا نزورك
 

 

نضــوي شــمعك وبخورك
 

وإذا أصيب الإنسان بالرعب من شيء ما. كانوا يستعملون طاسة الرعبة، وهي كأس مصنوع من النحاس تشبه الصحن الصغير مكتوب في قاعها: الله، أو كلام الله، وعلى جوانبها الداخلية آية الكرسي، فيضعون الماء في الكأس ويقولون للشخص المرعوب أشرب حتى تذهب الرعبة عنك. كما كانو يعتقدون أن هذه الكأس تشفي من بعض الأمراض كالحمى.

اللباس والزينة: 

لباس الرجل: تعددت الملابس بحسب الزمن. ومن الألبسة التي اشتهرت في ذلك الوقت.

القمباز: ويعرف في بعض المناطق بإسم الدّوماية. وهو لباس ضيق في الأعلى وواسع في الأسفل، مشقوق من الأمام، ويرد أحد الشقين إلى الآخر، مشقوق من جانبيه حتى الزنار. والقمباز طويل حتى يكاد يلامس الأرض. والقمباز الصيفي مصنوع من الكتان والشتوي مصنوع من الجوخ. ويلبس تحت القمباز قميص أبيض. وفي الشتاء يلبس فوق القمباز جاكيت وفوقها عباءة مصنوعه من الصوف. 

الجبور: وكان يسمى البرتشز، وهو لباس بريطاني اشتهر زمن الإنتداب البريطاني على فلسطين، وهو بنطال ضيق من الأعلى، وعند وصوله الى الركبه يصبح واسعاً من طرفيه ثم يضيق من الركبه إلى كاحل القدم.

الشروال: وهو ضيق من الأسفل حتى الركبه ثم يصبح واسعاً جداً ويربط من الأعلى عند الخصر بحزام من الصوف أو الكتان. ولأنه واسع يمتد بين رجلي الرجل وله فتحه من الأسفل .

الطربوش: اشتهر زمن الحكم التركي (العثماني) للبلاد العربيه، وظل يُلبس زمن الإنتداب البريطاني، ولا يزال بعض الناس يرتدونه حتى الآن وهم أقلية، وهو غطاء للرأس مصنوع من الجوخ الأحمر وله زر من الحرير الأسود مثبت في منتصف قرصه الأعلى ويتدلى إلى جانبيه شراريب سوداء. 

الحطه والعقال: يُلبس على الرأس طاقيه بيضاء وفوق الطاقيه حطة من الحرير أو القطن الابيض ويلبس فوق الحطة العقال مصنوع من الصوف الأسود وهو من دورين. وفي ثورة 1936م وأثر النداء من القائد الفلسطيني (أبو درة) في منطقه يافا تم دعوة جميع سكان فلسطين أن يعتمروا اللباس التقليدي وهو (الحطه والعقال) وطالب النداء بالتخلي عن لبس الطربوش الذي كان يلبس في المدينه غالباً، لأن من عادة قوات الأمن البريطاني أن تعتقل من يعتمر الحطة والعقال في المدينة، وقد كان لباس الثوار الذي يقيهم الحر والبرد في الجبال. ولما كان بعض لابسي الطربوش يرفضون التخلي عنه كان الوطنيون يوعزون للغلمان بمتابعة هؤلاء والهتاف خلفهم.

إشلح إشلح  هالطربوش والبس البس الحطه هيك (هكذا) علمتنا الثورة .[6]

وكان الاولاد في الظاهريه يغنون:

حطة وعقال بخمس قروش
 

 

والحمـار بيلبـس طـربوش
 

 

لباس المرأة: كان لباس المرأة في الظاهرية بسيطاً في مظهره ولم تكن المرأة تغطي وجهها في القرية، لأنها تشترك مع الرجل في عمله في الحقل. كانت تلبس فستاناً واسعا ً من القطن أو الكتان وهو إما من لون واحد أو مقلماً أو متعدد الألوان، وكانت تلبس تحت الفستان سروالاً، إما أبيض اللون أو متعدد الألوان، وله من الأسفل كشكش. إما غطاء الرأس فكان المنديل الذي يوضع عليه الخرز، وكانت النساء تشك المناديل بالخرز في القرية ومن الأشكال التي تزين به المناديل منها ما يسمى دريهمة، زهر الزيتون، عنب العليق. وكان قماش المنديل من البوال. وعندما كانت المرأة  تذهب إلى مدينه صفد كانت تلبس العباءة الصفديه (الملايه).

 

أما الذهب الذي كانت تستعمله النساء في القرية فهو على عدة أنواع منها: 

الكردان: وهو عقد يوضع حول العنق مصنوع من الذهب أو الفضة. 

مباريم: وهو يشبه الأساور ولكنه مفتوح من الأعلى وعليه نقوش متعددة. 

الغازيّات: وهو يعلق بالشعر وحول السلك الذهبي نقود ذهبية تمثل السلاطين الغزاة وبعضها يسمى الجهاديات أو نقود محمد المجاهدي. 

مخمسات: عقد يوضع حول العنق مصنوع من الذهب.

سليتات: وهو سلسله من الذهب توضع حول المعصم، وحول السلك ليرات ذهبيه فلسطينيه.

الأساور: وهي على أشكال متعددة إما من الذهب أو الفضة .

الخواتم: توضع في الأصابع وهي متعددة الأشكال مصنوعه إما من الذهب أو الفضة.

الوصفات الشعبيه في القريه:

       كان يتم علاج الكثير من الأمراض بواسطه الأعشاب الطبيعية وذلك نتيجه خبرة السكان في الأعشاب التي تنبت في أراضيهم وقلة الأطباء في ذلك الوقت.

الجروح: إذا أصيب أحد أفراد القريه بجرح فكان يلجأ إلى عشبة تنمو بجانب البيوت تسمى عشبه القزاز، فتدق بين حجرين ثم توضع على الجرح.

الكسور: كان يتم علاج الكسور بالذهاب إلى أحد المجبرين في مدينة صفد لإعادة العظم الى مكانه الطبيعي  ويوضع عليه الجبس، وإذا كان الكسر صعباً مثل كسر الكتف فكان يذهب إلى قرية (الجش) حيث كان هناك مجبر مشهور أسمه محمود شاهينة.

آلام البطن: كانت تستعمل الميرميه وذلك بغليها وسقي المريض منها.

آلام الرأس:  إذا كان هناك ألم شديد في الرأس فكان يتم علاج ذلك بتشطيب الأذنين بحجارة حادة حتى ينزل الدم منها.

علاج التالول: يتم علاج التالول عندما يكون التين غير ناضج فيقطف التين فينزل منه سائل أبيض يشبه الحليب فيوضع منه على التالول.

الشحاد في العين: عندما تخبز المرأة العجين كان يؤخد قطعة من الخبز الحار وتوضع على العين عدة مرات.

كاسات الهواء: تستخدم كاسات الهواء عادةً في أمراض الرئه حيث يأتي المختص بكاسات عادية مثل كاسات الشاي الصغيرة ويقوم بحرق قطعة من القماش حتى يدخل الدخان في الكاسة ثم تلصق الكاسات بالتعاقب على ظهر المريض ويضغط عليها ثم يدفعها فيظهر مكانها الدم المحتقن الذي يخفف الألم.[7]

مغص البطن بالنسبه للأطفال:  يدق كمون وميرميه ومحلب ويوضع الخليط في شاشة وتحلب الأم من صدرها على الخليط ويوضع كمصاصة للطفل.

الإلتهابات النسائيه: كان يوضع نبات الطيون في طنجرة ويوضع عليه الماء ويترك علىالنار حتى يغلي ويخرج منه البخار وعندها تقف المرأة فوق البخار.

السماط: يدق الريحان حتى يصبح ناعماً ويفرك به بين رجلي الطفل.

الجرب: كان يوضع القطران على جلد المصاب.

الرشح: كان يغلى اللوز اليابس بعد تكسيره ويصفى ويحلى بالسكر ويشربه المريض إلى أن يتعافى.

الرشح : يُشرب مغلي الزوفا والبابونج.

الجروح المتقرحه: (مثلاً إثر إصابة برصاصة) يؤتى بتين سوادي ويوضع معه كمية قليلة من السمن البقري، ويقلى التين حتى يصبح مثل الفحم وبعد ذلك يدق، وبعد تطهير الجرح بماء وملح يرش من التين على الجرح، تكرر العملية مدة أسبوع فيشفى المريض.

لوجع الرجلين: يحرق أسفل الركبة بقطعة من القماش حتى يتشقق اللحم ويوضع حبة حمص ويوضع فوقها ورق عنب وتربط برباط من القماش فتدخل حبة الحمص داخل اللحم، وكل يوم يتم تغيير حبة الحمص وورق العنب، فيخرج من داخل اللحم دم فاسد فيرتاح المريض.

لمعة الظهر: ينام المريض على بطنه فيمشي أحد الاشخاص على ظهره عدة مرات. 

وجع المعدة: ينام المريض على ظهره، ويتم تدليك المعدة بزيت الزيتون. وبعدها يتعلق المريض بعارضة مرتفعة إلى أسفل ويُعطى جرعة ماء يتغرغر بها عدة مرات.

الحروق: تحمص الميرميه وتدق ويضاف إليها دواء أحمر (الذي يوضع على الجروح) وتوضع على المنطقة المصابة بالحرق .

الدمامل: حفنة من الطحين تعجن وبعد عجنها يوضع عليها سكر وزيت (يوضع الزيت حتى لا تلتصق بالجسم) وتوضع على الدمل وتربط برباط وفي الصباح يفك الرباط، وإذا لم ينفجر الدمل تعاد العمليه مرة أخرى.

مسامير اللحم: تسلق بصلة وتوضع على المكان الذي يوجد فيه مسمار اللحم ويلف برباط لمده ثلاثة أيام .

مسامير اللحم: تسلق حبة البندورة وتوضع على المسمار وتربط من المساء حتى الصباح. 

المراجع

1   الجوزي صليبا: القروي الفلسطيني من الصرة إلى الحفرة ص 17.

2  القرآن الكريم سورة البقرة آية رقم 182.

3  القرآن الكريم سورة المائدة آية 91.

4  صحيح مسلم ج 2 ص 334.

5  القرآن الكريم سورة البقرة آية 102.

6  الجوزية ابن القيم: الطب النبوي ص 141.

7  العسكري يسار : قصة مدينه صفد ص 35.

8  سليمان شعث محمد : العادات والتقاليد الفلسطينيه ص 133.