معلومات عامة عن بيت صفافا - قضاء القدس
معلومات عامة عن قرية بيت صفافا
قرية فلسطينية حالية، جنوب غربي مدينة القدس على بُعد 6 كم عنها، بارتفاع يبلغ 750 عن مستوى سطح البحر، بلغ مساحة أراضيها بنحو 3314 دونم.
تحدها عدة قرى وبلدات مقدسية هي:
مدينة القدس، قرى المالحة، صور باهر، أم طوبا، بيت ساحور، بيت جالا ومدينة بيت لحم.
الحدود
تحدّها القرى والبلدات التالية:
الشمال : القدس الشريف
الشمال الغربي: القدس الشريف
الغرب: المالحة
الجنوب الغربي: بيت جالا
الجنوب: بيت لحم
الجنوب الشرقي: بيت ساحور
الشرق:صور باهر ام طوبا
الشمال الشرقي: ابو ديس
السكان
كان في بيت صفافا عام 1922م 722 نسمة. وفي عام 1931 ارتفع عددهم الى 1021( 499 ذكور. و522 اناث.) جميعهم من المسلمين بينهم 13 مسيحياً و11 مسيحية. ويضم هذا العدد قاطني دير مار الياس المجاور. وللسكّان جميعهم يملكون 202 من البيوت، وفي عام 1945 قدّروا 1410 نفراً منهم 40 مسيحيّاً.
ويعود هؤلاء السكان بأصلهم الى (النمتة) من أعمال الطفيلة وبتير وجباليا ومصر وغي.
وفي احصاءات عام 1961 بلغ عدد قاطني بيت صفافا ـ او على الاصح، بلغ على قاطني القطاع الغربي من بيت صفافا ـ 1025 نسمة: (457 ذكور . و568 اناث) بينهم 41 مسيحياً.
تفاصيل أخرى
تسليم جزء من القرية
شارفت أيّام الحرب على النّهاية، وأفلحت القرية في صمودها، حتّى جاء ذلك الضابط الأردني الّذي ساق نبأ اتفاق الهدنة الّذي يقضي بتسليم أراضي القرية اعتبارا من سكة الحديد. كان المقاتلون السودانيون يومها قد بدؤوا بحزم أمتعتهم استعداداً للرحيل مع الجيش المصري، وكانت الأسلحة قد حُزمت في الصناديق. فلمّا جاء الخبر؛ وثارت ثائرة القائد السوداني أخرج الأسلحة وعاد المقاتلون إلى استحكاماتهم استعداداً لمعاودة القتال.
لم يأت اليهود في اللّيلة الموعودة، فظن الشباب بأنّ اليهود لن يعودوا، وعاود متطوعو السودان الشقيق حزم أمتعتهم ورحلوا في الصباح. غير أنّ الأمر كان خدعة!، فقد انتظر اليهود رحيل المقاتلين السودانيين ليأتي "موشي ديان" قائد القوات الإسرائيليّة في المنطقة آنذاك، وبصحبته الجنرال "رايلي" مراقب الهدنة، وضابط أردني. وهنا يذكر الناس أمراً هو أقرب للإشاعة ربّما؛ بأنّ موشي ديان كان قد قبّل أرض بيت صفافا عند دخوله إليها، كناية عن حصانتها طوال الفترة الماضية.
تجمع أهالي القرية، فبدأ " ديان" الحديث بما معناه أنّ الاتفاق بتقسيم القرية قد تم مع الحكومة الأردنية، وأنّه قد جاء للاتفاق مع أهل البلدة بأن يمر سياج الهدنة من وسطها. واستمر في حديثه الدبلوماسي اللطيف وتزيين فكرة التقسيم، ووعد النّاس بفتح بوابة خاصة بين الجانبين حتّى لا ينقطع التواصل بين أهل البلد، لكنّه طلب منهم أن يحضروا إلى اجتماع في الساعة الرابعة عصراً حتّى يتم الاتفاق بشكل رسمي.
وما إن اقترب موعد الاجتماع حتّى بدأت القوّات الإسرائيليّة بضرب القرية بالمدافع من كل اتجاه. فأيقن الأهالي حقيقة الأمر، وأن التقسيم حاصل وأن لا حول لهم ولا قوة، وفي صباح اليوم التّالي بدأ نصب الشريط عند الحدود المقررة.
الرياضة والألعاب في القرية
فرقة كشافة النجادة
أنشأت النجادة لتقوم بدور عسكري بقف في وجه الهاغاناة الصهيونية .لكن لم يكن من السهل عليها ان تعلن عن أهدافها العسكرية وهذا ما دعاها إلى إخفاء هدفها العسكري وراء الأهداف الرياضية العامة التي دعت اليها في قانونها الأساسي. واتخذت النجادة زيا موحدا لها شبيها بالزي العسكري. تأسست منظمة النجادة الكشفية بأهداف عسكرية في يافا عام ١٩٤٦ . وقد تأسست من أجل تحقيق هدف سام كان الشباب يتطلعون اليه وهو التدريب العسكري. وقد كان لوقع اسمها "النجادة" وقع محبب في النفوس وقد اختير على غرار النجادة اللبنانية. وقد أعلن منذ البداية ولاء النجادة للمفتي الحاج أمين الحسيني واعتباره رئيسا لها، وولاء النجادة للعروبة "شعارا رئيسا لها" وقد اتخذت النجادة نشيدا لها كان مطلعه نجاد يا وجه العلا وخفقة العلم كن للبلاد الأملا والسيف والقلم
التعليم
أنشئت فيها مدرسة للبنين اعلى صفوفها عام 1942 ـ 1943 الخامس الابتدائي، وفي نهاية الحكم البريطاني الاسود كانت ابتدائيّة كاملة وعدد معلميها 7
وفي عام 1966 ـ 1967 المدرسي كان في بيت صفافا مدرستان ابتدائيّتان الاولى للحكومة وهي للبنين ضمّت في صفوفها الابتدائيّة والاعداديّة 163 طالباً يعلمهم ستّة معلمين والثانية لوكالة الغوث لإغاثة وتشغيل الّلاجئين الفلسطينيّن ( UNRWA) ، للبنات ضمّت في صفوفها المذكورة 118 طالبة يعلّمهنّ اربع معلمات.
التاريخ النضالي والفدائيون
دور مميّز لمقاتلي السودان:
يعود أبو عبد الله بالذّاكرة إلى الوراء ليشير إلى دور المقاتلين السودانييّن بشكل خاص في تحصين قرية بيت صفافا وبناء الاستحكامات والخنادق حولها لصد الهجمات الصهيونيّة عليها، يقول: "السودانيون جاءونا من الله، كان لديهم إيمان غير طبيعي، لا يخافون شيئاً، كانوا يضعون أنفسهم في الصّفوف الأولى للقتال، ويحاولون تشجيعنا، يقولون: كيف تريد أن تُحسب شهيداً وأنت خائف أو متردّد، يجب أن تذهب للقتال لا يهمك شيء حتّى تنال الشهادة عن جدارة وصدق".
يقاطعه خليل صالح عليّان، ليخبرنا ما سمعه من أبيه ورفاقه عن قوة السودانييّن، فيما يشبه نسج الأساطير: "كان السودانيون يقولون لشباب القرية اقرأوا آية الكرسي والرصاص لن يصيبكم، إحنا الرصاص يجي فينا وما يقتلنا". ولدى سؤال الشّيخ موسى خليل عثمان، والّذي كان يبلغ من العمر 16 عاماً في عام 1948، عن السودانييّن يكرّر الوصف نفسه مضيفاً: "كانوا مقاتلين أشدّاء يقاتلون عن عقيدة، يقاتلون بقلب ورب".
لقد كان هذا الإيمان العميق الّذي يحمله السودانيّون بضرورة الدّفاع عن فلسطين يستلزم منهم في كثير من الأحيان صرامة لم يعتدها أهالي بيت صفافا. كما يخبرنا الشّيخ موسى بإحدى قصص هذه الصّرامة، ويقول "رآني أحد المقاتلين السودانييّن وقد ذهبت برفقة بقرة العائلة لترعى في الوادي القريب من بيت صفافا. كانت هناك مساحة من الأرض يعتقد اليهود أنّها ملغومة". يبتسم الشّيخ موسى ويقول: "غضب مني السودانيّون يومها، خافوا أن يكون أحد اليهود قد رآني فيكتشف أن الأرض ليست ملغومة، وضربوني يومها".
لا يغيب عن إبراهيم وموسى أن يذكرا الضعف العربي ورداءة السّلاح الّذي أضاع من العرب غالبيّة مساحة فلسطين في عام 1948. يقول أبو عبد الله متحسّراً: "أذكر يوماً أغار السودانيّون على مستوطنة ميكور حاييم وطردوا المستوطنين منها، لكن ما كانوا يحملونه من سلاح ويملكونه من قوة لا يمكّنهم من البقاء هناك، فرجعوا إلى بيت صفافا".
صورة من النضال القانوني لأهل القرية
الشيخ موسى عثمان
كان بيت الشيخ موسى عثمان يقع في منطقة "الزون"، أي تحت الاحتلال "الإسرائيلي". بعد تقسيم القرية بأيّام، عاد موسى الّذي كان حينها يبلغ من العمر 16 عاماً، إلى البيت ليجد أن قوات الاحتلال "الإسرائيلي" قد طردت أمّه وأباه وأخاه إلى القسم الآخر من بيت صفافا، الواقع تحت السيطرة الأردنيّة، فيما بقي هو وأخته البالغة من العمر 10 سنوات في بيتهم. يقول الشيخ موسى: "كان يخشى من بروز والدي كقائد في منطقة "الزون"، خصوصاً أنّه كان يملك الكثير من الأراضي، عدا عن رفض أخي المتكرر التعاون مع جيش الاحتلال".
يُقبل الشيخ موسى على الحديث عن تلك الذكريات بصعوبة، فقد تركته هذه الحادثة أمام مسؤولية العناية بنفسه وبأخته وببيته في سنّ صغيرة، واقتطعته من رعاية والديه. ومنذ ذلك العام وحتّى عام 2006 خاض الشّيخ موسى معركة قانونيّة أمام "دائرة أراضي إسرائيل" الّتي ادعت بعد طرد والده في عام 1949 أن بيته أصبح الآن "أملاك غائبين"، وهو بالتّالي من أملاك "الدولة". يستخدم الشّيخ موسى وصف "التحرر" ليصف تثبيت ملكيته على بيت والده، ويقول "في عام 2006 فقط تحرر البيت وانتزعت من المحكمة قراراً بملكّيته وسجل على اسمي".
وقد تركت هذه التّجربة بصماتها على أهالي بيت صفافا، وبدا تأثيرها واضحاً في تفاصيل حياتهم الاجتماعيّة والاقتصاديّة. فيما بقي أهالي بيت صفافا الأردنية على تواصل مع أشقائهم العرب، وتمكنوا من الالتحاق بالثانويات والجامعات العربية، لم يكن أمام أهالي "الزون" سوى المدارس اليهودية أو المدارس العربية البعيدة جداً في النّاصرة مثلاً، لاستكمال تعليمهم. وبينما توجّه عدد من شبّاب المنطقة الأردنيّة إلى الكويت، كغيرهم من الفلسطينييّن، للعمل، لم يكن أمام أهالي "الزون" مصدر للزرق سوى العمل كعمّال وموظّفين في المستعمرات اليهوديّة القريبة. وقد كان أبناء العائلة الواحدة من قرية بيت صفافا يلتقون في المناسبات والأعياد عند الشريط الحدودي ليتبادلوا التهاني والأخبار، بينما لا يسمح لهم بذلك في الأيام العادية.
شهداء من القرية
ضريح يحمل أسماء شهداء قرية بيت صفافا في القدس
احتلال القرية
تقسيم القرية بين الاحتلال والأردن
قدّمت بيت صفافا الشّهداء على أرضها وأراضي القطمون والقسطل، فحفظت أرضها من دخول العصابات الصهيونيّة، بينما بدأ الأهالي بالعودة إلى بيوتهم واستكمال حياتهم. وقد خلّدت نساء القرية ذلك الإنجاز بالأهازيج فقلن: "بلدنا احاطوها من كلّ الجهات اجوها، صدق لو دخلوها لنسفوا الدور مع الطوابين، اجونا بليل وهي عتمة وقمنا عضو النّجمة، هجمنا عليهم هجمة وراحوا منّا مكسورين".
غير أن "النّصر" لم يكتمل، فبعد توقيع اتفاقيّة الهدنة "رودس" في أبريل/نيسان من عام 1949 ما بين الأردن ودولة الاحتلال، سلّمت القوات الأردنيّة ما لم يخسره الصفافيون في الحرب، سلّمت لدولة الاحتلال أراضي من بيت صفافا تقع في الجهة الشماليّة، حيث تمرّ سكّة الحديد العثمانيّة الواصلة بين القدس ويافا، والّتي لم يكن الإسرائيليّون مستعدّين لخسارتها كوسيلة نقل مهمة في بداية تأسيس كيانهم المغتصب. وقد شملت هذه الاتفاقيّة تسليم منطقة "المثلّث" أي قرى وادي عارة، في مقابل أن يحصل الأردنيّون على أراضٍ جنوبي الخليل.
يخبرنا أبو عبد الله عن ذلك اليوم، ويقول "جاء ضابط أردني، فأخبر أهالي القرية والسودانييّن أنّ القرية ستقسم لتصبح المنطقة الّتي تمرّ بها سكّة الحديد ومسافة 30 متراً جنوبها تحت السيطرة الإسرائيليّة". يضيف "جن جنون السودانييّن، صاح أحدهم واسمه محمد علي: "تروح من هنا أحسنلك.. انتو ما تخافون الله.. احنا دمنا كله هنا.. تسلموه لليهود كدة!".
لم يملك أهالي بيت صفافا، أو المقاتلون السودانيّون من أمرهم شيئاً، وفي محاولة لفرض الاتفاقيّة وتهجير أهالي القرية، بدأت المدفعيّة الإسرائيليّة بإطلاق قنابلها باتجاه القرية بشكل عشوائي. وبينما اضطر السودانيّون للرحيل في نهاية الأمر، وجد الصفافيّون أنفسهم في قرية مجزأة بشريط حدودي ودوريات مراقبة، يعيش ما يقارب الألف منهم في القسم الشّرقي الجنوبي من القرية تحت السيطرة الأردنيّة، بينما يعيش ما يقارب 450 منهم في الجزء الشّمالي الّذي سُلّم لدولة الاحتلال، والّذي عرفه أهالي القرية باسم "منطقة الزون" وفقاً للكلمة الإنكليزية zone.
ومن المفارقة السّاخرة أنّ تقسيم القرية وتفريق أهلها بعد نكبة عام 1948 قد انتهى بنكسة عام 1967، حيث استكملت دولة الاحتلال السيطرة على ما تبقى من أرض فلسطين، وما تبقى من أرض بيت صفافا. أزيل الشّريط الحدودي من وسط القرية، وسُمّي الشارع الّذي كان يمرّ منه الشريط في ما بعد بـ "شارع توحيد القرية".
"ست الأخوة عليّان"، إحدى سيّدات بيت صفافا الشاهدات على النّكبة والنّكسة، تقول: "لم نكن ندري بم نشعر، من جهة لم شملنا مع أهلنا، ومن جهة أخرى لم يحصل لم الشّمل هذا إلا بعد هزيمة ثانية، بينما كنّا نتوقّع نصراً يعيد ما فقدناه من أرض".
التراث الشعبي في القرية
ابنة بيت صفافا ماجدة صبحي وثّقت في كتابها "زفة وزغرودة يا بنات" أغاني وحكايات أعراس قرية بيت صفافا.
منها الأهازيج الّتي كانت ضد تقسيم بيت صفافا وضد الاحتلال، منها:
- يحرم عليّ الحرير الزيني عشان بلدنا انقسمت قسمينِ..
- يحرم عليّ الحرير يتهافى عاللي جرالك يا بيت صفافا..
- يمّا بلدنا أجوها اليهود حميناها بضرب البارود..
- يمّا بلدنا أجوها نجّاس، حميناها بضرب الرصاص...
أغنيات باقية: تروي الموثقة ا. ماجدة صبحي قائلة:
إن الفدائي الفلسطيني بات فارس أحلام الشابات اللّاتي غنّين له وطلبن من أمهاتهن تزويجهن إياه عبر ترديد أهزوجة:
"يمّا أعطيني الفدائي ما منه خوف.. دخل الأرض المحتلة بكلاشنكوف
يمّا أعطيني الفدائي أبو السيفين.. دخل الأرض المحتلة عن الجسرين
يمّا أعطيني الفدائي أبو العصا.. يحرر القدس يا يمّا معها يافا
يمّا أعطيني الفدائي أبو اللّبس.. يحرر حيفا يا يمّا مع القدس".
ورغم مرور 55 عاما على حرب عام 1967؛ فإنّ نساء بيت صفافا ما زلن يرددن هذه الأهازيج وغيرها في أفراح البلدة حتّى يومنا هذا، وإنّ الكثير من الأغاني انسابت على ألسنة النّساء من وحي العمليّات الفدائيّة كخطف الطائرات، والعمليات النوعيّة للجبهة الشعبيّة في سنوات الستينيّات والسبعينيّات.
تمحورت الكثير من الأهازيج حول رفض تدنيس المسجد الأقصى من الاحتلال، والاستعداد للانخراط في صفوف الفدائيّين الفلسطينييّن لتحريره. فرددت النّساء:
"يا دمع عيني بلّل الحصيرة.. الصخرة والحرم راحت أسيرة
ويا دمع عيني بلّل المخدّة.. الصخرة والحرم راحت من يدّيّ
لالبس طاقية ولله أتطوع.. وأروح مساعد للفدائية".
وفي كتابها "زفّة وزغرودة يا بنات" خصّصت ماجدة صبحي فصولا للحديث عن أغاني وحكايا أفراح بيت صفافا خلال وبعد عام النّكسة، وورد فيه أنّ الأغاني الشعبيّة اتخذت اتجاها جديدا في خدمة القضيّة، وبرزت الأهازيج الحماسيّة الّتي تُحيي وتساند الثوّار الفلسطينيّين والعمليّات الفدائيّة ضد الاحتلال.
وبعدما صمت صوت المدافع، أخذت المرأة الفلسطينيّة تردد في المناسبات أغنية شعبيّة تُحيّي طلائع الثورة الفلسطينيّة وتدعو لهم بالنّصر:
"على الجسرينِ ناصب رشاشه على الجسرينِ.. جيش فلسطيني يا ربي ينصر جيش فلسطيني
على المحطة ناصب رشاشه على المحطة.. جيش أبو حطّة يا ربي ينصر جيش أبو حطّة".
روايات أهل القرية
أقسى الذّكريات.. الموت
بدريّة عليّان من بيت صفافا والّتي ولدت عام 1942
" توفيت شقيقتي ذات الأعوام الستة عام 1950 بعد سقوطها في بئر، وعندما قسمت القرية أصبحت المقبرة في الجانب الأردني، وبعد محاولات حثيثة سمح الضابط الأردني لوالدتي بأن تغطي جثمانها ببطانية وتلقيه من أعلى الشيك ليتلقفه عمي ويدفنه في مقبرة القرية".
عام 1954 تواردت أخبار لوالدها مفادها أن إسرائيل تنوي تجنيد كل الفتيات اللواتي يعشن في الجزء المحتل، فتحرك فورا وألقى صرة بداخلها قطع ذهبية لأحد أقاربه في الجانب الأردني وتوسل إليه ليخرجهم من منطقة "الزون" (الحدود).
انتقلت العائلة بالفعل إلى الشطر الأردني عبر بوابة "مندلبوم"، وهي الممر الوحيد بين شطري القدس في الفترة الواقعة بين عامي 1949 و1967.
تزوجت بدرية عام 1962، وانتقلت للعيش في منزل عائلة زوجها الّذي كانت تستخدم القوات الأردنية جزءا منه مخفرا وسجنا، ولم تكن الذّكريات الّتي عاشتها هناك حتى إزالة الأسلاك الشائكة عام 1967 أجمل.
أعلام من القرية
إبراهيم عبد الفتاح عليّان: من بين المدافعين عن قرية بيت صفافا، ابن القرية أبو عبد الله، إبراهيم عبد الفتاح عليّان، المولود في عام 1927. أنهى إبراهيم الصّف الخامس في المدرسة الابتدائيّة في بيت صفافا بتفوّق، ولكنّه لم يستطع إكمال تعليمه في مدارس مدينة القدس المحتلة لضيق الحال.
قال له أحد أصدقاء أبيه حينها: من تظن نفسك، ابن عائلة الحسيني أو النشاشيبي لتلتحق بمدارس المدينة؟"، يقول إبراهيم، في إشارة إلى الفروقات بين أوضاع الفلّاحين وأهالي المدن في ذلك الحين. بدلاً من الدراسة، اتجه إبراهيم للعمل في مطبخ أحد معسكرات الجيش البريطاني جنوبي فلسطين إلى أن اشتعلت معارك عام 1948.وشارك مع المجاهدين
- المؤرخة والموثّقة للتراث ماجدة صبحي: أصدرت كتابها "زفة وزغرودة يا بنات" أغاني وحكايات أعراس قرية بيت صفافا.
أعلام من القرية
مصطفى موسى أحمد عثمان، مؤرخ من مواليد بيت صفافا عام 1944، درس الابتدائية والثانوية في مدرسة بيت لحم الوطنية، وحصل على شهادة التوجيهي المصري من الكلية الإبراهيمية بالقدس، وانتسب لجامعة بيروت وحصل على البكالوريوس في الدراسات التاريخية، وعلى دبلوم التربية وأساليب التدريس من جامعة بيت لحم عام 1979. صدر له ثلاثة كتب عن تاريخ قرية بيت صفافا: "شهداء بيت صفافا في الذاكرة" الذي صدر عام 1999، "طيب المنبت وصفاء القلوب"، "معالم قرية بيت صفافا".
المرجع: أرشيف المتحف الرقمي الفلسطيني، على الرابط:
https://palarchive.org/index.php/Detail/collections/102/lang/ar_PS#
القرية اليوم
تلاشت هذه الاختلافات مع الأيام، وعاد النّسيج منسجماً، فيبدو أنّ رابطة الدّم والقرية الواحدة قد غلبت الفروقات. فصار بعض الطلّاب الّذين يحملون الجنسية الإسرائيليّة يدرسون المنهاج الأردني، والعكس كذلك، الحقوق متساوية، وتوجّهات العمل والتعليم متشابهة أيضا، نمط المعيشة لا فرق فيه، كما لا يشكّل اختلاف الوثائق مانعاً للزّواج.
يصعب اليوم على مستوطن يسكن مستعمرة "جيلو" أو "بات" المحاذية للقرية أن يصدّق بأن بيت صفافا كانت تقاوم يوماً ما، فالقرية هادئة تماما، أما سكّة الحديد الّتي كانت سببا في تقسيم القرية، فهي اليوم مسارٌ رياضي جميل، يمارس الرياضة فيه اليهود والعرب جنباً إلى جنب. في مكان يحمل ذاكرة مثقلة، ومشهد معقّد يجمع في ظاهره تناقضات كثيرة. الّا انّ حدثا كوقوف القرية الأخير ضد شارع استيطاني. يجعلك تتاكّد بأنها ما زالت بيت صفافا، القرية العربيّة الفلسطينيّة الصامدة.
الباحث والمراجع
المراجع
1- مصطفى الدبّاغ في كتابه بلادنا فلسطين في الجزء التاسع صفحة 129
3- كي لا ننسى للأستاذ وليد الخالدي