القرية اليوم - صرفند العمار - قضاء الرملة

كيف أصبحت القرية بعد النكبة؟

كغيرها من القرى المحيطة بالرملة، تم نهب كل ما يمكن نهبه، كما تم تدمير قرية صرفند العمار بالكامل، حتى مسجد القرية الوحيد، والذي يعود للعهد العمري، وتم إعادة بنائه في العشرينات في العهد العثماني من حجارة قرية عنابة، فلم يسلم منهم وقاموا بهدم أجزاء منه[1]، وبات الموقع الذي يحتوي على ما يمكن اعتباره أكبر معسكر لجيش الاحتلال، وعلى قاعدة جوية، يعد منطقة عسكرية مغلقة. ولم يبق من القرية إلا ستة منازل، معظمها مهجور، غير أن الإسرائيليين يشغلون منها منزلا أو منزلين، بعد أن أكملوا طرد سكانها، وتطهيرها عرقيا بالكامل. أما الأراضي المحيطة، فيزرعها الإسرائيليون. [2] 

يروي د. سلمان أبو ستة في كتابه فلسطين الحقوق لا تزول ما حدث للقرى المهجرة بشكل عام ويقول "تلا ذلك حملة تدمير شاملة استمرت لما يزيد عن 15 عاماً جرى خلالها تدمير 53% من القرى التي جرى مسحها والبالغ عددها 418 قرية، تدميراً كاملاً، وتدمير 44.5% قرية تدميراً جزئياً. وهنا أيضاً كان الهدف الواضح من التدمير هو الحيلولة دون عودة اللاجئين"[3].

كان التدمير الذي قامت به قوات الاحتلال في البداية خلال المعارك لأسباب عقائدية، أو لمجرد التدمير الوحشي الذي لا مبرر له، ومن ثم وضعت خطة من قبل الوكالة اليهودية والصندوق القومي اليهودي، بعد اعلان قيام دولة (إسرائيل) مباشرة في أيار/مايو 1948 لتدمير القرى العربية، فنظمت قائمة تضم 40 قرية بداية ثم قائمة أخرى تضم 14 قرية، ليتم تدميرها بالكامل، كانت الفكرة هي إعادة توطين الصهاينة الشرقيين في بعض القرى، افتراضاً أنهم سيرتاحون في البيوت التي تحمل طابع العمارة العربية. إلا أن الصهاينة كانوا يشعرون بالقلق والتعاسة لسكنهم في مكان يعرفون أن أصحابه الأصليين طردوا منه ويسكنون في مخيم للاجئين، لا يبعد عنهم سوى بضع كيلومترات، فتولاهم خوف قاتل من مجيء اصحاب البيوت لاستعادتها ليلاً. وهذا الخوف سبب فشل توطين الصهاينة في القرى العربية، مما أدى إلى تسريع عملية تدمير هذه القرى، وذلك لتفادي الضغط الدولي من أجل السماح بعودة اللاجئين.[4]

من يعمر القرية الآن؟

في سنة 1949, أنشئت على أنقاض القرية مغتصبة تسريفين، التي تضم معسكراً لجيش الاحتلال. كما أنشئت مغتصبة نير تسفي في سنة 1954. وأنشئت مغتصبة تلمي منشيه في الجوار سنة 1953, وعلى الرغم من أنها قريبة من الموقع، فإنها مبنية فعلياً على أراضي قرية أبو الفضل المدمرة.[5]

في مطلع عام 2000 قام مجموعة من أهالي صرفند بالداخل المحتل، وبالتعاون مع مؤسسة الأقصى، بترميم ما تبقى من مسجد صرفند وإعادة بنائه، حتى يتمكن الزوار من الصلاة فيه، مما نشر الفرحة في قلوب أهالي صرفند، لشعورهم أن هناك وتداً قد عاد إليهم. لكن جاءت قوات الاحتلال بتاريخ 25 تموز 2000 بهدمه مجدداً، وكأنهم يقوقون لا تحلموا بالعودة أو الرجوع إلى قراكم المهجرة. يقول الرائد صلاح: "نجحنا في ترميم المسجد ترميماً مادياً، واكتمل الترميم، وصلينا فيه كاستعداد لافتتاح المسجد باحتفال كبير يليق بهذا المسجد، لكن قبل أيام من موعد الاحتفال، جاءت جرافات مجهولة ولا يمكن الا ان تكون مربوطة مع المؤسسة الإسرائيلية ودمرت المسجد، ولم يبق منه إلا بقايا وأكوام من الحجارة". هناك الكثير لم يكن يعلم أن هناك قرية اسمها صرفند، أو سمع عنها مجرد سماع، لكن بعد هدم المسجد، أصبح يؤم هذا المسجد العديد من الأهل من الداخل، ومن النقب حتى آخر الجليل، ومن المدن الساحلية والقدس والضفة الغربية، وأصبح هناك العديد من الأشخاص الذين يرابطون فيما تبقى من المسجد، ويقيمون فيه ما تيسر من الصلوات، خاصة الجمعة والتراويح في شهر رمضان، حيث تحولت صرفند إلى ملتقى لحق العودة، مع كل الدمار الذي وقع عليها.[6]

كما حاولت بعض شركات دولة الاحتلال إقامة مبان انشائية على أرض مقبرة قرية صرفند العمار المهجرة، وذلك في العام 2007، حيث نجحت (مؤسسة الأقصى لإعمار المقدسات الإسلامية) بإبطال هذا المخطط، حيث إن محاميها محمد سليمان، توصل إلى اتفاق مكتوب مع محامي الجهات الإسرائيلية، تعهد هؤلاء بموجبه بعدم إقامة مبانٍ على أرض المقبرة آنياً ومستقبلاً.. وكانت مؤسسة الأقصى استصدرت قبل أشهر أمراً احترازياً، من المحكمة العليا الإسرائيلية، ضد شركة " تنوفوت تسريفين " وما تسمى "دائرة أراضي إسرائيل" و"سلطة الآثار الإسرائيلية"، يمنع هذان الطرفان بمقتضاه، من إقامة مبانٍ على أرض مقبرة صرفند العمار المهجرة عام 1948، وبالفعل توقفت الأعمال، ومن خلال متابعة من قبل مؤسسة الأقصى، تم التوصل مؤخراً، إلى اتفاق مع الجهات الإسرائيلية التي تعهدت خطياً بعدم تنفيذها أعمال إنشائية في المقبرة، في الوقت الراهن وفي المستقبل أيضاً. وإثر التوصل إلى هذا الاتفاق، قررت المحكمة العليا الإسرائيلية، شطب ملف الالتماس المذكور، فيما تضمن الاتفاق احتفاظ مؤسسة الأقصى بحق التوجه إلى المحكمة العليا، في حال تعرض مقبرة صرفند العمار للانتهاك مجدداً.[7]

المراجع

[1] . سلامة، مقابلة تاريخ شفوي للنكبة الفلسطينية مع الحاج محمد عبد الرحيم من قرية صرفند العمار-الرملة المحتلة

[2]. الخالدي 233

[3] . أبوستة 126

65 . أبوستة 126

[5]. الخالدي 233

[6] . الجزيرة. إفطار مع مجموعة من أهالي قرية صرفند المهجرة في الداخل المحتل

[7] . وفا. مؤسسة الأقصى تنجح في إبطال إقامة مبانٍ إنشائية لشركات إسرائيلية على أرض مقبرة قرية صرفند المهجرة