معلومات عامة عن صرفند العمار - قضاء الرملة
معلومات عامة عن قرية صرفند العمار
قرية فلسطينية مُهَجّرة كانت مبنية على رقعةٍ مستويةٍ في السهلِ الساحليِّ الأوسط على بُعدِ 5كم شمال غربي مدينة الرملة، وعلى ارتفاع لا يزيد عن 50م عن مستوى سطح البحر ، بلغت مساحتها المبنية حوالي 36 دونم من مجمل مساحة أراضيها البالغة 13267 دونم.
سقطتْ صرفند العَمار ليل 19 أيار/ مايو 1948 بيد الكتيبة الثانية من "لواء جفعاتي" في سياق عملية "بَراك".
معالم القرية
وتدل المدافن والصهاريج الأثرية في موقع القرية على أنها كانت معمورة في الماضي. وكان إلى جوار القرية بعض المرافق العامة، كملجأ الرجاء للأيتام لإيواء أبناء الفلسطينيين الذين استشهدوا في ثورة 1936-1939 ضد البريطانيين، والمحطة الزراعية والمشفى الحكومي، وقد أنشأت سلطة الانتداب البريطاني معتقلاً بجوار القرية لاعتقال المناضلين الفلسطينيين[2]، بالإضافة إلى معسكر الجيش والذي تم استخدامه في بعد كقاعدة برية وجوية لقوات الاحتلال الصهيونية. وكانت القرية مشهورة بكثرة المقاهي، أشهرها قهوة مصطفى عمارة، قهوة يوسف نوفل، وقهوة شاكر العطار والقهوة الصفراء (على الطريق العام)، والتي كانت تحتوي على راديوهات كبيرة، فيجتمع أهل البلد، وكذلك الغرباء، يتسامرون ويعرفوا الأخبار العامة والسياسية، كما كان لديهم فريق لكرة القدم قوي ومشهور.[3]
[1]. الخالدي 232
[2]. هيئة الموسوعة الفلسطينية 3/ 32.
[3] . سلامة، مقابلة تاريخ شفوي للنكبة الفلسطينية مع السيدة غالية العطار من قرية صرفند العمار-الرملة المحتلة
عائلات القرية وعشائرها
عائلات القرية ووضعها الاجتماعي
الشكل العام وعدد السكان:
تألفت معظم بيوت القرية من اللبن، وضمت مسجداً، ومقاماً للقمان الحكيم كان يقصده الناس للزيارة، وكان عدد سكان القرية عام 1922 نحو 862 نسمة، ارتفع إلى 1138 نسمة عام 1931، ثم إلى 1950 نسمة عام 1945.[1] جلهم من المسلمين باستثناء 40 مسيحياً. وتشير الدلائل الأثرية إلى أن القرية كانت قائمة منذ أيام الرومان والبيزنطيين.[2]
خريطة (2): قرية صرفند العمار
مختار القرية:
كانت القرية تعتمد على المختار الذي كان له احترام وتقدير كبير من أهالي القرية، وكان يقوم بالفصل بين قضايا أهل القرية وتصريف شؤون حياتهم الاجتماعية، ولذلك لم يكن بها مخفر للشرطة.
أسماء أشهر عائلات صرفند العمار.[3]
| |||
|
| ||
|
| ||
|
|
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
عائلة طرخان
عائلة أبو سنديان
الطب والعلاج:
لم يكن هناك عيادات طبية في القرية لمداواة المرضى، حيث يقوم المرضى بالتوجه إلى اللد والرملة لتلقي العلاج، فيما كان يتم علاج الحالات البسيطة بالخبرة، وذلك باستخدام الأعشاب المعروفة، كالميرمية والزعتر والنعناع وغيرها.[3]
5. هيئة الموسوعة الفلسطينية. 3/ 32.
[1]. الخالدي 232.
مؤلفات عن القرية
كتاب: قرية صرفند العمار الهوية والجذور
للتعرف على الكتاب وتحميله اضغط هنا
https://palqura.com/book/22/%D9%82%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%B5%D8%B1%D9%81%D9%86%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%87%D9%88%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B0%D9%88%D8%B1
بحث :
صرفند العمار.. بين أمان الأمس وشتات اليوم.
للباحثة بنت الصرفند عبير محمد الهبلي
الاستيطان في القرية
منذ القدم والصهاينة يسعون جاهدين لإقامة " دولة يهودية" خاصة بهم على أرض فلسطين، باعتبارها أرض الميعاد، وكانوا يستعدون لذلك من خلال موجات الهجرة اليهودية وقد ساعدت سياسة الانتداب البريطاني في تبلور الحلم الصهيوني، ليصبح واقعاً "في نظرهم"، حيث ظهرت احدى هذه السياسات من خلال تصريح بلفور 1917* والذي وعدت من خلاله بـ "تسهيل تحقيق هذه الغاية" وهي إقامة "وطن قومي لليهود" في فلسطين.
وبناء عليه سعى الصهاينة للحصول على أكبر مساحة ممكنة من أرض فلسطين لإقامة وطنهم المزعوم. وذلك بمحاولة شراء الأراضي الفلسطينية أو الاستيلاء عليها بطرق غير شرعية.. وعندما فشلوا في ذلك كان الحل الوحيد امامهم هو قتل وطرد وتهجير الفلسطينيين، وممارسة سياسة التطهير العرقي من خلال العصابات الصهيونية التي كانت متواجدة في ذلك الوقت، ومن أبرز تلك العصابات وأكثرها صيتاً "منظمة" أو عصابة الهاغاناه.
منظمة الهاغاناه (الهاجاناه)
الاسم والنشأة
كلمة الهاغاناه كلمة عبرية وتعني الدفاع، بدأت كحركة شعبية تطوعية، ثم تطورت لتصبح منظمة عسكرية صهيونية استيطانية، أسست في القدس عام 1931 وقادت معركة انشاء دولة الاحتلال (إسرائيل) في فلسطين منذ 1921 حتى 1948 فشكلت مع غيرها من المنظمات الصهيونية العسكرية المماثلة (جيش الدفاع الإسرائيلي). وقد قال مؤسس الهاغاناه عند انشائها. انها تهدف إلى “الدفاع عن حياة الصهاينة وملكيتهم وشرفهم”. وانضم إليها فور تأسيسها عدد كبير من أفراد الفيلق اليهودي الذي حلته سلطات الانتداب البريطاني عام 1931 وقاتل إلى جانب الانكليز في البلدان عامي 1917، و1918 أثناء الحرب العالمية الأولى.
تشكلت الهاغاناه تحت اسم "فرقة الدفاع والعمل". وهي بالعبرية “هاغاناه وعموداه”، ثم أسقطت كلمة العمل فيما بعد. ويلاحظ هنا الارتباط العضوي بين المؤسسات الصهيونية الاستيطانية العسكرية والزراعية التي تهدف إلى احتلال الأرض والعمل والحراسة.
إلا أن هناك روايات مختلفة عن نشأتها وأصولها. يقول مناحيم بيغن* في كتابه الثورة: "إن الهاغاناه حلت عام 1919 محل فرق الحراس الهاشومير التي تأسست في أثناء الحكم التركي، والتي كانت حرساً ليلياً لحماية المستعمرات اليهودية من سطو العرب وقطاع الطرق. وكان معظم الذين تطوعوا بالأصل في الهاغاناه من الفرقة اليهودية التي أسسها جابوتنسكي عام 1917 وقاتلت في صفوف الحلفاء في الحرب العالمية الأولى"[1]
وخلال السنوات الواقعة بين الحربين العالميتين، ضاعف جهودهم لإنشاء قواتهم العسكرية. وقد أعلنت سلطات الانتداب أن إنشاء مثل هذه القوات أمر غير شرعي، لكن هذا لم يمنع الصهاينة من أن يمضوا قدماً في تنظيم قواهم العسكرية بصورة سرية ودون توقف، هكذا وعلى التدريج تكونت الهاغاناه. ولقد تعاونت الهاغاناه تعاوناً كبيراً ومنظماً مع سلطات الانتداب البريطاني على مواجهة ثورة الشعب الفلسطيني التي قامت ضد الصهيونيين والاستعمار البريطاني عام 1931، فكلفت السلطة المنتدبة الضابط البريطاني النقيب أوردوينغيت تشكيل سرايا ليلية من الصهيونيين للقضاء على الثورة الفلسطينية، وسمحت للهاغاناه بتشكيل قوة من الشرطة عرفت باسم “نوطريم” وقوامها 22 ألف مسلح زودوا بالبنادق والرشاشات. وبهذا تكون السلطات البريطانية قد اعترفت عام 1936 بالهاغاناه كمنظمة للدفاع عن المستعمرات.
أثر على تكوين الهاغاناه اختيار أمكنة المستعمرات التي كانت خاضعة لأهداف استراتيجية، وحاجات الدفاع المركزي والاستراتيجية الشاملة للاستيطان، التي كان هدفها الرئيسي ضمان وجود سياسي يهودي في جميع أنحاء البلاد. وهكذا نشأت المستعمرات متباعدة ومنعزلة عن بعضها البعض جغرافياً، فجاءت كل مستعمرة يهودية كقلعة محصنة للهاغاناه.[2]
قوات الهاغاناه
وضعت الوكالة اليهودية نظاماً للخدمة الإجبارية فاعتبرت الهاغاناه جيشاً غير قانونياً يتمثل بشرطة المستعمرات، وبقوات احتياطية يخدم فيها كل يهودي مفيم في فلسطين خدمة إلزامية دائمة، مما ساعد في كبر حجم الهاغاناه حتى غذت المنظمة العسكرية المسيطرة. وقد تشكلت من القوات التالية:
- قوات الدفاع الثابت: وتتألف من سكان المستعمرات، ومن سكان الأحياء اليهودية في المدن، وقدر عدد هذه القوات بأربعين ألف مقاتل.
- قوة القتال: وتتألف من شرطة المستعمرات وكانت مقسمة إلى سرايا، وبلغ عدد أفراد هذه القوة 16 ألف مقاتل.
- قوة البالماخ: وهي قوة الصاعقة أنشئت عام 1942 بقيادة الإرهابي "إسحاق سادية"، وكانت تمثل رأس الحربة للهاغاناه، إذ ان مهمتها كانت هجومية عدوانية بحتة. وهكذا أصبحت البالماخ أول وحدة عسكرية محترفة للهاغاناه.[3]
وكان مقر قيادة الهاغاناه في تل أبيب، وكانت القوات موزعة على قيادات المناطق. وكانت هناك قيادات خاصة مستقلة من المناطق في كل من : تل أبيب والقدس وحيفا.
التدريب والاستعداد
تبنت الهاغاناه أحدث فنون التدريب وأساليبه المتبعة في الجيش البريطاني، وقد كلف بعض الضباط الانجليز وأبرزهم الجنرال "وينجيب" بتدريب نخبة من رجال الهاغاناه نتيجة للتحالف الذي قام بين الانجليز والصهاينة على أثر اعلان الحرب العالمية الثانية، بحيث يشترك الصهاينة مع الانجليز في الدفاع عن المصالح البريطانية في الشرق العربي، مقابل المساعدات اللازمة لإقامة الوطن القومي اليهودي الذي وعدهم به بلفور.[4]
وهكذا أقيمت معسكرات التدريب الخاصة بالصهاينة في فلسطين، وأخذ الضباط الانجليز يدربونهم على استعمال السلاح وعلى أحدث فنون القتال، ليستعملوها لاحقاً في حربهم ضد الفلسطينيين، لتهجيرهم وطردهم من ديارهم بالقوة والإستيلاء على أراضيهم ليكونوا دولتهم المزعومة، حيث قامت بدور رئيسي في اندلاع حرب 1948 اذ كانت قيادتها الوطنية تضغط منذ أوائل ديسمبر 1947 لاعتماد استراتيجية دفاع هجومي وهجمات عشوائية على السكان المدنيين العرب، تصل إلى أبعد مماهو وارد في خطة أيار/مايو 1946 والتي اعتمدتها الهاغاناه كخطة عسكرية كبرى، تقضي بتدمير المواصلات العربية وتفجير البيوت وطرد السكان[5] . ولم تكن هذه الاستراتيجية العدوانية القاضية تهدف فقط إلى ترهيب العرب، فقد وصفها إثنان من مستشاري بن غوريون الكبار من الهاغاناه في 19 كانون الأول/ديسمبر وهما (فريتز ايزنشتادت ويوحنان رتنر) على الوجه التالي: "في كل هجوم يجب توجيه ضربة حاسمة تؤدي إلى تدمير المكان وطرد سكانه والاستيلاء على أماكن سكنهم".[6]
الخطة دالت "د" ولواء غفعاتي
الخطة "د" أو كما تسمى بالعبرية "توخنيت دالت"
هي أول خطة استراتيجية وضعتها الهاغاناه بهدف احتلال مناطق على نطاق قطري والسيطرة عليها، ولقد خطط لها أول مرة سنة 1942، واعتمدتها قيادة الهاغاناه العليا وبدأ تنفيذها في 10 آذار/مارس 1948، وقد استرجع يغئيل يادين، الضابط المسؤول عن العمليات في الهاغاناه وضابط الأركان الاسرائيلي ذكرياته بقوله: "لقد اعددت نواة الخطة دالت في العام 1944، عندما كنت اترأس هيئة التخطيط في الحركة السرية، وعملت عليها أكثر في صيف سنة 1947، عندما مرض رئيس الأركان يعكوف دوري. وكانت الخطة تقضي بالاستيلاء على النقاط الرئيسية في البلد وعلى الطرق قبل رحيل البريطانيين"،[7] وكانت نقطة انطلاق الخطة الفرضية العامة "انه في اثناء تنفيذ الخطة، لن تكون قوات السلطة البريطانية موجودة في البلد" ولن تكون هناك " قوة دولية قادرة على العمل بصورة فعالة"[8]. وكان واضحا أن جميع المستعمرات اليهودية القائمة خارج حدود دولة الاحتلال بحسب مشروع الأمم المتحدة للتقسيم لن تتارك وحدها ولن تخلى من سكانها وستفعل الهاغاناه كل ما في وسعها لتنظم صمودها. وقد أخذ بعين الاعتبار المواجهة مع "قوة شبه نظامية تابعة لجيوش التحرير التي شكلتها الجامعة العربية، وأن يسعى العرب لعزل مناطق الاستيطان اليهودية.[9] وقد تضمنت الخطة: احتلال مراكز الشرطة والسيطرة على الخدمات الحكومية وتأمين الخدمات الحيوية والقيام بعمليات ضد التجمعات السكانية للعدو، الموجودة داخل، أو بالقرب من نظام دفاعنا، بهدف منع استخدامها قواعد لقوة مسلحة ناشطة" وقد تضمنت هذه العمليات: تدمير القرى والقيام بعمليات تفتيش وفي حال المقاومة إبادة القوة المسلحة وطرد السكان.[10]
وقد تم وضع الخطة بالتعاون مع قادة الألوية المختلفة التي بدئ بتشكيلها في تلك الفترة حتى وصلت لمرحلة تفصيل مهمة كل لواء عند خروج السلطات البريطانية.
الخطة "د" بحسب الألوية
باستثناء لواء البالماخ خطط لإنشاء ستة ألوية وهي:
- اللواء أ – لواء غولاني: استند إلى قوة الميدان- في منطقة الجليل والمروج، وأوكل اليه القيام بمهام اغلاق طرق تقدم العرب الرئيسية من حدود البلد ومن جهة الجليل وغيرها، احتلال مخافر الشرطة في المطلة والخالصة ومناطق اخرى، السيطرة على القرى العربية في المنطقة والطرق، فرض حصار على الناصرة وبيت شان، إيقاف حركة المواصلات العربية، وأن يبذل جهده كي لا يتمكن العرب من إقامة قواعد لهم في سعسع وجبل الطور وغيرها.[11]
- اللواء ب- لواء كرملي في حيفا وجوارها، وأوكلت اليه مهام اغلاق طرق تقدم العرب الرئيسية من جهة حدود لبنان وترشيحا وشفا عمرو والكرمل، احتلال مخافر الشرطة في المنطقة، التمركز في حيفا من خلال احتلال المناطق العربية، السيطرة على سكة الحديد وفرض حصار على عكا واحتلال البصة والزيب والاحتفاظ بهما.
- اللواء جـ -لواء ألكسندروني- في الشارون، وكلف بالمهمات التالية: عدم السماح للعرب بالتقدم من جهة الكرمل ووادي عارة والقرى الواقعة على سفوح جبال السامرة وغيرها، احتلال مخافر شرطة زخرون يعقوف ووادي عارة والخضيرة وبيتح تكفا وغيرها، السيطرة على الطرق وسكة الحديد، كما كلف باحتلال 20 قرية فلسطينية (من بينها الطنطورة وقلقيلية وكفر عانا.. الخ)
- اللواء د -لواء كرياتي- في تل أبيب وجوارها، كان عليه احتلال احياء المنشية وأبو كير وتل الريش و "توجيه ضربة قاصمة إلى يافا وسلمة ويازور، وحصرها داخل مناطقها الخاصة بها حتى لا تجرؤ على الخروج منها"
- اللواء هـ -لواء غفعاتي- في الشفيلا، وكلف بالقيام بالمهمات التالية: اغلاق طرق تقدم العرب من الشرق والجنوب، احتلال مخافر شرطة ريشون ليتسيون وغديره وعراق سويدان، السيطرة على طريق تل ابيب -القدس حتى اللطرون من خلال السيطرة على المسميه، وطريق تل أبيب-النقب، السيطرة على مطار اللد وفي الأساس السيطرة على معسكر الجيش في صرفند، المشاركة في محاصرة يافا، وفرض الحصار على اللد والرملة.
- لواء عتسيوني في منطقة القدس وكلف بالمهمات التالية: اغلاق طرق تقدم العرب من جهات رام الله وأريحا والخليل، احتلال مخافر الشرطة في المنطقة التابعة، أو حتى تدميرها، احتلال منطقتي الأمن البريطانيتين (ب و جـ) والوسط التجاري، احتلال القرى والمناطق العالية ومحطات ضخ المياه ومطار عطروت، وحصار بيت لحم وبيت جالا والخليل.[12]
أهمية الخطة دالت
لقد كانت الخطة (د) مرحلة من مراحل تحول الهاغاناه إلى جيش لدول مستقلة، اذ كان ينبغي أن يبدأ تنفيذ المهمات وفقاً لأمر خاص يصدر مع اعلان الحالة دالت، لكن الخطة لم تطبق حرفياً، بل أدخل اليها العديد من التعديلات أثناء تنفيذها، لكنها شكلت نقطة إطلاق وجيه بالنسبة للمهمات والأدوار الجديدة التي كلفت الهاغاناه بالقيام بها في تلك الفترة.[13]
و"يؤكد المؤرخون الإسرائيليون، أمثال بن موريس ومئير باعيل، ان طرد العرب وتدمير قراهم بموجب خطة دالت كانا أمرين دعت اليهما وتحكمت فيهما دواع استراتيجية وعسكرية"، فقد حملت الخطة بصمات بن غوريون، كتب مؤلف سيرة بن غوريون وأحد المعجبين به، ميخائيل بار- زوهار "يبدو أن بن غوريون كان مسروراً في قرارة نفسه لفرار العرب من الأرض المخصصة للدولة اليهودي... ففي المناقشات الداخلية، وفي أوامره إلى رجاله، عبر العجوز بن غوريون عن موقف واضح: من الأفضل ألا يبقى على أرض الدولة اليهودي سوى أقل عدد ممكن من العرب".[14]
الكتائب المشكلة للواء غفعاتي
قبل نشوب حرب النكبة 1948 بأسبوع تقريباً، أصدر قائد منطقة تل أبيب أمراً بفصل وحدات قوة الميدان عن المنطقة ووضعها في تصرف اللواء الجنوبي، لواء غفعاتي، والذي كان من المفترض أن يضم خمس كتائب، وقد خصصت لإنشاء هذا اللواء سرايا قوة الميدان التسع في تل ابيب، وسريتا مستعمرات الشفيلا، ونظمت هذه السرايا في أربع كتائب -51،52،53،54-:
- الكتيبة الأولى، بقيادة مئير دافيدزون ثم أفرايم كدوري، واشتملت على الكتيبة المتدينة التابعة لقوة الميدان-تل أبيب.
- الكتيبة الثانية بقيادة يعقوب برولوف.
- الكتيبة الثالثة بقيادة يتسحاق فونديك.
- الكتيبة الرابعة بقيادة إلداد اورباخ.
قيادة اللواء والتنظيم
فعلياً لم يكن لدى أي من هؤلاء القادة خبرة بكيفية تشكيل كتيبة، فانطلق كل منهم للبحث عن معارفه من بين رجال الهاغاناه والجيش السابقين، ومنهم شكل الكادر القيادي الأول للكتيبة.[15]
كان أول قائد عين لقيادة اللواء يتسحاق سادية، لكن تعيينه أثار معارضة كبيرة من جانب ديفيد بن غورين، حتى أنه أعلن أنه سيستقيل إذا لم يؤخذ برأيه، حيث أنه كان مقتنعاً بأن يتسحاق سادية لا يصلح لأن يتولى منصباً عسكرياً قيادياً، مما سبب أزمة كبيرة، وللخروج من هذه الأمة اقترح بن غوريون تعيين يتسحاق سادية مستشاراً له، وعين يهوشواع غلوبرمان قائداً للواء، والذي ما لبث أن قتل في طريقه من القدس، فاستلم المنصب بدلا منه شمعون أفيدان، وهو قائد قديم في البالماخ.[16]
كان الكادر القيادي للواء مشكلاً من أشخاص ذوي ماضٍ عسكري مختلف، بينهم خريجون من دورات الهاغاناه، وبينهم من خدم في الجيش البريطاني، وبينهم من خدم في الجيش البولندي أو الروسي، ومرت فترة قبل أن يتحول هؤلاء الرجال إلى" فريق عمل ينشط بتنسيق كامل"[17]، وبعد الانتهاء من تشكيل الكادر القيادي للواء والكتائب، بدأ العمل التنظيمي، لكن اتضح للقادة سريعاً أن أيديهم مكبلة، ويتضح ذلك على النحو التالي:
- من أصل 1200 شخص وضعوا تحت تصرفهم، كان هناك 500 شخص مخصصين للدفاع عن تل أبيب، كقوة مساندة أو مصدر لإرسال نجدات.
- 150 شخص مخصصين لمهمات مشابهة في مستعمرات الجنوب.
- كلف اللواء بارسال 100 شخص لتعزيز مستعمرات النقب
- وفي يناير 1948 كلف بارسال 250 شخصاً كنجدة للقدس.
وقد تم ارسال الأشخاص إلى القدس على أساس تطوعي، حيث فرض على كل كتيبة ارسال فصيلين مع قادتهما. ثم تم دمجهم بعد فترة في كتائب قوة الميدان في القدس ولم يعودوا إلى كتائبهم الأصلية. بالإضافة إلى ذلك فقد اللواء العديد من افراده في المعارك التي دارت في غوش عتسيون، مما اضطرهم إلى البدء بحملة تجنيد جديدة. ومع ازدياد المقاومة العربية ومجيء حسن سلامة إلى المنطقة، رأى الصهاينة أنه من الضروري تعزيز القوات العاملة في المنطقة فنقلت مسؤولية الدفاع عن مشارف تل أبيب إلى الكتيبة الأولى وقلص قطاع الكتيبة الثانية فاقتصر على شمال المنطقة وزادت العمليات الكبيرة من حدة التوتر العسكري، وبدأت السرايا تنظر إلى ذاتها كجزء من كتيبة متكاملة. واتخذت الكتيبة الثالثة صورة جديدة بخروجها من تل أبيب إلى الجزء الجنوبي في المنطقة. [18] وفي اثناء التنظيم والتدريب شارك لواء غفعاتي في كل العمليات القتالية التي نفذت في المنطقة، كما أرسل للقيام بعمليات خارج المنطقة بموجب خطة دالت، ومن بين هذه العمليات كانت عملية باراك.
*نص وعد بلفور: "عزيزي اللورد روتشيلد، يسرني جداً أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالته التصريح التالي، الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود الصهيونية، الذي عرض على الوزارة وأقرته: "إن حكومة جلالة الملك تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جلياً أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن يغير الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة الآن في فلسطين، ولا الحقوق والوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في البلاد الأخرى. أكون ممتناً لكم لو أبلغتم هذا التصريح إلى الفدرالية الصهيونية." (العالول. محطات فاصلة في تاريخ فلسطين القديم والحديث 74)
* يعتبر مناحيم بيغن من الشخصيات اليهودية التي لعبت أدوارا مهمة وخطيرة في تاريخ المنطقة العربية، فقد اختير في العام (1943) رئيسا لمنظمة أرغون (إحدى المنظمات الصهيونية المسلحة) وشارك في تأسيس دولة إسرائيل عام 1948. (الجزيرة)
[1]. جرار. نكبة فلسطين 1947-1948 مؤامرات وتضحيات 131
[2] . جرار 133
[3] . جرار 133-134
[4]. المرجع السابق 135-136
[5]. مصالحه. طرد الفلسطينين مفهوم الترانسفير 140-141
[6] . المرجع السابق 166
[7] . بالومبو. كيف طرد الفلسطينيين من ديارهم عام 1948. 48
[8] . حرب فلسطين1947-1948 الرواية الاسرائيلية الرسمية. 346
[9] . حرب فلسطين1947-1948 الرواية الاسرائيلية الرسمية. 346
[10]. المرجع السابق 347
[11] . المرجع السابق 348
[12]. حرب فلسطين1947-1948 الرواية الاسرائيلية الرسمية. 348-349
28. المرجع السابق
29. مصالحه 167
[15]. حرب فلسطين1947-1948 الرواية الاسرائيلية الرسمية.377
[16] . المرجع السابق. 377-378
[17]. حرب فلسطين1947-1948 الرواية الاسرائيلية الرسمية. 377-378
[18]. المرجع السابق 378-380
الحياة الاقتصادية
يمكننا ان نلخص الوضع الاقتصادي للقرية فيما يلي:
- كانت الزراعة أبرز الأنشطة الاقتصادية في القرية حيث بلغت مساحة الأراضي التابعة لصرفند العمار 13267 دونماً، منها 565 دونماً للطرق والأودية.. حيث تتميز أراضيها بخصوبة تربتها التي تنتمي إلى تربة البحر المتوسط الطفالية الحمراء، وتشتهر فيها زراعة الحمضيات، وقد شغلت مساحة 3770 دونماً. [1]
- زرعت أشجار الزيتون في 120 دونما، وتزرع حول القرية مختلف أنواع الخضر والحبوب كالقمح والشعير والسمسم والفاكهة، والعديد من البساتين.
- كانت الزراعة تعتمد على الأمطار ومياه الآبار التي تروي البساتين خاصة.[2]
- بالإضافة إلى عناصر أخرى من الإنتاج والمستغلات كالماعز وخلايا النحل. [3]
- كان كثير من سكان القرية يعملون في معسكر الجيش الإنجليزي مما أكسبهم إتقان اللغة الإنجليزية تحدثاً.
- كان هناك بعض الحرف البسيطة كالنجارة والخياطة والتطريز للبنات.
- كان أهالي القرية يعتمدون على الكيروسين للإنارة (اللمبة أو اللوكس)، ومخابز القرية.
- استخدموا أفران الطين (الطابون) للخبز والطبخ، وكانوا يستعملون الحطب لذلك من أشجار بياراتهم.[4]
- كان يتم توفير مياه الشرب للسكان من خلال الآبار الارتوازية. أو الآبار الخاصة في البيارات.[5]
[1]. هيئة الموسوعة الفلسطينية 3/ 32
[2]. المرجع السابق
[3]. الخالدي 232
[4]. سلامة، مقابلة تاريخ شفوي للنكبة الفلسطينية مع السيدة غالية العطار من قرية صرفند العمار-الرملة المحتلة
[5]. الخالدي 232
التعليم
كان في القرية مدرستان ابتدائيتان، إحداهما للبنين والأخرى للبنات، أسست مدرسة البنين عام 1921 اكتملت في العام الدراسي1946/1947 وكان يؤمها في ذلك الوقت 292 تلميذاً، ثم الحق بها أربعة عشر دونماً لأغراض التدريب الزراعي. أما مدرسة البنات فقد أُسست عام1947 والتحق بها 50 تلميذة.
التاريخ النضالي والفدائيون
عملية باراك وما رافقها من عمليات ضد أهالي صرفند
تعرضت قرية صرفند العمار للكثير من الحملات التفتيشية التي كان يشنها الصهاينة بدعم من الجنود الانجليز، حيث يقومون بتفتيش البيوت وتخريب محتوياتها بحثاً عن أي شيء يمكن أن يدين رجالها، وفي هذا السياق تروي الحاجة غالية العطار وتقول: "كان الجنود يدخلون القرية كل يومين أو ثلاثة لتفتيشها، فيعمل أهالي القرية على إخفاء ما يمكن أن يسبب لهم المشاكل، من كانت لديها سكين تخبئها، ومن يملك رصاصة يخفيها، وعندما لا يجد الجنود شيء في الدور يقومون بتخريب محتويات المنزل، فيسكبوا الدقيق على الزيت، والزيت على العدس...ويقوموا بتكسير الأبواب والنوافذ". [1] ثم تلا ذلك العديد من الهجمات المباشرة منها:
- عبوات ناسفة في قاعدة الجيش:
في صباح 2 كانون الثاني/يناير 1948، اكتشف العاملون من العرب في قاعدة الجيش البريطاني الضخمة في صرفند العمار، اثنتي عشرة عبوة، كانت مؤقتة كي تنفجر ظهراً، عندما يصطف هؤلاء العمال لقبض رواتبهم الأسبوعية. وقد لاحظت صحيفة (فلسطين) أن أياً من العمال الصهاينة لم يحضر إلى القاعدة للعمل في ذلك اليوم، لافتة النظر إلى أن الجماعات الصهيونية المسؤولة عن العملية كانت حذرتهم. [2]
- اعتداء في المقهى
في فترة ما بعد ظهر يوم 19 كانون الثاني/يناير 1948، مر ثلاثة في سيارة يهودية بمقهى عربي في الصرفند وأطلقوا الرصاص على من فيه، فقتلوا رجلا وجرحوا ستة آخرين[3].
- تدمير مبنى للمقاومة
في 15 نيسان/ أبريل 1948, شنت مجموعة من لغامي الهاغاناه غارة على صرفند العمار. وقد توغل المهاجمون في عمق الأراضي العربية- استنادا إلى رواية لصحيفة نيويورك تايمز ودمروا بناء مؤلفاً من ثلاث طبقات. وذكرت السلطات البريطانية أن 16 شخصاً قد قتلوا تحت أنقاض البناء، وأن 12 جرحوا. أما المهاجمون فقد زعموا، في بيان أصدروه أن البناء كان يستعمله مجاهدون تابعون للشيخ حسن سلامة، قائد منطقة يافا- الرملة- اللد- غزة، وأن 39 شخصا قتلوا في الغارة. [4] كما ذكر أن المقاتلين كانوا قد وصلوا إلى المكان بعد منتصف الليل، واقتحموا السور، وفتحت وحدات المشاغلة النار على نوافذ المبنى المضاءة، مما جعل العرب يردوا بنيران قوية، وفي هذه الأثناء تسللت وحدة الاقتحام إلى ساحة المبنى وأدخل عشرون مقاتلاً 400 كلغ *T.N.T جلبوها معهم وشرعوا بوضعها في اماكنها مما تسبب بتفجير وانهيار المبنى على من فيه، إلا أن القائد نفسه لم يكن في المبنى تلك الليلة.[5] وفي هذا السياق يذكر د. محمد الهبلي ما كان يسمعه من والده: "كان هناك مبنى يسمى الملجأ، وكان يستعمله المقاومون بقيادة حسن سلامة، وفي أحد الأيام تمكنت العصابات الصهيونية من التسلل، وقامت بنسف هذا المبنى مما أدى إلى استشهاد العديد من الرجال، فكانت هذه العملية نقطة تحول في حياة أهالي صرفند حيث شعروا بالتهديد والخطر لقرب موقع العملية من قلب القرية، فقام عدد كبير منهم بالرحيل إلى اللد، ومن بينهم والدي الذي أخذنا مع الوالدة، حيث كان يرى أنه ان تأخرنا بالرحيل، فسيأتي يوم نرحل به سيراً بدلاً من أن نرحل راكبين، وطلب من أخيه ووالده أن يذهبوا معه، لكنهم رفضوا وآثروا البقاء، حتى جاء اليوم الذي توقعه والدي واضطروا للرحيل سيراً على الأقدام" [6]
- عملية باراك
منذ النصف الأول من شهر أيار /مايو 1948 شرع لواء غفعاتي في الاعداد لعملية (باراك) والتي قاموا من خلالها بعمليات تطهير عرقي في منطقة الرملة وضواحيها، حيث قامت الكتيبة الثانية من لواء غفعاتي في 19-20 مايو، وفي سياق عملية باراك باحتلال معسكر صرفند، فعندما غادر الجيش البريطاني فلسطين، في منتصف أيار/ مايو، سمح للقوات العربية باستلام القاعدة العسكرية التي كانت تشغل مساحة تقارب 500 أكر. وقد نقلت نيويورك تايمز عن وزير خارجية الاحتلال، موشيه شرتوك (شاريت)، قوله: "إن المؤسسات اليهودية ابتاعت القاعدة، وإنها سلمت على الرغم من ذلك إلى العرب". واستنادا إلى تاريخ حرب الاستقلال فقد سلم الموقع إلى القوات العربية في 14 أيار/ مايو. ولقد طردت القوة العربية شبه النظامية الصغيرة المرابطة هناك بعد خمسة أيام، نتيجة هجوم ذي شعبتين شن عليها من الشمال ومن الجنوب الشرقي، ذلك بأن تشكيلة الدفاع لدى تلك القوة العربية لم تكن معدة إلا لهجوم من مستعمرة ريشون لتسيون المجاورة (إلى جهة الغرب). ونقلت وكالة إسوشييتد برس، عن مصادر صهيونية لم تفصح عن اسمها، أن الصهيونيين وفروا 2,5 مليون دولار بالاستيلاء على تلك القاعدة، وهو المبلغ الذي كانوا عرضوه، فيما روي، (ولم يدفعوه قط) ثمناً للقاعدة، وقد أعلنت المصادر عينها أنها تأمل بالاستفادة من أبنية القاعدة لإيواء 20000 مهاجر يهودي جديد. ومن المحتمل أن يكون سكان القرية قد فروا أو طردوا في الوقت نفسه. [7]
- عملية داني
لم تكتفي العصابات الصهيونية وجنود الاحتلال بما قاموا به من عمليات على أهالي الرملة بشكل عام وصرفند بشكل خاص، فقاموا بوضع خطة عسكرية بهدف احتلال مدينتي اللد والرملة عرفت باسم (عملية داني Dani)، حيث احتلت المدينتين والقرى المحيطة بها يوم 8-9 تموز/يوليو1948، وطرد 60-70الف شخص منهما بأوامر مباشرة من اسحق رابين وبموافقة بن غوريون، وفي يوم 11 تموز/يوليو شنت قوات الاحتلال هجوما من جهة الشرق، وتم قصف المدينتين بمدافع المورتر والطائرات قصفاً شديداً، كما تعرض سكان قرية صرفند والذين التجأوا إلى مسجد اللد، مع بعض سكان القرى الأخرى إلى مجزرة، عرفت باسم مجزرة اللد أو مجزرة مسجد اللد، حيث تم اطلاق النار على المدنيين في الشوارع دون تمييز، وقتل كل من لجأ إلى مسجد دهمش (مسجد اللد)، وبلغ عدد القتلى وفق المصادر إلى 426 شخص، منهم 167 قتلوا داخل المسجد[8]، وطرد السكان تحت فوهات البنادق في حر تموز/يوليو أثناء شهر رمضان، مما تسبب بسقوط الكثير من المسنون والأطفال صرعى العطش. ونهب جنود الاحتلال النقود وحلي النساء وكل ما هو ذا قيمة. [9] يقول الدكتور محمد الهبلي " رحل معظم أهالي صرفند بعد قصف الملجأ إلى اللد، فقام الصهاينة بقصف اللد وجامعها بالطائرات، واستشهد عدد كبير، مما أجبر الناس على النزوح والهجرة مجدداً إلى مناطق أخرى أكثر أماناً.. فكانوا كلما وصل أو اقترب جنود الاحتلال من المنطقة التي هم فيها رحلوا إلى منطقة أخرى.." [10]
المراجع:
[1]. سلامة، مقابلة تاريخ شفوي للنكبة الفلسطينية مع السيدة غالية العطار من قرية صرفند العمار-الرملة المحتلة
[2]. الخالدي 232
[3]. مصالحه 150
37. الخالدي 232
[5]. حرب فلسطين1947-1948 الرواية الاسرائيلية الرسمية .459-460
[6]. مقابلة شخصية مع د.محمد الهبلي
[7]. حرب فلسطين1947-1948 الرواية الاسرائيلية الرسمية 551، الخالدي 232-233
[8]. العارف. النكبة الفلسطينية والفردوس المفقود 605
[9]. تمراز.طرد الفلسطينين في الفكر والممارسة الصهيونية 370-371، أبوستة 89
[10]. مقابلة شخصية مع د.محمد الهبلي
العلاقة بين صرفند العمار وصرفند الخراب
العلاقة بين صرفند العمار والخراب، وسبب التسمية
كثيرا ما يحدث لبس لدى البعض حين يسمعون اسم صرفند العمار وصرفند الخراب، حيث يظنون أنهما شيء واحد، وإنما سميت بالخراب بسبب الحرب والتدمير والتهجير والتطهير العرقي الذي مورس عليها عام 1948. لكن في الواقع قرية صرفند الخراب هي قرية مختلفة تماماً عن قرية صرفند العمار، حيث تقع على بعد 6 كم غرب الرملة، وعلى بعد 3 كم جنوب غرب صرفند العمار.
سميت بالخراب لأن الإنكليز أحرقوها في العشرينات انتقاماً لقتل أهالي القرية لبعض الجنود البريطانيين السكارى، الذي دخلوا واعتدوا على حرمة القرية. وتشتت كثير من أهلها على أثر هذه الحادثة المفجعة في القرى العربية المجاورة. وقد عرفت في الماضي أيضاً باسم صرفند الصغرى، تمييزاً لها من قرية صرفند الكبرى. لكن عادت القرية وأهلت بالسكان، وأعيد بناؤها، حيث كانت منازلها على هيئة صفوف متلاصقة، مبنية من الطين أو الاسمنت. وقد عد موقع قرية صرفند الخراب استناداً إلى بعض البقايا المعمارية المميزة (كالأقبية) الموجودة فيها، مطابقاً لموقع صليبي مجهول الاسم.
احتلالها ووضعها اليوم
يشير المؤرخ الإسرائيلي بني موريس إلى أن السكان فروا في 20 نيسان 1948 خوفاً من هجوم إسرائيلي. فقبل أسبوع من ذلك التاريخ نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مصادر يهودية قولها إن احدى وحدات الصهاينة قامت بضربة في عمق الأراضي العربية، وفجرت 223 منزلاً عند مشارف الرملة وقريتين مجاورتين لها. وربما ساهمت عملية نحشون التي نفذها لواء غفعاتي، وأدت إلى مجزرة دير ياسين في 9 نيسان، في مغادرة السكان. لكن ربما لم تقع القرية فعلياً تحت الاحتلال الإسرائيلي إلا في أواسط أيار/ مايو، تقريباً وقت احتلال شقيقتها صرفند العمار.
دمر القسم الأكبر من القرية بعد أن احتل الصهاينة صرفند الخراب عام 1948، وطردوا سكانها منها. ومع ذلك بقيت عدة منازل قائمة: يقيم في ستة منها لا أكثر عائلات يهودية. ولمعظم هذه البيوت سقوف على شكل الجملون، وأبواب ونوافذ مستطيلة الشكل، ومنها منزل ذو طبقتين وسقف مائل، أما المدرسة فيؤمها التلامذة الإسرائيليون. ويستغل أراضي القرية سكان المستعمرات الصهيونية المجاورة، إذ تقع مستعمرة “وادي حنين” على بعد 3 كم جنوبي القرية، ومستعمرة ريشون لتسيون (عيون قارة) على مسافة كيلومترين شمالها، وإلى الشرق منها تقع مستعمرة “بير يعقوب”، في حين تقع إلى الغرب منها مستعمرة “بيت حنان”.
العادات والتقاليد في القرية
العادات والتقاليد:
كان أهالي قرية صرفند العمار محافظين يشتهرون بالطيبة والتسامح، يكرمون ضيفهم ويغيثون الملهوف، كانوا جميعاً كالجسد الواحد تجمعهم روابط وعلاقات اجتماعية قوية تتجلى بوضوح في أفراحهم وأتراحهم. فمثلاً: كان كل أهالي صرفند العمار يشاركون أهل الفرح فرحتهم، حيث يقوم الشباب بممارسة الدبكة مع الموسيقى أمام زفة العريس، أما العروس عندما تزف لعريسها فتركب حصاناً مزيناً، بمساعدة والدها، بعد أن يتم تغطيتها بعباءة والدها أو خالها، وترتدي تحت العباءة ثوباً باللون الأبيض عليه تطريز ذي ألوان زاهية، تطور فيما بعد ليصبح فستاناً أبيضاً مع الطرحة البيضاء، وتقوم العروس بخياطة سبع فساتين بألوان مختلفة، لترتديها خلال أيام الاحتفال، والتي قد تمتد لسبعة أيامٍ بلياليها، حيث تقوم النساء بإحياء الأفراح بالرقص والزغاريد، حول الحصان حتى بيت العريس، وتبكي العروس لفراق بيت والدها حتى وصولها بيت العريس، رغم أن من عاداتهم في الزواج أن العروس لا تستشار ولا يؤخذ برأيها، فالقرار لوالدها وما عليها سوى السمع والطاعة، وعندما تصل بيت العريس تعطى العروس مسدساً وتطلق رصاصتين في الهواء، كإعلان بداية الحياة الزوجية، وتدخل النساء ولا يسمح بدخول الرجال، لتبدأ حفلة النساء بجلوة العروس.
أما في أتراحهم فكان كل أهل القرية يشاركون أهل الميت ويساندون بعضهم مهما كانت التزاماتهم في أعمالهم، حتى أن الغريب عن القرية لا يعرف من هو المصاب.[1]
الأكلات الشعبية:
هناك العديد من الأكلات الشعبية التي تشتهر بها القرية وخاصة في الأعراس مثل الجريشة، والمفتول، حيث تجتمع نساء القرية لتنجز كميات كبيرة لتكفي جميع الضيوف.
المواسم:
كان أهل القرية يذهبون جماعات في موسم النبي صالح والنبي روبين، وسيدنا علي. وفي الحج إما عن طريق الجمال أو عن طريق اللد بالقطار إلى القنطرة بالسويس ثم بالسفينة إلى جدة، رحلة تمتد إلى ثلاثة شهور.
[1] . المرجع السابق
روايات أهل القرية
كيف خرج أهالي القرية
نمط التهجير
كان نمط الطرد والتطهير العرقي متشابهاً في كل مكان في فلسطين، لا يختلف باختلاف المنطقة أو التاريخ أو الكتيبة التي هاجمت القرية، فقد أكدت معظم الأبحاث وجميع الشهادات الشفهية التي أفاد بها اللاجئون في مختلف الأوقات والمناطق، تكرار نفس النمط، [1] وهو ما حدث أيضاً في قرية صرفند العمار (لمن تبقى في القرية ولم يخرج منها مسبقاً)، حيث كان يجري جمع القرويين في ساحة القرية الرئيسة أو في حقل مجاور في مجموعتين منفصلتين: الرجال ضمن الأعمار 15-50 عاماً، والنساء والأطفال والمسنون، وكان جنود الاحتلال يحيطون بالقرية من ثلاثة اتجاهات، تاركين الاتجاه الرابع مفتوحاً للهرب أو الطرد في الاتجاه الذي يريدونه، كما كان يجري تجريد النساء من حليهن ومقتنياتهن الثمينة، ومن ثم يؤمرون بالسير باتجاه الفتحة دون الالتفات إلى الخلف، وكانت النيران تطلق فوق رؤوسهن لحثهن على الإسراع في الهرب.
أما الرجال فكان يجري إيقافهم في صف ليستعرضهم رجل مغطى الرأس، وغالباً ما يتم أخذ مجموعات مؤلفة من أربع شبان أو أكثر ويؤمرون بحفر قبورهم، ومن ثم يطلق عليهم النار ويرمون في الحفر[2]. يروي الدكتور محمد الهبلي ما سمعه عن والده فيقول: " قام الصهاينة بجمع الرجال والشباب في مجموعة، والنساء في مجموعة أخرى، وتم أخذ الأموال والذهب منهن، وأمر الرجال بأن يقفوا صفاً لساعات طويلة ثم أطلقوا النيران على بعض الرجال... وفي وقت آخر أخذوا مجموعة من الرجال إلى شاطئ البحر وتركوهم تحت الشمس لساعات طويلة ثم قاموا بإطلاق النيران عليهم، وكان والدي من بينهم فرمى نفسه بين الجثث ومثل الموت على أمل النجاة، ولحسن حظه انهم لم يتأكدوا من موت الجميع، بل اطلقوا النيران وانصرفوا، فلما تأكد من ذهابهم نهض وهو يتلفت حوله، واستطاع إنقاذ رجلين ممن أطلقت عليهم النيران من الموت، وذلك بمساعدة رجل آخر..." [3]
شهادات حية
تروي الحاجّة (غالية العطار) تجربتها في الهجرة قائلة:" كان جنود الاحتلال يقوموا بالهجوم على القرية باستمرار، وكنا قد سمعنا عن مذبحة دير ياسين وارتعبنا خوفاً، كانت ابنتي على يدي وعمرها شهرين، ولم أكن اعلم أين زوجي، فهربت مع أم زوجي إلى الحقول والبيارات، ثم ذهبنا إلى اللد، كما هرب العديد من أهالي البلد معنا إلى اللد أو إلى الرملة والمناطق القريبة، كنا ننام في كروم الزيتون على التراب وبين الأشجار، لا يسترنا سوى قطعة قماش أو أكياس الطحين والسكر الخيش، والتي كنا نخيطها ببعضها ونضعها كساتر بيننا وبين غيرنا من المهاجرين، وبقينا في اللد قرابة الشهرين، توفيت اثناؤهما ابنتي، ولم أعرف حتى أين دفنت، حيث أخذها الرجال ودفنوها في الجوار" [4] .
وعن خروجهم من اللد تروي العطار: "في أحد الأيام جاءنا أحد الرجال الكبار من دير عمار يدعى محمود رمضان وكان بيننا نسب، وطلب من أم زوجي أن تذهب بنا إلى الجبال قائلاً "خلال يومين ستسقط اللد والرملة"، وكان هناك هدنة بين العرب واليهود، لكن أم زوجي اتفقت مع ثلاث او اربع عائلات من أهل صرفند وطلبوا من الحاج محمد أبو طوق أن يوصلهم إلى بيرزيت، لكن قبل أن يصلوا إلى نهاية اللد، اوقفوهم اهل اللد واتهموهم بالخيانة والجاسوسية، وذلك لأنهم لا يريدونهم ان يخرجوا من اللد ويبقوا وحدهم، لكنهم تمكنوا أخيرا من الخروج ووصلوا إلى بيرزيت بعد طريق طويل ومتعب وجوع شديد، حيث هجموا على الحقول والبيارات ليأكلوا أي شيء يجدوه حتى لو لم يكن ناضجاً من شدة جوعهم، وبعد عدة أيام وصلت أفواج من أهل البلد وأهالي الرملة واللد إلى بيرزيت بعد هجوم الاحتلال على اللد والرملة مما اضطرهم إلى المسير ثلاثة أيام عبر الجبال، بسبب عدم توفر أي وسيلة مواصلات" [5].
ويصف آخرون مشهد الهروب من اللد بأن الناس كانوا يخرجون أفواج كل في اتجاه، وهناك عائلات لاحقتها قوات الاحتلال ورمت عليهم القنابل الحارقة، لتموت العائلة بكاملها، حيث كان الطريق مليء بالجثث، وكانوا يمشون مسافات طويلة دون طعام أو ماء فيموت كثير منهم على الطريق.[6] وتؤكد ذلك رواية السيدة سلوى العطار والتي سمعتها من والدتها فتقول" كانت الهجرة عن طريق الجبال والطرق الوعرة، حيث ساروا لمدة ثلاثة أيام متواصلة في الحر الشديد، وكان خالي المقعد يبلغ من العمر حينها 10 سنوات، وكان جدي يحمله على ظهره أثناء سيره طول الطريق، وبلغ به التعب والجهد ما جعله يفقد الوعي، وكان معهم امرأة تحمل جرة ماءٍ على رأسها، فطلبت جدتي منها بعض الماء لجدي، لكنها رفضت فاقتتلتا على الماء حتى وقعت الجرة وكسرت ولم يبقى فيها الا بعض الماء الذي اخذته جدتي وسقته لجدي، وفي تلك الاثناء ماتت طفلة صغيرة كانت مع والدها من شدة الحر والعطش" [7] . وفي رواية أخرى تذكر سلوى العطار أن عم زوجها ع. أمونة، ماتت ابنته الرضيعة أثناء سيرهم وهجرتهم، ولم يتمكنوا حتى من دفنها، فتركوها على جانب الطريق بعد أن غطوها بالصخور كما سمعت منهم.[8]
أما الحاج (محمد عبد الرحيم) فيروي معاناتهم، حيث عائلته كانت من اوائل من هاجر إلى "عقبة جبر" قبل نصب الخيام فيقول: " انتقلنا من اللد إلى عابود ثم مخيم عقبة جبر3 *، ولم يكن هناك خيام، فصنع كل شخص لنفسه (خُص) من الخيش والخشب، وفي الشتاء نصبت الخيام، لكن عدد الناس كان أكثر من عدد الخيام، فكانوا يضعون كل عائلتين أو ثلاث في خيمة واحدة، وكانت طبيعة الارض حجرية وقاسية، والماء متوفر لكنه بعيد عنا نوعاً ما، مما زاد من معاناتنا، ولم يكن هناك مكان للعلاج، الا خيمة نصبوها بعد مدة وكان يديرها طبيب مصري يعطي نفس الدواء لأي مرض أو عارض"[9].
نهب المدينة وسرقة الأهالي
ومن المعروف أن مدينتي اللد والرملة وما يحيط بهما من قرى، كانتا قبل النكبة من المناطق التي تكثر بها الأموال وينتشر الخير، مما زاد من رغبة الصهاينة في السيطرة عليهما، حيث يذكر بن غوريون في يومياته ويقول: "ذهبت إلى الرملة واللد، ومحطة القطار في اللد، وبيت نبالا. شاهدت ثراءً فاحشاً... يجب إنقاذه قبل فوات الأوان"[10]. ويؤكد هذا سلمان أبو ستة حين قال" جرت أعمال نهب جماعية في مئات المدن والقرى التي أخليت من سكانها في اعقاب الهجمات العسكرية مباشرة لا سيما في مدن حيفا ويافا واللد والرملة وطبرية والقدس...كانت المجموعة الثانية من الناهبين هم ضباط الجيش الذين استداروا بدباباتهم وشاحناتهم... عائدين إلى المنازل والمخازن والورش... وبدأوا بتحميل محتوياتها، لكن الغنيمة الكبيرة كانت مدينتي اللد والرملة.
يقول بن غوريون: أخذ ضابط كتيبته الخامسة إلى الرملة للنهب".[11] وتؤكد ذلك السيدة سلوى العطار فتقول ما سمعته من والدتها: " أثناء الهجرة والتنقل من مكان لمكان، كنا نتعرض للتفتيش من قبل جنود الاحتلال، فكانوا يوقفون النساء في صفوفٍ، ويقومون بتفتيشهن وأخذ ما يملكن من أموالٍ أو ذهب، ومن ينتهوا من تفتيشها يجعلوها تنتقل إلى صفٍ آخر، وكانت جدتي طويلة مقارنة بغيرها، فتمكنت من رؤية ما يفعلوه وهم مازالوا بعيدا عنها، فانتقلت إلى الصف الآخر دون أن ينتبه لها أحد، واستطاعت النفاذ بذهبها".[12]
المراجع
[1]. أبوستة 121
[2]. المرجع السابق
[3]. مقابلة شخصية مع د. محمد الهبلي
[4]. سلامة، مقابلة تاريخ شفوي للنكبة الفلسطينية مع السيدة غالية العطار من قرية صرفند العمار-الرملة المحتلة
[5]. سلامة، مقابلة تاريخ شفوي للنكبة الفلسطينية مع السيدة غالية العطار من قرية صرفند العمار-الرملة المحتلة
[6] . المرجع السابق
[7]. مقابلة شخصية مع السيدة سلوى العطار
[8]. المرجع السابق
53. سلامة، مقابلة تاريخ شفوي للنكبة الفلسطينية مع الحاج محمد عبد الرحيم من قرية صرفند العمار-الرملة المحتلة
54. بن-غوريون 467
55. أبوستة 126
56. مقابلة شخصية مع السيدة سلوى العطار
القرية اليوم
كيف أصبحت القرية بعد النكبة؟
كغيرها من القرى المحيطة بالرملة، تم نهب كل ما يمكن نهبه، كما تم تدمير قرية صرفند العمار بالكامل، حتى مسجد القرية الوحيد، والذي يعود للعهد العمري، وتم إعادة بنائه في العشرينات في العهد العثماني من حجارة قرية عنابة، فلم يسلم منهم وقاموا بهدم أجزاء منه[1]، وبات الموقع الذي يحتوي على ما يمكن اعتباره أكبر معسكر لجيش الاحتلال، وعلى قاعدة جوية، يعد منطقة عسكرية مغلقة. ولم يبق من القرية إلا ستة منازل، معظمها مهجور، غير أن الإسرائيليين يشغلون منها منزلا أو منزلين، بعد أن أكملوا طرد سكانها، وتطهيرها عرقيا بالكامل. أما الأراضي المحيطة، فيزرعها الإسرائيليون. [2]
يروي د. سلمان أبو ستة في كتابه فلسطين الحقوق لا تزول ما حدث للقرى المهجرة بشكل عام ويقول "تلا ذلك حملة تدمير شاملة استمرت لما يزيد عن 15 عاماً جرى خلالها تدمير 53% من القرى التي جرى مسحها والبالغ عددها 418 قرية، تدميراً كاملاً، وتدمير 44.5% قرية تدميراً جزئياً. وهنا أيضاً كان الهدف الواضح من التدمير هو الحيلولة دون عودة اللاجئين"[3].
كان التدمير الذي قامت به قوات الاحتلال في البداية خلال المعارك لأسباب عقائدية، أو لمجرد التدمير الوحشي الذي لا مبرر له، ومن ثم وضعت خطة من قبل الوكالة اليهودية والصندوق القومي اليهودي، بعد اعلان قيام دولة (إسرائيل) مباشرة في أيار/مايو 1948 لتدمير القرى العربية، فنظمت قائمة تضم 40 قرية بداية ثم قائمة أخرى تضم 14 قرية، ليتم تدميرها بالكامل، كانت الفكرة هي إعادة توطين الصهاينة الشرقيين في بعض القرى، افتراضاً أنهم سيرتاحون في البيوت التي تحمل طابع العمارة العربية. إلا أن الصهاينة كانوا يشعرون بالقلق والتعاسة لسكنهم في مكان يعرفون أن أصحابه الأصليين طردوا منه ويسكنون في مخيم للاجئين، لا يبعد عنهم سوى بضع كيلومترات، فتولاهم خوف قاتل من مجيء اصحاب البيوت لاستعادتها ليلاً. وهذا الخوف سبب فشل توطين الصهاينة في القرى العربية، مما أدى إلى تسريع عملية تدمير هذه القرى، وذلك لتفادي الضغط الدولي من أجل السماح بعودة اللاجئين.[4]
من يعمر القرية الآن؟
في سنة 1949, أنشئت على أنقاض القرية مغتصبة تسريفين، التي تضم معسكراً لجيش الاحتلال. كما أنشئت مغتصبة نير تسفي في سنة 1954. وأنشئت مغتصبة تلمي منشيه في الجوار سنة 1953, وعلى الرغم من أنها قريبة من الموقع، فإنها مبنية فعلياً على أراضي قرية أبو الفضل المدمرة.[5]
في مطلع عام 2000 قام مجموعة من أهالي صرفند بالداخل المحتل، وبالتعاون مع مؤسسة الأقصى، بترميم ما تبقى من مسجد صرفند وإعادة بنائه، حتى يتمكن الزوار من الصلاة فيه، مما نشر الفرحة في قلوب أهالي صرفند، لشعورهم أن هناك وتداً قد عاد إليهم. لكن جاءت قوات الاحتلال بتاريخ 25 تموز 2000 بهدمه مجدداً، وكأنهم يقوقون لا تحلموا بالعودة أو الرجوع إلى قراكم المهجرة. يقول الرائد صلاح: "نجحنا في ترميم المسجد ترميماً مادياً، واكتمل الترميم، وصلينا فيه كاستعداد لافتتاح المسجد باحتفال كبير يليق بهذا المسجد، لكن قبل أيام من موعد الاحتفال، جاءت جرافات مجهولة ولا يمكن الا ان تكون مربوطة مع المؤسسة الإسرائيلية ودمرت المسجد، ولم يبق منه إلا بقايا وأكوام من الحجارة". هناك الكثير لم يكن يعلم أن هناك قرية اسمها صرفند، أو سمع عنها مجرد سماع، لكن بعد هدم المسجد، أصبح يؤم هذا المسجد العديد من الأهل من الداخل، ومن النقب حتى آخر الجليل، ومن المدن الساحلية والقدس والضفة الغربية، وأصبح هناك العديد من الأشخاص الذين يرابطون فيما تبقى من المسجد، ويقيمون فيه ما تيسر من الصلوات، خاصة الجمعة والتراويح في شهر رمضان، حيث تحولت صرفند إلى ملتقى لحق العودة، مع كل الدمار الذي وقع عليها.[6]
كما حاولت بعض شركات دولة الاحتلال إقامة مبان انشائية على أرض مقبرة قرية صرفند العمار المهجرة، وذلك في العام 2007، حيث نجحت (مؤسسة الأقصى لإعمار المقدسات الإسلامية) بإبطال هذا المخطط، حيث إن محاميها محمد سليمان، توصل إلى اتفاق مكتوب مع محامي الجهات الإسرائيلية، تعهد هؤلاء بموجبه بعدم إقامة مبانٍ على أرض المقبرة آنياً ومستقبلاً.. وكانت مؤسسة الأقصى استصدرت قبل أشهر أمراً احترازياً، من المحكمة العليا الإسرائيلية، ضد شركة " تنوفوت تسريفين " وما تسمى "دائرة أراضي إسرائيل" و"سلطة الآثار الإسرائيلية"، يمنع هذان الطرفان بمقتضاه، من إقامة مبانٍ على أرض مقبرة صرفند العمار المهجرة عام 1948، وبالفعل توقفت الأعمال، ومن خلال متابعة من قبل مؤسسة الأقصى، تم التوصل مؤخراً، إلى اتفاق مع الجهات الإسرائيلية التي تعهدت خطياً بعدم تنفيذها أعمال إنشائية في المقبرة، في الوقت الراهن وفي المستقبل أيضاً. وإثر التوصل إلى هذا الاتفاق، قررت المحكمة العليا الإسرائيلية، شطب ملف الالتماس المذكور، فيما تضمن الاتفاق احتفاظ مؤسسة الأقصى بحق التوجه إلى المحكمة العليا، في حال تعرض مقبرة صرفند العمار للانتهاك مجدداً.[7]
المراجع
[1] . سلامة، مقابلة تاريخ شفوي للنكبة الفلسطينية مع الحاج محمد عبد الرحيم من قرية صرفند العمار-الرملة المحتلة
[2]. الخالدي 233
[3] . أبوستة 126
65 . أبوستة 126
[5]. الخالدي 233
[6] . الجزيرة. إفطار مع مجموعة من أهالي قرية صرفند المهجرة في الداخل المحتل
[7] . وفا. مؤسسة الأقصى تنجح في إبطال إقامة مبانٍ إنشائية لشركات إسرائيلية على أرض مقبرة قرية صرفند المهجرة
أهالي القرية اليوم
أهالي صرفند الان
تشتت أهالي صرفند العمار وتفرقوا بعد ان كانوا كالعائلة الواحدة بسبب الهجرة والنزوح، فمنهم من ذهب إلى قرية عابود، وهناك من ذهب إلى بيرزيت، أو جفنة أو كوبر أو بيت ساحور، وما يقارب ثلث أهالي صرفند، خاصة ميسوري الحال انتقل إلى غزة، لكن الأغلبية ذهبوا إلى مخيم عقبة جبر القريب من أريحا.[1] تصف الحاجة غالية العطار ما عايشته في مخيم عقبة جبر: " ذهبنا من بيرزيت إلى رام الله، ثم نقلونا بالباصات إلى مخيم عقبة جبر بالقرب من أريحا، كانت الخيام وبيوت الشعر منصوبة في انتظارنا، كنا ثلاثة عائلات في بيت شعر واحد، وكانت الاجواء شديدة الحرارة، لكن خفف عنا وجود نبع ماء في منتصف المخيم، كنا نستخدمها للشرب والغسيل والطبخ وكل احتياجاتنا، أما بالنسبة للأكل فكنا في البداية نقوم بجمع الخبيزة والبقلة والحميض، بعد ذلك صرنا نذهب إلى بساتين أريحا نساعدهم في جمع ثمارهم ويسمحوا لنا بأخذ ما نريد من طماطم وغيره، وكنا نطبخ على نار الاخشاب التي نجمعها، بعد ذلك استقر الناس نوعاً ما عما كانوا عليه في اللد وبيرزيت، فصنعت النساء فرن للطبخ والخبز من الطين.. بقينا في المخيم أربع سنوات ثم أخذنا خيمتنا وذهبنا إلى منطقة وادي السير، ومنها استقرينا أخيرا في غرفة في مخيم الوحدات"[2].
أما د. محمد الهبلي فيروي رحلة شتاتهم كما أخبره بها والده: "خرجنا من صرفند إلى اللد ثم جفنة، لكنها كانت شديدة البرودة فانتقلنا إلى بيرزيت، ثم استقر بنا الرأي ان نذهب لمنطقة ساحلية وليست جبلية تكون أجواؤها قريبة لأجواء صرفند، فذهبنا إلى قطاع غزة واستقرينا وعائلة عمي في البريج اولاً، ثم انتقل والدي إلى رفح، حيث جلسنا في خيام، وبعدها نقلولنا إلى مخيم البرازيل، بعد ذلك فكر والدي وعمي بالذهاب إلى الاردن، وبالفعل تمكن عمي وجدي من التسلل عبر خط الهدنة إلى الضفة الغربية فالأردن، أما والدي فقد تم اعتقاله فترة من الزمن، حتى تمكن من الهرب منهم بطريقة ما، وعاد إلى رفح وبقي فيها إلى أن مات"[3].
أين ذهب أهل صرفند؟
توزع أهالي الرملة بشكل عام ما بين مناطق عمليات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الخمسة، فهناك من ذهب إلى الضفة الغربية والاردن وقطاع غزة وهناك من وصل إلى سورية ولبنان وحلب[4]، فمثلاً الذين هاجروا للقطاع من صرفند، استقروا مابين مخيم البريج ومخيم النصيرات ومخيم خان يونس ومخيم دير البلح.
واستمر أهالي صرفند في التنقل والهجرة إلى يومنا هذا فكثير منهم استقر في الاردن، كعائلة المرحوم جاهد الهبلي الذي عاش في قطر مدة من الزمن ثم عاد إلى الأردن، وعائلة أمونة والحاج ودردس، ومنهم من انتقل إلى السعودية مثل المرحوم عبد الحفيظ طلب العطار، وبعض افراد عائلتي الهبلي وسند، أو إلى قطر مثل د. محمد عبد اللطيف الهبلي، عبد الحليم موسى الهبلي وكمال العطار، ومنهم من وصل إلى استراليا مثل د. محمد الهبلي، او إلى امريكا مثل نبيل العطار وبعض افراد عائلة الغول.[5]
المراجع
[1]. سلامة، مقابلة تاريخ شفوي للنكبة الفلسطينية مع الحاج محمد عبد الرحيم من قرية صرفند العمار-الرملة المحتلة
[2]. سلامة، مقابلة تاريخ شفوي للنكبة الفلسطينية مع السيدة غالية العطار من قرية صرفند العمار-الرملة المحتلة
[3]. مقابلة شخصية مع د. محمد الهبلي
[4]. أبوستة 123
[5].مقابلة شخصية مع د. محمد الهبلي
الباحث والمراجع
المصادر والمراجع
المراجع العربية:
أبو ستة، سلمان. (2013). فلسطين الحقوق لا تزول. ط. الأولى. لندن: هيئة أرض فلسطين.
بالومبو، ميخائيل.(1990). كيف طرد الفلسطينيين من ديارهم عام 1948. ط.الأولى. بيروت: دار الحمراء للطباعة والنشر.
بن غوريون، ديفيد.(1993). يوميات الحرب 1947-1949. ط. الأولى. (تر.سمير جبور). بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية.
تمراز، سعيد جميل. (د.ت.). طرد الفلسطينيين في الفكر والممارسة الصهيونية. (د.م.): دروب للنشر والتوزيع.
جرار، حسني أدهم (2008).. نكبة فلسطين 1947-1948 مؤامرات وتضحيات. عمان: دار المأمون للنشر والتوزيع.
الخالدي، وليد. (2001). كي لا ننسى قرى فلسطين التي دمرتها اسرائيل سنة 1984 وأسماء شهدائها. ط. العربية. (د.م.). مؤسسة الدراسات الفلسطينية.
الدباغ، مصطفى مراد. (1991). بلادنا فلسطين. (مج.الرابع). كفر قرع: دار الهدى
زكارنه، كمال، و أبو حليمة، جمانة. (2016). شاهد على النكبة: شاهد احتلال، شهادات حية. الأردن: دار أمجد للنشر والتوزيع.
العارف، عارف. (2007). النكبة الفلسطينية والفردوس المفقود (مج.الثالث). (د.م). دار الهدى.
العالول، إسلام. (2019). محطات فاصلة في تاريخ فلسطين القديم والحديث. ط. الأولى. عمان: دار المشكاة للنشر والتوزيع.
مؤسسة الدراسات الفلسطينية . (1984). حرب فلسطين1947-1948 الرواية الاسرائيلية الرسمية. (ط. الأولى). (تر.أحمد خليفة). قبرص: مؤسسة الدراسات الفلسطينية.
مصالحه، نور الدين. (1992). طرد الفلسطينيين مفهوم الترانسفير في الفكر والتخطيط الصهيونيين 1882-1948. ط. الأولى. بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية.
هيئة الموسوعة الفلسطينية. (1984). الموسوعة الفلسطينية القسم العام. (ط.الاولى. مج. الثالث).(عبد الهادي هاشم، المحرر) دمشق: هيئة الموسوعة الفلسطينية.
المقابلات الشخصية:
مقابلة شفوية شخصية مع سلوى العطار، معلمة لغة عربية. قطر في 17/3/2020.
مقابلة شفوية شخصية مع محمد الهبلي، طبيب. قطر في 19/2/2020.
المراجع الالكترونية:
سلامة، فواز(2005 أ). مقابلة تاريخ شفوي للنكبة الفلسطينية مع السيد محمد عبد الرحيم من صرفد العمار-الرملة. فلسطين في الذاكرة. (2005، 28/2) . استرجع في يناير 2020 من
https://www.palestineremembered.com/al-Ramla/Sarafand-al-'Amar/ar/Story1574.html
سلامة، فواز(2005 ب). مقابلة تاريخ شفوي للنكبة الفلسطينية مع السيدة غالية العطار من قرية صرفد العمار-الرملة المحتلة. فلسطين في الذاكرة. (2005). استرجع في يناير 2020 من
https://www.palestineremembered.com/al-Ramla/Sarafand-al-'Amar/ar/Story1573.html
قناة الجزيرة.(2017، 22 يونيو). إفطار مع مجموعة من أبناء قرية صرفند المهجرة في الداخل الفلسطيني. [فيديو]. استرجع في تاريخ 2/2/2020 من:
https://www.youtube.com/watch?v=TN8RjiQC3LY&t=188s
وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية وفا. (2007، 30 يناير). مؤسسة الأقصى تنجح في إبطال إقامة مبانٍ إنشائية لشركات إسرائيلية على أرض مقبرة قرية صرفند المهجرة، فلسطين. استرجع بتاريخ 11/3/2020 من: http://www.wafa.ps/ar_page.aspx?id=76UVb8a132292715247a76UVb8