احتلال القرية - بَلَد الشَيَّخْ - قضاء حيفا

رغم الأحداث التي وقعت في بلد الشيخ مع نهاية عام 1947 إلا أن معنويات أهالي القرية بقيت عالية ولم يغادرها إلا عدد قليل جداً من السكان (غالبهم من العمال العرب الذين كانوا يعملون في حيفا وأصولهم من مدن عربية وفلسطينية أخرى المقيمين في تجمع حوّاسة).

في تلك الفترة تداول الفلسطينيون كثيراً من الإشاعات والأنباء حول مصير الناس وقراهم وممتلكاتهم في حال احتل الصهاينة البلاد، وحلوا محل البريطانيين، ومع وقوع مذبحة دير ياسين ثم سقوط حيفا يوم 21-4-1948، ازداد القلق والتوتر في نفوس أهل القرية الأمر الذي دفعهم للتفكير بشكل جدي بضرورة المغادرة وترك القرية، من أبرز المعتقدات التي جالت في بال أهل القرية في تلك الفترة :

  1. مذبحة دير ياسين التي وقعت يوم 9 نيسان/أبريل 1948 والخوف من أن يتكرر هذا الأمر في حال هاجمت العصابات الصهيونية القرية.
  2. سقوط مدينة حيفا، إذ رأى غالبية الناس أن مدينة حيفا ومالديها من سلاح ومقاتلين سقطت بيد الصهاينة فماذا سيكون حال القرية محدودة السلاح والإمكانيات العسكرية؟ .
  3. الأمل أن تتغير موازين الحرب لصالح الفلسطينيين بعد أن تدخل قوات جيش الإنقاذ العربي يوم 15 أيار/مايو 1948.
  4. دور الصحف وإذاعتي (الشرق الأدنى، وهنا إسرائيل) التي تناولت وهولت حجم الخسائر العربية مقابل حجم التفوق الإسرائيلي، أيضاً لعبت دوراً نفسياً لدى أهالي القرية الذين اقتصرت أسلحتهم وذخائرهم على الأسلحة التي كانوا قد اشتروها بأموالهم الخاصة من دمشق قبل عدة أشهر وكانت مع سقوط حيفا على وشك النفاد.
  5. الإشاعات التي تناقلها أهالي القرى الفلسطينية عموماً بضرورة ترحيل النساء والأطفال "لأماكن آمنة" ريثما تدخل قوات جيش الإنقاذ العربي وتعيدهم لمنازلهم وقراهم، خصوصاً بعد الأنباء التي تم تداولها حول الاعتداء على النساء واغتصابهنّ من قبل الجنود الصهاينة في قرى وبلدات تم احتلالها قبل ذلك التاريخ.
  6. موقع القرية الإستراتيجي على الطريق الواصلة بين حيفا وجنين من ناحية، وقربها من مستعمرة نيشر ومدينة حيفا التي سقطت بيد الصهاينة قبل أيام قليلة من ناحية أخرى.

كانت الخطة "دالت" تقتضي أن يحتل لواء كرميلي قريتيْ بلد الشيخ، وياجور أثناء عملية احتلال مدينة حيفا، حاصرت وحدات من الهاغاناه بلد الشيخ لعدة أيام تزامناً مع المفاوضات التي قام بها "ريدن" مختار مستعمرة نيشر والذي كان إلى حدٍ ما على علاقة طيبة مع أهالي بلد الشيخ قبيل اندلاع الحرب.

أرسل "ريدن" بدوره رسالة لسكان بلد الشيخ مفادها أنه يضمن لهم بقاءهم في منازلهم وقريتهم آمنين مقابل تسليم 146 بندقية يملكها أهالي القرية كذلك الرجال المدافعين عن القرية، ذهب رجال من القرية إلى نيشر وسلموا 13 بندقية فقط، أخبرهم "ريدن" أن الأمر بات خارجاً عن إرادته ولم يعد بإمكانه التدخل في المفاوضات إضافةً إلى أن المطلوب تسليم 146 بندقية وليس 13 فقط، في تلك الأثناء كانت نساء وفتيات القرية إضافةً للأطفال والشيوخ  قد غادروا البلد بمساعدة شاحنات بريطانية وبقي في البلد الرجال والشباب فقط (سواءً كانوا مقاتلين أم لا) كانت أيضاً هناك شائعة كبيرة حول اغتصاب النساء والفتيات من قبل اليهود في حال هاجموا القرية الأمر الذي دفع النساء للمغادرة بأسرع وقت، استقر المغادرون في مدينتي الناصرة وجنين أما الرجال فلم يغادروا القرية، ويوم 24 نيسان/أبريل عند الساعة الخامسة فجراً بدأت المدافع والدبابات الصهيونية تقصف القرية التي بقي رجالها يقاومون حتى الرصاصة الأخيرة .

سقطت القرية بيد العصابات الصهيونية في ذلك اليوم أي يوم 24 نيسان/ أبريل 1948، غادر من بقي من رجال القرية بلدتهم عن طريق الجبل أو متنكرين