القرية اليوم - عين غزال - قضاء حيفا

 القرية بعد النكبة:

      بعد ارتكاب العصابات الصهيونيّة المجازر في مثلث حيفا؛ إجزم وجبع وعين غزال، تم احتلال المنطقة في نهاية تموز/ يوليو 1948 وهجّر آلاف الفلسطينييّن باتجاه مدينة جنين في الضفّة الغربيّة عن طريق عارة وعرعرة، فمنهم من سكن المدارس ومنهم من سكن معرشات ومنهم من سكن المخيّمات. ومن ثم غادروا الى الأردن وسوريا، وعدد قليل لا يتجاوز الـ(2500) فلسطيني تم نقلهم في سيّارات الجيش العراقي عبر مدينة جنين إلى العراق بقيادة قائد الفرقة العراقيّة الّتي كانت متمركزة في الساحل الفلسطيني الضابط عمر علي.

       تشير المصادر إلى أنَّ (143عائلة) إلى جانب بعض الأشخاص تشبثوا وآثروا البقاء في عين غزال بعد خروج النّاس منها، إلّا أنّهم  لقوا حتفهم على أيدي اليهود، كان منهم فيصل حسن وقاسم أبو القاسم وبعد ذلك هاجر أهل القرية إلى الأردن وسوريا ولبنان ومنهم من أقام في قرية الفريديس القريبة من القرية.

 المحطة الأولى بعد الخروج من القرية:

       بعد دخول اليهود وخروج أهل القرية  بأربعة أيام عاثوا فيها فسادا وإمعانا في الصف والوحشية فقد عملوا أولا على تدمير البيوت جزئيا ،ثم أتبعوا ذلك تدميرا كاملا بالجرافات حتى جعلوها أثرا بعد عين ،(ويمكن رؤية أنقاض الجدران في أرجاء الموقع كلّها )ولم يبق منها إلا مقام الشّيخ شحادة والمقبرة الّتي ظلّت شوكة في حلوقهم إلى أن أعادوا الكرّة مرّة أخرى في عام1994 محاولين نبشها بالجرّافات ومتعلّلين أنّ تلك العمليّة وقعت بالخطأ، غير أن الرجال الشرفاء من أبناء قريتي أم الفحم والفريديس انتصروا لرفات جدود أهالي القرية فسارعوا لوقف عمليّة الجرف تلك ومنع الجرّافات من إتمام عملها ،ثم انّهم أعادوا بناء القبور الّتي دُمّرت، وأقاموا سياجا شائكا يحيط بها ،هذا وقد حوّل اليهود المحتلون القرية إلى غابة من الأشجار الحرجية ،كما أنّهم بنوا شرقيها في منطقة المناطير مستعمرة سميت عين إيالة ظانين أنّهم بفعلتهم هذه سيمحون أسم عين غزال الى الأبد وناسين أنَّ الله تعالى أقوى منهم وأنّه لهم بالمرصاد.

وفي الرّابع والعشرين من يوليو تموز من كُل عام،  يحتفي المستوطنين اليهود في القرية بالذكرى السنويّة لتأبين ما يصفونهم " الشهداء اليهود " والّذين قُتلوا من قِبل مُجاهدي القرية العَربية المُدمّرة في يوم السّبت الرّابع والعشرين من يوليو تموز سَنة 1948. ([1])


 ابناء القرية بالشتات:

      لجأ معظم أهالي قرية عين غزال المدمّرة والمهجّرين إلى سوريا (مخيم درعا في مدينة درعا ومخيم الرّمل في اللّاذقية ومخيم النيرب في حلب ومخيم اليرموك في دمشق) بالإضافة الى انتشارهم في الضفّة الغربيّة وفي العراق وفي كثير من أماكن اللجوء الأخرى ومازال أهالي قرية عين غزال في الدّاخل والشّتات كغيرهم من أهالي قرى فلسطين ومدنها ينتظرون العودة ويحتفظون بالأوراق (الكواشين) الّتي تثبت ملكيتهم للأرض بالإضافة إلى مفاتيح بيوتهم في القرية. بالرغم من مرور أكثر من سبعة عقود على النّكبة الكبرى، لم تتوقّف معاناة أهالي مثلث الكرمل الّذين طردوا من قراهم تحت وطأة المجازر الصهيونيّة المنظّمة. ففي العاشر من نيسان/ أبريل -2002 ارتكب الجيش الصهيوني مجزرة مروّعة في مخيم جنين في الضفّة الغربيّة، الّذي تعود أصول غالبية سكانه إلى قرى مثلث الكرمل، ذهب ضحيتها المئات بين شهيد وجريح، وذلك بعد صمود مشهود له، وتجسدت فيه روح الوحدة الوطنيّة بين كافة الفصائل في مواجهة الاحتلال. 

      في عام 2012 تم تدمير أجزاء كبيرة من مخيمي اليرموك ودرعا واستشهاد المئات من اللّاجئين الفلسطينيّين، وهجر الآلاف منهم إلى المنافي القريبة والبعيدة، حيث يمثل أهالي مدينة حيفا وقراها ومن ضمنها قرى المثلّث إجزم وجبع وعين غزال، نسبة كبيرة من إجمالي عدد اللّاجئين الفلسطينيّين في سوريا.

[1] منشور لإيهاب سليم منشور في جريدة دنيا الوطن.