التاريخ النضالي والفدائيون - صرفند العمار - قضاء الرملة

عملية باراك وما رافقها من عمليات ضد أهالي صرفند

تعرضت قرية صرفند العمار للكثير من الحملات التفتيشية التي كان يشنها الصهاينة بدعم من الجنود الانجليز، حيث يقومون بتفتيش البيوت وتخريب محتوياتها بحثاً عن أي شيء يمكن أن يدين رجالها، وفي هذا السياق تروي الحاجة غالية العطار وتقول: "كان الجنود يدخلون القرية كل يومين أو ثلاثة لتفتيشها، فيعمل أهالي القرية على إخفاء ما يمكن أن يسبب لهم المشاكل، من كانت لديها سكين تخبئها، ومن يملك رصاصة يخفيها، وعندما لا يجد الجنود شيء في الدور يقومون بتخريب محتويات المنزل، فيسكبوا الدقيق على الزيت، والزيت على العدس...ويقوموا بتكسير الأبواب والنوافذ". [1] ثم تلا ذلك العديد من الهجمات المباشرة منها:

  1. عبوات ناسفة في قاعدة الجيش:

في صباح 2 كانون الثاني/يناير 1948، اكتشف العاملون من العرب في قاعدة الجيش البريطاني الضخمة في صرفند العمار، اثنتي عشرة عبوة، كانت مؤقتة كي تنفجر ظهراً، عندما يصطف هؤلاء العمال لقبض رواتبهم الأسبوعية. وقد لاحظت صحيفة (فلسطين) أن أياً من العمال الصهاينة لم يحضر إلى القاعدة للعمل في ذلك اليوم، لافتة النظر إلى أن الجماعات الصهيونية المسؤولة عن العملية كانت حذرتهم. [2]

  1. اعتداء في المقهى

في فترة ما بعد ظهر يوم 19 كانون الثاني/يناير 1948، مر ثلاثة في سيارة يهودية بمقهى عربي في الصرفند وأطلقوا الرصاص على من فيه، فقتلوا رجلا وجرحوا ستة آخرين[3].

  1. تدمير مبنى للمقاومة

في 15 نيسان/ أبريل 1948, شنت مجموعة من لغامي الهاغاناه غارة على صرفند العمار. وقد توغل المهاجمون في عمق الأراضي العربية- استنادا إلى رواية لصحيفة نيويورك تايمز ودمروا بناء مؤلفاً من ثلاث طبقات. وذكرت السلطات البريطانية أن 16 شخصاً قد قتلوا تحت أنقاض البناء، وأن 12 جرحوا. أما المهاجمون فقد زعموا، في بيان أصدروه أن البناء كان يستعمله مجاهدون تابعون للشيخ حسن سلامة، قائد منطقة يافا- الرملة- اللد- غزة، وأن 39 شخصا قتلوا في الغارة. [4] كما ذكر أن المقاتلين كانوا قد وصلوا إلى المكان بعد منتصف الليل، واقتحموا السور، وفتحت وحدات المشاغلة النار على نوافذ المبنى المضاءة، مما جعل العرب يردوا بنيران قوية، وفي هذه الأثناء تسللت وحدة الاقتحام إلى ساحة المبنى وأدخل عشرون مقاتلاً 400 كلغ *T.N.T جلبوها معهم وشرعوا بوضعها في اماكنها مما تسبب بتفجير وانهيار المبنى على من فيه، إلا أن القائد نفسه لم يكن في المبنى تلك الليلة.[5] وفي هذا السياق يذكر د. محمد الهبلي ما كان يسمعه من والده: "كان هناك مبنى يسمى الملجأ، وكان يستعمله المقاومون بقيادة حسن سلامة، وفي أحد الأيام تمكنت العصابات الصهيونية من التسلل، وقامت بنسف هذا المبنى مما أدى إلى استشهاد العديد من الرجال، فكانت هذه العملية نقطة تحول في حياة أهالي صرفند حيث شعروا بالتهديد والخطر لقرب موقع العملية من قلب القرية، فقام عدد كبير منهم بالرحيل إلى اللد، ومن بينهم والدي الذي أخذنا مع الوالدة، حيث كان يرى أنه ان تأخرنا بالرحيل، فسيأتي يوم نرحل به سيراً بدلاً من أن نرحل راكبين، وطلب من أخيه ووالده أن يذهبوا معه، لكنهم رفضوا وآثروا البقاء، حتى جاء اليوم الذي توقعه والدي واضطروا للرحيل سيراً على الأقدام" [6]

 

  1. عملية باراك

منذ النصف الأول من شهر أيار /مايو 1948 شرع لواء غفعاتي في الاعداد لعملية (باراك) والتي قاموا من خلالها بعمليات تطهير عرقي في منطقة الرملة وضواحيها، حيث قامت الكتيبة الثانية من لواء غفعاتي في 19-20 مايو، وفي سياق عملية باراك باحتلال معسكر صرفند، فعندما غادر الجيش البريطاني فلسطين، في منتصف أيار/ مايو، سمح للقوات العربية باستلام القاعدة العسكرية التي كانت تشغل مساحة تقارب 500 أكر. وقد نقلت نيويورك تايمز عن وزير خارجية الاحتلال، موشيه شرتوك (شاريت)، قوله: "إن المؤسسات اليهودية ابتاعت القاعدة، وإنها سلمت على الرغم من ذلك إلى العرب". واستنادا إلى تاريخ حرب الاستقلال فقد سلم الموقع إلى القوات العربية في 14 أيار/ مايو. ولقد طردت القوة العربية شبه النظامية الصغيرة المرابطة هناك بعد خمسة أيام، نتيجة هجوم ذي شعبتين شن عليها من الشمال ومن الجنوب الشرقي، ذلك بأن تشكيلة الدفاع لدى تلك القوة العربية لم تكن معدة إلا لهجوم من مستعمرة ريشون لتسيون المجاورة (إلى جهة الغرب). ونقلت وكالة إسوشييتد برس، عن مصادر صهيونية لم تفصح عن اسمها، أن الصهيونيين وفروا 2,5 مليون دولار بالاستيلاء على تلك القاعدة، وهو المبلغ الذي كانوا عرضوه، فيما روي، (ولم يدفعوه قط) ثمناً للقاعدة، وقد أعلنت المصادر عينها أنها تأمل بالاستفادة من أبنية القاعدة لإيواء 20000 مهاجر يهودي جديد. ومن المحتمل أن يكون سكان القرية قد فروا أو طردوا في الوقت نفسه. [7] 

  1. عملية داني

لم تكتفي العصابات الصهيونية وجنود الاحتلال بما قاموا به من عمليات على أهالي الرملة بشكل عام وصرفند بشكل خاص، فقاموا بوضع خطة عسكرية بهدف احتلال مدينتي اللد والرملة عرفت باسم (عملية داني Dani)، حيث احتلت المدينتين والقرى المحيطة بها يوم 8-9 تموز/يوليو1948، وطرد 60-70الف شخص منهما بأوامر مباشرة من اسحق رابين وبموافقة بن غوريون، وفي يوم 11 تموز/يوليو شنت قوات الاحتلال هجوما من جهة الشرق، وتم قصف المدينتين بمدافع المورتر والطائرات قصفاً شديداً، كما تعرض سكان قرية صرفند والذين التجأوا إلى مسجد اللد، مع بعض سكان القرى الأخرى إلى مجزرة، عرفت باسم مجزرة اللد أو مجزرة مسجد اللد، حيث تم اطلاق النار على المدنيين في الشوارع دون تمييز، وقتل كل من لجأ إلى مسجد دهمش (مسجد اللد)، وبلغ عدد القتلى وفق المصادر إلى 426 شخص، منهم 167 قتلوا داخل المسجد[8]، وطرد السكان تحت فوهات البنادق في حر تموز/يوليو أثناء شهر رمضان، مما تسبب بسقوط الكثير من المسنون والأطفال صرعى العطش. ونهب جنود الاحتلال النقود وحلي النساء وكل ما هو ذا قيمة. [9] يقول الدكتور محمد الهبلي " رحل معظم أهالي صرفند بعد قصف الملجأ إلى اللد، فقام الصهاينة بقصف اللد وجامعها بالطائرات، واستشهد عدد كبير، مما أجبر الناس على النزوح والهجرة مجدداً إلى مناطق أخرى أكثر أماناً.. فكانوا كلما وصل أو اقترب جنود الاحتلال من المنطقة التي هم فيها رحلوا إلى منطقة أخرى.." [10]

 المراجع:

[1]. سلامة، مقابلة تاريخ شفوي للنكبة الفلسطينية مع السيدة غالية العطار من قرية صرفند العمار-الرملة المحتلة

[2]. الخالدي 232

[3]. مصالحه 150

37. الخالدي 232

[5]. حرب فلسطين1947-1948 الرواية الاسرائيلية الرسمية .459-460

[6]. مقابلة شخصية مع د.محمد الهبلي

[7]. حرب فلسطين1947-1948 الرواية الاسرائيلية الرسمية 551، الخالدي 232-233

[8]. العارف. النكبة الفلسطينية والفردوس المفقود 605

[9] تمراز.طرد الفلسطينين في الفكر والممارسة الصهيونية 370-371، أبوستة 89

[10]. مقابلة شخصية مع د.محمد الهبلي