تاريخ القرية - الدوايمه - قضاء الخليل

 

نشأة الدوايمة

أدت حالة الفوضى و عدم الإستقرار التي عاشتها فلسطين ، و ارجاء أخرى من بلاد الشام . في عهود خلت . إلى جعل كثير من المناطق ، تشهد فراغا سكانيا أو شبه فراغ . بعد أن باتت حياة الناس فيها ، حياة خوف و تنقل من منطقة إلى أخرى ، حيث يوجد الأمن و السلام و الرزق . من هنا فإن الباحث في تاريخ نشأة أي قرية ، لا يستطبع ان يقطع ببدايات و كل ما يمكن التثبت منه بخصوص النشأة الحديثة لمدينة الدوايمة ، انها تعود إلى بضعة قرون من السنين . و قد يتفق ذلك مع مجئ العثمانيين إلى البلاد العربية في عام 1516م ، و قبل ذلك بقليل ، على أنقاض دواة الممالك . و المعروف بين أهالي الدوايمة بالتواتر و التوارث ، ان ( الزعاترة ) هم أول من سكنوا الدوايمة في و قتنا الحاضر . و ذلك بعد أن ارتحل اليها جدهم الشيخ - حسين بن أحمد الكيلاني و عائلته- من خربة البرج في دورا ، و سكنوا بعض مغارات خربة المجدلة . و مع مضي الوقت ، أخذت أفواج اخرى من العائلات و الأسر و الأفراد ، في التوافد على الدوايمة و الإستقرار فيها ، يحرثون ويزرعون ، في حياة هادئة . فكثر سكانها و كبر حجمها . فغدت قرية كبيرة ، بعد أن كانت خربة بسيطة . و كانت من أوائل العائلات التي سكنت الدوايمة ، بعد الزعارة ، عائلة الشيخ علي من احفاد الشيخ عبد السلام بن مشيش . الذي كان يقطن في بلاد مراكش ( المملكة المغربية اليوم ) . و الشيخ علي بن عبد الدايم بن أحمد الغماري بن عبد السلام بن مشيش . و يروي بان جده " احمد الغماري " ، كان رجلا مباركا ، قدم المغرب العربي ، قصد الحج ، ثم جاور في المدينة المنورة فترة من الوقت ، رحل بعدها مع عدد من الحجاج المغاربة ، لزيارة المسجد الأقصى . ثم انتقل بعدها إلى منطقة الخليل ، و سكن قرب بلدة الظاهرية ، ثم تزوج من عائلة ابي علان ن وله فيها مقام معروف ، يزوره الناس في مناسبات كثيرة . اما الشيخ عبد الدايم ، فقد اشتغل جابيا للدولة العثمانية لفترة من الوقت ن ثم اتهم بالتعامل مع معارضي تلك الدولة ن فحكم عليه بالإعدام ، بقطع رأسه في ساحة باب الخليل في القدس . و لم يلبث أبناء جلدته المغاربة ، ان اقاموا له مقامين مقام فوق جثته ، و مقام فوق راسه ، يبعد قليلا عن المقام الأول ، و هما لا يزالان شاهدين حتى اليوم في نفس المكان الذي اعدم فيه الشيخ . و على ذلك ترك ابنه الوحيد ، الشيخ على - قرية الظاهرية

 و نزل خربة المجدلة بجوار مساكن الزعاترة ، و ابو قطام . وقد نشات علاقة مصاهرة بينه و بينهم . و بعد وفاته ، اقيم على قبره مقام كبير ، يقع فوق جبل عال ، غرب الدوايمة بحوالي 4كم . أطلق عليه اسم الشيخ علي . تحيط به اشجار حرجية كثيفة ، كان الأهالي يزورونه في مناسبات مختلفة . و يروى بان الشيخ علي ، أنجب خمسة أولاد . أربعة منهم ، عاشوا في القرية ، و لهم فيها ذرار كثيرة . و هم اعمر و منصور و خليل و اسبيتان . اما الخامس ، و هو جاد الله فقد هجر القرية نهائيا ، و رحل إلى شمال فلسطين ، ثم استقر في قلقيلية ، من ذريته فيها عشائر الداود و شريم و نزال . و هناك جبل في الدوايمة ، كان لا يزال يحمل اسم جاد الله ، و هو جبل هيشة جاد الله .

الدوايمة عبر التاريخ

تمهيد

يستدل من الشواهد الأثرية و الحضرية ، التي عثر عليها الباحثون الأجانب في قرية الدوايمة ، و المناطق المجاورة لها ، أن تلك الأراضي ، شهدت عبر العصور المختلفة ، نشاطا سكانيا كبيرا و ليس في ذلك إقحام للقرية في غير موضعه كما يتخيل البعض . فهي لم تكن معروفة بإسمها الحالي - الدوايمة – في العصور الخالية . بل حملت أسماء أخرى . كما أنها لم تكن بمنأى عن التطورات التاريخية التي كانت تحدث في منطقة الخليل ، و فلسطين عامة . و لا نجد حرجا إذا قلنا ، أنه في خضم أحداث التاريخ ، كانت الدوايمة تتبع القلاع الحصينة على أطرافها . كقلعة لخيش - تل الدوير- في القبيبة ، و قلعة ماريسا في بيت جبرين . و إلا فبماذا يمكن أن يفسر ذلك الحشد الكبير من الخرب و الرسوم الأثرية في أراضي الدوايمة ؟؟، فلا شك أن كلا منها تحكي قصة أجيال نشأت أو استقرت في مراحل متباينة ، ثم انقرضت ، او هاجرت . و خير مصداق لما نقوله ، نورد اللمحات التاريخية التالية .

محطات تاريخية

  • ففي العصر التاريخي 3000 قبل الميلاد . نزل الكنعانيون أراضي منطقة الخليل ، و إليهم تنسب معظم مدن و قرى تلك المنطقة . و أن قرية الدوايمة ، ربما تقوم على البقعة التي كانت تقوم عليها قرية بصقة - BASCCA - الكنعانية .
  • و في القرن الثالث عشر قبل الميلاد ، نزلت جماعات امورية ، و هي قبائل عربية جنوب فلسطين ، و انشأوا لهم مدنا في مناطق لخيش ، وتل الحسي ، و تل النجيلة ، فضلا عن تجديد و توسيع مدينة لخيش نفسها ، و أحاطوها باسوار حجرية ضخمة قوية ، فصاروا بذلك يسيطرون على المواقع العسكرية جنوب فلسطين .
  • و عندما نزل الفلسطينيون في بلادنا ، قبل الميلاد ، باكثر من ألف عام ، من جزيرة كريت . امتد نفوذهم في الأراضي الداخلية حتى المرتفعات . فقد عثر في منطقة لخيش على نماذج الخزف ، أدخلوها معهم ، واوان خزفية للشرب و أخرى لشرب الخمرة .
  • و في زمن الممالك اليهود ، كانت الدوايمة ضمن نفوذ مملكة يهودا . و بعد ان فرغ نبوخذ نصر البابلي ، من تدمير هه المملكة . حاصر لخيش ، ثم أمر بتدميرها تدميرا كاملا ، و سبي سكانها .
  • و في العهد الروماني ، عادت لخيش و نهضت ، و أعيد لها بعض عمرانها و يدل على ذلك عشرات الكهوف و المغائر الكبيرة . فضلا عن بقايا معاصر الخمر ، و المدافن الجماعية المنحوتة في الصخر . و يقول الأهالي ، أن بعض الكهوف مقسم من الداخل إلى حجرات نوم ، و قاعات استقبال ، و بعضها الآخر ، ربما كان يستخدم نكثات للجيش .
  • و في صدر الإسلام ، و طئت أقدام المسلمين أراضي الدوايمة ، أثناء ز حفهم الأول بقيادة عمرو بن العاص ، لاحتلال قلعة بيت جبرين الرومانية .

و لما دانت كل فلسطين للسيطرة الإسلامية ، تدفق اليها عشرات العلماء و الفقهاء ، لوعظ و إرشاد المسلمين . فكان إن نزل أحدهم و يدعى - بشير بن عقربة أبو اليمان – منطقة الدوايمة ، ما لبث أن دفن في خربة تحمل اسمه حتى اليوم ، و هي خربة بشير ، بجوار فرية الدوايمة .

  • و في العصور الوسطى ، استولى الافرنج أثناء الحروب الصليبية على منطقة الخليل عام 1099م . و كانت من أملاك غود فري دي بوايون . و قد ورد ذكر الدوايمة في كتاباتهم باسم ( Bethawahin ) ، أي بيت واهين .
  • و اثناء معارك التحرير ، اتخذت جيوش صلاح الدين ، مواقع لها في أراضي الدوايمة ، لضرب الصليبيين في قلعة لخيش الحصينة . و لما رحل الافرنج عن قلعة الداروم قرب غزة ، و نزلوا على ماء الحسي ، قلاب الدوايمة من جهة الغرب ، خرج عليهم المسلمون ، و قاتلوهم قتالا شديدا . ثم انهزم الصليبيون و رحلوا عن الحسي ، و تفرقوا فريقين ، فريق ذهب إلى الساحل ، و فريق ىخر جاء بيت جبرين ، و كانت قلعتها لا تزال في أيدي الصليبيين .
  • و في عهد دولة المماليك ، و ربما كانت اراضي الدوايمة ، منطقة عسكرية ، أو مقرا لجماعات سكانية كبيرة ، عاشت فيها لسنوات طويلة . ويدلنا على ذلك عدد من المقامات ، و بقايا محراب لمسجد قديم متهدم ، عثر عليه الأهالي قرب أحد الكهوف في خربة حزانة جنوب الدوايمة ، كان الرعاة و المزارعون منهم يصلون فيه احيانا .