الثروة الزراعية - الدوايمه - قضاء الخليل

_ الزراعة في الدوايمة  :

زرع سكان آلقرية القمح والشعير والذرة البيضاء وبعض ألخضروات  والقتّائيات وأشجار التين والعنب والصبر والرمان والزيتون ( بلغت المساحات المزروعة زيتونا في الدوايمة نحو 1952 دونما عام 1931م (2)، وكان يوجد معصرتان لزيت الزيتون (3) ،واستخدم أهل القرية في زراعتهم للأرض أساليب بدائية بسيطة ( تقليدية ) كالمحراث الخشبي المصنوع من خشب الزيتون أو البلوط وكان يتم استئجاره أحيانا من نجار القرية مقابل 4( أربعة ) صاعات ،الصاع = 2.245كغم  (4) ، من المحصول، كما استخدموا الحيوانات المتوفرة لديهم (الابقار والجمال والبغال والحمير ) لجر المحراث ، إضافة لاستخدامها في نقل ودرّس ( هرّس ) المحصول الزراعي ، وقد بدأ استخدام المحراث الميكانيكي ( التركتور) عام 1942م ، وكان يتقاضى مالكه من 20إلى 30 قرشاً فلسطينياً مقابل الدونم الواحد (5) أما السماد فكان استخدامه قليلا ومصدره روث الحيوانات التي يريبها أهل القرية ، وكان أهل القرية في الغالب يقومون بحصاد محاصليهم باستخدام المنجل أو القالوش ويجمعونها وينقلوها على دوابهم إلى الجرون ( البيادر ) ويدرسونها ( هرس المحصول اليابس ) بلوح تجره حيواناتهم ، فوسائلهم وأساليبهم كانت تقليدية ، ولم يستخدموا الوسائل الميكانيكة الحديثة ، وكان البعض من أهل القرية يلجأ إلى   

تأجير أرضه من أجل زراعتها لانه لا يملك ثمن الامكانيات لذلك ، فكان يقدم الارض فقط ، مقابل حصوله على خمسي إنتاجها في ذلك العام وباقي الانتاج يذهب للمستأجر الذي يتحمل تكاليف زراعة الارض وجني المحصول (المخامسة ) وكان البعض ممن لا يتوفر لهم العدد الكافي من اليد العاملة يستأجرون شخصا ( مرابع ) أو شخصين للقيام بالاعمال الزراعية أو رعي ألاغنام مقابل أجر سنوي من المحصول الزراعي أو الحيواني في ذلك العام .

وبسبب عدم المقدرة المالية لكثير من أسر البلدة التي تعتمد أساسا على الزراعة في معيشتها ، ولجأت لأخذ القروض من ألمرابين من بعض تجار مدينة الخليل ألقريبة ، فقد كان ألمرابي يأتي إلى البلدة في موسم الحصاد لاسترداد ألقروض النقدية التي قدمها للفلاحين عند بدء الموسم وتشمل قيمة ألبذار وأي تكاليف أخرى لزراعة ألمحصول ، وذلك من المحصول نفسه ، حيث يحسبه بسعر زهيد غالباً ما يفرضه المرابي على جميع من تعامل معه ، علما أن المرابي كان يقيم طوال فترة الحصاد في ضيافة الفلاحين وكرمهم الفطري ،رغم معرفتهم بحرمة التعامل مع المرابي ، ولكنها الحاجة الملحة.

أما حكومة الانتداب البريطاني ، فقد ضاعفت معاناة الفلاحين في عموم فلسطين ومنهم فلاحو الدوايمة ، وذلك بإغراق القرى الفلسطينية بالقمح الاسترالي وغيرة من الحبوب ، مما أضطر الفلاحين لبيع محاصيلهم بأسعار زهيدة ، وأصبحت زراعة الارض غير مربحة بل غير كافية لسدّ حاجاتهم المعيشية ، فلجأ بعضهم إلى رهن أرضه ، ولجأ أخرون إلى إهمالها والذهاب إلى المدن المجاورة بحثا عن العمل في معسكرات الجيش البريطاني المنتشرة في فلسطين ، وهذا كان من ضمن مخططات حكومة الأنتداب البريطاني وحكومة الظل الصّهيونية ، لفك الارتباط بين الفلاح الفلسطيني وأرضه ، تمهيدا لتوفير القاعدة الأساس للدولة الصهيونية وهي الأرض ، وجدير بالذكر أن أهل القرية أسّسوا " جمعية تعاونية عام 1937 م وذلك من أجل إقراض الفلاح لمدة سنة "(1).

ولمّا كان معدل التساقط السنوي للأمطار في منطقة أراضي الدوايمة ، نحو 350 ملم وهو الحد الادنى الازم للزراعة البعلية ، فكانوا يزرعون المحاصيل الشتوية في المناط الغربية من أراضيهم ( القمح والشعير ) ، والمحاصيل الصيفية في المناطق الشرقية ( الذرة البيضاء والعدس والكرسنة)، كما أن العناية بالأرض وإعدادها للزراعة وجني محاصليها وحمايتها أحيانا ، وما يتطلبه ذلك من وقت ، وبعد 

المسافة عن مكان السكن في قصبة البلد وعدم توفر وسائل المواصلات ، كان يُجبرالسكان على إلإقامة لشهرين أو أكثر في الخرب القريبة من أراضيهم المزروعة أو أماكن رعي أغنامهم وتربية حيواناتهم ، ومن هذة الخرب ،" المصّادة ودير خروف ورسم إرسوم ( رسم الرسوم ) وحزانة وجنتّا والباشا(1) ، كما أعتنى أهل القرية بأشجار الزيتون الرومي القديمة وبالأشجار الطبعية التي قدمتها لهم الطبيعة كالخروب والبطم والبلوط والسويد والزعرور والعذق ( السريس ) ، كما أقتات السكان من جمع وإلتقاط بعض النباتات العشبية الطبيعية كالزعتر والميرمّية والسّلق والحُمّيض واللسّنية والقًريص والبُريد والجلاتون والسّعيسّعة والبسُوم .         

  • تربية ألحيوانات ( الثروة الحيوانية )

اهتم سكان القرية بتربية الاغنام والابقار والجمال والدواجن من الطيور والأرانب مما وفر مصدرا رئيسيا لغذائهم من اللحوم والبيض والألبان ومشتقاتها ، واستفادوا من الأصواف والجلود في توفير احتياجاتهم من الملابس وبيوت الشّعر والادوات اللازمة لمعيشتهم ، كما أهتموا باقتناء البغال والحمير التي ساعدتهم في أعمالهم الفلاحية من حراثة الارض ونقل المحاصيل ومعالجتها وإعدادها للاستهلاك ، وكانت الثروة الحيوانية من مصادر الدخل الرئيسية بعد الزراعة في القرية ، إذ كانت توفر مصدر دخل للمقايضة أو للبيع والحصول على مقابل نقدي لشراء حاجات أخرى لازمة في حياتهم كالملابس والحلي وغيرها .

وكان كلّ أفراد العائلة القادرين يعتنون بحيواناتهم ورعيها إلى جانب نشاطهم الزراعي ، وإذا لم يتوفر العدد الكافي من اليد العاملة في العائلة ، أو كان عدد القطيع كبيراً ( تراوح عدد قطعان الأغنام لدى كثير من آلأسر ضمن 27 عشيرة أو حمولة ، ما بين 200 و300 رأس ، أما آلابقار والجمال كانت قليلة وفي حدود آلحاجة إليها ) (2) ، فكانوا يستأجرون راعياً أو اثنين من الرعاه مقابل أجرة من آلمنتوج آلزراعي أو آلحيواني ( ما يقارب آلعُشّر من ألانتاج آلحيواني من آلــــمواليد

آلجدد للحيوانات لتلك آالسنة ) (3) ، فالنقود كانت شحيحة ، ولم تكن حرفة آلرعي في أراضي آلبلدة  سهلة ، فالراعي كان يجوب مساحات شاسعة من أراضي المشاع غير المزروعة ، حتى يحصل قطيعه على حاجته من العُشب والمياه، فكان الراعي يبذل جهدا كبيرا لتوفير مياه آالشرب لقطيعه من آلآبار شبة آالجافة آالتّي تغور 

مياهها لعشرين متراً أو أكثر أحيانا ، في فصل آلصيف آالجاف ، وكان عليه أيضا حماية آالقطيع نهاراً وليلا ًمن خطر اللصوص ومن مهاجمة آلذئاب وآالضباع ، وعليه ، أيضا أن يُعّزب ( يقيم ) مع قطيعه لأشهر في كهوف آلخرب آلمتباعدة خلال فصلي آلشتاء وآلربيع ، حيث يتجمع أكثر من قطيع في الخربة آالواحدة ، فتأتي آلأسر صاحبة آالقطعان لتُعزّب في الخربة ( تقيم فيها )   

   وقد أعتمد آلسكان بدرجة كبيرة وبسبب ندرة آالسيارات وآجورها آالنقدية ، على آالجمال وآلبغال وآلحمير في تنقلاتهم داخل القرية وخارجها وإلى آلقرى آلمجاورة لبيع آلفائض من منتجاتهم ولشراء حاجاتهم من أسواقها آلاسبوعية ، أمّا آلخيل فكانت قليلة وكذلك استخدامها فقد كان محصوراً على الشيخ أو آلشيوخ وآلموسرين وهم قلة .

يضاف إلى ذلك استفادة بعض سكان آلقرية من آلنحل الطبيعي وما ينتجه من آلعسل واستفادتهم من صيد آلحيوانات آلبرية وآلطيور ، فقد نشط آلعديد من رجال آلقرية وشبانها وكانوا يجوبون تلال آلقرية وسهولها وأوديتها وكهوفها وأجماتها بحثاًعن آلغزلان وآلارانب آلبرية وآلحمام آلبري وآلشنار وغييره من آلطيور لصيدها.

وفي هذا آلسياق كان هناك تفاوت في نوعيّة معيشة آلأسر في القرية يعتمد على ما تستطيع آلأسرة توفيرة من مصادر آالغذاء آالطبيعي ( آلمونّة )كالحبوب من قمح وشعير وذرة بيضاء وعدس واللحوم وآللبن آلجميد وآلمخيّض وآلسمّن وآلكشك ، إضافة إلى آلقطين ( آلتين المجفف) ولبايق آلقطين وآلزبيب وآلدبس والعنبية وآلعسل والبندورة آلمجففة وآلبيض وآلدقة وآلزعتر، وعلى ما تقتنيه من فرشات ولحف صوفية وبُسُط وسجاجيد ، ومما لا شكّ فيه أن الأسر آلتي كانت توفر ذلك على مدار آلعام كانت ميسورة آلمعيشية ، وغالبا ما إرتبط ذلك بمدى امتلاك آلارض الزراعية وآلاشجار آلمثمرة وآلقدرة على استثمارها وبعدد آلاغنام والماعز آلقدرة على آلقيام بالولائم آلعامة للقرية لدى مجيء ألضيوف من خارج آلقرية وفي آلمناسبات آلعامة والخاصة ، تلك آلولائم آلتي كانت تعجز عن آلقيام بها معظم ألأسر . 

______________________

  1. احمد العداربة ، قرية الدوايمة ، جامعة بير زيت ، 1997، ص 80
  2. بلادنا فلسطين ، مصطفى الدباغ ، 1991م ، ص 284
  3. احمد العداربة ، قرية الدوايمة ، جامعة بير زيت ، 1997، ص 83
  4. احمد العداربة ، قرية الدوايمة ، جامعة بير زيت ، 1997، ص 90
  5. احمد العداربة ، قرية الدوايمة ، جامعة بير زيت ، 1997، ص 87