معلومات عامة عن شعب - قضاء عكا
معلومات عامة عن قرية شعب
شعب قريه عربيه في الجليل الاسفل، تقع على بُعد 17 كم جنوب شرق عكا، شمال قريه كابول، الى الغرب من سخنين، على خط عرض 172 وخط 255 حسب خارطة اسرائيل، ترتفع حوالي 14 م عن سطح البحر
الموقع والمساحة
1- موقع القرية
تقع قرية شَعَب في الجنوب الشرقي من عكا وعلى بُعد نحو 26كلم عنها كما ورد في بعض المراجع(1). تعلو 100 متر عن سطح البحر، وميعار أقرب قرية لها. مساحتها 231دونماً. وهي بذلك ثالثة قرى القضاء في مساحتها.
تقع قرية شَعَب على مجرى وادي الحلزون الشرقي، حيث يبدأ بالاتساع عند اقترابه من سهل عكا. كانت قرية في ولاية شاغور عرّابة التابعة لمملكة صفد المملوكية(2).
2- إحداثيات القرية
(254-173PGR)
تقع شَعَب على إحداثيات فلسطين بخطي 254 شمالاً و173 شرقاً.
وجاء في كتاب ((بلدانية فلسطين المحتلة)): شَعَب، قرية عربية. سكانها (1070) نسمة عام 1961. في مقاطعة عكا في المقاطعة الشمالية، على بعد 10 كلم عن مقطع أحيهود(3) على طريق عكا-دير حنا. في جوارها أطلال قرية المغار العربية(4). (4/1 255 – 4/3 172)(5).
3- الحدود
التضاريس:
من يراجع الخرائط في الملحق سيجد أن شَعَب تقع على سفح جبل، وتحيط بها التلال من الجنوب والغرب والشرق، ويحاذيها وادٍ من الشمال يليه جبل.
والداخل إلى القرية سيلتقي قبل القرية بتلة يعنين، التي بين السيامية (قبل مدخل البلد على شمال الداخل إليها)، والجلمة (على يمين الداخل).
ثم يدخل إليها قرب العين والعبهرة. وإلى الجنوب من طريق يؤدي إلى ضهر العين، وهي فوق مدرسة شَعَب الجديدة، يلي ضهر العين، تلة أخرى اسمها كرم المُقْرَةْ، الذي يمتد من ضهر العين إلى التركيب، أشهر وأعلى تلال القرية، وقد قامت عليه معارك كر وفر في عام النكبة سماها أهل القرية معركة ميعار(6)، وهو يقع فوق القرية مباشرة على علو 150 متراً تقريباً، وتقع خلفه قرية ميعار. وقريباً من البيوت تقع تلة صغيرة يقال لها راس سيدي حسن الحسين.
ويلي التركيب، في الجنوب الشرقي تلال القلاع التي تحيط بالبلد بجزء من الجنوب وبكامل شرق البلد، وتصل حتى جبل الزّكّان في الشمال الشرقي لـ شَعَب.
وفي الشمال يلي جبل الزّكّان، خلّة العوابنة، ولكن دبّة هدهود أقرب إلى بيوت القرية من خلة العوابنة، والدبّة عبارة عن مكبّ للردم وما شابه ذلك. وتليها البيادر الشرقية وأحراج الزيتون في البياض وعكاشة وجورة غنطوس، رجوعاً نحو الغرب تقوم جبانة الحارة الغربية، ثم بيادر البلد، وصولاً إلى مدخلها الغربي والوحيد، عند العين باتجاه عكا.
يذكر أن الجهة الشمالية كلها يحدها وادي الحلزون، الذي يسمى أيضاً وادي شَعَب(7)، الذي يفصل بين شَعَب وجبل القلعة، الذي تقوم عليه قلعة الشيخ.
ومن وادي الحلزون هذا تنشأ القاعدة الشمالية للسلسلة الشمالية (الشاغور)، الذي يفصل بين الجليلين الأعلى والأدنى ويشكل عازلاً مائياً بين الحوضين لنهري المقطع والنعامين. يذكر إبراهيم الدرّ في تفصيله عن روافد نهر النعامين أن وادي الحلزون يشكل أحد روافده، وأن الحلزون ((تتجمع مياهه من جبل حيدر ورأس هزوة وسهلي الرامة والبطوف))(8).
4- المساحة والأراضي الزراعية
تبلغ مساحة أراضي شَعَب 17991 دونماً منها 121 للطرق والوديان، ولا يملك اليهود فيها أي شيء. غرس الزيتون في (2040) دونماً. ويحيط بأراضي شَعَب، أراضي مجد الكروم والبعنة وسخنين وميعار وكابول والدامون والبروة.
5- قطع الأرض في شَعَب(9)
من المعروف أن أراضي شَعَب واسعة نسبياً. وتنقسم أراضيها إلى قسمين، تكاد تكون تلة يعنين هي الفاصل بينهما، والتقسيم كان حسب نوع مزروعاتها وليس تضاريسها ولا مكانها، وإن كان مكانها محكوم بنوع زراعتها إلى حد ما..
القسم الأول: سهل البلد
وهو ((سْليخ)) أي من دون شجر، وهو يقع في المناطق البعيدة عن بيوت البلد؛ أي في سهل البلد. ويزرع في الصيفي والشتوي (القمح والشعير والسمسم والذرة والبطيخ..).
وقطع الأرض فيه هي:
- القطعة: واسمها قطعة القتيل، وهي قريبة جداً من عكا، ويحكى أن هذه الأرض لم تكن لشعَب، إلا أن أحداً لم يعترف للنظام بملكيته لها يوم وجد فيها قتيل، فنسبت زوراً إلى شَعَب، مع أنها بعيدة عنها.
- راس عروس: وهي تلة صغيرة على حدود ((البروة)) استحكم فيها اليهود أثناء معركة البروة.
- المراميغ.
- المغيّر: وهي أرض مجاورة لقرية ((البروة)) التي تستخدم مياهها المعروفة ببئر المغيّر.
- خلّة جودي (وعر).
- البرانِس (جنوب الوادي).
- الترابيع (جنوب الوادي أيضاً).
- الجلاجل.
- المُرِي .
- خلّة عزام (وعر).
- شِبِّرْتَة.
- خلّة بكّار (وعر).
- الصيامية (وعر).
- هَتْفتْميم (جنوب الوادي).
- الحدود (جنوب الوادي).
- الغَبّاط (جنوب الوادي).
- الجلمة (وعرة).
- الِوْساط.
- يعنين: وهي تلة مزروعة بالتين والصبار وفيها بئر ماء، وتفصل بين أراضي السهل وأراضي الزيتون.
القسم الثاني: الزيتون
وهي الأرض التي تزرع شجراً، وليس بالضرورة أن يكون الشجر زيتوناً فقط، وغالباً ما تكون قريبة من بيوت البلد. وأكثر زرعها الزيتون والتين والصبار. وتبدأ من حيث انتهى السهل، بدءاً من جنوب الطريق العام (درب السلطاني):
- الِوْساط.
- الخلالات.
- أبو رباح.
- البازوعية (سفح جبل).
- راس الزتون.
- خلّة درويش.
- جبال الكواع.
- كرم قدورة.
- وعرة الزاوية.
- أرض العين (فيها عين الماء، وأكثر زرعها شجر التين).
- السّرايِد.
أما شمال الطريق العام (درب السلطاني)، فأكثر الأراضي هي من الكروم:
- كرم حمود.
- كرم شحيبر.
- مارِس المشهد.
- تحت العين (تحت الحنانة).
- الميدان.
- الزِيَرْ.
- الرُّغَبْ.
- الرُّجمِة.
- كرم حمدِه (أو حمدي).
- البلاطات
- خلّة أبو رمّان.
- المَغَاريق.
أراضي الزيتون:
- زتون أفعى (هكذا تلفظ، وقد تكون قفعة)
- زتون كعكوش.
- عْبِيب.
- خلّة العوابنة.
- جبل الزكّان (زراعته عنب وتفاح ورمان..).
- الِقْلاع.
- التركيب (فوق البلد مباشرة من جهة ميعار).
المراجع والهوامش من كتاب شعب وحاميتها للأستاذ ياسر علي
(1) غير أن نافذ نزال وروز ماري صايغ يقولان أنها 17 كلم يجمع أهل القرية أن المسافة فقط 16 كلم، وسألت من زارها مؤخراً فقال إنه راقب عداد السيارة من عكا إلى شَعَب وقال إنها 18 كلم، غير أنه -في تقديري- أن المقاييس الحالية اختلفت أو لأنه قاس المسافة من وسط عكا إلى وسط شَعَب.
(2) شكري عراف: المواقع الجغرافية في فلسطين – الأسماء العربية والتسميات العبرية، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، الطبعة الأولى 2004.
(3) الاسم الصهيوني لأطلال قرية البروة.
(4) المقصود هنا قرية ميعار، ولكن المصادر الصهيونية نقلتها عنا هكذا وبقي كذلك اسمها، وأخذناه منهم.
(5) أنيس صايغ: بلدانية فلسطين المحتلة (1948-1967)، ضمن سلسلة كتب فلسطينية – 9، مركز الأبحاث – منظمة التحرير الفلسطينية، بيروت – لبنان، الطبعة الأولى 1968.
(6) راجع القسم الثاني من الكتاب.
(7) إبراهيم فريد الدرّ: شفاعمرو - فسطاط صلاح الدين، مؤسسة الأبحاث العربية – بيروت، الطبعة الأولى 1988، صفحة 42.
(8) المصدر السابق صفحة 54
(9) إعداد الحاج أحمد محمد علي (أبو هاني).
الحدود
من يراجع الخرائط في الملحق سيجد أن شَعَب تقع على سفح جبل، وتحيط بها التلال من الجنوب والغرب والشرق، ويحاذيها وادٍ من الشمال يليه جبل.
والداخل إلى القرية سيلتقي قبل القرية بتلة يعنين، التي بين السيامية (قبل مدخل البلد على شمال الداخل إليها)، والجلمة (على يمين الداخل).
ثم يدخل إليها قرب العين والعبهرة. وإلى الجنوب من طريق يؤدي إلى ضهر العين، وهي فوق مدرسة شَعَب الجديدة، يلي ضهر العين، تلة أخرى اسمها كرم المُقْرَةْ، الذي يمتد من ضهر العين إلى التركيب، أشهر وأعلى تلال القرية، وقد قامت عليه معارك كر وفر في عام النكبة سماها أهل القرية معركة ميعار(6)، وهو يقع فوق القرية مباشرة على علو 150 متراً تقريباً، وتقع خلفه قرية ميعار. وقريباً من البيوت تقع تلة صغيرة يقال لها راس سيدي حسن الحسين.
ويلي التركيب، في الجنوب الشرقي تلال القلاع التي تحيط بالبلد بجزء من الجنوب وبكامل شرق البلد، وتصل حتى جبل الزّكّان في الشمال الشرقي لـ شَعَب.
وفي الشمال يلي جبل الزّكّان، خلّة العوابنة، ولكن دبّة هدهود أقرب إلى بيوت القرية من خلة العوابنة، والدبّة عبارة عن مكبّ للردم وما شابه ذلك. وتليها البيادر الشرقية وأحراج الزيتون في البياض وعكاشة وجورة غنطوس، رجوعاً نحو الغرب تقوم جبانة الحارة الغربية، ثم بيادر البلد، وصولاً إلى مدخلها الغربي والوحيد، عند العين باتجاه عكا.
يذكر أن الجهة الشمالية كلها يحدها وادي الحلزون، الذي يسمى أيضاً وادي شَعَب(7)، الذي يفصل بين شَعَب وجبل القلعة، الذي تقوم عليه قلعة الشيخ.
ومن وادي الحلزون هذا تنشأ القاعدة الشمالية للسلسلة الشمالية (الشاغور)، الذي يفصل بين الجليلين الأعلى والأدنى ويشكل عازلاً مائياً بين الحوضين لنهري المقطع والنعامين. يذكر إبراهيم الدرّ في تفصيله عن روافد نهر النعامين أن وادي الحلزون يشكل أحد روافده، وأن الحلزون ((تتجمع مياهه من جبل حيدر ورأس هزوة وسهلي الرامة والبطوف))
مصادر المياه
آبار المياه والينابع في أرض شعب
1- العين الغربية - النبع , وبركة العين.
2- بير الحنانة.
3- بير يعنين.
4- بير الهربة.
5- بير دار عباس.
6- بير جبال الكواع.
7- بير خلة الشحنة.
8- بير الصفا.
9- بير المغيّر.
سبب التسمية
اسم القرية
شَعَب بالفتح. قد تكون عربية من ((شعب الشيء)) بمعنى جمعه. فرقه. أصلحه. أفسده (ضد). وقد تكون تحريف ((Saab)) القرية التي كانت تعرف بهذا الاسم أيام الرومان وتقوم عليها شَعَب الحالية. أو من شَعْب بسكون العين وهو بطن من ((همدان)) نزلوا هذه الجهات فخلدوا اسمهم في هذا الموقع(2).
ولم يرِدْ اسم القرية في معجم البلدان لياقوت الحموي، ولكنه فصّل في أصل التسمية بسبب وجود مناطق أخرى في اليمن وغيرها بهذا الاسم.
شِعْبٌ: بكسر أوله، وهو الطريق في الجبل، وقال الجوهر بالكسر والضم الشِعب والشُعب، والجمع الشِعاب.
وقال أبو منصور: ما انفرج بين جبلين فهو شعب، وقال أبو عبيد السكوني: شَعب، بالفتح والتسكين، جبل باليمن، من كان من أهله بالكوفة يقال لهم شَعبيون، ومن كان بالشام يقال لهم الشعبانيون(3).
أما القاموس المحيط، ففسر الاسم بما يلي:
الشَّعْبُ: الجمع، والتفريق، والإصلاح، والإفساد، والصدع، والقبيلة العظيمة، والجبل، وموصل قبائل الرأس، والبُعد، والبعيد، وبطن من همدان.
الشِّعب بالكسر: الطريق في الجبل، ومسيل الماء في بطن أرض، أو ما انفرج بين الجبلين، وسمة للإبل، وهو مشعوب.
والفعل شَعَب: ظهر، و__ البعيرُ: اهتضم الشجر من أعلاه، و__ فلاناً: شغله، و__ رسولاً إليه: أرسله، و__ اللجامُ الفرسَ: كفّه عن جهة قصده وصرفه، و__ إليهم: نزع، وفارق صاحبه.
من هنا نقول إنه إذا لم يكن الاسم رومانياً أو قبيلة من همدان، فأرجح المعاني العربية هي ما اتصل بمكان أو جماعة. ولا نرجح القبيلة العظيمة أو الجبل، فهي الطريق في الجبل، أو ما انفرج بين جبلين. وهذا ما يستنتج من كلام كبار السن، إذ ليس في شَعَب عائلة واحدة توحي باسم البلدة.
ومما ورد في التراث أن الخَلّة هي قطعة أرض سهلية واسعة ومشجرة تقع في منخفض بين جبلين أو تلّتين. والشعب هو سفح جبل ويقع فوق الخلة لكنه أصغر منها.
ولعل هذا هو الأرجح، خاصة وأن شَعَب لم تكن طريقاً للقرى الأخرى، فطريقها ينتهي فيها، عند بيت الحاج عبد حمزة. والمصادر تشير إلى أن طرق القرى الأخرى لم تمر بها، وهذا ما يفسر عدم مرور الرحالة والمؤرخين بها، كما في رحلة ناصر خسرو المشار إليها سابقاً. كما وتحيطها الجبال من الجهات الثلاث.
في الفقرة الأولى من كتاب شَعَب لموسى مطلق إبراهيم يصف القرية فيقول:
((شعب، قرية جليلية، تقع على بعد عشرة أميال إلى الشرق من عكا، في نقطة تنفرج عندها الجبال عن وادي الحلزون انفراجة واسعة ملأتها الأجيال المتعاقبة بغابات الزيتون الخضراء تحف بها من الشمال والجنوب. وهي تتكئ على سفح الجدار الجنوبي لذلك الوادي القادم إليها من الشرق بين جدارين من جبال تتقارب فيما بينها حتى لا تترك متسعاً إلا لمجرى السيل المتوافد من سفوح تلك الجبال..))(4).
هذا النص يحصر في مضمونه اسم شَعَب بين ((نقطة تنفرج عندها الجبال)) و((مجرى السيل المتوافد))، ولكن القاسم المشترك بين كل هذه التفسيرات هو الترجيح الأول: ما انفرج بين جبلين.
إلى هذا، أشار الدكتور شكري عراف في كتاب ((القرية العربية الفلسطينية)) حين قال: ((وكان لطوبوغرافية المكان أثر في الأسماء.. ولم ينسَ الساكنون إطلاق صفات بعض المصادر المائية على قراهم كالسيلة وشعب: وهي قرية في الجليل السفلي قرب واد ضيق))(5).
وقد رجح بعض المؤرخين أن مصدر الاسم هو من اللغة الرومانية، حيث يعتقدون أن شَعَب تقوم على موقع ((شاب)) ((Shab)) الرومانية.
ورجح بعضهم أنه لم يكن اسمها شَعَب، ((إنما سمّيت كذلك بعد أن فتح المسلمون هذه البلاد، وبعد أن أقام فيها طائفة منهم وهي خراب وعلى أنقاض اليهود أوالنصارى سكان البلدة يومذاك والذين كادت تبيدهم الحروب الفارسية والبيزنطية. وعندما سكنها العرب المسلمون دعوها باسم شَعَب لوقوعها في منخفض وبين جبلين، وكل مكان مثل هذا يسمى عند العرب شَعَب، وتؤيد خراب شَعَب ((الوقائع الفلسطينية)) ص 1609، فذكرت بعض آثارها ثم قالت: بها حجارة منحوتة استعملت مرة ثانية بالبلدة))(6).
ونرجح أن خراب القرية كان في العام 597م بسبب الزلزال الذي ضرب ساحل فلسطين فدمّر معظم المدن والقرى فيها.. حيث كان الكنعانيون العرب قد بنوا عكا والكثير من القرى المحيطة بها.. غير أننا للأسف لم نجد في التاريخ ما يدلنا على إقامة الكنعانيين في شَعَب. اللهم إلا الآثار التي تركوها في ((يعنين)) و((البزوعة)).
((من الكنعانيين الذين أقاموا بشَعَب كما دلت آثارهم حتى عام 1573 لم أجد لها أقل خبر مثبوت يستحق الذكر حتى السنة المذكورة حيث تعاونت مع قرى ساحل عكا وغزوا قرى الجبل))(7).
المراجع
شعب وحاميتها للأستاذ ياسر علي ص 26-28
أراضي القرية
مواقع واسماء الارض التابعة لقرية شعب
1- جبال بين الروس.
2-وادي الخشب.
3- مغارة شرشر.
4- ديسة دار طه.
5- ديسة دار شحاده.
6- مراح الغزلان.
7- عبيد. 8. الزيرة.
8-جبل الزكان.
9- دورة قمر.
10- ارض الكنفاني.
11- خلة العوابنة.
12-القلاع.
13-الحنانة.
14- خلة خويخة.
15-جبال الكواع.
16-الخلايل.
17-الجلمة.
18-البرنس.
19- يعنين.
20- شبرتا.
21- الرقايق.
22- السلم.
23- المغيّر.
24- خلة بكار.
العمران
بيوت ومنازل شَعَب
سوف يتوقع القارئ أن هذا الفصل سيتضمن أشكال البيوت وأقسامها والأجزاء التفصيلية، ولكن هذا الموضوع تناوله كل كتاب من هذا النوع من الكتب، والمفارقة أن معظم هذه الكتب تتناول قرى الجليل، ذات البيئة والعادات والتقاليد المتطابقة، فما الذي سيتغير بينها؟
أود أولاً أن أسجل التغيير بالمنهج الذي سيتناول هذه الكتب، فلماذا يكرر مؤلفوها بعضهم؟ ولماذا لا يستعينون ببعضهم؟ ولماذا لا يحيلون القارئ إلى مزيد من التفاصيل في الكتب الأخرى؟
أقول هنا، إنني لن أزيد على كتابَي (الدامون/لوباني) و(قديثا/دكور) شيئاً ملحوظاً في تعداد الأقسام وأوصافها، لذلك سأذكرها مختصرة. أما رسوم هذه المنازل، فإن المهندس محمد حسن عبد العال في كتابه (الغابسية – الشيخ داود – الشيخ دنون) قد رسمها رسوماً مقطّعة عمودياً وأفقياً، وممسوحة حسب التقنيات الهندسية، وكذلك قام برسمها الدكتور إبراهيم يحيى الشهابي رسوماً يدوية في كتابه (لوبية – شوكة في خاصرة المشروع الصهيوني). لذلك، ولمزيد من التفاصيل، يمكن للقارئ العودة إلى هذه الكتب.
وفيما يلي سوف أختصر أقسام البيت التي ذكرها لوباني كما يلي:
قاع الدار، المصطبة، السدة، القُصّة (حافة تحت الشباك)، الخشة (كوخ صغير)، المنزول (للضيافة)، العقد (للضيافة عند الموسرين)، العلّيّة (غرفة أعلى من الغرف العادية)، حكورة (حديقة صغيرة)، حظيرة (صيرة للماشية)، الطابون (فرن من التبن والفخار)، المقحار (أداة تحريك الخبز بالطابون)(11).
أما دكور فكان موسوعياً(12)، وقسّم البيوت إلى فترتين زمنيتين، وفصل في أقسام البيوت وطريقتها:
البيوت القديمة، وفيها: أساس البيت، الحيطان، الباب والعتبة والعقدة، الشبابيك، الزوايا، الأعمدة، القناطر، السطوح، الإسطبل، المصطبة.
ثم البيوت الحديثة، ويصل إلى ملحقات البيت الداخلية، ومنها: الإسطبل، التبّان(غرفة لتخزين التبن مدى العام)، تجويف الخابية (مكان الخابية في الحائط)، حامل الجرار، الخطافة (تشبه الصنارة التي يستعملها الجزار لتعليق اللحمة)، الخلية (مخزن للحبوب)، الخم (قن الدجاج)، الداخون (المدخنة)، الرتقة، الرف، السدة، الطاقة، الليوك (تجويف في الحائط لوضع الفراش فيه)، المعراش (خشبة في الإسطبل لمبيت الدجاج)، المملحة (يقطينة طويلة مجففة يحفظ الملح فيها)، الموقدة، الوتد، أدوات النور (بصة، بطارية، الصوان، السراج..).
أما الملحقات الخارجية للدار على أنواعها فهي (مسقوفة، نصف مسقوفة، مكشوفة).
أما ما يخص شَعَب تحديداً، فهو التفاصيل الخاصة وأسماء أصحاب البيوت.
ذكرت بعض المراجع أنه كان في شَعَب 284 منزلاً في سنة 1931 يسكنها 1297 نفساً، أي بمعدل 4.56 في البيت الواحد. وهي نسبة ضئيلة نظراً لمتوسط عدد أفراد الأسرة(13).
وإحصاؤنا الخاص حول منازل البلدة التي كان يسكنها أهلها عام 1948 فقد بلغ 260 منزلاً، عدا عن المباني غير المسكونة كالمساجد والكنائس والمقابر والخان والمعاصر والمقامات وغيرها.
في مقابل هذا العدد من المنازل، بلغ في هذا الإحصاء عدد أسر شَعَب 371 أسرة، أي بمعدل 1.43 أسرة في البيت الواحد. راجع في باب السكان ضمن فصل الأرض والبشر أسماء أرباب الأسر في البلدة.
تُبيّن النتيجة أن إحصاء عدد المنازل الخاص بالعام 1931 مبالغ فيه، وإذا كان صائباً فإن أهل البلد لم يبنوا فيما بعد كل البيوت التي دمرها عدوان 1936.
6- بيوت شَعَب بدءاً من المدخل الغربي للقرية
كان يسكن في البيت أكثر من عائلة، وفي الحوش أكثر من بيت، وكانت معظم البيوت متلاصقة السطوح، بحيث يستطيع الشخص أن يسير مسافات ضمن البلد على السطوح (وسبب ذلك كما أفاد بعض كبار السن بدأ لتسهيل هروب الشباب أثناء تجنيد السفربرلك). وفيما يلي لائحة بالمنازل بحسب أسماء مالكيها
العبهرة وبنات العين
المباني غير الآهلة:
أما المباني غير الآهلة بالسكان والعائلات دائمة الإقامة في شَعَب فهي الجوامع، الكنائس، المعاصر، المدرسة،
البابور
بابور الزيت هو المعصرة، التي أصبح اسمها البابور منذ استخدام الآلات بدل الحصان أو الحمار في عصر الزيت. فكان في البلدة منه اثنان. الأول قرب البيادر بالقرب من منزل رشيد عبد اللطيف، والثاني بالقرب من جامع الحارة الغربية المسمى جامع البلد.
فرن البلد
وتحيط بفرن البلد بيوت آل زيتون وشحيبر قريباً من جامع البلد حيث الساحة التي كانت تشهد التجمعات.
الحنّانة
وهي أشبه بالحاووز (في أيامنا)، وهي المكان الذي كان يملأ أهل البلد جرارهم بالماء منه، وكان يضمنها أشخاص في البلد ويتم توزيع الماء
خان البلد
كان مبنى غير مسكون يقيم فيه زوار البلد والبائعون المتجولون، وبعض أصحاب المهن المرتبطة بالمواسم (كقاطفي الزيتون)، وأكثر مَن سكن فيه كان علي حرب (إسكافي من بنت جبيل)، وعدد من المبيضين وباعة القماش (من برجا – لبنان) وغيرهم.. وهذا المبنى كان مضافة لآل الخطيب، وبالتحديد لأحمد الخطيب.
معالم القرية
قلعة الشيخ: وتقع في الجبل المقابل لقرية شَعَب ويفصل بينها وبين القرية وادي الحلزون (راجع ملحق الصور)، وهي عبارة عن غرف كهفية محفورة في الجبل، يظن بعض أهل القرية أنها أنشئت في العهد الصليبي، وأنها كانت مقراً للجنود الذين كانوا يحمون طرق الجيوش.
كما أشرنا سابقاً، إن أحد المدققين في تاريخ شَعَب أشار إلى أن الطريق السلطاني (المعبّد) لم يشق إلا في العهد العثماني، مما يعني أن طريق الجيوش المتجهة من عكا إلى صفد كان يمرّ في الوادي، وليس على رؤوس الجبال، وهذا الوادي هو وادي الحلزون، ولما كان من الضروري إنشاء مركز حماية دائم لطريق الجيوش، أنشأ القائمون –كما يُظن- على الأمر هذه القلعة.
إلا أن بعض القصص (الأساطير) تحكي حول هذه القلعة حكايات، لا داعي لذكرها، ولكن ما يلفت الانتباه وما لا بد من الإشارة إليه، لأنه قد يكون هو السبب، أن القلعة مبنية على نبع ماء غزير يسقي مساحات واسعة. وتستخدمه الآن السلطات الصهيونية.
السكان
السكان
1- العوامل المؤثرة في عدد السكان
يفصّل زهير غنايم في العوامل المؤثرة في أعداد سكان ولاية عكا(1)، وسنهتمّ بما قاله غنايم على حالة قرية شَعَب هنا:
أولاً: الزيادة الطبيعية، وقد اعتمدت الإحصاءات في شبه إجماع أن عدد أفراد الأسرة خمسة، وقال بعضهم ستة، وأثبتت بعض الإحصاءات أنها ثمانية.
ثانياً: الأمراض والأوبئة، كطاعون عكا سنة 1811م الذي قضى فيه 120 شخصاً من المدينة، وانتشاره بقوة سنة 1813م، وطاعون عكا سنة 1830م، وحمى صفد عام 1897م، والحمى الصفراوية في قرية البصة، وفي الناصرة سنة 1891م. والجدري بعكا سنة 1877م وتفشّيه فيها سنة 1913م. والكوليرا التي تفشّت بين أهالي عكا والجنود المصريين، وتفشي الكوليرا في طبريا سنة 1902م، ووفاة 64 شخصاً في خمسة أيام.
ثالثاً: الهزات الأرضية، وأشهرها زلزال 1837م الذي ضرب لواء عكا وقراه فقتل وجرح 6000 شخص. ودمر بعض القرى تدميراً كلياً مثل الجِشّ وعين الزيتون وطبريا والشجرة والرينة.
رابعاً: التجنيد الإجباري، وهو الذي كانت تفرضه الدولة العثمانية على الناس، وكان يُعفى المُعيل الوحيد للأسرة أو من يدفع 10000 قرش تقريباً. وفرض أول تجنيد سنة 1862م، وتأثير الخدمة يتميز عن غيره من المؤثرات الأخرى أنه يتناول الذكور حصراً بين المسلمين، وكان المسلمون هم الطائفة الوحيدة التي ظهرت فيها زيادة عدد الإناث على الذكور في إحصائية أوردتها سالنامة ولاية سوريا عام 1885م.
خامساً: الهجرة، بعد اكتشاف العالم الجديد، وصعوبة الحياة والرزق في بلاد الشام خاصة في فترة المجاعة، غير أن هجرة المسيحيين من فلسطين كانت أكبر بكثير من هجرة المسلمين إلى العالم الجديد. ويذكر كبار السن أن بعض الشعَبيين هاجر هجرة داخلية إلى المدن، وبعضهم هاجر إلى المغرب مثل: الحاج علي، الذي هاجر وهو فتى، وعاد ابنه عبد العزيز إلى شَعَب وأقام فيها، وبعد النكبة نال بعض أبنائه الجنسية المغربية. وهناك من هاجر إلى الولايات المتحدة، مثل محمد وعلي معطي حسين اللذين قيل إن بعض أبنائهما كانوا في عداد قوات البحرية الأمريكية (المارينز) التي حضرت إلى لبنان أثناء ثورة 1958، وجرى التعرف عليهم والتعامل معهم، قبل أن يعودوا إلى الغرب مع القوات الأمريكية.
2- عدد السكان
ذكر الدكتور شكري عراف، أن عدد سكان شَعَب كان 40 نسمة عام 1596م(2).
كان في شَعَب في أواخر العهد العثماني 1240 نسمة. وفي عام 1922م بلغ عدد قاطنيها 1206 نفوس (النقص الحرب الأولى والسفربرلك، الهجرة للغرب)، وفي عام 1931م 1297 نسمة – 664 ذ. و633 ث.- يوزعون كما يلي:
ذكور إناث المجموع
مسلمون 653 624 1277
مسيحيون 10 9 19
يهود 1 1
المجموع 664 633 1297
وفي عام 1945 ارتفع العدد إلى 1740: 1710 من المسلمين، و30 من المسيحيين، ولهم جميعاً 284 بيتاً(3). هاجر معظمهم إلى لبنان أثناء النكبة، وهاجر هجرة داخلية ضمن فلسطين حوالي 574 مواطناً عادت غالبيتهم إلى القرية(4). عاد معظمهم بعد انتهاء الحكم العسكري عليها، أي بعد عام 1967، واستأجروا منازل فيها من الدولة(5).
أسس العثمانيون مدرسة في شَعَب في عام 1305هـ. (أي عام 1888)، كما في ((بلادنا فلسطين))(6). وفي 1942 –1943 المدرسي كان أعلى صف فيها هو السادس الابتدائي.
مضيفاً: وشعب موقع أثري يحتوي على صهاريج، مدافن بئر منقورة في الصخر، حجارة منحوتة ومستعملة مرة ثانية، في القرية جامع، وهي اليوم تحت حكم الأعداء وبلغ عدد سكانها 1070 نسمة في عام 1961م (7).
1886م. كان عدد السكان 1430 نسمة(8).
أما كتاب القرية العربية الفلسطينية فيشير في إحصائية استقاها من المصادر الصهيونية:
1931م. كان عدد السكان 1297 نسمة.
1945م. كان عدد السكان 1740 نسمة.
1952م. كان عدد السكان 1206 نسمة (إحصاء يفتقر للدقة بسبب التشتت).
1982م. كان عدد السكان 2500 نسمة(9).
1998م. كان عدد السكان 4000 نسمة(10).
ذكرت بعض المراجع – كما أسلفنا - أنه كان في شَعَب 284 منزلاً في سنة 1931 يسكنها 1297 نفساً، أي بمعدل 4.56 في البيت الواحد. وهي نسبة ضئيلة نظراً لمتوسط عدد أفراد الأسرة وأن أكثر من عائلة تسكن في البيت الواحد. لذلك ففي الحساب المنطقي نستنتج أن هذه الإحصائية في حدها الأدنى هي لعدد العائلات في يوم عمل، لم يكن الناس في بيوتهم أو حتى في البلدة نفسها. خاصة وأن تلك الفترة شهدت نزوحاً لأهل البلدة منها إلى المدن القريبة بحثاً عن لقمة العيش، أو ركضاً وراء مهنة أو وظيفة حكومية أو حتى في الجيش الإنجليزي.
غير أن أكثر الأيام كثافة بالسكان هي أيام ما قبل النكبة، حين عاد الناس من نزوحهم إلى بيوتهم الأصلية (كانت شَعَب من آخر البلدان سقوطاً في المنطقة)، وشهدت البلدة ازدحاماً شديداً. بل لقد بدأت البلدة تشهد الكثافة قبل سنوات من النكبة، عند بدء الاضطرابات مع اليهود.
هناك رأي آخر يقول، إن البلدة كان مغضوباً عليها أثناء الثورة الكبرى ضد الإنجليز والتي انتهت عام 1939م. وقد عاد الذين نزحوا عنها بعد انتهاء الثورة، غير أننا لا نرجح هذا الرأي إذ إن الإحصاء تم في العام 1931 أي ما بين ثورة البراق وثورة القسام.
وكما ذكرنا، كان يسكن في المنزل أكثر من عائلة، وفي الحوش أكثر من بيت، وكانت معظم البيوت متلاصقة السطوح، بحيث يستطيع الشخص أن يسير مسافات ضمن البلد على السطوح (وسبب ذلك كما أفاد بعض كبار السن بدأ لتسهيل هروب الشباب أثناء عمليات تجنيد السفربرلك).
أما إحصاؤنا الخاص حول منازل البلد التي يسكنها أهلها عام 1948 فقد بلغ 260 منزلاً، دون احتساب المباني غير المسكونة كالمساجد والكنائس والمقابر والخان والمعاصر والمقامات وغيرها.
في مقابل هذا العدد من المنازل، بلغ في هذا الإحصاء عدد أسر شَعَب 371 أسرة، أي بمعدل 1.43 أسرة في البيت الواحد. ومعدل عدد أفراد الأسرة في لواء عكا هو خمسة، وهو الرقم الذي اعتمده إحصاء شوماخر 1886، وعبد الكريم رافق اقتداء بسالنامة ولاية سوريا، وكذلك القساطلي الذي ساح في فلسطين في العامين 1874-1875 ووصفها بدقة، كما اعتمدها دريك Drake أحد أعضاء ((صندوق استكشاف فلسطين))(11)، فإذا اعتمدنا هذا الرقم يصبح عدد سكان شَعَب في عام 1948 حوالي 1855 نسمة.
النتيجة، أن إحصاء عدد المنازل الخاص بالعام 1931 مبالغ فيه، وإذا كان صائباً فإن أهل البلد لم يبنوا فيما بعد كل البيوت التي دمرها عدوان 1936.
3- ملاحظات على جدول التطور السكاني
قد يقبل القارئ –على مضض- الإحصاءات من 1922 إلى 1945، ويأسف –بغصة- على عدم وجود إحصاءات تصلح لمن كان من أهل شَعَب بين 1946 و2003.
وإزاء الإحصاءات المتوفرة لدينا لا بد من الإشارة إلى أنها تتأثر بعوامل خارجية لا علاقة لها بالزيادة السكانية أو نقصانها، بل تتعداها إلى التغييرات الديمغرافية التي ارتكبها العدو في سبيل تضييع حقوق الصامدين في الداخل بأراضيهم، واعتبارها أملاك غائبين ووضع اليد عليها.
وأشير إلى أن إحصاء 1948 (1840 نسمة)، هو تقدير اتبعناه من إحصاء عدد العائلات مع تقدير الحد الأدنى المتبع في الدراسات، وهو خمسة أفراد في الأسرة الواحدة (أكثر من دراسة)، ولم نتبع الأرقام الأخرى التي اتبعت من قبل الأقلية وهو ستة أفراد، وبعضهم اختار ثمانية أفراد للأسرة الواحدة.
أما الرقم 574 نسمة، فهو من تبقى في فلسطين من أهل شَعَب، مع الإشارة إلى أنهم لم يبقوا في شَعَب، ولم يعودوا إليها إلا لاحقاً، وسكن معظمهم في البعنة ومجد الكروم وترشيحا ودير القاسي. من هنا يفترض بدء التمييز في الإحصاء، حيث تم إسكان غير الشعَبيين في محاولة لمنع أهل البلد من العودة إليها، وإحداث فتنة بين السكان الأصليين المطرودين والسكان الجدد المزروعين في البلد.
ففي يوم السبت 30-3-1951، عمدت شرطة الاحتلال وبناء على أوامر سياسية عليا إلى نقل مجموعات من أبناء أكراد البقّارة وأكراد الغنّامة في سهل الحولة وقرى الحمّة وخربة السمرا، إلى قرية شَعَب المنكوبة، ليتم ملؤها بالسكان والادعاء فيما بعد أن أهل هذه البلدة ما زالوا فيها. وذلك ضمن سياسة ديمغرافية صهيونية، أدت في النهاية إلى فوضى عارمة هدفت إلى نزع مفهوم التعلق بالأرض من ذهن الجيل المتبقي في فلسطين.
لذلك فإن الإحصاءات ما بعد 1951 لا تعني شيئاً بالنسبة لسكان شَعَب الأصليين. ونقصد هنا بالأصليين، هم أولئك الذين استقروا فيها قبل النكبة، وقد أوردنا أرقام ما بعد النكبة لإكمال صورة التطور السكاني الذي غلب عليه العبث الديمغرافي الصهيوني فيما بعد.
وقد اعتبرنا أن أطول مدة استقراراً في تاريخ شَعَب هي ما بين إحصاءي 1931م و1945م، والفارق بينهما 14 عاماً، نجد أن الزيادة بلغت 443 نسمة، رغم أن هذه الفترة شهدت نزوحاً باتجاه المدينة. فإذا اعتمدنا هذا الفارق واحتسبنا نسبة الزيادة السكانية في هذه الفترة نجد أنها تبلغ 34.16%.
وعلى هذا الأساس، فإننا نرجح أن عدد أهالي شَعَب، وليس فقط سكان شَعَب، سيصبح على الشكل التالي:
عام 1596م كان عدد سكان شَعَب 40 نسمة.
أواخر العهد العثماني كان عدد السكان 1240 نسمة.
عام 1922م كان عدد السكان 1206 نسمة.
عام 1931م كان عدد السكان 1297 نسمة.
عام 1945م كان عدد السكان 1740 نسمة.
عام 1948م كان عدد السكان 1855 نسمة (نسبة عدد الأسر * عدد أفرادها بإحصائنا).
نشير هنا إلى أن عدد أهالي شَعَب المسجلين في الأونروا في لبنان قد بلغ في بداية العام 2003 حوالي 5300 نسمة، إلا أن هناك عوامل أخرى تساهم في زيادة أو نقصان العدد، فهناك من نال جنسيات غير فلسطينية بعد النكبة، فخرجوا مع عائلاتهم من سجلات الأونروا، وهناك من سجل في الأردن وسوريا، وهم قلة.. إلى غير ذلك من أسباب التسرّب المختلفة..
الأرض والسكان، في الماضي والحاضر:
لقد سكنت القرية طائفه مسيحيه بلغ عددها سنة 1948 حوالي 200 نسمه، لجأ معظم افراد الطائفة الى لبنان كما لجأ غالبية سكان القرية.
اما اليوم فيبلغ عدد السكان حوالي 7000 نسمه، يطمحون الى ان يكونوا عائله واحده ترتبط بأواصر المحبة والود والاحترام، علماً أن قسماً منهم هجروا من قراهم المجاورة لشعب ,فقسم من اهالي القرية اليوم جاء من قرية الدامون وقسم من قرية ميعار، المجاورتين لشعب بعد ان هجروا سنة 1948، وقسم ثالث أحضر سنة 1951 من سهل الحولة في الشمال، هم كراد البقار وكراد الغنامة، كما أسلفنا فأن جميع السكان هم عائله واحده متحابة.
مساحة مسطح القرية 1129 دونم وهي مساحه تفي حاجة السكان حتى سنة 2020. اما منطقة نفوذ السلطة المحلية فتبلغ مساحتها 5430 دونم .
أراضي شعب وكروم الزيتون التي اشتهرت بها شعب صودرت سنة 1948 وهي اليوم بملكية إدارة أراضي الاحتلال. قسم كبير من كروم الزيتون يضمنه السكان من دائرة أراضي الاحتلال حسب اتفاقيات موسميه .في 14.7.1975 أعلن عن قيام أول مجلس محلي معين في شعب .
عد السكان عام 1922
قدر عدد سكانها عام 1922 "1206"نسمة
عدد السكان عام 1945
قدر عدد سكانها عام 1945 "1704" نسمة،
عدد السكان عام 1954
في حين ذكر عزايزة أن عدد السكان بعد 9 سنوات النصف تقريبا وهذا الاختلاف في الأرقام يعزى لأمرين:
1- حراك سكاني داخل القرية
2- قلة الدراسات الموثقة لعدد السكون وخضوعها لتقديرات أو تسجيلات غير رسمية
عدد السكلن عام 1945:
220 نسمة سكان قرية شَعَب الأصليين.
350 نسمة سكان كراد الغنّامة والبقّارة.
70 نسمة سكان قرية الدامون.
250 نسمة سكان قرية ميعار.
والمجموع الكلي لسكان القرية في ذلك الوقت، وصل إلى نحو 900 نسمة (1)
عدد السكان 2013
سنة 2013 بلغ عدد سكان قرية شعب حوالي 7000 نسمة جميعهم من المسلمين وتضم ايضا كنيستين ، وجميع مسيحيي القرية مهجرين . (2)
قامت سلطات الاحتلال، بتوزيع أراضي وزيتون وبيوت أهالي شَعَب على المجموعات السكانية الجديدة. كان أسوأ ما لم يتخيّله الشعباويّة، المهجرون من قريتهم الذين لم يُسمح لهم بالعودة، وبالأخص النازحون منهم إلى القرى المجاورة، والذين جرى توزيع أملاكهم على مرأى أعينهم لغيرهم من أبناء جلدتهم المحمولين قسرًا من قراهم، لتوطينهم وتمليكهم أملاكًا يعرفون أصحابها ولا يريدونها.
كان ذلك أكثر من مجرد قطعٍ مع إيقاع الذاكرة الزمنية للقرية بتهجير أهلها، بل كان هندسة اجتماعية - استعمارية تضمنت تدجينا وتشويها، تمّ من خلالها تطبيق فكرة "التوطين المَحمي"، والذي سينعكس سياسيا واجتماعيا على هوية هذه القرية إلى يوم أهلها هذا.
عائلات القرية وعشائرها
عائلات شَعَب
عائلات قرية شعب |
أ. الحارة الشرقية ب. الحارة الغربية ج. حارة النصارى |
1. أيوب 7. فاعور 18. عبود |
2.الشيخ محمد 8. الخطيب 19. نقولا |
3.حمزة 9. حسين 20. مبدّى |
4.دلة (الحرامي) 10. زيتون (فروع) 21. شحادة الفاعور (بدو) |
5. حسين شحادة 11. غضبان 22. هدهود |
6. عباس 12. كعكوش 23. الحاج حسن |
13. أبو عرب |
14. الميعاري |
15. أبو الهيجا |
16. الخوالد |
17. الحاج علي |
وقد يتفرع عن هذه العائلات أسماء عائلات تغيرت في الإحصاءات، وقد يكون بعض هذه العائلات أفخاذاً لعائلات كبيرة.
فيتفرع عن عائلات:
(1) فاعور: أسعد العيسى، ناصر وغانم. وأصل عائلة فاعور من حلب في سوريا، إلا أن هناك قبيلة عربية من الأشراف في المملكة العربية السعودية ما زال شيوخها يحملون الاسم نفسه، قد يتصل نسب عائلة فاعور بهم، خاصة أن قبائل الحجاز تفرقت في البلاد الإسلامية إبّان الفتح الإسلامي.
(2) الخطيب: عنتر، خالد، إسماعيل. ليس لعائلة الخطيب صلة قربى بعائلات الخطيب في القرى الأخرى، فقد كان في كل قرية تقريباً خطيب أو منتسب إلى هذه المهنة، الأمر الذي يجعل وجود عائلة بهذا الاسم وارداً بقوة. أما رأس العائلة (الخطيب) في شَعَب فقد عاش في أوائل القرن التاسع عشر بين 1800 و1850) رجل كان له تسعة أولاد من الذكور. منهم علي، حسن، حسين، سليمان، سعيد، موسى. ولم تتكون العائلة من سلالتهم فقط، بل أضيف إليهم عائلات عنتر وخالد وإسماعيل من خارج العائلة حيث أقاموا ما يشبه الاتحاد (أكثر من حلف)، وأخذوا جميعاً اسم العائلة.
(3) حسين: وتضم تحت جناحها عدداً من العائلات هي: إبراهيم، عبد الحليم، علي، سمارة، وشاح. وأساس هذه العائلة هو مسلّم (مصري توفي في مصر)، جاء ابنه وشاح إلى البلد في القرن الثامن عشر. أشرنا إلى أن البلد كانت مأوى للفراري (الفارين من الثارات). ويقال إن مسلّم هو الذي جاء إلى البلد، وكان لديه ثلاثة أبناء هم: غنام، قرعيش (ومنه شحيبر، زيتون وعزيز)، ووشاح الذي تفرعت منه عائلات كثيرة، ومن أولاده: حسين، حسن، سمارة، معطي، إبراهيم، علي، أمين، عجايب، خيزران. ومن هؤلاء تفرعت العائلات التي ذكرناها سابقاً.
أما عائلة علي فلا تنتسب إلى علي ابن وشاح، بل إلى علي حفيد حسين (أول أولاد وشاح). فمن حسين جاء حسن، ومن حسن جاء علي؛ جد عائلة علي.
ويرجع سبب قلة أفراد عائلة وشاح إلى سببين، الأول تفرع العائلة بين أبنائه، والثاني أن عدداً من أفرادها هجر القرية إلى قرية بيت عفا في غزة التي ما زال ينسب إليها عدد من أفراد العائلة.
(4) يزبك: هي أصل عائلة الشيخ محمد. ويروى أن عائلة يزبك كانت من أوائل من استوطن المنطقة، فكانت عائلتا يزبك وكعكوش تشكلان معظم سكان القرية. وقد أرجع بعضهم عائلة يزبك إلى اليزبكية، وردّ سبب خلافها مع عائلة كعكوش إلى أن الأخيرة يمنية، في إشارة إلى الخلاف التاريخي بين اليزبكية واليمنية. ومن عائلة الشيخ محمد مطلق إبراهيم الشيخ محمد (موسى المطلق ورشيد المطلق ويونس المطلق) وقد جاء ذكره في سيرة آل الخازن اللبنانية في فرعها الفلسطيني، وذلك في موقع الإنترنت الخاص بالعائلة، كالتالي ((أولاد خازن الموسى كبيرهم نمر أشتهر بذكائه وفطنته وحُسن تقديره للأراضي ومنتوجاتها حتى أن الحكومة العثمانية عينته مُفتشاً للأعشار (مُخَمِّن) في المنطقة الممتدة جنوباً من الخضيرة الى أقصى شمال فلسطين. وكان له مساعد وكاتب من قرية شَعَب اسمه مطلق إبراهيم الشيخ وظلَّت تربط عائلتيهما علاقات طيبة)).
(5) زيتون: وتضم في جناحها عدداً من العائلات المتفرقة: الأسعد، حميد، الطيار، شحيبر، أبو علي، منصور، عزيز. (أطلق عليهم آل الخطيب لقب ((الولايات المتحدة)) بعد الطوشة – و((العكف المشلّخ)) بحسب رواية أحد أفراد عائلة الأسعد). وإذا صحت الرواية التي ذكرناها، فإن هذه العائلات تلتقي مع عائلات حسين في جدها مسلّم. فهي بالتالي مصرية الأصل. غير أن بعض المصادر ردت نسبة عائلة شحيبر إلى أصل تركي، وهذا ما ورد في موقع www.palestineremembered.com.
(6) غضبان: هي عائلة واحدة ميعارية الأصل. وقد وجدت في مفكرة نجيب الطيار ملاحظات حول أصل عائلة أخواله من آل الغضبان في شَعَب. فكتب ما يلي:
((خزنة بنت خليل الغضبان بن عبد الله الغضبان بن.. ولدت سنة 1881. وكان الحاج أمين (توفي 1927) وأسعد سعد الدين (توفي 1930) كانا يرويان بأن الذي علمهما عبد الله الغضبان.
أولاد الغضبان كانوا أربعة: اثنان سكنا ميعار واثنان سكنا شَعَب، وهما محمد الغضبان وعبد الله الغضبان الذي هاجر إلى السودان ومكث 25 سنة، ورجع وأولاده خليل الغضبان وخمس عبدات، وعاش خليل الغضبان حوالي مائة سنة. خليل الغضبان له سبعة أخوة وهم: أسعد، محمد، محمود، علي، أحمد، حسين، وحسن)).
ومن أولاد خليل، تشكلت عائلاتهم في شَعَب: إبراهيم الذي أنجب محمد ومحمود. وأسعد الذي أنجب حسين وسعيد ويوسف الغضبان.
(7) كعكوش: وهم من أقدم عائلات شَعَب يقال إنهم من اليمن، لم يبق في البلد سوى عائلتين (محمد ومحمود). أما الباقي فقد نزحوا بعد مجزرة جامع الحارة الشرقية.
(8) ميعاري: من ميعار.
(9) أبو الهيجا: من قرية كوكب (وتسمى كوكب أبو الهيجا). وهناك عائلة أبو الهيجا في عدد من القرى الفلسطينية، ومنها عين حوض وعلما. وذلك يعود إلى أن أصل العائلة قديم جداً. وقد يبرر أن القديم يتفرع منه عائلات أو يُنسى، ولكن عائلة أبو الهيجا بقيت كما هي، لأن اسم أبو الهيجا له مكانته، وله مقام في فلسطين يفتخر من ينتسب إليه. وكما ذكرنا فإن حسام الدين أبو الهيجا كان أحد قادة جيوش صلاح الدين المشهورين. الأمر الذي يحفظ اسمه والعائلات التي تنتسب إليه في التاريخ.
(10) الخوالد: ذكر البعض أن أصلهم يعود إلى الجزيرة العربية، وأنهم قبيلة عربية تنتسب إلى سلالة خالد بن الوليد.
(11) دلّة: الحرامي وعبد الله. أصل العائلة هو الحرامي، ودلّة هو اسم سيدة من نسائهم انتسب بعضهم إليها لما كانت عليه من قدر واحترام. غير أن أحداً منهم لا يتسمى باسم دلة الآن، بل هم ينقسمون بين اسمَي الحرامي وعبدالله.
(12) الحاج علي: هاجر من شَعَب إلى المغرب حوالي سنة 1900م. وعاد ابنه عبد العزيز، الذي سكن في عكا، ولم يكن لديه بيت في شَعَب. غير أنه في الأربعينات كاد يشرع في بناء بيت على أرض حضّرها لذلك، ولكن الأحداث منعته، وعاد إلى البلدة أثناء الحرب، وسكن عدة أشهر عند أخي زوجته صالح محمد إبراهيم.
(13) حسين شحادة: عبد الحليم، يوسف الأحمد (شاكر، أسعد، أحمد، طه)، وحش الخليل، نمر الخليل، عودة.
(14) حمزة: يدعونهم بني حمزة، استقروا منذ زمن بعيد في شَعَب، ولهم أقارب في هوشة والكساير. وترسخوا في شَعَب وسكنوا الحارة الشرقية فيها منذ زمن، فكان منهم المخاتير والمشايخ والحُجاج.
(15) الأمين: اشترك أكثر من رأي أنهم من قبائل شرقي نهر الأردن.
(16) أيوب: ومنهم أيضاً عائلة أبو فارس.
(17) عبود النجار: وهي عائلة مسيحية، بقي منها ركاد ونعيم، توفي نعيم في السبعينيات في مخيم الضبية، وذهب أهل شَعَب بالحافلة وقاموا بالتعزية، وانقطعت خلال الحرب اللبنانية علاقة أهل شَعَب بهم.
(18) نقولا: شفيق (تزوج بنت ركاد عبود)، عائلة مسيحية.
(19) مبدى النجار: صالح (ضرير)، نجيب، عائلة مسيحية.
يذكر أن المسيحيين نزحوا تباعاً من القرية إلى قرى شفاعمرو وكفرياسيف، ولم يبقَ في القرية سوى هذه العائلات الثلاث المذكورة.
(20) شحادة الفاعور: أبو أسامة، وأبو الفاعور.
(21) هدهود: نزحوا إلى جنين وحلب.
(22) الصفدي: لم يكن في البلد إلا سعيد الصفدي وعائلته.
(23) عباس
5- العائلات الآن
وفي سجلات الأونروا في العام 2003، يوجد 109 عائلات من شَعَب، يبلغ مجموع أسرهم 1241 أسرة وأفرادهم حوالي 5300 شخص. إلا أن الرقم 109 مبالغ فيه جداً، ذلك لأن الكتابة باللغة الإنجليزية أدخلهم في متاهات إملائية، فاسم عائلة شحيبر مثلاً تكرر ست مرات، كل مرة بحروف مختلفة. هذا عدا عن الأخطاء الإحصائية بأسماء العائلات، والتي أخطأ من أجرى الإحصاء معهم بين اسم العائلة واللقب، بالإضافة إلى أن الشخص كان يُعرف باسم أبيه وليس حمولته، وتسبب ذلك بإشكالات كبيرة، منها أنه اختلف اسم عائلة الشخص مع عائلة أبيه.. وهكذا.
6- عائلات شَعَب ومبانيها:
قد تجتمع أكثر من خمسة أسر في بيت واحد، وعدد أُسَر شَعَب حوالي 371 أسرة سكنت في 260 منزلاً (اعتمدنا تكثيف الأسماء التي تملك بيوتاً باللون الأسود، وكذلك الأمر بالنسبة للمباني).
العبهرة وبنات العين
عين البلد
- حسين الأسعد (زيتون)
- مصطفى السعود (زيتون)
- مطلق فاعور
- ضاهر فاعور
- سعيد عبد حسن (الخوالد)
- أحمد ياسين فاعور
- فرج فاعور
- سعيد الأمين (حسين شحادة)
- توفيق الشيخ خليل
- أبو فخري محمد (الخوالد)
- مصطفى أبو ذياب (عبد الرحيم)
- رشيد الحاج علي
- آمنة الحسنا (أرملة عبد الرزاق طه حسين)
- رضا عبد الرزاق حسين (حسين)
- الحاج أمين (حسين)
- محمد الديراوي
- أحمد الديراوي
- محمد الصفي
- محمد مصطفى الحاج علي
مدرسة البلد
- أحمد الخطيب
- فضل الحمد (الخطيب)
- فياض الحمد (الخطيب)
- حسن أبو عرب
- فاطمة الشيخ خليل
- الشيخ أحمد فاعور (المختار)
- منيب أحمد فاعور
- سليمان عبد المعطي (حسين)
- محمد سعيد أبو داود (الخوالد)
- داود محمد سعيد أبو داود (الخوالد)
- صالح محمد سعيد أبو داود (الخوالد)
- خالد المحمود (الخوالد)
- محمود عبد الكريم (الخطيب)
- داود السليمان (منصور)
- علي الأسعد (زيتون)
- محمد علي الأسعد (زيتون)
- مطلق حميد (زيتون)
- أحمد مطلق حميد
- محمد مطلق حميد
- وعلي مطلق حميد
- درويش حسن (حسين)
- علي درويش حسن (حسين)
- محمد علي درويش حسن (حسين)
- حسن شحيبر (زيتون)
- حسين حميد (زيتون)
- علي الريمة (الخوالد)
- علي شحيبر
- توفيق فاعور
- محمد توفيق فاعور
- أحمد توفيق فاعور
- أحمد الحمد (الخطيب)
- محمد العسكري (أبو عرب)
- إبراهيم العسكري (أبو عرب)
- محمود كعكوش
- مصطفى فاعور
- محمود مصطفى فاعور
- محمود مصطفى المنصور (فاعور)
- حسن مصطفى المنصور (فاعور)
- مصطفى المنصور (فاعور)
- علي مصطفى المنصور (فاعور)
- حسين مصطفى المنصور (فاعور)
- أحمد مصطفى المنصور (فاعور)
- محمد مصطفى المنصور (فاعور)
- عبد الله مصطفى المنصور (فاعور)
- حسين فاعور
- محمد حسين فاعور
- فهد حسين فاعور
- أحمد حسين فاعور
- محمد ياسين فاعور
- علي أبو علي (منصور – زيتون)
- محمد علي أبو علي (منصور – زيتون)
- علي سليمان منصور (زيتون)
- حسين العلي (الخوالد)
- محمد حسين العلي (الخوالد)
- موسى حميد (زيتون)
- محمد سليمان منصور (زيتون)
- سعيد محمد سليمان منصور (زيتون)
- أحمد سليمان منصور (زيتون)
- مصطفى الطيار (زيتون)
- محمد حسين السيد علي (حسين)
- سعيد محمد السيد علي (حسين)
- سليمان منصور (زيتون)
- حسن سليمان منصور (زيتون)
- أسعد الغضبان
- حسين أسعد الغضبان
- إبراهيم الغضبان
- محي الدين الصفدي
- توفيق محي الدين الصفدي
- عبد الرحمن أبو عرب
- محمد عبد الرحمن أبو عرب
- محمد سليم عبد الجليل (أبو الهيجا)
- رشيد سليم عبد الجليل (أبو الهيجا)
- يوسف القاسم (أبو الهيجا)
- درويش عبد السلام (أبو الهيجا)
- محمد عبد السلام (أبو الهيجا)
- علي حسين السيد علي (حسين)
- أحمد حسين السيد علي (حسين)
- مصطفى أحمد السيد علي (حسين)
- كمال أحمد السيد علي (حسين)
- محمد أحمد السيد علي (حسين)
- كامل أحمد السيد علي (حسين)
بابور الزيت
- رشيد عبد اللطيف (زيتون)
- سليم السيلي (أبو عرب)
- حسن ميعاري
- سعيد حسن ميعاري
- محمود ميعاري
- رشيد ميعاري
- محمد سعد الدين (الخطيب)
- محمد صالح إبراهيم (أبو الهيجا)
- إبراهيم الرضوان (أبو الهيجا)
- علي عبد العزيز (زيتون)
- محمد علي عزيز (زيتون)
- عبد الحفيظ عبد العزيز (زيتون)
- حسين عبد الحفيظ (زيتون)
- محمد حميد (زيتون)
- فياض حميد (زيتون)
- عبد اللطيف أسعد (الأسدي)
- محمد مطلق شحيبر (زيتون)
- الحاج خليل شحيبر (زيتون)
- عبد الحليم الطيار (زيتون)
- حسن عبد الحليم الطيار (زيتون)
- محمد عبد الجليل (الخطيب)
- سعيد محمد عبد الجليل (الخطيب)
- رشيد حميد (زيتون)
- سعيد عبد محمد (الخطيب)
- سعيد إسماعيل (الخطيب)
- أحمد سعيد إسماعيل (الخطيب)
- محمود الأسعد (زيتون)
- علي السليم (زيتون)
- حسين سعيد (زيتون)
فرن البلد
خان البلد
- علي يوسف حرب (إسكافي من بنت جبيل شغل في البداية خان البلد وكذلك الكثير من الزوار كالمبيضين، شارك في المقاومة مع الحامية).
- نمر شحيبر (زيتون)
- رشيد نمر شحيبر (زيتون)
- سعيد نمر شحيبر (زيتون)
- فريد نمر شحيبر (زيتون)
- زيدان نمر شحيبر (زيتون)
- أمين حميد (زيتون)
- حسن سعيد (زيتون)
بيادر البلد
الحنانة
- إبراهيم الحاج أسعد (فاعور)
- طاهر عبد الرازق (الخوالد)
- علي مصطفى الشيخ علي (الأسدي)
- محمد عبد عايشة (الخوالد)
- حسين أبو الهيجا
- صبحي أبو الهيجا
- لطفي أبو الهيجا
- رشيد أبو عرب
- أسعد خزنة (الخوالد)
- محمد علي الخطيب
- حسن أبو حسن (الخطيب)
- سعيد طه الخطيب
- علي عبد الجليل (الخطيب)
- فياض حمد الخطيب
- الحاج توفيق العلي (الخطيب)
- علي الحاج توفيق (الخطيب)
- أحمد الحاج توفيق (الخطيب)
- محمد الحاج توفيق (الخطيب)
- حسين موسى الخطيب
- رشيد خالد (الخطيب)
- محمد رشيد خالد (الخطيب)
- أحمد رشيد خالد (الخطيب)
- يونس خالد (الخطيب)
- حسين طه الخطيب
- محمد طه الخطيب
- سعيد المحمود (الخطيب)
- محمد سعيد المحمود (الخطيب)
- رشيد محمد سعيد أبو الشيخ (الخطيب)
- راجي شاكر الخطيب
- أحمد شاكر الخطيب
- كامل الخطيب
- أحمد كامل الخطيب
جامع البلد
مقام سيدي أحمد العليمي
- مصطفى أحمد عيشة (طافش = حمزة)
مقام الشيخ أحمد الشعراوي
- سعيد الصفدي
- أحمد حسن إبراهيم (حسين)
- علي الطاهر (حسين)
- محمد إبراهيم حسين
- صالح محمد حسين
- أحمد حسين الخطيب
بابور الزيت (موتور)
- صالح عبد الهادي (أبو سعيد الأسدي)
- سعيد صالح عبد الهادي (الأسدي)
- ياسين فاعور
- علي محمد الديب
- محمد قدورة
- أسعد قدورة
- محمد عبد الرازق داود (الخوالد)
- عبد اللطيف داود (الخوالد)
- صالح عبد اللطيف (الخوالد)
- عبد منصور (زيتون)
- منصور عبد منصور (زيتون)
- محمد عبد منصور (زيتون)
- أحمد مصطفى عبد الحليم (حسين)
مقام الشيخ حسن
- شافع عبد الحليم (حسين)
- عوض شافع عبد الحليم (حسين)
- صالح عبد الرازق (الخوالد)
- محمد عبد الرازق (الخوالد)
- أحمد معطي (حسين)
- إبراهيم أحمد معطي (حسين)
- فضل عبد الرازق (الخوالد)
- علي الحاج محمد (حسين)
- محمد سعيد عبد الغني (حسين)
- فياض حسن (حسين)
- أحمد فياض حسن (حسين)
- علي فياض حسن (حسين)
- أحمد حسين أحمد (حسين)
- بشير سمارة (حسين)
- محمد عبد الله سمارة (حسين)
- ركاد عبود (النجار)
- رشيد حسن العلي (الخوالد)
- نعيم عبود (النجار)
- رشيد حسن حسين (حسين)
- صالح حسن العلي (الخوالد)
- شفيق نقولا (النجار)
- فريد نمر شحيبر (زيتون)
- أديب مبدّى (النجار)
- محمد الشيخ ملك (الشيخ محمد)
- عبدالله أحمد عيسى الغانم (فاعور)
- سليمان الحاج حسن
- أحمد سليمان الحاج حسن
- قاسم الحاج حسن
- محمود الحاج حسن
- نمر محمود الحاج حسن
- علي الحاج حسن
- رشيد الحاج حسن
- عبد علي (حسين)
- يوسف عبد علي (حسين)
- عوض الناصر (فاعور)
- أحمد سعيد الحاج داود (الخوالد)
- إبراهيم الحاج حسن
- فياض إبراهيم الحاج حسن
- نايف إبراهيم الحاج حسن
- قاسم الحلاق (الأسدي)
- نايف الحلاق (الأسدي)
- حسن الحلاق (الأسدي)
- يوسف فتح الله الأسدي
- نمر السليم الأسدي
- محمد نمر الأسدي
- رشيد نمر الأسدي
- سليم نمر الأسدي
- محمود نمر الأسدي
- أحمد سليم الأسدي
- سعيد أحمد الأسدي
- محمد أحمد الأسدي
- الشيخ موسى المحمد (الأسدي)
- فياض موسى المحمد (الأسدي)
جبانة الحارة الغربية
- علي نمر السليم (الأسدي)
- علي موسى المحمد (الأسدي)
- محمد علي موسى المحمد (الأسدي)
- أحمد علي موسى المحمد (الأسدي)
- محمود عينة (الأسدي)
- أحمد محمود السعيد
- حمد الشيخ يوسف (الشيخ محمد)
- فضل الرشيد (الشيخ محمد)
- الشيخ مطلق إبراهيم (الشيخ محمد)
- محمد مطلق إبراهيم (الشيخ محمد)
- توفيق مطلق إبراهيم (الشيخ محمد)
- سعيد مطلق إبراهيم (الشيخ محمد)
- رشيد مطلق إبراهيم (الشيخ محمد)
- حسين اللزقة (الأسدي) (في الكنيسة)
- عبدالله اللزقة (الأسدي) (في الكنيسة)
الكنيسة الجنوبية
مقام أبو شامية
جبانة الحارة الشرقية
- رجاء والغزال (الحرامي: أخوان وحيدان)
- أحمد اليوسف (شحادة)
- طه اليوسف (شحادة)
- دخل الله طه اليوسف (شحادة)
- ومحمد طه اليوسف (شحادة)
- مصطفى عبد الحليم (شحادة)
- شاكر اليوسف (شحادة)
- سعيد الزمار (عبد الرحيم)
- أحمد الزمار (عبد الرحيم)
- صالح موسى العلي (شحادة)
- نجيب موسى العلي (شحادة)
- نمر دلة (الحرامي)
- محمد نمر دلة (الحرامي)
- موسى نمر دلة (الحرامي)
- أسعد اليوسف (شحادة)
- محمد أسعد اليوسف (شحادة)
- يوسف حسون (عبد الرحيم = الدلة)
- أحمد الحاج سعيد طافش (حمزة)
- صالح عباس
- حسن عباس
- محمد عبد عباس
- محمد شاكر صنع الله (الأسدي)
- أحمد عبد الحليم (شحادة)
- أحمد فاعور شحادة (شحادة الفاعور)
- حسن عودة (حسين شحادة)
- محمد عودة (حسين شحادة)
- حسين عزيز (شحادة)
- فياض عزيز (شحادة)
- الحاج سعيد طافش (حمزة)
- حسن الحاج سعيد طافش (حمزة)
- صالح الحاج سعيد طافش (حمزة)
- طه الحرامي
- عبد خليل الحرامي
- خليل عبد خليل (الحرامي)
- وأحمد عبد خليل (الحرامي)
- توفيق الحرامي
- نمر الخليل (حسين شحادة)
- أسعد الحبوش (حسين شحادة)
- حسن أسعد الحبوش (حسين شحادة)
- سعيد أسعد الحبوش (حسين شحادة)
- موسى العلي (حسين شحادة) (ذكر أولاده في مكان سابق: صالح ونجيب)
- إبراهيم فياض ملك (حسين شحادة)
- الشيخ رفيق ملك (الشيخ محمد)
- عبدالله الموسى (الحاج علي)
- عوض عبدالله الموسى (الحاج علي)
- موسى عبدالله الموسى (الحاج علي)
- جميل البيروتي (جاء من بيروت وكان حِرفياً في شعب)
- عارف عبد العزيز (شحادة)
- أحمد أسعد الفولي (أيوب)
- محمد أسعد الفولي (أيوب)
- عبد علي هروش (أيوب)
- الشيخ ظاهر إبراهيم (الشيخ محمد)
- أحمد ظاهر إبراهيم (الشيخ محمد)
- علي ظاهر إبراهيم (الشيخ محمد)
- حسن المحمود السعيد
- عبد أسعد المحمد (الشيخ محمد)
- أحمد عبد أسعد (الشيخ محمد)
- علي نجله (الشيخ محمد)
- إبراهيم فياض (الشيخ محمد)
جامع الحارة الشرقية (الجامع الشمالي)
- محمد شحادة الفاعور
- فاعور محمد شحادة الفاعور
- عبد محمد شحادة الفاعور
- شحادة محمد شحادة الفاعور
- وحش سعيد الأسعد
- أسعد عبد أسعد (الشيخ محمد)
- محمد عبد أسعد (الشيخ محمد)
- يوسف الشيخ يوسف (الشيخ محمد)
- رشيد رعيدي (الشيخ محمد)
- مصطفى العرابي (طه عليا)
- محمود العرابي (طه عليا)
- حسن مميش (طه عليا)
- أحمد زينة (فاعور) (مات أبوه في 1936، وبقي مع أمه زينة)
- محمد هدهود
- نايف هدهود
- سعيد هدهود
مقام الشيخ صالح الدين
- مصطفى أسعد العلي (طه عليا)
- سعيد أسعد العلي (طه عليا)
- فياض حمزة
- أمين حمزة (الشيخ، مختار البلد)
- محمد أمين حمزة
- رشيد حمزة
- محمد علي رشيد حمزة
- علي رشيد حمزة
- محمد سليمان حمزة
- رشيد سليمان حمزة
- حسين عجايب (حمزة، اسم الأم عجايب)
- أحمد سليمان حمزة
- حسن حمزة
- علي درويش الشيخ خليل
كنيسة الحارة الشرقية
- يوسف الشيخ خليل
- توفيق خليل طه (طه عليا)
- محمد خليل طه (طه عليا)
- خليل محمد خليل طه (طه عليا)
- كامل أسعد علي طه
- إبراهيم الحاج علي (الشيخ خليل)
- محمد أحمد الشيخ خليل (زوجته خضرة)
- إبراهيم أيوب
- محمد أيوب
- قاسم محمد أيوب
- شريف محمد أيوب
- علي أسعد أيوب
- حميّد أيوب
- شريف حميد أيوب
- الحاج عبد حمزة
- محمد عبد حمزة
- أحمد عبد حمزة
- إبراهيم فارس (أيوب)
- محمد الحاج أسعد (فاعور)
- موسى محمد الحاج أسعد (فاعور)
- علي الحاج أسعد (فاعور)
- سعيد حميد أيوب
- أحمد سعيد حميد أيوب
- محمد حميد أيوب
- حسين محمد أيوب
الخرب في القرية
1- خربة البَزُوعة (بزعويه):
ويعرفها أهل القرية بالبازوعية، غربي القرية. بها ((بقايا جدران، أساسات، معصرة زيتون، صخور منحوتة، مغارة، صهاريج)). وقد تكون كلمة ((البزوعة)) من جذر آرامي ((بزاع)) بمعنى شَقَّ وثقب. ويُجمع أهل القرية أنها كانت مأهولة، غير أن أمراً ما قديماً منع عنها مقومات الحياة، فهجرها أهلها، وما زالت آثار البيوت فيها وتقسيمات الغرف واضحة المعالم.
2- القنيطرة (قلعة الشيخ): تقع في الجهة الشمالية من القرية مكونة من تركيبة صخرية في
سفح الجبل وترتفع عن سطح البحر نحو 150 متر.
3- خربة القزاز (الديسة): تقع في الجهة الشمالية الشرقية من القرية وبنيت عليها مستوطنة
"شوراشيم" الحالية.
4-خلة الطف: هضبة وتعرف أيضا بمنطقة سفح الجبل وهي تعلو الديسة من الجهة الشمالية
وأقيمت عليها مستوطنة "تسوريت".
5-وادي عبيب: في الجهة الشرقية الجنوبية من القرية وينحدر من مرتفعات قرية ميعار
المهجرة ويصب في وادي شعب.
6- وادي شعب: يمتد من الجهة الشمالية للقرية ويصب في نهر النعامين جنوب مدينة عكا،
ويعرف هذا الوادي بواد الحلزون أو واد الشاغور.
7-خربة جلون: في الجهة الشمالية من القرية وبنيت عليها مستوطنة "جيلون الحالية" التي
أخذت أسمها من خربة جلون العربية.
8- خربة البزوعية: تقع على المدخل الغربي الجنوبي للقرية وسط المسافة الفاصلة بين قريتي
شعب وكابول، وعرفت أيضا بـ "البايوحية" وهي أحدى نواحي مملكة القدس اللاتينية التي
تفاوض عليها السلطان المملوكي قلاوون وحكام عكا الصليبيين عام 1283م
8- خربة يعنين:
في الشمال الغربي من شَعَب، وعلى بعد نحو ميلين للشمال من كابول، على حافة سهل عكا، لعل بلدة ((نعثيئيل)) الكنعانية – العربية كانت تقوم على بقعة هذه الخربة التي تحتوي على ((أساسات جدران على تل قسم منه مكون من الأنقاض، مدافن، بئر)). ويسميها أهل البلد ((تلة يعنين)).
هذا ما كتبه الأستاذ مصطفى الدباغ في موسوعته ((بلادنا فلسطين)) عن خربة يعنين.
ويرد وصف خربة يعنين في موسوعة فلسطين الجغرافية كالتالي:
تقع إلى الشمال الغربي من قرية شَعَب (الواقعة في الجليل الأدنى في قضاء عكا)، عند خط عرض 13َ 32ْ وخط طول 13َ 35ْ. وكانت تقوم مكانها بلدة (نيل) الكنعانية، وبها أساسات أبنية ومدافن وبئر.
وقد ذكر أنه كان لأهل القرية أراض في خربة يعنين، وبسبب وجود البلد على سفح جبل، ويقابلها جبل آخر ولا تعلو عن سطح البحر أكثر من مائة متر، فإن الصيف فيها كان صعباً، مما يدفع أهل القرية إلى التصييف في خربة يعنين، وهم يسمونها تلة يعنين. وكانوا يقيمون فيها أكواخاً من القصب، أشبه بالعرزال المعروف في أيامنا.
الثروة الزراعية
تناولت الموسوعات وكتب القرى الفلسطينية هذا الموضوع بإسهاب، وحرصاً على عدم إضاعة الوقت والجهد فقد حاولت أن أكون انتقائياً لا موسوعياً فبدأت بجمع أسماء الزرع حسب المواسم، وحصلت على ما يلي:
ذكر لي كبار السنّ ما كانوا يزرعونه في المواسم، فقالوا إن الصيف كان يشهد السمسم (حيث كانوا يزودون بها معامل الطحينة والحلاوة في عكا) - الذرة (للدجاج والخبز حين كانت الحكومة تأخذ القمح من الناس لاستخداماتها) – البطيخ – الفقوس – الكوسى – الحمص – البندورة – اللوبيا – العنب – التفاح – الإجاص – التين – الصبر – البطاطا..
أما الشتوي فكان الزيتون - القمح – الكرسنة – الشعير – البصل – الفول – الثوم.
ولأنه ليس بوسع الراوي تَذكُّر كل الزروع في البلد، فقد اخترت أن أذكّره بها من الكتب الأخرى، ومن هذه الكتب كتاب ((الدامون)) للأستاذ حسين علي لوباني، فحصلت بذلك على ثروة نباتية في بلدنا.. أما سبب اختياري لكتابه فكان بسبب قربها من بلدنا واشتراك الأراضي والأودية بينهما.
أ.المزروعات
عرفَت شَعَب مزروعات متنوعة في أراضيها، وهي:
1- القمح وهو شهير (وقد حرص اليهود على إحضار حصّاداتهم الآلية عند المعارك في تلك المنطقة، وقد قسموا البيادر على مزاجهم وبدأوا يحصدون القمح ففزع (تنادى) أهل المنطقة وطردوهم منها، ذلك لأن البلدة لم تكن قد سقطت مثل البلدات المجاورة).
2– الشعير
3- الذرة البيضاء وكانت تزرع لعلف المواشي والتخزين.
4- العدس
5- الذرة الصفراء (العادية).
6- الجلبانة (وهي بين العدس والكرسنّة، وتستخدم للبقر).
7- السمسم (كان يحوّل عبر متعهدين إلى معامل الحلاوة والطحينة – أشارت الراوية إلى أنها نثرت بنفسها بذور آخر موسم لم يتم حصاده في أرض أهلها - وتوضع كميات بذار السمسم في حرج الثياب ويحمل البذّار بوقاً يسقط من أعلاه الحَبّ ليستقر في النهاية في الأرض على خط مستقيم في ثلم يشقه المحراث مسبقاً).
8- البطيخ ومنه
البيشاوي: ولونه أخضر غامق، وذو قشرة سميكة.
المحيسني: ويميل إلى اللون الأبيض الممشح، بخطوط طولية.
الأميركاني: ولونه أخضر غامق.. وقد وصلت زراعته متأخرة إلى شَعَب.
وكانوا يبيعون الأخيرَين ويخزنون البيشاوي في التبن للضيافة أيام الشتاء.
9- الخرّوش: وهو اسم الشمّام.
10- الفقوس.
11- الكرسنّة: وكانت تموّن للمواشي.
12- القزحة: حبة البركة.
13- الباذنجان والبامية.
14- البندورة
15- الزعفران والنعنع والبقدونس..
16- الكزبرة: وكانت تكثر وتنبت لوحدها.
17- الحِلبة: ولم يولِها أهل البلد اهتماماً واضحاً، كغيرها من نباتات الضيافة.
18- الخيار والفجل والبطاطا.
19- اللوبياء الرفيعة، الفول الأخضر، الحمص والفاصولياء.
20- القرع وهو نوعان:
الهيلاني: وهو طولي الشكل يطبخ مثل الكوسى.
اللقطين: ويصنع منه مربى اللقطين.
21- الكوسى والبصل والثوم والفلفل الحلو والحار..
أما كروم البلدة فكانت تزرع بما يلي:
1- الزيتون بنوعيه: المليصي والسوري أو الصوري. وكان الزيتون في شَعَب نوعين العادي والرومي.. وتشتهر الزيتونة الرومية بضخامة بُوقها (الجذع)، ويروون القصص عن ضخامته.. ولأنه مفرغ كان بعض الناس يختبئ فيه أثناء الخطر أو الاضطرار.. بل كانوا يغتسلون فيه أثناء حراسة الكروم في الصيف (النطارة). وغرس الزيتون فيها على 2040 دونماً. فقد كانت شَعَب رابع بلدة بفلسطين والثانية بالجليل بعد الرامة في إنتاج الزيتون.
2- العنب: ومنه العبيدي (الأسود)، والزيني أو بزّ العنزة (الطولي الشكل)، القرقشاني (المدعبل)، وكان أكثر من لديهم كروم عنب في البلد عائلات (حمزة – الشيخ محمد – عوض الناصر).
3- التين: وتشتهر شَعَب بتعدد أنواعه..
البْياضي والسْوادي والحْماري والخْضاري (وهذا التصنيف حسب الألوان)، أما ما تبقى فهو الخرطْماني، الحماضي، العجلوني، البقراطي (وهو مستطيل كالإجاص وله بزر أحمر ويشوب طعمه شيء من الحموضة)، الموازي (من موز، حبه طويل ضخم ولونه أصفر من الخارج)، الشْتاوي، والتْباني.
وأكثر من زرع منه عائلات (سَكْرة والشيخ محمد)، وتقول الراوية أن أمها التي ذهبت –حين زارت فلسطين في بداية التسعينيات- إلى تلة يعنين حيث كانت قد زرعت فسائل التين الصغيرة، لم تجد من تينها القديم (منذ 50 سنة) إلا الصغار وقد أصبحن ((صبايا))، والتعبير يدل على مدى تعلق أهل البلدة بزرعهم وجزالة الأميين في التعبير عنه.
4- اللوز: ويكثر في جبل الزكّان، غير أن أهل البلدة لم يركّزوا على زراعته، إلا أن شخصاً واحداً اشتهر به وهو مرعي عبد حسن (الخوالد)، وكان ينسلّ الفتيان إلى أشجاره للفوز بصمغها لتجليد كتبهم المدرسية.
5- الرمان: وكان منه أنواع عديدة، منه الملّيسي، حلاّوي (حلو)، حماضي (حامض يستعمل للدبس)، لفّاني (بين هذا وذاك؛ ويستعمل للشراب، راجع في أغاني الأعراس أغنية ((آه يا شراب رمان)) في الزفة).
6- الصبر أو الصبار.. ويكثر في يعنين، حيث كان كل صاحب أرض مزروعة هناك يسيجها بالصبار، وكان يكثر أيضاً في الوعر..
أما في داخل أحياء البلد:
فيكثر شجر الزنزلخت والتوت والتين في حارة الصدر، وفي أول البلد عند دار الشيخ فاعور فاعور هناك شجرة عنبرة كبيرة (وهي ذات نوّار أصفر طيب الرائحة وورقها أخضر).
وفي داخل البلد أيضاً هناك عرائش عنب، وبعض أهل البلد زرع الرمان في داره، وأشهر منزل كان فيه شجر الرمان هو منزل محمد عبد الجليل..
النباتات البرية المختلفة والبقول:
1- الخبيزة أو الخبازي: ويدخل في عدة أصناف من الأكل..
2- العِلِت: وهو بقلة الهندباء التي تؤكل نيئة ومطبوخة.
3- المُرّار: نبتة تؤكل مع البرغل وتسمى الطبخة ((سميد ومُرّار))، وما زال كبار السن يستضيفون بعضهم عليها حتى يومنا هذا..
4- الخرفيش.
5- السنّارية: وتؤكل سيقانها..
6- تفاح الجن.
7- القضّاب.
8- الحْورّة وزهرتها بيضاء.
9- الحندقوق: وكان ينبت بين القمح على البيدر، وعند الحصاد كانوا يتغاضون عنه فيطحنونه مع القمح، ليعطيه رائحة طيبة يتباهون بقمحهم بسببها.
10- البصل البصيل.. ومنه الفرك لتجبير الكسور بعد دقه مع الملح، وله أكواز.. أما الباصول فله (زنبوط) وكان يسمى (مُرْتَشّة) أي للبذر.
11- الجعدة: وكان يأكلها البعض بعد معالجة صعبة، وهو مثل اللوف من حيث صعوبة الأكل والطبخ والهضم..
12- اللوف: مثل الجعدة.. له ورق عريض كان البعض يأكله بعد المعالجة..
13- السلق البري: ولم يكن في داخل البلدة سلق بلدي.
14- اليرنحين: كان يمتلئ به وادي البلد باخضرار دائم، وينور في موسمه باللون الأزرق النيلي..
15- القندول: في الوعر وله زهر أصفر، ورائحة ذكية.. وهو ذو شوك قاس قوي.
16- البسباس: وكانت تُغلى أزهاره الصفراء مع بيض العيد لصبغه.
17- البرقوق: شقائق النعمان أو الدحنون.
18- الطيون: وله فوائد يعرفها الطب العربي..
19- امْصريني: نبتة تستعمل في المأكولات.
20- الجرنس: النرجس، وهو من أحلى أزهار البر وأذكاها رائحة..
21- القرّيص.
22- العكّوب: وهو مثل المُرّار ما زال أهل البلدة يلتقون عليها، وتؤكل جذوره الحلوة مطبوخة، مع لحمة أو بدونها.
23- النّفل على أنواعه: العوينة والصنيبعة وقرن الغزال وإبرة ستي والحميضة والخويتمة والخنظل وفقوس الحمار والحلفا والسِّعدِ والسُّلّيل والبربير والقصب (قرب نهر النعامين)، والجرّيح..
24- السرّيس والخرّوب (من عمق وادي البلد) والملّ.
25- السنديان والبلّوط.
26- دم الغزال.
27- العوصلان.
28- والحلب لوبّ: حلبلوب وله حليب كالتين، ولبنُه يورم اليدين لدى فركه.
29- الخِلّة والخردلة (تكبس مثل اللفت).
30- الحسكة: شبيهةُ النخلةِ بعلوّ مترين.
31- كفّ العروس.
32- القرصعنّة: وهي نبتة بقلية ذات ورق عريض تؤكل في السلطة مع البصل والزيت.
33- الفراطيش: الفطر، وأشهره زقم العجل، ويؤكل مقلياً مع البيض.
34- الهليون: كانت تجمع طرابينه الطرية، لتفرم وتؤكل مع البيض.
35- الزعتر: (الصعتر)؛ منه البلدي والفارسي، يؤكل مع السلطة أو يجفف مع السمسم، وأكثر ما زرعه أهل البلد في البزوعية – الخربة التي قرب البلد).
36- السماق: أكثر ما يُستخدم في الزعتر لاستعماله فيه بدل ملح الليمون.
37- سليقة.
38- دقّة عرب: كانت تغلى مع الشاي.
39- فيجَن: كان يوضع ورقه مع الزيتون المكبوس لتطييبه.
40- فرفحينة: تؤكل نيئة ومطبوخة.. أو سلطة.
41- مَرَمِيّة أو مَرْيمية أو ميرمية: كانت تُغلى أوراقها، ويُشرب مغليُّها، لفوائده العديدة.
42- انْجيل: عشبة برية ميدانية.. تمتد أفقياً ولا تعلو.. تقضمها المواشي.
43- مدّاده: عشبة تقضمها المواشي.. وتمتد أفقياً.. وهي ممتازة للأرانب.
44- بابونج: لا يخلو سطح ترابي في شَعَب منها.. كذلك البيادر.
45- طبق الراعي: أو طاقية الراعي، ويأكله الصغار إذا كان أخضر يانعاً طرياً..
46- الفجّيلة.
47- عين البقرة.
48- الرشاد: وهي نبتة تعتبر من المقبلات.
49- الشحّيمة.
50- خسّ برّي.
51- عنب علّيق: كان ثمراً مقصوداً من قبل الصغار، كثير الوجود بين الصبر في تلة يعنين.
52- قرّينة.
53- خامشة: يستعمل مثل زهر البسباس غَلْياً مع البيض ولكن لونه أخضر.
54- ورق اللسان: نبتة تؤكل كالخبيزة والعكّوب واللوف.
55- لْسيّنة ولسان الثور.
56- زقوقيا.
57- الحبق: وهي نبتة ذات رائحة زكية.. (اللي سبق شم الحبق).
58- الورد (الجوري) ولم يكن كثير الوجود، واهتم به في بعض البيوت في أواخر الأيام قبيل النكبة.
59- مردكوش: أو مردقوش؛ نبتة تستعمل لتطييب الطعام وخاصة في الكبة.
60- إجر الحمامة.
61- الملّيسة.
62- الشومر: يأكله الناس نيئاً.. وقد يجمعون بذوره في تطييب الطعام أو غلْيه لشرب مائه المفيد طبياً. وله رائحة زكية، تفتح الشهية..
ب. الثروة الحيوانية:
الحيوانات الأليفة والدوابّ:
تنقسم الحيوانات الأليفة في شَعَب إلى عدة أقسام، فمنها ما يُركب ومنها ما يؤكل ومنها ما يُستخدم (في الحراثة والحراسة والصيد وغيره..).
الدوابّ (جمع دابّة)، وهي ما يُركب، فمنها:
1- البغال، وهي من الحيوانات المهجّنة، ونتيجة تزاوج الحمار مع الفرس، وهي تجمع بين قوة تحمّل الحمار وقوة جسد الحصان وحجمه، إلا أنه شرس بعض الشيء.
يكثر استخدامه في المهمات الشاقة، مثل جرّ حجر معصرة الزيتون والدوران حولها، وتشغيل ناعورة المياه، في الحنانة، ودرس القمح على البيدر بعد الحصاد. وعنه المثل الشهير ((سألوا البغل مين أبوك؟ قال الحصان خالي)).
2- الجمال: كان في البلد القليل منها عند أحمد ياسين فاعور، أحمد سعيد، أحمد حسين، محمد عباس. ولكن لم يكن امتلاك الجمال والنوق للتجارة، حيث كان عند كل واحد من هؤلاء ثلاثة جمال فقط لا أكثر ولا أقل.
3- الحمير، من أكثر الدواب ألفة مع الإنسان، تمتاز بالصبر، وأكثر استعمالاتها للركوب والتنقل ونقل المحصول والحطب وغيرها.
وفي التراث قصة شهيرة عن الحمار، فحين توفي أحد المزارعين شقّ على ورثته معرفة مخبأ المونة أو مخازن الحصاد، فأشار عليهم حكيمٌ بينهم بإحضار حماره إلى مكان الحصاد وتحميله وتركه يمشي كما كان يفعل في السابق، ففعلوا واستدلوا به على مكان مخازن الحصاد.
4- الخيل: وقد اشتهرت منها الخيل الأصيلة للركوب والمباهاة والزينة والتفاخر، ومنها الخيل الكُدْش التي تستعمل في عمل الإنسان. وقد استُخدمت الخيل الكُدْش في معصرة دار حسن الحسين (أبو درويش) وهي معصرة الزيتون الوحيدة المتبقية على الخيل في البلد، كما كانت تستخدم في الحنّانة لرفع المياه، وفي درس القمح والشعير والكرسنة وغيرها على البيدر.
وكان في البلد مهنة خاصة لتسريح ورعي الخيل إلى جانب تسريح ورعي الطرش، وكان يقوم به أشخاص معينون(1).
أما المواشي، فهي الحيوانات التي يؤكل لحمها وينتفع بجلدها أو صوفها، ومنها:
1- البقر: لم يخلُ بيت في البلدة من البقر، من أفقرها حتى أغناها، فقد كانت منافعها كثيرة، وكان أقل ما يمتلك البيت الواحد بقرتين.
والفائدة منها متعددة، ويستغني بها القروي عن كثير من الحاجيات، فعدا عن استعمالها المهني في الفلاحة، فإن لها استعمالات منزلية شتى، فكانوا ينتجون منها اللحم في حال ذبحها، والحليب ومشتقاته كاللبن واللبنة والجبنة والسمنة والزبدة. وكان يحرصون على جمع البقرة مع ثور لتحمل بعجل صغير، ويُنتج ضرع البقرة عند الولادة اللِبأ وهو أحد أدسم مشتقات الحليب وأكثرها تغذية.
ويستخدم زبل المواشي عموماً في تزبيل الطابون (مثل التنور)، وكسماد في تسميد الأرض، وهي طريقة ما زالت تستخدم في الزراعة حتى أيامنا. كما أن القروي في أيام الشتاء القارس يُدخل البقرة إلى حمى الدار، حيث يكون قد جهز لها حظيرة مسقوفة، ويؤثّر وجود الماشية فيها بتخفيف البرد عنها بفارق ملحوظ.
2- الغنم (الخروف - البياض): كأن الأغنام خلقت للإنسان في المناطق الباردة أو فصل الشتاء، إذ تتميز الأغنام عن البقر بكثرة الدهن فيها، وبالصوف الذي يُجزّ سنوياً ويستخدم بدل القطن في حشو الفرشات والمخدات واللحف، وبعض أجزائه تستخدم في الخياطة والزينة. بالإضافة إلى جلودها بعد الذبح والدباغة.
وقد اشتهر من أهل البلد بكمية الأغنام، وربما لم يقتنِ أحد مثله في البلد أغناماً، هو الحاج عبد حمزة.
3- الماعز (العنزة - السمار): وكان يستفاد من حليبها الكثير وشعرها الغزير وروثها في الدفء. وقد اقتناه في البلد عبد الله الحفيظ، حسين الحفيظ، نمر أيوب، أسعد الغضبان، وأسعد النايف.
وكانوا يسمونها: النمرة (ذات اللونين الأسود والأبيض) والشقراء، والذنانية (ذات الأذنين العريضتين المنخفضتين)، والفتلا والبرشا والملحا (ذات الصدر الأبيض)، والغبشا (ذات الوجه المنقط بالأحمر والأبيض أو الأبيض والأسود) والصبحا والقطما والغرشا والغندورة والمحزّقة (ذات الضرعين المليئين بالحليب)..(2).
القطط والكلاب، كانت موجودة في القرية ولا يحرص على تربيتها إلا من عنده قطيع غنم ليحميها من الحيوانات البرية المتوحشة.
الأرانب، كانت كثيرة في البلد، وكان أكثر من يقتنيها ويبيعها سعيد الصفدي ورشيد خالد علي. وكان يتحرج البعض من أكلها، إلا أن الغالبية اتفقت على لذة لحمها، ولم تكن تطبخ كما هو مشهور بالملوخية، بل كانت بالصواني (محمر مع بصل).
أما ذبحها فكان طبيعياً، إلا أن سلخها كان يتم غالباً باليدين وبدون سكين، حيث تمسك الرقبة بيد وتشد إلى أعلى، ويمسك بالجلد عند الرقبة باليد الأخرى، ويقشط قشطاً (يشد إلى أسفل).
الدواجن:
كان اهتمام أهل البلد بالدواجن عادة من عاداتهم، حيث كانت تربيتها من مهمة النساء في الغالب، خاصة بالنسبة للدجاج، فهي مصدر الرزق المنزلي الأهم في القرية، وفي الوقت الذي لم يوجد في البلدة بعض أنواع الدواجن كالبطّ والوزّ والديك الرومي، كان منها:
1- الحمام: وقد كان قليلاً في البلد، نظراً لأن تربيته في البيوت تحتاج إلى عناية وحماية خاصة، لا وقت لدى نساء القرية لها. وقد كثرت تربية الحمام في في منزل محمد الحسين ومنزل أحمد سليمان منصور، وغيرهم..
2- الدجاج: وهو أشهر الحيوانات والدواجن وأكثرها في البلدة، والدجاج تربية منزلية تقوم بها العائلات، ويستفاد من لحم الذكر (في الغالب) وبيض الأنثى، وفي كل بيت ديك واحد على الأقل، وعدد من الدجاجات. ولا تكلف تربية الدجاج سوى أن تُسرّح صباحاً في أفنية المنازل والحظائر والحواكير المحيطة بالمنازل وحيثما وجدت حبوباً أو حشرات التقطتها.
ومن أهمية بيض الدجاج، أن استعمال النقود كان نادراً في التعامل اليومي في البلد، وكان البيض هو النقد المعتمد في الغالب، وكانت وحدة النقد بيضة. فكان البيض كأنه عملة البلدة في بيع المفرق، فكانوا يشترون به من الدكان (الملح، الكبريت، السكر، الرز، الشاي، الخيطان، الإبر وغيرها..). أما صاحب الدكان، فكان يجمع البيض (الذي لم يكن له سوق عنده – فلا أحد في البلد يشتري البيض)، ويذهب به إلى عكا حيث يستبدله ببضاعة أخرى يحضرها معه لبيعها من جديد.
الطيور:
لم يهتمّ أحد من أهل القرية بتربية العصافير أو تحنيط الطيور الكبيرة، رغم أن محيط البلدة كان مليئاً بشتى أنواع الطيور، وكان لبعض هذه الطيور مواسم معروفة تظهر بها، أو تبدو أسرابها في السماء أثناء الرحيل الموسمي. ومنها الطيور الجارحة، والطيور العادية.
ومن الطيور البرية، الشحيتي (أبو الحنّ)، السنونو، الشحرور، الحسون، البلبل، الهزار، اللغلغة، الترجمان، الدرجة، الدويري، الزرعي، السّمّن، البوم، الغراب، الباز، الباشق، الصقر والعقاب، النسر، اليمامة، الهدهد، القاق، الوروار، الزريقي (أبو زريق)، الرقطي، الصّفري، الشويكي، المريعي (الفرّي)، أبو مصص، أبو حمار (العضّاض)، البجع (أبو سعد)، القطا، الحنيني، الزرزور، الشوحة (ومن الأمثال: تموت الشّوحة ونفسها بأكل الصوصان)، اللامي، الكركسة، السوّدي، أبو الويّ، أم الفسّ، الترغلّي، الحمّرة، أبو ذبّان، الدويكي، الشُكَّب، الكنار، اللبد، السحّاح، السمرمر، الدَلَمة.
النحل:
فكان محمد إبراهيم حسين وعائلته أول من بدأ بتربية النحل والعسل واشترت أهل البلد منهم وربّت. ولكن أكثر من اشتهر فيما بعد بتربية النحل وجني العسل هم عائلة الطيّار الذين اتخذوها مهنة لهم حتى اليوم.
وكان النحل يُربّى في القفير، وينتج العسل والشهد، وكان لكل منحلة طعم بحسب الأرض التي يمتصّ النحل رحيق زهورها.
وليس لأهل أي بلدة فضل في وجود غير الأليف من الحيوانات والطيور، ولكنها حكمة الخالق، ولعل من الأفضل أن يُذكروا ضمن خصائص الأرض وليس ضمن اقتصاد البلدة. خاصة أن بعض هذه الحيوانات والطيور كان يؤثر على اقتصاد البلد، سلباً (سرقة دجاج أو الفتك بقطيع) أو إيجاباً (الصيد)، لذلك من المفيد ذكرها هنا.
الصيد:
لم يكن الصيد في البلد، بل في جوارها، حيث جحور الحيوانات وأوكارها. وكان يتمّ بالأفخاخ وليس بالبنادق والرصاص. ومن صيادي البلد أبو أسعد قدورة وأخوه محمد قدورة وأبو فخري (الخوالد) الذي أعدمه اليهود لدى احتلالهم القرية.
ومن الحيوانات البرية في جوار البلد:
1- الثعلب وابن آوى: وكانت تهاجم الدجاج ليلاً، وكان أهل البلدة يحتاطون منه بالأفخاخ أو بتخبئة الدجاج في مكان آمن.
2- الذئب: وكان يهاجم قطعان الماشية ولا يردّه عنها سوى كلب الحراسة الكبير الذي كان يعتمد عليه الراعي كثيراً، والذي كان ينبح على الذئب فينتبه الراعي ويلحقانه إلى أن يختفي. ومن المعروف أن أول من يحس على الذئب هو الغنم فيهيج القطيع ويتحرك بقوة لينتبه الكلب والراعي. أما إذا كانت (الغنمة أو العنزة) شاردة، فالعوض على الله!. والحديث الشريف يقول (يد الله مع الجماعة.. إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية).
وتشتهر في البلد قصّة (جاي يا غلمان جاي)، وهي قصّة عامة، ولكن أهل القرية يروونها عن راع كان في الجهة المقابلة من وادي الحلزون، وكان يصرخ على أهل البلد (جاي يا غلمان جاي)، بمعنى أنقذوني من هجوم الذئاب على قطيعي، وكان كذوباً فلم يعد يصدقه أحد، إلى أن وقعت الحادثة الحقيقية، فصرخ بأهل القرية فلم يجبه أحد.
3- الضبع: وهو حيوان جبان في النهار ولا يظهر إلا في الليل يخاف من البقر والخيل، ويتجرأ على الحمار، ومن المعروف عن الضبع نفسه الدنيّة فغالباً ما يأكل من بقايا وفضلات الفريسة التي تصطادها الأسود والوحوش، وربما يأكل جيفة ملقاة على مزبلة. وإذا لم يجد ما يأكله يسطو على الدجاج، وإذا لم يجد يأكل تين المساطيح المشمّس على الأرض.
وكان أكثر مكان يخشى أهل البلد فيه الضبع أرض اسمها الرقبة، فيقال مِثل ضبع الرقبة، لأنها أكثر المناطق امتلاءً بالضباع.
ويحكى أن الضبع إذا التقت عيناه بعينَيْ شخص يضْبَعه (فيمشي خلفه على غير هدى)، ولكن ليس هناك إثبات علمي لهذا الكلام. ومن أمثال شَعَب الخاصة (فلان مثل ضبع يعنين).
4- الغريري والنِّيص: وكانوا ينصبون الأفخاخ على أبواب جحورهم، وتؤكل لحومهما، ويباع جلد الغريري الثمين وريش النيص الملون بالأبيض والأسود.
5- الغزال: في الفترة الأخيرة، أواخر الأعوام قبل النكبة، أصبح نادراً وجود الغزلان، ولكن الاحتلال بعد النكبة أقام محمية طبيعية قرب شَعَب ومنع الصيد في المنطقة مما زاد عدد الغزلان فيها بكثرة.
الحشرات والزواحف والقوارض:
يدل وجود بعض الحشرات وفقدان بعضها في أي أرض على طبيعة الأرض والبيئة (مناخاً وماءً)، وطبيعة استخدامات هذه الأرض والمزروعات التي يزرعونها فيها. بل وتدل أيضاً على الحيوانات الموجودة فيها، إذ ليس لوجود أي حيوان أو حشرة استقلالية تامة، بل هو متعلق بالظروف المحيطة بها. ومن الزواحف التي تواجدت في البلدة ومحيطها:
أبو قرع، والحردون، والبريصع (أبو بريص)، والسحلية، والحرباء، البزاقة، الحنش والحية، القرقعة (السلحفاة).
ومن الحيوانات الصغيرة الموجودة، الفأر والجرذ، والضفدعة، وكلب الماء، والأرانب البرية والقنفذ، والنسناس، والخلد.
أما الحشرات، فبالإضافة إلى الحشرات التي كانت تعشش بين المنازل (وكأنها أليفة!!) كالذباب والصراصير والبرغش والبق والبرغوث والهسهس والعنكبوت، كان هناك العقرب، أم أربعة وأربعين، أم علي والخنفساء، الجندب، الطزيز، الدبور، الفراش، النمل على أنواعه وألوانه، دودة الأرض، الزرقطة، الحباحب، الأرضة، العَلَقة.
المرجع: كتاب شعب وحاميتها للأستاذ ياسر علي
(1) راجع باب الحياة الاجتماعية والمهن.
(2) حسين علي لوباني: الدامون – قرية فلسطينية في البال، الطبعة الأولى، دار العربي، بيروت 1999، ص114.. ذكر الكاتب أسماء كثيرة لبقية الحيوانات.
الطعام وأكلات القرية
مآكل ومشروبات شَعَب:
ولا تختلف مأكولات شَعَب عن جيرانها من القرى الأخرى، كالدامون والبروة ومجد الكروم وغيرها، وما سنذكره قد يحسبه البعض تكراراً للكتب الأخرى، ولكننا سنثبته هنا لعل بعض من قرأوا هذا الكتاب لم يطلعوا على غيره.
ومن مأكولات أهالي شَعَب ما كان يُطبخ وتوقد عليه النار (سلقاً، شيّاً، قلياً، أو طبخاً)، ومنها ما كان يخلط بدون نار (كالسلَطة)، ومنها ما كان يؤكل نيئاً من غير طبخ أو خلط.
ومن مأكولات شَعَب، ما كان يوميّاً، ومنها ما كان موسميّاً (مثل رمضان والأعياد)، ومنه ما يخصون به الفلاحين أو الضيوف أو الشخصيات (كالمختار). وأفخم الطعام ما خالط اللحوم والطيور وغيرها من الحيوانات. وتبعاً لحياة الفلاحين فإن معظم الطعام لا يعتمد على ما يشترونه، بل على الموجود، كالقمح والبرغل والعدس والفريك والخضار والمشتقات الحليب والطحين.
نبدأ بما غلب عليه اللحم من المأكولات:
1- المسخّن، أو المحمّر، وهو طيور مقطعة في صينية مع البصل والزيت والبهار، وتحمّر في الطابون، وكانت كما ذكرنا سابقاً هديّة من ينزل إلى عكا لزيارة أقاربه. ويكون معه خبز مسخّن في الطابون مع بصل وبهار على وجهه.
2- سمك، وكانوا يحضرونه من طبرية، ومن أنواعه المقلي والصيادية (سمك مع الرز)، وسمك بالطرطور (الطحينة)، وهناك السردين بالصينية.
3- دجاج محشي بالأرز المُعدّ مسبقاً بخلطة.
4- الكبّة: من اللحم المدقوق مع البرغل، وهي على أنواع وأشكال، ومنها النيء والمطبوخ.
5- قصّ محشي بالأرز واللحم: ويعدّ في الأعراس، ويتندّر بعض شباب القرية أن العريس إذا أفلح في دخلته أكل القصّ، وإذا لم يفلح حُرِم منه، وهو اللحم المكتنز في كتف الخاروف.
6- صينية لحمة مشوية في الطابون، ومثلها اللحمة مع بيض، أو مع خضار.
7- المُغربيّة، ويتم إعدادها في قسمين، قسم من العجين (طحين مفتول على برغل)، وقسم مطبوخ مع بصل ودجاج وبهارات، ويُخلط القسمان عند الأكل، مثل اليخنة مع الأرُز.
8- بطاطا بالصينية، وتُعدّ مع دجاج وبصل.
9- ديك مكفّن، ويسمى كذلك بسبب طريقة إعداده، حيث يطيّنون الديك بالعجين، ويلفونه بخرقة قماش (كالكفن)، وتكون الخرقة مبلولة لأن الديك عندها يدفن في رماد الطابون.
10- الملوخية: ناعمة وخشنة، مع دجاج أو أرانب.
11- فقاعية، أو شاكرية، واسمها الغالب في شَعَب، لبن إمّه، يطبخ بجانبها الأرُزّ.
12- يخنة بطاطا، يخنة بندورة، فاصولياء، بازلاء، ويخنة باذنجان (منزّلة حلبية)، غيرها..
13- ثريدة، وهي بالفصحى ثريد، مشهور بغزة، خبز يابس يخلط باللحم والمرق، وكان بعض أهالي شَعَب لا يفرقونه عن شوربة العدس باللحم مع فتة خبز.
14- هْفيت: يزيد عن الثريدة بالأرز واللحم، وهو كالتالي: خبز صاج فوقه أرُزّ، يضاف إليه المرق وفوقه قطع اللحم الكبيرة، وكلمة ((هفيت)) يستعملها من فتك به الجوع، فيقول: هفيت من الجوع. وهذا يدلّ على دسم وتأثير هذا الطعام في إشباع الجائع.
15- كروش: أو الفوارغ من أمعاء الذبيحة تحشى بالأرز واللحم المفروم وتخيّط ثم تطبخ.
16- المقادم: أو الكراعين، وهي قوائم الذبيحة.
17- راس الذبيحة: يسلق، ويسميه أهل الشام ((راس نيفا)).
18- أقراص كبّة محشيّة ببصل ولحمة تطبخ مع اللبن.
19- القَوَرْما: لحم مجفف ومُعدّ للطبخ، كان بديلاً عن التجميد في الثلاجات.
أما المأكولات المطبوخة ولا يغلب عليها اللحم، فهي:
20- كوسى محشي: يطبخ مع لبن أو مع رب بندورة. ويُحشى بالأرز أو البرغل، مع لحم أو بدونه، حسب القدرة والعادة.
21- باذنجان محشي: يحشى مثل الكوسى. ومثلهما القرع.
22- البطيخ الصغير قبل اكتمال نموه، كانوا يطبخونه محشياً بالأرز أو البرغل.
23- ملفوف: ويُلف على حشوة مثل حشوة الكوسى والباذنجان.
24- ورق عنب محشي.
25- قرنبيط: ويطبخ بعدة أنواع: يخنة، مع طحينة، وفي العجّة، وقلي.
26- البرغل المفلفل: يسلق مع الزيت والبصل، ويسمي أهل القرى البرغل المطبوخ سميدة، ويطبخونها مع عدد مع الأنواع.
27- سميدة ومرّار، ما زالوا يتعازمون عليها في الشتات. برغل مع نبتة المرّار.
28- سميدة وعكّوب، برغل مع نبتة العكوب ذات الشوك الذي ينزع عنه بصعوبة بالغة، وقد يطبخ العكوب وحده أو يطبخ مع البيض.
29- سميدة وبندورة، يسلق البرغل مع البندورة، ومنه ما يسلق مع رب البندورة.
30- سميدة وكوسى.
31- سميدة وبقل.
32-سميدة وفول.
33- ملفوف بسميدة.
34- ورق دوالي بسميدة.
35- سميدة وشعرية.
36- كبّة كذّابة، وتسمّى كبّة الغايب جوزها، وتستبدل البطاطا المسلوقة باللحم فيها.
37- لبَنيّة بسميدة.
38- دشايش: طريقتها السهلة: يعدّ البرغل المطبوخ مع الزبدة ويقطع إلى أقراص. أما الطريقة الأصلية فليست مع البرغل بل هي: قمح مجروش ينقع ليفصل عنه النّشا، يُعصر ويضاف إليه بعد عصره بصل وبهار وملح، ويُخبز أقراصاً في الطابون، ويؤكل ناشفاً أو تُغمّس به الخبيصة.
كما لاحظنا أن أكثر من أربعة عشر نوعاً من الطعام المطبوخ يستخدم فيه البرغل كمادة أساسية، عدا عن المحاشي التي تستخدم البرغل، ويعود ذلك إلى أنّ الفلاحين الذين يزرعون القمح بكثرة يعتمدون في حياتهم وغذائهم أساساً عليه، وهم يستغلّونه إلى أقصى الحدود، من الزراعة والحصاد إلى البيدر الذي يشهد في كل مرحلة من مراحل تحضيره نوعاً من القمح (بدءاً من القمح والفريك والبرغل وصولاً إلى التبن والشعير).
وإلى جانب القمح والبرغل، يعتمدون أيضاً على العدس:
39- مجدّرة: وهي أكلة للفلاح لأنها تسند البطن (كما يقولون). منها الحمرا والبيضا.
40- مخبوصة: رز وعدس مخبوص.
41- رز وعدس: ناشف.
42- شوربة رز مع عدس.
43- شومر بعدس.
44- عدس صحيح.
45- العدس المجروش، وهو شوربة العدس.
وبسبب اعتمادهم على الخضار، يكثرون من الأطعمة المَحْيوسة والسلطات، ويطبخونها مع البرغل غالباً، وسيلاحظ القارئ أن التنويع في البرغل أتى من تنويع الخضار، ومن متفرقات المأكولات:
46- الفريكة: مع اللحم أو بدونه.
47- الفطر، فطاريش، مع بصل أو مع بيض.
48- بيسارة، أو بصارى: وهي ملوخية ناشفة مع فول مجروش.
49- الفرفحيني محيوسة ونية.
50- السلق، محيوس ومحشي ومع الملوخية الناشفة.
51- اللوبية، وتختلف تسميتها بين القرى، ومنهم من يسميها فاصوليا خضراء ويطلق اسم اللوبية على تلك الرفيعة (المسلاة أو المجنونة).
52- البامية.
53- العكّوب، وقد كان له دور في عدد من الطبخات الشَعَبية، مثل سميدة وعكوب، عكوب بالبيض، عكوب بالعجة، عكوب بطحينة، عكوب بالأرز (مقلوبة)، محيوس.
54- الخبيزة.
55- الهندباء: أو العِلِت، قد تطبخ أو تؤكل كمقبلات مع الطعام، أو مع زيتون.
56- رشتاي: بالعدس أو الحليب.
57- الشيش برك، والتسمية تدل على أنها تركية (شيش: سيخ قطع، برك: عجين، كما هو الحال في تفسير: شيش طاووق).
58- مقرة بلبن، والمقرة نبات بري مثل الفجل، وقد يستعمل في الكبائس، انقرضت هذه الطبخة قبيل النكبة.
59- مشوّشة: بصل أخضر محيوس.
60- قطّوسة.
61- فول مدمّس.
62- حمص مدمّس.
63- بطاطا مسلوقة ومدمسة (ممعوسة). وقد تطبخ البطاطا مع بيض.
64- منزّلة أو مصقعة.
65- هليون مع البيض.
66- سلطة قرصعنّة.
67- سلطة بندورة.
68- سلطة حامض.
69- لوف مع حميضة وبصل وزيت. ولوف مع طحينة وكانوا يسمونه بَهْبَهيّة.
70- الجِعْدِِة: وتعتبر مع اللوف من أسوأ المأكولات، حيث يصعب مضغهما ويسببان الرعية في الفم. وقد ندر من يطبخها في البلد قبيل النكبة، ويتم إعدادها بصعوبة: تُقطف ثم تُشكّ بالخيطان وتعلق حتى تنشف، ثم تسلق وتعصر، وتُحاس ويفقص فوقها البيض. وفي البلد مثل يقال للجالس: يا عيني على هالقعدة مثل البيض عالجعدة.
71- فول أخضر: محيوس، أو يسلق مع حامض وثوم، أو رز وفول، وقد ذكرنا سابقاً سميدة وفول.
72- البقل المحيوس: والبقل يضم المسيكة والخبيزة والقوصان والمرار وغيرها..
73- الزيتون الكبائس المتنوعة.
74- نباتات توضع على المائدة وتؤكل ناشفة كمقبلات، مثل العِـلِت والبصل الأخضر والفلفل وغيرها.
وفي هذا ننقل بضعة أبيات من مطلع منظومة زجلية قالها حسين لوباني (الداموني) وأثبتها في كتابه عن قريته، يعدّد فيها أصناف الطعام:(2)
سقى الله يا إمي عارغيف من الكماج وع خبز السخن طالع من الطابون
وصونيّة محمّر من صوصان ديك الجاج عصافير مقليّة بزيت من الزيتون
ومنسف رز بلحم عا صدر رجراج مقلى فراطيش بيض مع هليون
ع قرّة وقرصعنّة ما عليها سياج عا صحن دقّة وورق زعتر من الطربون
المرجع: كتاب شعب وحاميتها للأستاذ ياسر علي
الوديان
الأودية التي تجري في أراضي شعب
1- وادي الحلزون.
2- وادي الخشب.
3- واي عبيد.
4- وادي دب الربيع.
5- القشلول.
6- مسرب الحنانة.
7- مسرب العين.
8- وادي عين الزيتون.
9- وادي كابول.
10 وادي الشاغور.
المهن والحرف والصناعة في القرية
المهن والحِرف والصناعات
المهن المعروفة في البلد محدودة الأنواع، وهي تختصر بالتالي:
1- متجول: الباعة المتجولون: مهنة عربية قديمة اشتهرت بها قصة علاء الدين والمصباح السحري، (تجارة أو حِرف مثل: سن الذهب، والحلاقة).
2- مستقر: المهن والحرف (الدكان والحلاق، والمعصرة، وغيرها..).
3- خارج البلد: كالوظائف الحكومية والإدارية (أغلبهم لم يكونوا دائمي السكن في شَعَب، إلا أن الجميع عاد إلى البلد أثناء أحداث النكبة).
ومن هذه المهن والحِرف:
برّاك: وهو العامل في المعاصر.
بنّاء: أشهرهم كان يوسف الباشا.
تزيين وبَرز العرائس: كانت تتولى الأمر نجيبة العبد (منصور) أم رفعت، وزليخة الحاج أحمد.
توليد: كانت آمنة الحسنا (شحيبر)؛ وهي إحدى غرقى وحل زبوبا، وفاطمة المسلمانية؛ وهي سيدة لبنانية مسيحية من قرية (رميش) حضرت إلى البلد مع ابنتها وأسلمت (وسميت المسلمانية) وتزوجتا فيها، وهي زوجة عبد محمد (الخطيب).
حلاق: حسين الصفي ونايف الصفي (عُرِفا من بيت الحلاق)، وعبد الرحمن أبو عرب.
حنّانة (ضامنها الحلنجي أو الحننجي): ضمنها طه اليوسف (عبد الحليم شحادة)، سليمان معطي، وعلي الحاج (حسين).(1)
حياكة الحُصر: كان يعتمد أهل البلد على إنتاج قرية الدامون (راجع فصلاً كاملاً في كتاب الدامون عن هذه المهنة)، ويلحق بالحصر القفاف (لنقل الزيتون وبعض الثمار)، والبذاري (لنقل التبن من البيدر).
خدمة المسجد: اختلط على الناس القيام بمهام المسجد والتفريق بينها، واعتبر معظمهم أن المسجد كان فيه صالح عبد الهادي (الأسدي) وهو والد سعيد الوارد ذكره في شخصيات من البلد، وكان يقوم بالخدمة والأذان والإمامة. وهناك أيضاً الشيخ رفيق الشيخ ملك (وهو من أهل البلد ولكنه كان قاضي شرع في عكا ويأتي إلى البلد لكتب الكتابات ويقال له المأذون).
خياطة: فاطمة صفر (أصلهم من صفد)، فاطمة النمر، خضرا الشيخ خليل (شقيقة أبو إسعاف ورد ذكرها في أخبار الحامية)، نجية حسين (زوجة فرج فاعور)، وزهرة الطيار (وكانت تختص بخياطة العرائس).
دكان: في الحارة الغربية كان هناك دكاكين لكل من: نمر شحيبر، رشيد نمر شحيبر، سيدي عامر (لم يُعرف له اسم آخر وهو من مجدل الصادق متزوج من زكية الصفي من صفد توفي في حلب)، محمد الأسعد (أبو علي عايشة)، أحمد سليمان منصور، فرج فاعور ومحمد مطلق شحيبر (شركة)، ومحمود الأسعد.
أما في الحارة الشرقية فكانت هناك دكاكين محمد شاكر (حسين شحادة)، وأحمد فاعور (شحادة الفاعور).
رعي وتسريح طرش البلد: كان يتولى رعي وتسريح طرش البلد عدة أشخاص وبالأجرة. وقد اهتم برعي البقر والمواشي عدد من الرعاة منهم: محمود حسين ومحمود، فياض وأحمد حميد. أما خيل البلد فتولاها أحمد ومحمد الخطيب ومحمود سعد الدين (الخطيب).
سكّاف أو كندرجي: عبد الله الأحمد (فاعور)، أحمد ضاهر إبراهيم (الشيخ محمد)، وعلي حرب (أبو ناظم: لبناني من بنت جبيل جاء مع زوجته إلى البلدة عام 1945، ورزق منها بولدين في شَعَب).
سلال: عبد الله أبو طيون، وأسعد خزنة (الحاج داود).
صابون: وكان يصنع من بقايا زيوت المواسم: محمود سعد الدين الخطيب.
طبيب: امتهنها أحمد الحلبي (وهو ليس من أهل البلد؛ راجع ما كتب عنه في فصل شخصيات من القرية).
عزف على المجوز والشبّابة: كانت هواية كل رعاة البلد، إلا أن مهنة الحدّا (الحادي) كان يتقنها من البلد محمد الخليل (طه)، ولم يكن الشاعر يوسف حسون قد ذاع صيته بعد.
عسل وتربية النحل: محمد إبراهيم حسين وعائلته (بدأوا تربية النحل والعسل واشترى أهل البلد منهم النحل وربّوها). وما لبث أن اشتهر به آل الطيار الذين أمسكوا المهنة في عام 1942، وما زالوا يعملون بها إلى يومنا هذا في منطقة الحسبة في صيدا. وقد وجدت لدى آل الطيار عدة عقود مع شركات كبرى في لبنان لتدريب موظفيها على هذه المهنة.
غربال: وهو لقمح الطحين، والكربال (يهز به علىالبيدر)، والحلول (للتبن، عيونه واسعة، ويطلق ((الحلول)) على الرجل كثير الكذب)، وكل هذه الصناعات كانت يصنعها النَوَر في البلد.
فدادين أو عود الحراث: سعيد الصفدي، عبود النجار وابنه نعيم.
فرّان: كان عند سليمان معطي (حسين) فرن يعمل فيه حسن الفران من حيفا، وفرن أحمد عبد الحليم.
فلاحة وحراثة الأرض: كان كل شخص يفلح الأرض لنفسه، أو يفلح لغيره بالأجرة إذا لم يكن لديه موسم فلاحة أو أرض يضمنها، وممن فلح بالأجرة (على الربع: يؤجر بربع المحصول) صالح عبد اللطيف، داود وأحمد الوشاح، حسين المحمود، نايف هدهود، وعبدالله الحفيظ.
قراءة السِيَر: كانت تتم في المضافات والبيوت.
قصّابون: لم تكن المهنة رسمية في البلد، إذ لم يكن لدى اللحام دكاناً، بل كان يعلق ذبيحته في ساحة البلد، خاصة على جدار مقام أحمد العليمي، وكان يقوم بالمهمة أي رجل في البلد يريد أن يذبح من ماشيته أو خائف من نفقان بعض ماعزه. وكان أشهر اللحامين فيها: علي عزيز، محمد عبد الجليل، علي عبد الرحيم، يونس خالد وعلي موسى الأسدي.
قلع الأسنان: وقد اختص الحلاق عبد الرحمن أبو عرب بقلع الأسنان أيضاً.
مبيّض: جميل البيروتي (جاء من بيروت قديماً وسكن في الحارة الشرقية).
مجبّر الكسور: نمر ووحش ولطيفة الخليل (أم نافذ)، مطلق فاعور، وآمنة عبد الحليم (شحادة).
مخضّر (حارس الزرع): كان كل واحد يحرس أرضه، إلا أن أهل البلد عينوا أربعة مخضّرين يتقاسمون أوقات النهار وكانوا يتغيرون كل مدة، وأشهرهم: مطلق فاعور، محمد حميّد، أحمد الحسن، ورشيد حمزة.
مطحنة: تطحن قمح ودرة وتجرش برغل، كانت المطحنة للشيخ أمين حمزة (المختار).
مطهّر: لم يكن في البلد أحد يمتهنها (كانوا يعتمدون على الصفوري، وهي مهنة امتهنها بعض أهالي صفورية حتى يومنا هذا).
معاصر: الحاج حسين فاعور، علي توفيق الخطيب، ومعصرة شراكة بين حسين عجايب (حمزة) وعبدالله الوِنّ وأحمد حسين.
ناطور عند المختار: أحمد أبو طيون.
صناعات أخرى: لم يكن من الممكن ذكر بعض الصناعات التي يقوم بها أهل البلد، ذلك أنها لم تكن مهنة يسترزق منها، بل كانت النساء تقوم بها في البيوت مثل:
الكبائس، والمجففات كالتين والمربيات كالتين واللقطين، والفواكه والأطعمة على أنواعها، الأشربة، السلال، الطباق، مدّ عكر الزيت على المصاطب لتمليسها، وتستخدمه نساء البلد أيضاً في تصنيع الصابون المنزلي، التحطيب، الحراث، الراعي، الخبز المنزلي، المكانس، والطرش وطلي الجدران والمصاطب بالطين..
المرجع: كتاب شعب وحاميتها للأستاذ ياسر علي
اللباس والزينة في القرية
اللباس والزينة
(حطة وعقال بعشر قروش.. والنذل لابس طربوش!) من أغاني المقاومة في الثورة الكبرى 1936، للشاعر نوح إبراهيم، واستخدمت لتشجيع أهل المدينة على هذا اللباس كي لا يلفت المقاومون الفلاحون بلباسهم جنود الاستعمار.
تقديم
يختلف في شَعَب، كما في كل القرى، اللباس بين الرجال والنساء والأطفال، ويختلف أيضاً بين كبار القرية وسادتها وأناسها العاديين، ويختلف كذلك لباس الشخص الواحد باختلاف المواسم والمناسبات والأماكن والمهن والحرف.
وفي اختلاف العادات والتقاليد والأزياء بين الشعوب علاقة مباشرة بالبيئة المحيطة تأثراً وتأثيراً، إما انسجاماً معها أو حماية منها. وليس في هذا إلا استثناءات بسيطة لا تكاد تذكر.
وكما يبدو للمراقب فإن التأثير الثقافي سابقاً حكم بتغيير الأزياء في البلدان النامية، إلا أنه اقتصر على أهل المدينة دون القرية والبادية، وذلك بسبب الاحتكاك الحضاري المباشر، واهتمامهم بالفكر الوافد والسياسة العامة، وبالتالي بالتبعية الثقافية التي أشار إليها بطريقة أخرى ابن خلدون في مقدمته، حول تأثر الشعوب الضعيفة المغلوبة بالقوية الغالبة، حتى ولو كانت تقاومها.
أما أهل القرى فإن تأثرهم باللباس والأزياء والعادات الغربية أقل مما هو لدى المدينة، وقد اقتصر سابقاً على أولئك الذين يترددون إلى المدينة، أو الذين حصلوا على وظيفة رسمية أو حصلوا على شهادات عالية.
ويعود سبب عدم تأثرهم بعادات ولباس أهل المدينة (غير المنسجمة مع بيئتها) لعدة أسباب، أهمها:
1- عدم الاتصال المباشر والاحتكاك الحضاري (بوسائل الاتصال المرئي والمسموع).
2- الفلاحون يتمسكون بالأرض، وبالتالي بالعوامل البيئية والمناخية التي دفعتهم إلى هذا اللباس على مرّ الزمن، مما يزيد تمسكهم بالعادات والتقاليد والأزياء المتناسبة مع هذا الأمر.
أزياؤنا:
بناء على ما تقدم، لم يعد خافياً على القارئ مقدار تأثر أجدادنا في القرية بالمناخ والبيئة والأرض. ولم يعد مستغرباً عدم التزامنا بما كانوا عليه بسبب انتقال جيلنا إلى المدينة، طوعاً أو كرهاً، ولتطور وسائل المواصلات والاتصالات.
وبتفحص سريع للأزياء التي كانت سائدة، سيكون بإمكاننا تقسيم اللباس القروي إلى ثلاثة أقسام، من حيث التأثر بالبيئة.
1- القسم العلوي: الذي يتأثر بالمناخ الآتي من فوق، حيث الشمس والهواء، فترى القروي يلبس الحطة لتحميه من الشمس ويثبتها بالعقال لئلا تقتلعها الريح، وفي شكل الحطة وتفصيلها ما يساعد على لفّ وتغطية الرقبة والتنفس في البرد والهواء.
وغالباً ما تكون الحطّة بيضاء في أوقات الراحة عصراً والمناسبات الاجتماعية، لما للبياض من تأثير في نفوس الحاضرين، كما يؤثر بلونها المناخُ فتكثر في الصيف حيث تردّ أشعة الشمس وحرارتها.
وتكون في الشتاء سميكة ومزركشة بالأسود أو الأحمر (الكوفية التراثية المعروفة) في الحقل أو العمل. إلا أن ثوار 1936 و1948 اعتمروا الحطة السوداء كلباس عسكري موحد، وكانوا يجلبونها من الشام.
2- أما القسم السفلي فيتأثر بالأرض، فتتغير نوعية الحذاء بمقدار تغير رطوبة الأرض ونوعيتها، فيتراوح بين (الجزمة والسرموجة)، كما يتأثر بذلك أيضاً علو الثياب عن الأرض ولونها.
3- القسم الأوسط، (كل ما يظهر من الشخص بالنظرة الأفقية، من الوجه حتى الساقين)، فهو الأكثر تأثراً بالعادات الاجتماعية، كالسترة: بالإزار والجاكيت، والتفاخر: بالساعة والسلسلة، والاعتزاز والحمية: بحمل السلاح أو الدَّبَسة والعكاز.
من هنا لا بد من لفت الانتباه إلى أن أي زيّ من الأزياء، لم يكن ليكون على غير ما هو عليه، صحيح أنه ليس بالثبات الذي يمثله تأثر لون الإنسان وشكله بالبيئة (كالأسود والأفطس)، ولكن تأثره يزداد منطقاً ورسوخاً وثباتاً كلما طالت المدة التي لزمته في تأسيس هذه العادات والتقاليد والأزياء.
هذا يقودنا أيضاً إلى الموضوع الذي أشرنا إليه في ما يخص الأرض والزراعة، حيث إن عامل المجاورة والأرض والبيئة المشتركة بين قرى قضاء عكا، سيجعلها متطابقة تقريباً بالمزروعات والإنتاج والكلام وحتى الأزياء.. ولسوف تتكرر هذه الفصول بين الكتب المهتمة بقرى القضاء، وليس لأحد من الكتّاب ذنب في تكررها، بل إن السبب الوحيد لذلك هو البيئة المشتركة بين هذه القرى.
تنقسم أزياء أهل القرية إلى ثلاثة؛ الرجال والنساء والأطفال، ونختصر هذه الأزياء بما يلي:(6)
أ- أزياء الرجال:
نُجمل فيما يلي ملابس الرجال دون تكلف أو تفصيل مملّ ودون اختصار مخلّ: البرتشز (الجبور البريطاني)، البطل دْرِس (لباس الجيش البريطاني Battle dress)، البنطلون، الدكة، الثوب (القميص)، الجوارب (الكلسات واللكاليك)، الجاكيت، الحزام (القشاط)، الحطّة (الكوفية والسلك، منها: الحطة الروزة، الحطة الحرير، الحطة البْوال، الحطة القزّ، الحطة الوطنية)، الدامر (جبة فوق القمباز)، السروال (الشروال واللْباس)، الساكو (الكبّوت)، الشال، الشملة، الطاقية (ومنها: طاقية رسم، الطاقية الخيوط، الطاقية المطرزة، طاقية القماش)، الطماقات (تلفّ على الساقين فوق البسطار)، العباءة، العقال (وهو أنواع ومقاييس، العقال المصنوع بالصنارة، عقال مرعز، عقال حرير، عقال قصب، الفيصلية)، القمباز أو القنباز (هو أشهر الألبسة التراثية، ومنه: قمباز الجوخ، قمباز صوف مقلم، قمباز شقة ديما، قمباز الروزة، قمباز الغيباني)، الكفوف، الكَلْبَك (لباس رأس تركي الأصل)، الكَمَر (حزام عريض)، الكنزة (الجورساي)، المشمّع (استعملوه في المطر الشديد).
أما الأحذية، فمنها البُسطار (ومنه الباتون إذا كان له أزرار)، البالوش، الجزمة، القبقاب، الفقرواية أو الصرماية (المشاية أو الحفّاي أو السرموجي)، الصندل، الصبّاط أو الكندرة (الحذاء).
وكان من الزينة وأدوات الاستخدام اليومي: بز السيكارة، البطارية، البارودة، الجربندية (علبة للأغراض الصغيرة أو التبغ)، الجزدان، الجفت (بارودة صيد)، الجوكلانة (عصا مدهونة)، الحبر والريشة، حجر الصوان (للمدخنين)، الحناء، ختم وطابع (للمختار)، الخنجر والشبرية، الخاتم، الدَّبَسة (عصا غليظة للدفاع عن النفس)، الدبّوس، الراديو (كان منه عند مصطفى الطيار والمختار)، الزنادة (لسن السكاكين أو فرك حجر الصوان عند المدخنين)، سن الذهب (امتهنها النَوَر)، ساعة الجيب، ساعة اليد، الشمسية، الشمع (لتثبيت وفتل الشاربين المعكوفين)، العطر، العويسية (سكين صغير)، العكاز (لكبار السن)، علبة الدخان، الغليون، فرشاة الحلاقة، القداحة، قشاط الموسى (يُسنّ عليه موسى الحلاقة)، الكحل (استعمله الرجال كعلاج والنساء كزينة)، لوح الحجر (بدلاً من الدفتر في المدرسة)، الليفة، المحرمة، المحّاية، مرآة صغيرة للجيب، المسبحة، المشط، معجون الحلاقة، المقص الصغير، مكنة حلاقة، مكنة خياطة، ملقط شعر، موسى الحلاقة، النظارات.
ب- أزياء النساء:
كان من لباس النساء في شَعَب:
التنورة (للعمل، وحماية الثوب من الاتساخ)، الثوب (الفستان والشنتة والشنتيان)، الجلاّية (من أفضل اللباس)، الجاكيت، الحبرة، الحطّة (لزمتك الحطة، كانت تقولها النساء إذا دخل عليهن غريب قبل أن يلبسن الحطة، ومعناها أن عليه أن يلتزم بشراء حطة لها لما سبّبه من إحراج بالدخول دون إذن)، الدكّة، السروال (اللباس)، الساكو، الشطفة (مثل القمطة ولكنها تعقد فوق الحطة)، الشلحة، الشال، الصدرية (تلبس فوق الثياب كالجاكيت ولكنها تصل إلى الخصر وبدون أكمام)، الصاية (مثل الجاكيت ولكنها أخف)، العصبة، الكلسات، الكنزة، الملاية (الملاءة)، المنتيان (يلبس فوق الثوب كالصدرية الضيقة مع أكمام)، المنديل.
أما أحذية النساء فلا بد من الإشارة إلى أنه كان من العيب أن تنتعل الفتيات والنساء بأرجلهن شيئاً، لأنه كان يعتبر نوعاً من التكبّر، وكان يقال عن التي تنتعل منهن: ممدّسة (تنتعل مداساً)، أو مْكندرة (تنتعل كندرة) وهو نوع من المذمّة لهن.
وكانت التي تغادر البلد أو تأتي إليها، تغير ما برجليها (تنتعل أو تخلع) عند مدخل البلد، حتى أن الحطّابات كنّ يأخذن الكندرة معهن حتى إذا وصلن إلى المناطق الوعرة ذات الشوك ينتعلنها، وكان التحطيب يتم بعيداً عن البلد عند حدود سحماتا وغيرها من القرى. وكان يتكرر دائماً مشهد الحطّابة التي تحمل حمل الحطب على رأسها وتضع كُنْدرتَها فوق هذا الحمل. ويتندر أهل القرية الآن أن الحطابات كنّ يحملن كنادرهنّ فوق رؤوسهن بدلاً من انتعالها.
ومن أحذية النساء في شَعَب في تلك الأيام:
البابوج كعب الفلّين، الصرماية (مشاية زك)، القبقاب، الكندرة.
أما الزينة، وليس هناك أكثر من الزينة عند النساء، فهي:
الإسوارة، البَرَق، بُكْلة الشعر، البودرة والحُمرة، الجدايل (تزين الجدائل ببعض القماش والأشكال المعدنية الثمينة)، الحباس (دبوس الشعر)، حجاب الخرز (حول العنق)، الحفوف (العقيدة، الشلغينة وهو ما يعرف هذه الأيام بالسكر)، الحناء، الخلخال، الخاتم (ومن أشكاله خاتم صب، شختورة، مثلث الحبّات أو الطبعات، خاتم أبو طبعة)، الدبوس الذهبي (يستعمل للسلاسل الذهبية والحليّ)، دبوس الزينة (بروش على الصدر)، دهون القشب، زيت الشعر، سنّ الذهب، الصابون (ومنه المعطر الذي يترك أثراً عطرياً على الجسم)، العطر (العربي والكولونيا)، الغوازي (ومنها الجهاديات، قطع ذهبية عثمانية تربط بشريط واحد من القماش، للجدايل أو العصبة على الجبين)، القرط (الحلق، ومن أشكاله العصفور، حبة فوق حبة، الطارات، الرباع والنصاص، وفزدق العبيد)، القرنفلة (قطعة ذهبية تعلق في الأنف)، القلادة (وكانت شائعة جداً) قلائد الخرز، قلائد مميزة (مثل القرآن الكريم، والماشاء الله، والماسكة، واللوزي، والكردان المصنّع فنياً ويربط من وراء العنق بسلسلتين، والمْجارة الذبلوني عبارة عن ليرتين ونصف من الذهب، المخمّس وهو خمس ليرات ذهبية)، الكبّاس، الكحل، الكْريم، كفّ الحصيدة، المباريم (تُشترى أزواجاً، وهناك الأساور السحب السادة أيضاً)، المحرمة (تكون مطرزة، هي للاستعمال اليومي)، المرآة، المشط (يذكر أن الماشطة كانت تعمل للعرايس موديلات الشعر، ومنها موديل الكعكة رفع الشعر وضبّه وتجميعه على شكل الكعكة، ومنها رفع مقدمة الشعر في موديل سُمّي لاحقاً السد العالي)، مشط الزينة (يشك في الشعر كالدبوس)، المقص، المكحلة والميل، ملقط الشعر، الوَدَعة (قطعة من الصدف تعلق بسلسلة).
على أن أشهر وأثبت أنواع الزينة عند النساء هو الوشم، حيث كان يقوم به النَوَر الجوالون على القرى، وكانت النساء تكثر من الوشم والتزين بأشكال وموديلات ورسوم مختلفة.
ج- ألبسة الأطفال وزينتهم:
كان يتم تحضير جهاز الطفل قبل ولادته، ويختلف لباس وأحذية الرضيع عن الطفل والغلام، إلا أننا سنذكرهم دون تمييز، ومن ألبسة الأطفال:
السروال (ويكون فضفاضاً وبداخله الحفاض لمن لم يتعلم المشي بعد، وعندما يدخل المدرسة يلبس سروالاً قصيراً على شكل شورت حتى ينهي الابتدائي)، الطاقية (غير طاقية الكبار المعتادة فهذه من الصوف)، القميص، الكلسات، اللفة الخارجية (للرضّع)، المقمطة (الملفّة).
وينتعل الأطفال: الحذاء أو البسطار، الصندل، السرموجي (المشاية).
المرجع: طتاب شعب وحاميتها للأستاذ ياسر علي
الجبال
الجبال المحيطة بقرية شعب
1-جبل جلون ( العريض الشمالي).
2- جبال بين الروس المكونة من رأس الأجاص , أس السويد , رأس دار حمزه .
3-جبل التركيب.
4-جبال الكواع.
5-تلة يعنين .
6- الجلمة .
التعليم
التعليم في شَعَب
كان التعليم في البداية في الكتّاب الذي كان عبارة عن غرفة صغيرة، ومن الشيوخ الذين علموا في الكتاب في القرية الشيخ حسين علي الخطيب والشيخ سليم زيتون والشيخ سعيد أبو الهيجاء والحاج أمين الحسين والشيخ حسن شحيبر والشيخ طه، وقد اقتصر التعليم على القرآن الكريم والحساب، وكانت أجرة الشيخ عبارة عن مواد غذائية مثل الزيت والقمح والبيض.
كان نظام التعليم يعتمد على المدرسة حيث افتتح العثمانيون المدرسة الأولى سنة 1305هـ أي 1888م. وقد وصلت صفوفها في شَعَب إلى صف السادس الابتدائي سنة 1942 – 1943 كما ذكر كتاب ((بلادنا فلسطين)).. وفي عام 1311هـ - 1894 م كان عدد الطلاب 30 طالباً ذكراً فقط.(3)
وقد أقيمت المدرسة الأولى في منزل علي القاروط (الحسون)، ثم انتقلت سنة 1929 إلى ضهر العين قرب العبهرة (المدخل الغربي لشَعَب). وفي سنة 1944 قررت لجنة القرية الممثِّلة لجميع العائلات بناء مدرسة هناك (قرب عين القرية والعبهرة)، وما زال هذا البناء موجوداً حتى يومنا هذا ويستعمل غرفاً للتدريس في مدرسة شَعَب الجماهيرية ((ب)).
أما أساتذتها فكانوا: عبد الرحيم دعّاس (1932م) – خليل الديماسي (من عكا 1933م) – مصطفى سعد (أبو سامي – من جنين 1936م) – علي معروف وتوفيق الصادق (من دير القاسي 1938م)- محمد كمال محيي الدين الصالح (ترشيحا – 1939م) – محمد سعيد الآغا – خليل حمد (الصفصاف)- علي القاضي – أبو بكر أحمد البرقيني (من برقين – نابلس مساعد مدرس 1936م)- نجيب الطيّار (علم في عين حوض والدامون ثم في شَعَب وأصبح فيما بعد مترجماً في فريق الأمم المتحدة) – منيب فاعور، كان الأخيران من أكثر أبناء البلد تحصيلاً للعلم، تعلّما في الكلية العربية في القدس، التي لم تكن جامعة، ولكنها كانت أرفع كلية في فلسطين آنذاك، ومنتهى شهاداتها هي المتروكوليشن التي تؤهّل حاملها لدخول الجامعة.. وهذا ما كان يحدث مع مثقفي فلسطين، الذين كانوا يحضّرون للجامعة فيها، ثم يرحلون غالباً في طلب العلم إلى بيروت (كما فعل إبراهيم طوقان) أو القاهرة حيث الجامعات الأجنبية.
المقابر
المقابر في القرية
1- المقبرة الشرقية: وهي مقبرة قديمة جدا تقع في الجزء الشرقي من القرية وتقع على مساحة محددة ويبدو أنها بنيت من قبل العشائر العربية التي مرت بالقرية.
2- المقبرة الغربية: تقع في الجزء الغربي من القرية وهي أصغر نسبيا من المقبرة الشرقية وتضم مساحة أقل وتشير المصادر إلى وجود هذه المقبرة في العهد العثماني.
3- مقبرة النصارى : تقع هذه المقبرة الى الشرق من بيت السيد احمد ايوب ابو خالد ومكونة من مجموعة قبور دفن فيها نصارى الحارة الشرقية.
المساجد والمقامات
الجوامع:
جامع الحارة الغربية، وكان يؤذن فيه ويخدمه أبو سعيد صالح عبد الهادي الأسدي.
وجامع الحارة الشرقية، وكان اسمه الجامع الشمالي. ولم يكن قائماً منذ المذبحة التي حدثت فيه ضد آل كعكوش.
رغم أن بعض المصادر تذكر أن المسجد الأول عُمري (أي مما بني إبان الفتح الإسلامي)، وأن الثاني أقامه الزيادنة، إلا أن ناجي حبيب مخول ذكر أنه ((أقام بعض الزيادنة بشعب وبنوا بها جامعاً للبلدة، ثم أقيم بعده جامع آخر من قبل فريق من البلدة لأسباب عائلية))
المقامات والزوايا
لم تضم البلد زوايا، بل ضمت مقامات، وهي عبارة عن ضريح (مقبب أو مسور أو مبنية عليه غرفة)، ولم تتميز المقامات بشكل موحد بينها أو بمكان خاص لها، فقد تكون في المسجد أو في إحدى الدور. كما لم تكن لكل لمقامات طقوس مخصصة تقام أمامها أو لها.
وسبب كثرة المقامات في فلسطين عموماً، وفي الجليل خصوصاً، يعود إلى الحروب الصليبية، فقد كان كلما استشهد قائد من قادة جيش صلاح الدين الأيوبي في هذه الحروب دفن في مكان مخصص وبني عليه، أو ربما بني عليه لاحقاً. وبما أن هذه المنطقة شهدت معارك قوية وكراً وفراً، فقد شهدت سقوط شهداء كثر، ومن هؤلاء القادة من سميت عائلات باسمها (كعائلة أبو الهيجا، نسبة لأحد كبار قادة جيش صلاح الدين). ويقال إن مقام صالح الدين في قرية شَعَب يعود لأحد أقارب السلطان الناصر صلاح الدين. كما كان لبعض المقامات ميزة عن غيرها، في العادات والتقاليد، كإيقاد الشموع والزيارة وغيرها.
مقامات البلد هي:
1- مقام سيدي أحمد العليمي (ومكانه في جامع البلد الموجود في الحارة الغربية).
2- مقام الشيخ أحمد الشعراوي (في حواكير آل النجار، وهي مساحة من الوعر في الحارة الغربية، كانت لآل النجار واشتراها آل منصور منهم).
3- مقام الشيخ حسن (كان في دار مصطفى عبد الحليم من آل حسين).
4- مقام أبو شامية (كان قرب بيت شاكر اليوسف، ويقال إن اليهود تبنوه فيما بعد مدّعين أن صاحب المقام أحد حاخاماتهم، في محاولة لتثبيت أقدامهم تاريخياً في المنطقة).
5- مقام صالح الدين (يوجد بالقرب من دار هدهود على طريق الحنانة).
6- مقام الشيخ شكر (في الحارة الشرقية).
7- العبهرة: وكان لها قيمة خاصة في البلد، وكان من عادة أهل البلد أن يعلقوا عليها الشرائط الخضراء بالمناسبات، ومنهم من كان يوقد شمعاً أو ينذر نذراً. وكان البعض ممن لم يُرزقْنَ بأولاد (العاقر) أو ممن لم يأتِ نصيبهم بعد (العانس) يعلقون النذور على العبهرة.
8- بنات العين (يروى أنهن من جنيات المنطقة، ومكانهنّ عند العين الغربية قرب العبهرة عند مدخل البلد من جهة عكا).
9- رجال القلعة (قلعة الشيخ المطلة على وادي الحلزون ويفصل الوادي بين البلد والقلعة).
وكان يغنّى في البلد لرجال القلعة وبنات العين عدة أغنيات، الجدّي منها والساخر، كالأغنية التي على لسان العوانس:
يا بنات العين جيناكو زايرات.. مثل الخيل الغايرات.. كل البنات تجوزت.. إلا إحنا بايرات.
إحنا رجال القلعة وجينا عالعين؟؟..
الكنائس
الكنائس في القرية
1- الكنيسة اليونانية الأرثوذوكسية: تقع في الجهة الشرقية الجنوبية للقرية ووردت في وصف
الرحالة الأمريكي "روبنسون" عام 1852 وقد تعود إلى الحملات الصليبية التي وصلت إلى هذه
البلاد.
2- الكنيسة الكاثوليكية: تقع بالقرب من الكنيسة الأولى على بعد 500 متر تقريبا وقد ظهرت
بعد العام 1852 كما تشير المصادر التاريخية وهي تقع في الجهة الجنوبية الغربية من
القرية وقد يعود بنائها إلى فترات الحج "צליינות" التي توجهت إلى هذه المناطق في
العهد العثماني.
التاريخ النضالي والفدائيون
عـ"الموت ياما رمينا"، بهذه الكلمات يختصر الحاج محمود أبو الهيجا المعروف بـ"أبو الشهداء" (5) تجربة شَعَب وأهلها النضالية قبل النكبة منذ الاستعمار البريطاني على البلاد.
التحقت شَعَب قبل تشكيل حاميتها بالثورة الكبرى بين عامي 1936 و1939، مثل باقي سائر أبناء القرى والمدن الفلسطينية.
وكانت شَعَب نظرًا لموقعها الجغرافي بمثابة استحكام عسكري، إذ جرى منها تدبير أكثر من كمين ضد دوريات الإنجليز المارة على طريق عكا - صفد، الذي كان يُعرف منذ زمن الأتراك بـ"الشارع السلطاني"؛ وشارك فيها ثوار شَعَب كتفا إلى كتف مع ثوار قُرى الشاغور.
طُوقت شَعَب أكثر من مرة، منها مرة تحول الطوق إلى حصار امتد لأيام، أقام خلالها الإنجليز في القرية، وقرروا نسف كل بيوت الشعباويّة، وذلك على إثر كمين قام به ثوار القرية على تل البروة، سُمي بكمين "تينة أبو لبن 6
نسف 120 منزلًا، صحيفة "الصراط"، 27 آب/ أغسطس 1938
بدأ الإنجليز بالنسف والجرف من الحارة الشرقية، وطاولوا معظم بيوتها، لولا معركة "الليّات" التي فتحها ثوار الشاغور وشَعَب على الإنجليز، لقطع عليهم إتمامهم نسف البيوت.
لم تكن معركة الليّات واحدة، بل أولى وثانية وثالثة كُبرى. وجاء اسم الليّات، نسبة إلى موقع جبلي يقع بين البروة ومجد الكروم على طريق عكا – صفد.
كانت معركة الليّات الأولى 8-12-1937، والليّات الثانية في تاريخ 19-7-1938. فيما الواقعة الكُبرى في الليّات، وقعت بعد أسابيع قليلة من الثانية (7).
استهدف ثوار شَعَب والشاغور في الليّات حديد دوريات الإنجليز، وأوقعوا في صفوفهم قتلى وجرحى، وترتب على تلك "الليّات" قصف قرية شَعَب بالطائرات ونسف بيوتها، وسفك دم رجالها ونسائها؛ وهذا غير السجن والمُطاردة والمُطاردين.
حين وقف الشاعر الشعبي نوح إبراهيم في أول صيف بعد انقضاء الثورة على بيادر شَعَب في واحد من أعراسها، كانت مجموعة من صِبية القرية تتجمهر فوق سطح أحد بيوتها المُطلة على البيادر، وكان الصبية يحملون عِصيّهم التي كانوا يستخدمونها في لعبهم كبنادق، وكان مسمار مغروسا في العصيّ، وكان مشبوكا بخيط. نظر نوح الشاعر إلى الصِبية، وقال ردّة مطلعها: "هيّا يا أهل الحمية ... وعاشت البندقية" (8).
لم يكن يعلم نوح إبراهيم في حينه أن أولئك الصِبية هم من سيكونون وقود وجنود حامية القرية بعد عشر سنوات.
الحامية
حامية شعب كانت كتيبة فدائية أكثر منها عسكرية، ممثلة بمجموعة قيادية من أبناء القرية على رأسهم "أبو إسعاف" – إبراهيم الشيخ خليل، ومعه مصطفى ونجيب الطيّار وآخرين من عائلات القرية كافة. تشكلت هذه الحامية لحماية القرية إثر سقوط مدينة عكا في 18-5-1948. كان مقر قيادة الحامية في بيت علي موسى الأسدي على طرف القرية.
كانت الحامية تعبيرًا عن حَميّة أبناء القرية تجاه شَعبِهم، وبلدهم شَعَب؛ حَميّة فاقت قدرات الحامية التنظيمية والعسكرية. ساعدت ظروف القرية الجغرافية على نشأة الحامية وتشكيلها، وكذلك علاقات بعض أبنائها وتجاربهم، مثل "أبو إسعاف" الذي كان قسّاميًا من أتباع الشيخ الشهيد عز الدين، وعضوًا في عُصبة الجهاد المقدس منذ الثورة الكبرى، وممول الحامية والذي مدّها بالسلاح (9). ثم تعليم بعض أفرادها، مثل نجيب الطيّار، الذي كان بمثابة مسؤول إداري - سياسي للحامية.
والأهم من ذلك، اجتماعيًا، أن الحامية بتشكيلها غسلت كل ملامح إرث الاحتراب العائلي - الحمائلي، وجففت آبار الأحقاد والثارات، التي عانت منها قرية شَعَب على مدار قرن قبل النكبة، ودفعت بكامل أبناء عائلات القرية كتلة واحدة للدفاع عن قريتهم (10).
لم يكن مقاتلو الحامية من شَعَب وحدها، وإن كانت الحامية شَعباويّة المنشأ والموقع، إنما التحق بها مقاتلون من سائر القُرى المجاورة لشَعَب، مثل ميعار والدامون وكابول والبروة ومجد الكروم والبعنة ودير الأسد، وحتى سخنين وعرابة البطوف وعموم قُرى الشاغور. كما التحق بالحامية فصيل من جيش الإنقاذ تمرّدَ على أوامر القيادة العُليا، إلى أن وصل عدد مقاتلي الحامية إلى أكثر من 200 مقاتل.
كانت أشهر معارك الحامية دفاعها عن قرية البروة، بعد أن هاجمها الصهاينة في الحادث 11-6-1948، ثم سقوطها بأيديهم. استطاعت الحامية تحرير البروة بعد أن دفعت بكامل سلاحها إليها في 25-6-1948، عندما قتلت الحامية وجرحت العشرات من الصهاينة، واستشهد من مقاتليها الشعباويّة كل من مصطفى الحاج عبد حمزة، وكايد محمد سليم أبو الهيجا (11).
بعد تحرير البروة، وفي آخر ليل ذلك النهار، تسلّم جيش الإنقاذ البروة مُحررة من حامية شَعَب، وبعد أقل من يومين على ذلك، كانت عصابات "الهاغانا" تقصف شَعَب من سفوح البروة، فقد استلم جيش الإنقاذ البروة، ثم سلّمها!
قاتلت الحامية دفاعًا عن شَعَب وقُرى اللواء على مدار ما يقارب الستة شهور ما بين موسمين؛ موسم حصاد القمح منذ أواخر آيار/ مايو وحتى بدء موسم الزيتون الذي ظلّ على الشجر حتى أواخر تشرين الأول/ أكتوبر؛ هبت فيها الحامية لنجدة شكيب وهّاب اللبناني وكتيبته في قريتي هوشة والكساير عند شفاعمرو (12). وللدامون هبت الحامية، ثم لميعار التي سقطت بأيدي الصهاينة في ليل 18-7-1948، وقبلها الدامون بساعات (13).
على إثر سقوط الدامون وميعار انشق ضابط جيش الإنقاذ، "أبو شلاش"، والتحق مع فصيله بالحامية (14). كما أنه على إثر سقوط ميعار، خرج أهالي شَعَب من قريتهم وبقيت القرية منذ أواخر تموز/ يوليو تحميها الحامية وفيها كبار السنّ من شَعَب، الذين سيقوم الصهاينة بأكبر مذبحة عجائز عرفتها النكبة بحقّهم، وذلك في مطلع شهر تشرين الثاني/ نوفمبر من ذلك العام.
ما كان لحامية شَعَب انسحابها من شَعَبها بعد ملحمة بطولية خاضتها لما يقارب نصف عام، في أعتى صمود لم تعرفه أي قرية في كل فلسطين؛ فقد ثبتت الحامية ثباتًا لم تقوَ عليه بعض المدن الفلسطينية وليس القُرى فقط. ما كان، لولا نفاد ذخيرة الحامية وسقوط القُرى المُحيطة بشَعَب كلها، وجيش الإنقاذ، الذي قَلّت أوامره وشُلّت عساكره، فظل محل سؤال إلى يوم الناس هذا! فكلها عوامل نتج عنها انسحاب الحامية من شَعَب، واحتلال الصهاينة للقرية في 1-11-1948.
سياسات المَحميّة
هُجّر أهالي شَعَب من قريتهم، لكن شَعَب ليست قرية مُهجرة مثل أي قرية نعرف أنها مُهجرة! فما الذي حدث هناك؟
بعد أن انسحبت الحامية وصارت شَعَب خالية من أهلها، وعقِب دخول الصهاينة لها في مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر من عام النكبة، كان تعداد سكان القرية الذين وجدوا أنفسهم مشرّدين يساوي ألفي نفر، 700 منهم كانوا نازحين في القرى المجاورة الباقية، فيما صار معظمهم لاجئين في لبنان. كما دُمرت بعض بيوت القرية، بينما ظل جزء كبير منها على حاله.
ظلت شَعَب خالية حتى أواخر عام 1949، وكانت أول خطوة باتجاه إعادة تشكيل القرية وهندستها، أن سمحت الدولة العبرية الناشئة لشخص يُدعى شفيق بقاعي، ومعه ثمانية عائلات من آل البقاعي النازحين من قرية الدامون المُهجرة، بالدخول إلى قرية شَعَب والتوطن فيها (15). وبما أن الدولة اعتبرت كل بيوت وأراضي شَعَب ضمن أملاك الغائبين، قامت بتأجير شفيق بقاعي خمسة آلاف دونم من أراضي زيتون القرية (16).
في عام 1950، أعلنت سُلطات الدولة العبرية عن شَعَب منطقة عسكرية مُغلقة. وبعدها أعلنت وزارة الزراعة الإسرائيلية عن خطة ترميم وإعادة هيكلة للقرية، إذ لم تُعتبر القرية مُهدمة بالنسبة للصهاينة مثل باقي القُرى المُهجرة. وعليه، قررت السلطات إعادة إعمار القرية، مما تطلب، أولا، إعادة توطينها بالسكان.
كانت هذه السياسة الصهيونية في الهندسة الاجتماعية استثناءً تمثل في شَعَب، إذ ارتأت السلطات الإسرائيلية إلى صناعة قرية نموذجية على المسطرة الصهيونية، أشبه بفكرة "المَحميّة". وكانت أولى خطوات تنفيذ ذلك المخطط تتمثّل في ترحيل أهالي قريتي كراد الغنّامة وكراد البقّارة المُهجرتين، جنوبي بحيرة الحولة عند جسر بنات يعقوب، إلى قرية شَعَب، والذين قُدر تعدادهم عند ترحيلهم بـ750 نسمة، وذلك في عام 1951 (17). كما نقل الصهاينة بعض نازحي قرية ميعار التي غدت مُهجرة إلى شعب. كما لوّحت السلطات الإسرائيلية لأهالي قرية صندلة في مرج ابن عامر بترحيلهم إلى شَعَب في تلك الفترة، إلا أنها لم تفعل ذلك في الأخير 18).
ظلت شَعَب خالية، حتى أواخر عام 1949 (أرشيف مجلة حركة "متسبين"، 1974)
أما عن نازحي قرية شَعَب في القُرى المجاورة، الذين كان عددهم يُقدر بـ700 نسمة، تمكن نحو 200 منهم من العودة إلى قريتهم على مدار سنوات الخمسينيات وحتى الستينيات من القرن الماضي. وذلك بعد مسار من الشكاوى تقدموا بها للمحكمة العليا الإسرائيلية منذ بداية نزوحهم، قدموا فيها تخريجات عن أسباب خروجهم من القرية، أقنعت المحكمة في الأخير، وأمرت بإعادتهم (19).
لم يقبل أهالي كراد الغنّامة والبقّارة توطينهم في شَعَب، وأصروا على عودتهم إلى قريتيهم، وقد وصل ملف قضيتهم إلى الأمم المتحدة في حينه، وتمكن نحو 400 شخص، من العودة إلى ديارهم بينما ظل 350 منهم في
نكبة المسنون والعجائز
حومة الطير
ليس في شَعَب وحدها، بل في كل قُرى ومُدن فلسطين المُهجرة في النكبة، ظلت فيها مسألة “مُسنّيها وعجائزها” الذين لم يقووا على المشي والفرار أثناء التهجير، واحدة من أبرز ملامح النكبة ووحشيتها، التي غطّاها غبار الهجيج والزمن معا. حتى القُرى غير المُهجرة، الباقية في بلادنا داخل أراضي 48، بعض أهلها تَركوا قراهم لأيامٍ أو أسابيع، تاركين خلفهم، فيما كان فيها بعض عجائزهم وكبار ختايرهم، ثم عادوا إليها ليجدوا بعضهم قد مات، ومن العجائز من اختفوا بلا رجعة، ودون أي خبر عنهم إلى يوم الناس هذا.
في قريتي عين ماهل الباقية في قضاء الناصرة، تَرك المواهلة قريتهم في النكبة وغادروها خوفا لأكثر من أسبوعين، قبل أن يعودوا إليها. لم يبق في القرية وقتها غير مجموعة من عجائزها، وأصر الشيخ يوسف الشركسي الذي كان في الستينيات من عمره على البقاء في القرية، بعد أن علِم ببقاء بعض عجائزها فيها. وظلّ شيخا للمنزول المكان المُعدّ للضيوف، يُقيم الصلاة وحده فيه طوال مدة غياب أهل القرية. لم يكن تفقده للعجائز في منازلهم لأجل التأكد من توافر الخبز والماء لديهم ما أبقاهم أحياء في حينه فقط، إنما سورة عمران المندفعة تضرّعا ونحيبا من حنجرته، هي من كانت تبعث السكينة والطمأنينة في نفوس العجائز الباقين. ويُروى أن الحكروشية التي كان منزلها بجوار المنزول، لم تشعر برحيل أهل القرية أصلا.
في صفد وقُراها التي هُجّرت معظمها، حيث وعورة جبالها، كانت واحدا من أسباب ترك مُهجّريها لعجائزهم أثناء عمليات التهجير، إذ كانت أيضا، عمليات تسلل سكان بعض تلك القُرى لقراهم ليلا، إما من أجل أخذ بعض حاجياتهم الأساسية التي لم يستطيعوا حملها حينما هُجّروا وبالأخص المال والذهب، أو من أجل تفقد بعض مسنّيهم الذين بقوا في منازلهم متمسكين فيها، أو غير قادرين على الوقوف على أقدامهم والسيّر عبر الجبال إلى لبنان وسورية.
مات بعض كبار السن الفلسطينيين والختاير على فراشهم، دون أن ينتبه لهم أحد. لم يكن يعرف الصهاينة الذي استولوا على تلك القُرى ببقاء العجائز، لولا رائحة لحمهم المتعفن المنبعثة من منازلهم. وحينما أوكلوا لبعض المتعاونين من شراكسة قرية الريحانية، مهمة جمع جثامين العجائز الباقين في قُرى علما وصلحة وميرون وغيرها من قضاء صفد، من أجل دفنهم؛ كان يستدلّ الشراكسة على جثامين العجائز من خلال “حومة الطير”(1)، إذ كانت طيور مثل الغربان، تتجمع على سطوح وعند نوافذ المنازل التي تنبعث منها روائح جُثث عجائز تُركوا وحدهم في انتظار موتهم على فراشهم.
في شَعَب
خلَت بيوت قرية شَعَب من أهلها وآهليها، بعد تهجير أهالي قُرى البروة وميعار والدامون في حزيران/ يونيو من عام النكبة. لم يبقَ في شَعَب وقتها غير حامية القرية العسكرية(2)، وبعض عجائز وختايرة القرية في منازلهم. اختلفت الروايات في عدد العجائز الباقين في القرية، فالوثائق الإسرائيلية تذكر بقاء سبعة عشر مُسنًّا ومُسنّة من أهالي القرية فيها(3).
بينما يذكر صاحب كتاب “شَعَب وحاميتها” أن عدد عجائز القرية الباقين، قد تجاوز العشرين(4)، فيما قال الحاج نمر محمد أيوب في مقابلة شفويّة معه إنهم ثلاثة عشر عجوزا (5). غير أن أبناء وبنات العجائز يجمِعون على أن الختايرة الشَعَبيين، الذين اختفت آثارهم قد تجاوزوا العشرين.
ظلّ عجائز “الوحل” داخل منازلهم في شَعَب طوال فترة قتال الحامية دفاعا عن القرية ما بين موسمَي القمح والزيتون، أي ما بين أوائل حزيران/ يونيو وحتى مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر من عام النكبة. كان مقاتلو الحامية مَن أشرَف على حماية وتأمين حاجيات عجائز قريتهم الباقين طوال هذه المدة.
في روايته “باب الشمس” يتحدّث إلياس خوري عن تلك الواقعة بعد قرار حامية شَعَب العسكرية بالانسحاب من
قائد حامية شعب، أبو إسعاف
القرية، وحوار قائد الحامية أبو إسعاف مع أحد عجائز القرية المُسنين، من أجل أخذهم معهم، ورفض هذا الأخير الخروج؛ قائلا إنهم عجائز ولن يمسّهم سوء حتّى إن ظلّوا في منازلهم، إذ لا حاجة للصهاينة بقتلهم.
جمع ضباط الـ”هاغانا” عجائز وختايرة القرية من منازلهم، عند بركة الحنّانة، بطريقة كما لو كانوا مقاتلين، دون أي مُراعاة لسنّهم ووضعهم الخاص، حتى أن بعض المُسنّات اللواتي خفنَ من نسف المنازل، وبالتالي أخبرن الضباط عن وضع أزواجهن الذين لم يقووا على الوقوف على أقدامهم وظلوا في بيوتهم، رفض ضباط الـ”هاغانا” أعذارهن، وطُلب منهن العودة لبيوتهن وجلب أزواجهن حمْلًا أو جرًّا على الأرض.
جرَّت إحداهن زوجها على الأرض فعلا من منزلهما إلى ساحة البركة، وهي تجرّ نفسها أمامه. ما إن وصلت به البركة، كان قد تدفّق الدم من فمه بلون أسود، ومات على مرأى عجائز القرية وضباط وجنود الـ”هاغانا”.
من بين جميع عجائز ومُسنّي شَعَب، وقعت سبّابة الضابط الصهيوني على اختيار ما يقارب العشرين منهم، والذين تمّ إيقافهم جانبا، ثم أمر بزجهم على ظهر شاحنة، فيما بدأ المطر لحظتها بالتحوّل من رذاذٍ إلى زخّ من الأمطار على وجوه وأبدان العجائز المكشوفين عُراةً بين الأرض والسماء، من على ظهر الشاحنة(6).
إلى زبوبا
كانت بركة شَعَب قد صارت بركة من الطين الموحِل بفعل المطر، ولمّا همّت الشاحنة حاملةً عجائز وختايرة القرية، كانت عجلاتها تدور مكانها تارة، وتسير مندفعة تارة أخرى، قاذفة تُراب شَعَب وحلا وطينا خلفها، بفعل ماء المطر. بينما ينظر عجائزها من على الشاحنة بكامل لحمهم، نظرة وداع شَعَبِهم ومسقط رؤوسهم من بين الطين والوحل.
لم يكن يعرف عجائز شَعَب وجهة شَحنهم ومصيرهم، كما لم يكن يعرف أي من ذويهم عن مصيرهم شيئا. سارت الشاحنة بهم من شَعَب إلى عكا غربا، ثم انعطفت جنوبا باتجاه مرج ابن عامر، إلى أن وصلت عند أطراف المرج بالقرب من قرية زبوبا من قضاء جنين، على الحدود الفاصلة بين الأراضي المُحتلة وقتها، وبين المنطقة العربية التي غدت تحت حكم السيادة الأردنية.
نسف 120 منزلًا، صحيفة “الصراط”، 27 آب/ أغسطس 1938
ألقت الشاحنة بحمولتها البشرية من عجائز شَعَب العاجزين عن الوقوف على أقدامهم حتى، في أراضي زبوبا الحدودية، وكان ذلك عند ساعات الغروب، وبينما أمطرهم الصهاينة بوابل من الرصاص الذي كان أزيزه يعلو فوق رؤوسهم لإخافتهم وترهيبهم، كان زخّ المطر يشتدُّ غزارة على أبدانهم، محوِّلا أرض زبوبة السهليّة بحرا من الوحل والوحشة، التي زادها عتم ليل ذلك اليوم، قسوةً ووحشية.
يروي الحاج نمر أيوب الذي كان والداه من بين عجائز المذبحة، أنّ أمه التي كانت بحالة صحية أفضل من والده الذي كانت جَهامة جسمه، تساوي ضعفي حَجمها، ممّا حالَ دون قدرتها على حَمله ولا حتى جرّه، آثرت تركه لمصيره، والنجاة بروحها، إلا أنها ماتت لاحقا قبل وصولها الأردن. بينما يروي أن زوجة عمّه التي كانت أكثر بدانة وجَهامة من أمه، استطاعت حمل زوجها، ونقله على ظهرها إلى قرية زبوبا، ثم إلى جنين، حيث فارق الحياة فور وصولهما المدينة(7).
من لم يمُت من عجائز شَعَب، بفعل التعب والمرض، مات من البرد أو غرقا في الوحل، ومنهم من قتله الرعب والخوف، فمات منهم يومها أكثر من سبعة عشر مُسنا ومُسنة، ومثل كل مجزرة أو مَقتلة فيها ناجٍ وحيد، كان الحاج مروان فاعور الناجي الوحيد من مذبحة الوحل التي روى بعد وصوله الأردن كل تفاصيلها، منذ شحنهم من شَعَب، وحتى موت آخر عجوز من عجائز “يوم الوحل”.
عجائز ينوحون مثل أطفال، ويحاولون التشبُّث ببعضهم، أو بحبال المطر. سُعال ونشيج وتنهُّد بينما يبتلع الوحل الذي صار طينا وصمغا أقدامهم، حتى لم يعودوا قادرين على سحبها منه، فالتصقوا به التصاقا أبديا، فيما عيون الصهاينة تراقب من بعيد، قيامهم ودبّهم طِوال ساعة هذا الموت الموحِل والموحش في سهل زبوبا.
بحسب ما أورده ياسر أحمد علي في كتابه “شَعَب وحاميتها” نقلا عن الحاج الناجي مروان فاعور وشهادته الوحيدة واليتيمة عن المذبحة، بأن العجائز الذي قضوا في يوم الوحل شهداء، هم: حسين فاعور، ومصطفى فاعور، وعبد الله خطيب، وحلوة الناصر (فاعور)، وخزنة عبد الحليم، وعائشة المنصورة، والشقيقتان من آل شحيبر آمنة الحسنا وخزنة الحسنا، وفاطمة المسلمانية، وحادي القرية محمد الخليل، وعبد محمد خطيب، ومحمد أيوب، ونفيسة أيوب، وأمينة خطيب، وحشيش عبد الجليل، وزهرة الشاهينة الأسعد(8).
الجزء الثاني
نساء الحامية… دِماءٌ وغِناءٌ من قرية شَعَب: علي حبيب
“وفي قرية حرفيش، تجولنا على بعض بيوت أهلها، وشحدنا منهم قليلا من الخبز والماء. كانت معنا لبيبة الحاج حسن، حامل وَلدت على الطريق. أثناء الخروج ووسط الضجيج، أخذوا جانبًا من الطريق، اهتم بها عدد من النساء، شلحت امرأة زنّارها وزنّرتها به. وعندما وضعت طفلتها، وضعوا المُصران (الحبل السري) على الحَجر وقصّوه بحجر ثانٍ، وسحبوا من الثوب خيط وربطوه به” (1). كان ذلك، بحسب الحاجة حنيفة صالح (أم كرم الجمّال)، يوم أن هُجّر أهل شَعَب في النكبة من قريتهم، وولوا وجوههم شمالًا في طريقهم نحو لبنان.
أن تلد امرأة مولودتها على قارعة الطريق، ثم قص الحبل السري على حجر بحجرٍ، فهو قطعٌ وقطيعة، ببعديهما المادي والرمزي معًا… ففيما كانت لبيبة الحاج حسن تلد طفلتها، كانت الأيام في لحظتها تلد النكبة. ولم تكن النساء الشعباويات من حولها، يَعلمن أنهن يقصصن حَبلين لا حبل واحد، حبل لحم مولودة عن أحشاء أمها، وحبل لحمهن عن عظم ديارهن وأرضهن في شَعَب.
لقد دفعن نساء شعب من دمائهن مثلما دفع رجالهن في معارك حاميتهم الحامية. لكن، وقبل حامية النكبة، فإن في شعب حكاية شعبية، لها ملامح الأسطورة، متصلة بالإرث النضالي للنساء في ذلك المكان، حكاية “بنات العين السبع”.
بنات العين السبع
تقول حكاية بنات العين، إن المغارة الواقعة عند مدخل القرية الغربي بجانب العبهرة، الشجرة التي قدّسها أهالي القرية، كانت تنبع فيها عين ماء، كما كانت مسكنا لسبع شقيقات. من الناس من اعتبرهن قديسات، ومنهم من رأى بهن من جِنيّات المنطقة! (2) ويُروى أنهن كن يخرجن بعد منتصف ليل كل يوم جمعة، يطبلن ويزغردن ويرقصن على وجه ماء العين.
ظلت هذه الحكاية تشعل مخيال أهالي قرية شعب منذ أول شَعباوي خلع نعليّه عند كعب ذلك الجبل، وحتى عام النكبة. وكثيرًا ما كانت تقصد بعض فتيات شَعَب، ممن تأخر عليهن الزواج، عين البنات مستغيثات غناءً:
يا بنات العين جيناكوا زايرات
مثل الخيل الغايرات
كل البنات اتجوزت
إلا إحنا البايرات… (3)
لا يعرف الشَعباويّة أصل منشأ هذه الحكاية، لكنها حكاية عربية عن عروبة المكان، وليس لها مسوح رومانية أو إغريقية كما يقول عاطف عزايزة في كتابه التذكاري “قرية شَعَب”. ولأن الحكاية الشعبية لا مؤلف لها، بل مؤلفها الناس، إلا أن لدى أهالي القرية كان أكثر من تفسير عن منشأ حكاية بنات العين. إذ يرى صاحب كتاب “قرية شَعَب” أن بنات العين ليست سوى أسطورة فيها تعبير مجازي عن علاقة الفلاحين بعيون مائهم، الذين كانوا يطلقون على روافد الماء، اسم “بنت التلال”، ولعيّن البنات في شَعَب، برأي عزايزة، كانت سبعة روافد، اعتبرها الشعباويّة مجازًا سبع بنات (4). قد يكون هذا الاجتهاد صحيحًا، لكنه يضعف أمام التخيّل المُشتغِل والمُشتعِل لدى أهل القرية عن عين البنات السبع.
وفي تأصيل آخر لحكاية بنات العين السبع، وهو الأكثر استرخاءً في ذاكرة أهل القرية، أن السبع بنات، هُن عربيات، منهن شقيقات ومنهن بنات عمومة قُتلن أو أُستشهدن عند تلك العين وجرى دفنهن داخل المغارة أيام حروب الصليبيين (5)، وبالتالي ظلت المغارة مسكونة بأرواحهن عند عين الماء، فصار يَعتقدُ بهن الناس، منه خروجهن ليلة كل يوم جمعة، يرقصن ويزغردن على ذمة أهالي القرية.
كان لحكاية “بنات العين السبع” كبير الأثر في تشكيل المخيال الشَعباوي – الاجتماعي، عن المرأة الشعباوية ودورها في بناء الذاكرة النضالية لسكّان المكان. وحديثًا، ظل يتذكر أهالي القرية على مدار عقود من بعد النكبة، قصة “المَسلمانية”، وهي امرأة مسيحية قدمت من قرية رميش اللبنانية ومعها ابنتها، استقرت في شَعَب وأسلمت، فسُميت المَسلمانية (6). عَرَفها الشعباوية امرأة تقية وعابدة، اشتغلت في الطبابة الشعبية لنساء القرية وأطفالها. وفي الثورة الكبرى على الاستعمار البريطاني وهجرة اليهود سنة 1936، كانت المَسلمانية مقصد ثوار شعب والشاغور للاختباء عندها أو الاختفاء بعلمها (7)، إلى حد أُكسبت فيه ملامح المرأة العارفة والكاشفة في حينه.
مع المقاتلين
“إن نساء شَعَب الحافيات، يستاهلن أن يلبسن أحذية من ذهب” (8). هذا ما كتبه جاسم، النقيب العراقي في جيش الإنقاذ لإحدى صُحف العراق عام النكبة، بعد أن شدّهُ فعل نساء شَعَب، وإسنادهن لحامية رجالها، في الدفاع عن قريتيّ البروة وميعار، قبل الدفاع عن شَعَب نفسها.
قائد حامية شعب، أبو إسعاف
حين تشكلت حامية شَعَب الفدائية على أثر سقوط مدينة عكا منتصف أيار/ مايو عام النكبة، للدفاع عن القرية والقرى المجاورة، لم يكن مُقاتلو الحامية يحملون غير بنادقهم وأمشاط رصاصهم، ما تطلب دعمًا لوجستيًا، تكفلت به النساء، فحملن خلف أزيز الرصاص ومن تحت النار والدخان، الماء والزاد على رؤوسهن، وعلى خصورهن ربطن لفائف الشاش، حافيات يدسن شوك صيف الشاغور، يهزجن من فوق الروابي والتلال، كلما نخّ مقاتل على ركبته في مُستحكمًا للقتال.
من أشهر نساء حامية شَعَب، كانت كل من نجمة عبد الله الدَلة، والدة الشاعر الشعبي يوسف حسون؛ ومعها خضرا الشيخ خليل، شقيقة قائد الحامية “أبو إسعاف”. ظل يتذكر كل رجال الحامية يوم أن وقفت نجمة الدَلة على بئر الحنّانة في القرية، وهاهت (مهاهاة) الحوّربة متبوعة بالزغاريد، لدب الحَمية في رجال الحامية أثناء ركوبهم الشاحنة إلى معركة “أبو مسنسل” بين قريتي هوشة والكساير (9). ومما هاهته يومها:
لتقوم بعدها فجة زغاريد نساء الحامية على الحنّانة، يعلوها صوت بارود الحامية، لتردف نجمة أم يوسف الشاعر:
آويها
شبابنا الأبطال ومِن يِقدر يحاصركو
يا حاملين القنابل عا خواصركو
وسْألت رب السما من فوق ينصركو
نَصرةْ عزيزة ولا يكسر خواطركو… (10)
أما عن خضرا الشيخ خليل، فتذكر أم شوقي نعمات ماهل الخطيب، التي لم يكن عمرها قد تجاوز العشر سنوات وقتها، أنه أثناء اشتباك رجال الحامية مع الصهاينة في ميعار، ترك أحد مقاتلي الحامية المعركة عائدًا إلى شَعَب، وكانت خضرا الشيخ خليل تقف على مدخل القرية من جهة ميعار جنوبًا. ولما رأت مقاتل الحامية عائدًا، اقتحمته محاولة نزع بندقيته منه، وصاحت به: “ما بدك تقاتل بلاش، بس روح واترك البارودة، هاتها وأنا بدي أقاتل فيها”، فما كان من مقاتل الحامية إلى أن عاد للمعركة (11).
دفعن نساء الحامية بأبنائهن، وهيّجن أزواجهن للقتال، فمصطفى الطيّار أحد قادة الحامية المعروفين، لمّا عاد من معركة البروة بعد تحريرها إلى بيته، ثم داهمها الصهاينة ثانية في ليل السادس والعشرين من حزيران/ يونيو عام النكبة، انقضّت عليه أمه من عنقه أثناء نومه منهكًا، وصاحت به أن يصحو لأن “ولاد الميّتة” (12) قد استحلوا البروة مجددًا، ودفعت به دون أن تعلم أم الطيّار، إن كان ولدها سيعود حيًا أو “حاملينوا أربعة”.
مصطفى الطيار ومحمد الفعور في شعب 1944(المصدر: فلسطين في الذاكرة)
يُروى أن كل من أبو إسعاف ونجيب الطيّار، القياديان اللذان وقفا على رأس حامية شَعَب، كانا مكلّفين بتذخير الحامية بالسلاح والفشك (الرصاص)، وكان إحضار الفشك تحديدًا، مسألة في غاية المعاناة بالنسبة لهما. أحضر نجيب الطيّار الفشك من دمشق غير مرة خلال حرب دفاع الحامية عن القرية، معدودًا بالحَبة لقلته. ولأن الفشك بعضه، كان قد نال منه الصدأ، ولقلته، كانت مهمة نساء الحامية فرك “الفشكات” بالسكن (الرماد) وتنظيفها، بما يتضمنه هذا الفعل من تهديد لحياتهن.
بعد ذلك، كن يحملن الفشك والذخائر في حِراجهن إلى مواقع القتال عند اشتعاله. من أبرز نساء الحامية التي عُرف عنها فرك الفشك ودعم صمود الحامية، كانت حلوة السليمان (14). كما وتروي الحاجة أم هاني سُعاد صالح حسين، يوم أن حملت صندوقا مملوءا بالقنابل اليدوية، لحقت به رجال الحامية إلى معركة ميعار. وتذكر تحذير رجال الحامية لها، مستنفرين من مغبة انفجار الصندوق بها، ولم يكن تجاوز سن سُعاد في حينه الرابعة عشر عامًا (15).
استشهدت من نساء شَعَب أثناء التهجير ومعارك حامية القرية خلال النكبة، زهرة موسى الشيخ محمد، والحاجة آمنة الخالد، وفاطمة صالح موسى (الحاج علي)، وفاطمة سعيد حميّد، ولطفية علي العايشة، وغيرهن من اللواتي ابتلعت رائحة الدم أسماءهن.
لم تبخل صدور نِساء شَعَب على أبنائهن بلبنهن، كما لم يبخلن بدمهن يوم أن دبت فيهن حَمية الاشتباك خلف رجالهن في الحامية، لحماية شرف تراب الشاغور. تلك حكاية تطول عن نضال نساء البلاد، التي همشتها ألّسن وأقلام الرواة والمؤرخين، في تهميش منذ هدهدتهن لأطفالهن كلما حَميّ وطيس الحُب، إلى دفعهن بدمهن ولحمهن في حمى وطيس الحرب.
الهوامش:
1. الحاجة حنيفة صالح حسين (أم أكرم الجمال)، مهجرة من شعب، برج الشمالي – جنوبي لبنان، تاريخ 15/5/2003. نقلا عن ياسر أحمد علي، شَعَب وحاميتها – قرية شَعَب الجليلية والدفاع عنها -، المنظمة الفلسطينية لحق العودة “ثابت”، بيروت 2007، ص 223.
2. راجع: عزايزة، عاطف محمد، قرية شَعَب – أثار ظاهرة وتاريخ مفقود، ص 87-88.
3. لم تقتصر هذه الأبيات المُغناة على ماء “بنات العين السبع” في شَعَب، إنما كانت من طقوس الميومة في ساحل فلسطين شمالا وجنوبا، فقد وردت مثل هذه الأبيات المستغيثة بالبحر في طقس موسم “أربعة أيوب” في قرية جورة عسقلان. عن ذلك، راجع: تماري، سليم، الجبل ضد البحر، مؤسسة الدراسات الفلسطينية.
4. عزايزة، عاطف محمد، المرجع السابق، ص 88.
5. مقابلة شفوية مع السيد محمود محمد أبو الهيجا، شَعَب، موقع فلسطين في الذاكرة – ضمن التاريخ الشفوي لتدوين النكبة الفلسطينية، تاريخ: 1-3-2010.
6. جرت العادة في الجليل، حتى إلى ما بعد النكبة، تسمية كل امرأة اعتنقت دين الإسلام، خصوصا المسيحيات، بالمَسلمانية، أي المتحولة للإسلام.
7. راجع: محمود محمد أبو الهيجا، المقابلة السابقة.
8. نقلا عن ياسر أحمد علي، المرجع السابق، ص 197.
9. المرجع السابق، ص 190.
10. المرجع السابق، ص 190.
11. المرجع السابق، ص 198.
12. درج على ألّسنة فلّاحي فلسطين قبل النكبة، نعت اليهود المُقيمين في فلسطين بـ”ولاد الميّتة”، كشكل من أشكال استضعافهم.
13. ياسر أحمد علي، المرجع السابق، ص 198.
14. المرجع السابق، ص 198.
15. المرجع السابق، ص 198
عن عرب 48
الهوامش:
1-حبيب الله، علي، أعمى علما – حكاية مسحّر، على موقع “متراس”، تاريخ 25/5/2019.
2-عن حامية شعب العسكرية، راجع المادة الأولى من هذا الملف، بعنوان: قرية شَعَب… بين ذاكرة الحامية وسياسات الحامية.
3-أرشيف الجيش الإسرائيلي، نقلا عن: عاطف عزايزة، قرية شَعَب – آثار ظاهرة وتاريخ مفقود، ص 71.
4-علي، ياسر أحمد، شَعَب وحاميتها – قرية شَعَب الجليلية والدفاع عنها، ص 211.
-5 أيوب، نمر محمد، مقابلة شفوية، شَعَب، فلسطين في الذاكرة، ضمن مشروع تدوين التاريخ الشفوي للنكبة الفلسطينية، تاريخ 13/6/2011.
-6 المرجع السابق.
-7 المرجع السابق.
-8 علي، ياسر أحمد، شَعَب وحاميتها، ص 212.
المراجع: نقلا عن عرب 48
الهوامش:
1. وهناك من رجح أن شَعَب تسمية رومانية، حيث يُعتقد أن شَعَب تقوم على موقع "شاب" "Shab" الرومانية. عن ذلك، راجع: علي،أحمد ياسر، شَعَب وحاميتها – قرية شَعَب الجليلية والدفاع عنها – المنظمة الفلسطينية لحق العودة – سلسلة القرى الفلسطينية -، بيرت، 2007، ص 34 - 35.
2. عزايزة، عاطف محمد، قرية شَعَب آثار ظاهرة وتاريخ مفقود، دار الأركان للإنتاج، بيروت، 2011، ص 45.
3. علي، أحمد ياسر، شَعَب وحاميتها، ص 115.
4. المرجع السابق، ص 117.
5. لُقب بأبو الشهداء، بعد أن استشهد أبناءه الخمسة وزوجته في مذبحة مخيم تل الزعتر في لبنان، التي أرتكبها النظام السوري ومعه ميليشيات لبنانية. ويُذكر أن زوجته قُتلت وتم تقطيعها بالبلطات. راجع: مقابلة شفوية، مع السيد محمود محمد أبو الهيجا، شَعَب، موقع فلسطين في الذاكرة – ضمن التاريخ الشفوي لتدوين النكبة الفلسطينية، تاريخ 1-3-2010.
6. مقابلة شفوية، مع الحاج نمر محمد أيوب، شَعَب، موقع فلسطين في الذاكرة – ضمن التاريخ الشفوي لتدوين النكبة الفلسطينية، تاريخ 16-1-2011.
7. راجع: علي، أحمد ياسر، المرجع السابق، ص 175 - 180.
8. الحاج نمر محمد أيوب، المقابلة السابقة.
9. علي، أحمد ياسر، المرجع السابق، ص 98.
10. كانت شَعَب من أكثر القُرى الفلسطينية في الجليل التي عانت من النزاعات العائلية التي وصلت حد القتل وفوران الدم في أكثر من نزاع وبين أكثر من حمولتين على مدار عقود. كانت آخرها وأكثرها تهديدا لمجتمع القرية تلك التي وقعت في ظل الثورة سنة 1937، حين انتقمت عائلة من أخرى من خلال الاستعانة بالإنجليز. إلا أن الحامية وحَمية أبناء القرية للدفاع عن قريتهم عام النكبة قد ذوّبت وذللت تلك النزاعات وضغائنها.
11. الحاج نمر محمد أيوب، المقابلة السباقة. وراجع أيضا: علي، أحمد ياسر، المرجع السابق.
12. علي، احمد ياسر، المرجع السابق، ص 115. وأيضًا: نمر محمد أيوب، المقابلة السابقة.
13. عزايزة، عاطف محمد، قرية شَعَب، ص 70.
14. علي، أحمد ياسر، المرجع السابق، ص 206. وأيضا: محمود محمد أبو الهيجا، المقابلة السابق.
15. عزايزة، عاطف، محمد، قرية شَعَب، ص 73.
16. المرجع السابق، ص 73.
17. عن قصة ترحيل كراد البقّارة والغنّامة، راجع : يوسف خلف، مقابلة شفوية، كراد البقّارة، شَعَب، موقع فلسطين في الذاكرة – ضمن التاريخ الشفوي لتدوين النكبة الفلسطينية، تاريخ 18- 5 - 2012.
18. راجع، حبيب الله، علي، مجزرة أطفال صندلة... لماذا وقعت من ذاكرتنا؟، مقالة منشورة في موقع عرب 48، تاريخ 17-9-2021.
19. عزايزة، عاطف محمد، قرية شَعَب، ص 75.
التاريخ النضالي والفدائيون
الجزء الثاني
نساء الحامية… دِماءٌ وغِناءٌ من قرية شَعَب: علي حبيب
“وفي قرية حرفيش، تجولنا على بعض بيوت أهلها، وشحدنا منهم قليلا من الخبز والماء. كانت معنا لبيبة الحاج حسن، حامل وَلدت على الطريق. أثناء الخروج ووسط الضجيج، أخذوا جانبًا من الطريق، اهتم بها عدد من النساء، شلحت امرأة زنّارها وزنّرتها به. وعندما وضعت طفلتها، وضعوا المُصران (الحبل السري) على الحَجر وقصّوه بحجر ثانٍ، وسحبوا من الثوب خيط وربطوه به” (1). كان ذلك، بحسب الحاجة حنيفة صالح (أم كرم الجمّال)، يوم أن هُجّر أهل شَعَب في النكبة من قريتهم، وولوا وجوههم شمالًا في طريقهم نحو لبنان.
أن تلد امرأة مولودتها على قارعة الطريق، ثم قص الحبل السري على حجر بحجرٍ، فهو قطعٌ وقطيعة، ببعديهما المادي والرمزي معًا… ففيما كانت لبيبة الحاج حسن تلد طفلتها، كانت الأيام في لحظتها تلد النكبة. ولم تكن النساء الشعباويات من حولها، يَعلمن أنهن يقصصن حَبلين لا حبل واحد، حبل لحم مولودة عن أحشاء أمها، وحبل لحمهن عن عظم ديارهن وأرضهن في شَعَب.
لقد دفعن نساء شعب من دمائهن مثلما دفع رجالهن في معارك حاميتهم الحامية. لكن، وقبل حامية النكبة، فإن في شعب حكاية شعبية، لها ملامح الأسطورة، متصلة بالإرث النضالي للنساء في ذلك المكان، حكاية “بنات العين السبع”.
بنات العين السبع
تقول حكاية بنات العين، إن المغارة الواقعة عند مدخل القرية الغربي بجانب العبهرة، الشجرة التي قدّسها أهالي القرية، كانت تنبع فيها عين ماء، كما كانت مسكنا لسبع شقيقات. من الناس من اعتبرهن قديسات، ومنهم من رأى بهن من جِنيّات المنطقة! (2) ويُروى أنهن كن يخرجن بعد منتصف ليل كل يوم جمعة، يطبلن ويزغردن ويرقصن على وجه ماء العين.
ظلت هذه الحكاية تشعل مخيال أهالي قرية شعب منذ أول شَعباوي خلع نعليّه عند كعب ذلك الجبل، وحتى عام النكبة. وكثيرًا ما كانت تقصد بعض فتيات شَعَب، ممن تأخر عليهن الزواج، عين البنات مستغيثات غناءً:
يا بنات العين جيناكوا زايرات
مثل الخيل الغايرات
كل البنات اتجوزت
إلا إحنا البايرات… (3)
لا يعرف الشَعباويّة أصل منشأ هذه الحكاية، لكنها حكاية عربية عن عروبة المكان، وليس لها مسوح رومانية أو إغريقية كما يقول عاطف عزايزة في كتابه التذكاري “قرية شَعَب”. ولأن الحكاية الشعبية لا مؤلف لها، بل مؤلفها الناس، إلا أن لدى أهالي القرية كان أكثر من تفسير عن منشأ حكاية بنات العين. إذ يرى صاحب كتاب “قرية شَعَب” أن بنات العين ليست سوى أسطورة فيها تعبير مجازي عن علاقة الفلاحين بعيون مائهم، الذين كانوا يطلقون على روافد الماء، اسم “بنت التلال”، ولعيّن البنات في شَعَب، برأي عزايزة، كانت سبعة روافد، اعتبرها الشعباويّة مجازًا سبع بنات (4). قد يكون هذا الاجتهاد صحيحًا، لكنه يضعف أمام التخيّل المُشتغِل والمُشتعِل لدى أهل القرية عن عين البنات السبع.
وفي تأصيل آخر لحكاية بنات العين السبع، وهو الأكثر استرخاءً في ذاكرة أهل القرية، أن السبع بنات، هُن عربيات، منهن شقيقات ومنهن بنات عمومة قُتلن أو أُستشهدن عند تلك العين وجرى دفنهن داخل المغارة أيام حروب الصليبيين (5)، وبالتالي ظلت المغارة مسكونة بأرواحهن عند عين الماء، فصار يَعتقدُ بهن الناس، منه خروجهن ليلة كل يوم جمعة، يرقصن ويزغردن على ذمة أهالي القرية.
كان لحكاية “بنات العين السبع” كبير الأثر في تشكيل المخيال الشَعباوي – الاجتماعي، عن المرأة الشعباوية ودورها في بناء الذاكرة النضالية لسكّان المكان. وحديثًا، ظل يتذكر أهالي القرية على مدار عقود من بعد النكبة، قصة “المَسلمانية”، وهي امرأة مسيحية قدمت من قرية رميش اللبنانية ومعها ابنتها، استقرت في شَعَب وأسلمت، فسُميت المَسلمانية (6). عَرَفها الشعباوية امرأة تقية وعابدة، اشتغلت في الطبابة الشعبية لنساء القرية وأطفالها. وفي الثورة الكبرى على الاستعمار البريطاني وهجرة اليهود سنة 1936، كانت المَسلمانية مقصد ثوار شعب والشاغور للاختباء عندها أو الاختفاء بعلمها (7)، إلى حد أُكسبت فيه ملامح المرأة العارفة والكاشفة في حينه.
مع المقاتلين
“إن نساء شَعَب الحافيات، يستاهلن أن يلبسن أحذية من ذهب” (8). هذا ما كتبه جاسم، النقيب العراقي في جيش الإنقاذ لإحدى صُحف العراق عام النكبة، بعد أن شدّهُ فعل نساء شَعَب، وإسنادهن لحامية رجالها، في الدفاع عن قريتيّ البروة وميعار، قبل الدفاع عن شَعَب نفسها.
قائد حامية شعب، أبو إسعاف
حين تشكلت حامية شَعَب الفدائية على أثر سقوط مدينة عكا منتصف أيار/ مايو عام النكبة، للدفاع عن القرية والقرى المجاورة، لم يكن مُقاتلو الحامية يحملون غير بنادقهم وأمشاط رصاصهم، ما تطلب دعمًا لوجستيًا، تكفلت به النساء، فحملن خلف أزيز الرصاص ومن تحت النار والدخان، الماء والزاد على رؤوسهن، وعلى خصورهن ربطن لفائف الشاش، حافيات يدسن شوك صيف الشاغور، يهزجن من فوق الروابي والتلال، كلما نخّ مقاتل على ركبته في مُستحكمًا للقتال.
من أشهر نساء حامية شَعَب، كانت كل من نجمة عبد الله الدَلة، والدة الشاعر الشعبي يوسف حسون؛ ومعها خضرا الشيخ خليل، شقيقة قائد الحامية “أبو إسعاف”. ظل يتذكر كل رجال الحامية يوم أن وقفت نجمة الدَلة على بئر الحنّانة في القرية، وهاهت (مهاهاة) الحوّربة متبوعة بالزغاريد، لدب الحَمية في رجال الحامية أثناء ركوبهم الشاحنة إلى معركة “أبو مسنسل” بين قريتي هوشة والكساير (9). ومما هاهته يومها:
لتقوم بعدها فجة زغاريد نساء الحامية على الحنّانة، يعلوها صوت بارود الحامية، لتردف نجمة أم يوسف الشاعر:
آويها
شبابنا الأبطال ومِن يِقدر يحاصركو
يا حاملين القنابل عا خواصركو
وسْألت رب السما من فوق ينصركو
نَصرةْ عزيزة ولا يكسر خواطركو… (10)
أما عن خضرا الشيخ خليل، فتذكر أم شوقي نعمات ماهل الخطيب، التي لم يكن عمرها قد تجاوز العشر سنوات وقتها، أنه أثناء اشتباك رجال الحامية مع الصهاينة في ميعار، ترك أحد مقاتلي الحامية المعركة عائدًا إلى شَعَب، وكانت خضرا الشيخ خليل تقف على مدخل القرية من جهة ميعار جنوبًا. ولما رأت مقاتل الحامية عائدًا، اقتحمته محاولة نزع بندقيته منه، وصاحت به: “ما بدك تقاتل بلاش، بس روح واترك البارودة، هاتها وأنا بدي أقاتل فيها”، فما كان من مقاتل الحامية إلى أن عاد للمعركة (11).
دفعن نساء الحامية بأبنائهن، وهيّجن أزواجهن للقتال، فمصطفى الطيّار أحد قادة الحامية المعروفين، لمّا عاد من معركة البروة بعد تحريرها إلى بيته، ثم داهمها الصهاينة ثانية في ليل السادس والعشرين من حزيران/ يونيو عام النكبة، انقضّت عليه أمه من عنقه أثناء نومه منهكًا، وصاحت به أن يصحو لأن “ولاد الميّتة” (12) قد استحلوا البروة مجددًا، ودفعت به دون أن تعلم أم الطيّار، إن كان ولدها سيعود حيًا أو “حاملينوا أربعة”.
مصطفى الطيار ومحمد الفعور في شعب 1944(المصدر: فلسطين في الذاكرة)
يُروى أن كل من أبو إسعاف ونجيب الطيّار، القياديان اللذان وقفا على رأس حامية شَعَب، كانا مكلّفين بتذخير الحامية بالسلاح والفشك (الرصاص)، وكان إحضار الفشك تحديدًا، مسألة في غاية المعاناة بالنسبة لهما. أحضر نجيب الطيّار الفشك من دمشق غير مرة خلال حرب دفاع الحامية عن القرية، معدودًا بالحَبة لقلته. ولأن الفشك بعضه، كان قد نال منه الصدأ، ولقلته، كانت مهمة نساء الحامية فرك “الفشكات” بالسكن (الرماد) وتنظيفها، بما يتضمنه هذا الفعل من تهديد لحياتهن.
بعد ذلك، كن يحملن الفشك والذخائر في حِراجهن إلى مواقع القتال عند اشتعاله. من أبرز نساء الحامية التي عُرف عنها فرك الفشك ودعم صمود الحامية، كانت حلوة السليمان (14). كما وتروي الحاجة أم هاني سُعاد صالح حسين، يوم أن حملت صندوقا مملوءا بالقنابل اليدوية، لحقت به رجال الحامية إلى معركة ميعار. وتذكر تحذير رجال الحامية لها، مستنفرين من مغبة انفجار الصندوق بها، ولم يكن تجاوز سن سُعاد في حينه الرابعة عشر عامًا (15).
استشهدت من نساء شَعَب أثناء التهجير ومعارك حامية القرية خلال النكبة، زهرة موسى الشيخ محمد، والحاجة آمنة الخالد، وفاطمة صالح موسى (الحاج علي)، وفاطمة سعيد حميّد، ولطفية علي العايشة، وغيرهن من اللواتي ابتلعت رائحة الدم أسماءهن.
لم تبخل صدور نِساء شَعَب على أبنائهن بلبنهن، كما لم يبخلن بدمهن يوم أن دبت فيهن حَمية الاشتباك خلف رجالهن في الحامية، لحماية شرف تراب الشاغور. تلك حكاية تطول عن نضال نساء البلاد، التي همشتها ألّسن وأقلام الرواة والمؤرخين، في تهميش منذ هدهدتهن لأطفالهن كلما حَميّ وطيس الحُب، إلى دفعهن بدمهن ولحمهن في حمى وطيس الحرب.
الهوامش:
1. الحاجة حنيفة صالح حسين (أم أكرم الجمال)، مهجرة من شعب، برج الشمالي – جنوبي لبنان، تاريخ 15/5/2003. نقلا عن ياسر أحمد علي، شَعَب وحاميتها – قرية شَعَب الجليلية والدفاع عنها -، المنظمة الفلسطينية لحق العودة “ثابت”، بيروت 2007، ص 223.
2. راجع: عزايزة، عاطف محمد، قرية شَعَب – أثار ظاهرة وتاريخ مفقود، ص 87-88.
3. لم تقتصر هذه الأبيات المُغناة على ماء “بنات العين السبع” في شَعَب، إنما كانت من طقوس الميومة في ساحل فلسطين شمالا وجنوبا، فقد وردت مثل هذه الأبيات المستغيثة بالبحر في طقس موسم “أربعة أيوب” في قرية جورة عسقلان. عن ذلك، راجع: تماري، سليم، الجبل ضد البحر، مؤسسة الدراسات الفلسطينية.
4. عزايزة، عاطف محمد، المرجع السابق، ص 88.
5. مقابلة شفوية مع السيد محمود محمد أبو الهيجا، شَعَب، موقع فلسطين في الذاكرة – ضمن التاريخ الشفوي لتدوين النكبة الفلسطينية، تاريخ: 1-3-2010.
6. جرت العادة في الجليل، حتى إلى ما بعد النكبة، تسمية كل امرأة اعتنقت دين الإسلام، خصوصا المسيحيات، بالمَسلمانية، أي المتحولة للإسلام.
7. راجع: محمود محمد أبو الهيجا، المقابلة السابقة.
8. نقلا عن ياسر أحمد علي، المرجع السابق، ص 197.
9. المرجع السابق، ص 190.
10. المرجع السابق، ص 190.
11. المرجع السابق، ص 198.
12. درج على ألّسنة فلّاحي فلسطين قبل النكبة، نعت اليهود المُقيمين في فلسطين بـ”ولاد الميّتة”، كشكل من أشكال استضعافهم.
13. ياسر أحمد علي، المرجع السابق، ص 198.
14. المرجع السابق، ص 198.
15. المرجع السابق، ص 198
عن عرب 48
تاريخ القرية
فماذا حدث عام 1573؟
((.. هكذا خرست الأصوات عن سحماتا حتى 26 ربيع الثاني 981هـ. الموافق 20 آب سنة 1573م حيث جمع ابن شهاب والزعيم المقدم منصور ابن فريخ من كبار الإقطاعيين في لبنان حوالي 3000 فارس من أتباعه، وتحالفوا مع مشايخ قرى ساحل عكا وهي: كفر ياسيف وأبو سنان وجولس وشفاعمرو وشعب ومجد الكروم وغيرها، وبلغ عدد القوتين حوالي 6000 فارس، وتقدمت هذه الجموع وغزت ترشيحا وسحماتا والبقيعة وبيت جن والرامة والجرمق وميرون وحرفيش ونهبوها.. منصور بن فريخ هو من راشيا الوادي في لبنان الأوسط، وهو جد الأمير بشير الشهابي الأول. وقد توفي منصور نحو سنة 1597..))
شعب كما وصفها الرحالة الفرنسي ((غيرين)) عام :1875
أهم وثيقة تاريخية عن قرية شعب :
ما وصف به الرحالة الفرنسي " غيرين "GUERIN) )قرية شعب إبان عام 1875 م ,يعتبر بمثابة وثيقة تاريخية هامة عن هذه القرية , بل هي اهم وثيقة تاريخية تحدثت عنها إبان ذلك الزمان . يقول الرحالة الفرنسي "غيرين " عن قرية شعب التي زارها عام 1875 بان هذه القرية كانت :
" تقع على تلة منخفضة ,ومقسمة إلى اربع احياء,حيث كان يسكنها نحو 800 شخص أغلبيتهم من المسلمين ,إذ كان يوجد لديهم مسجدين بالقرية واثنين من الأولياء ..كما كانت تسكن القرية نحو 20 عائلة يونانية , ,وهي تشرب من " بئر "الحنانة" ,وهي بئر قديمة منحوتة بالصخر ,على عمق نحو 108 أقدام نحو ( 33 م ) , الى جانب تلك البئر بالقرية كانت تنتشر هناك ,أعمدة حجرية ,مبتورة وملقاة على الأرض بأحجام مختلفة . صهريج المياه الملاصق هناك للبئر ,كان مبنيا من حجارة مقطوعة بشكل جيد ,حيث كانت تبدو تلك الحجارة ,على شاكلة توابيت قديمة , كانت منحوتة بأناقة بالغة ,على شكل نقوش أسطوانية مكللة بالزهور " .
يضيف الرحالة "غيرين في وثيقته ان :" أحد مساجد القرية , كما كان يبدو انه استعملت فيه حجارة من هذا المكان , كما انها استعملت فيه حجارة أخرى كانت تبدو انها أنقاض لكنيس قديم , إلى الشرق من هذه القرية كانت توجد هنالك , صهاريج وقبور قديمة تؤكد قدم المكان "
موقع قرية شعب
https://sites.google.com/site/sha3abswebsite/home/nbdhte-tarykhyte
احتلال القرية
جيش الإنقاذ والمناضلون في الجليل (11)
بعد انسحاب جيش الإنقاذ من المثلث في فلسطين بعد 15 أيار 1948 حيث دخلت القوات العراقية والأردنية صدرت الأوامر من القيادة العربية إلى فوزي القاوقجي بنقل قوات جيش الإنقاذ إلى منطقة الجليل شمال فلسطين لدعم الجيش اللبناني هناك، وبعد طرد الصهاينة من بلدة المالكية وضواحيها التي اشتركت فيها قوات جيش الإنقاذ مع القوات اللبنانية والسورية تقدمت قوات جيش الإنقاذ حيث رابطت في مناطق مختلفة في الجليل وأكثر مواقعها تقدماً للجنوب كانت مدينة الناصرة.
كان يدافع عن منطقة شمال فلسطين المناضلون من أبناء تلك القرى وتقدم لهم المساعدات من سلاح وذخائر ضمن طاقتها الهيئة العربية العليا، وكان في مقدمة هؤلاء أبو إبراهيم الذي كان يقود حوالي (250) مناضلاً ومنهم إبراهيم الشيخ خليل (أبو إسعاف)، وكان أبو إسعاف هذا من قادة المناضلين في حيفا (كان قسامياً) وذهب مع وفد يرأسه صبحي الخضرا إلى ليبيا لشراء أسلحة لأبناء حيفا بمعرفة الحاج أمين الحسيني، ولما عاد من ليبيا وحين كان في ميناء صور كانت مدينة حيفا قد سقطت في يد الصهاينة، فصدرت التعليمات من الحاج أمين الحسيني لإبراهيم الشيخ خليل (أبو إسعاف) بالتوجه بأسلحته التي أحضرها من ليبيا من صور إلى قرية شَعَب بقضاء صفد (قضاء عكا) حيث يكون مشرفاً على الدفاع عن تلك المنطقة وتوزيع السلاح على المناضلين.
وصل أبو إسعاف إلى قرية شَعَب ومعه أربع قاذفات ضد الدروع وستة رشاشات بْرِن وذخائر وقنابل يدوية وثلاثة مدافع هاون، وقد عاونه في تلك المنطقة كل من مصطفى الطيار ونمر الخليل وأحمد الخطيب وطه اليوسف ومنيب فاعور وموسى الشيخ محمد ومحمود رشيد حمزة وعبد الملك الفاعور ومحمد موسى الأسدي وسعيد صالح الأسدي ويوسف الكيالي.
القوات “الإسرائيلية” تحتل قرية البروة
في 11 حزيران 1948 قامت القوات “الإسرائيلية” بهجوم صاعق على قرية البروة الواقعة شرق مدينة عكا بحوالي عشرة كلم، وتمكنت من احتلالها بعد أن تغلبت على المقاومة العنيفة التي أبداها المناضلون من أبناء القرية القليلي العدد والسلاح، وفي 13 حزيران 1948 قام المناضلون من أبناء القرى المجاورة وفي مقدمتهم مناضلو قرية شَعَب بقيادة إبراهيم الشيخ خليل (أبو إسعاف) بهجوم معاكس وعنيف على الصهاينة في قرية البروة ودارت معركة استمرت لمدة يومين متتاليين أسفرت عن استشهاد 21 مناضلاً عربياً وإصابة 35 عربياً آخر بجراح وقتل من “الإسرائيليين” 26 إسرائيلياً بقيت جثثهم في أرض المعركة.. وتم تحرير قرية البروة.
وفي 14 حزيران 1948 وصلت قوة من جيش الإنقاذ بقيادة النقيب سعدون ومساعده الملازم مشهور حيمور.. وقال إن جيش الإنقاذ سيدافع عنها وهو المسؤول عن حمايتها.. وفي 24 حزيران 1948 قامت القوات “الإسرائيلية” بهجوم جديد على قرية البروة وطردت جيش الإنقاذ منها وأتمت احتلالها.
معركة ميعار
بعد احتلال الصهاينة لقرية البروة هاجمت القوات “الإسرائيلية” قرية ميعار واحتلتها بعد مقاومة شديدة من أبنائها، ولما كانت قرية شَعَب تقع قرب قرية ميعار وبعد أن شاهد أهلها احتلال الصهاينة لقرية ميعار تركوا قريتهم شَعَب وخرجوا إلى الجبال المجاورة، وما إن شاهد الصهاينة أن أهالي شَعَب قد تركوها تقدموا نحوها واحتلوها بدون عناء.
وعلى الأثر قام المناضلون بقيادة أبو إسعاف بهجوم معاكس تمكنوا من خلاله السيطرة على قرية شَعَب، مما اضطر “الإسرائيليين” إلى الانسحاب من القرية إلى الهضاب المجاورة والمحيطة بقرية شَعَب وأقاموا حولها حصاراً وأصبحوا يطلقون النار على المارة في الطرق الموصلة إلى القرية.
وهنا تدخل مراقبو هيئة الأمم المتحدة الذين كان يرافقهم المقدم محمد صفا من ضباط جيش الإنقاذ المتمركز في مجدل الكروم وحاولوا إقناع “الإسرائيليين” بالانسحاب عن المرتفعات المحيطة بالقرية ولكن الصهاينة رفضوا الانسحاب.
بعد أن رفض “الإسرائيليون “الانسحاب قام المناضلون بقيادة أبو إسعاف بمهاجمتهم، لكن “الإسرائيليين” أحضروا نجدات وقاموا بهجوم قوي على المناضلين الذين كادت ذخيرتهم تنفد وأصيبوا بخسائر جسيمة ورغم طلبات النجدة لجيش الإنقاذ القريب من المعركة إلا أنه رفض التدخل بدعوى عدم وجود أوامر من القاوقجي، وكانت مقاومة المناضلين في طريقها إلى النهاية، وهنا هرعت جموع كثيرة من النساء والأطفال من أهالي شَعَب وميعار إلى مقر قيادة جيش الإنقاذ مستصرخة إياها بالنجدة، لكن المقدم شوكت صاح بهن: ما عندي أوامر ورفض النجدة، ومن خلال هذا المنظر تحمس حوالي مائة من أبناء حَماة الشجعان واعترضوا على المقدم شوكت وقالوا: هل تموت النساء ونحن نتفرج على المسرحية، نريد دخول المعركة، ولما رفض المقدم شوكت تمردوا عليه وحملوا سلاحهم ونظموا صفوفهم وهاجموا القوات “الإسرائيلية”، ودبّ الحماس في قوات المناضلين الذين أيضاً وزعوا عليهم ذخائر وزغردت النساء واشتبك هؤلاء الشباب ومعهم المناضلون مع القوات “الإسرائيلية” في معركة عنيفة أسفرت عن هزيمة الصهاينة وطردهم عن المرتفعات وإبعادهم عن قرية شَعَب تاركين خلفهم جثة قائدهم (سيغف) و24 جثة معه عدا ما نقله الصهاينة معهم أثناء انسحابهم من القتلى والجرحى.
وحين عاد مراقبو الهدنة لوقف القتال كان “الإسرائيليون “يتمركزون على مرتفع مزروع بالأشجار يعرف باسم راس الزيتون ويشرف على منطقة تقدر مساحتها بعشرة كلم2، وتم بواسطة مراقب الهدنة انسحابهم عن المرتفع والمنطقة مقابل تسليم جثة قائدهم سيغف وباقي الجثث المبعثرة في أرض المعركة وهكذا تم انسحاب الصهاينة عن منطقة شَعَب..
* * *
(1) مجلة الأمان اللبنانية، العدد 451، 13-4-2001، إثر صدور قرار الحكومة اللبنانية بمنع الفلسطيني من حق التملك في لبنان مخافة التوطين.
(2)Nafez Nazzal - The Palestinian Exodus From Galelee 1948- Institution For Palestine Studies – 1978 – Pages 86 to 90
(3) الفلاحون الفلسطينيون: من الاقتلاع إلى الثورة، روز ماري صايغ، مؤسسة الأبحاث العربية – 1980، ترجمة خالد عايد، الصفحات 17-20.
(4) مجلة البراق، العدد الرابع، حزيران 2004، ص 16.
(5) ريم عبيدو على موقع www.moqawama.net، وذلك في الذكرى الخمسين للنكبة.
(6) ((عالم ليس لنا)) مجموعة قصصية لغسان كنفاني، الطبعة الرابعة عام 1984، صفحة 151، كتب القصة في بيروت 1965 كما يشير في تذييله لها.
(7) هي رواية من 527 صفحة، صدرت الطبعة الثانية عام 1998، كذلك الطبعة الأولى.. استقى فيها الكاتب معلوماته من المصادر والمراجع والروايات الشعبية والمقابلات الحية، خاصة مع سعيد صالح عبد الهادي (الأسدي).. وكان من رجال حامية شَعَب. (انتبه إلى أنها رواية ممتعة، اقتضت أصولها تغيير بعض الأحداث أو تعديل سياقها أو تغيير مسمياتها، ولكنها تعتمد على معلومات حقيقية وموثقة..). وقد أنجزت هذه الرواية سينمائياً عبر شريطين من إخراج المخرج المصري يسري نصرالله، وسيناريو وحوار إلياس خوري ومحمد سويد.
أما الجمل التي يحيطها قوسان فهي ملاحظاتنا على الاقتباسات.. وأورد قصة شَعَب من الرواية لإظهار مدى اهتمامها بها، وإذا كان هناك ملاحظات أعقب بها.
(8) من موقع ذاكرة فلسطين على الإنترنت على الرابط التالي:
(9) عارف العارف: كتاب النكبة - نكبة بيت المقدس والفردوس المفقود (1947-1952)، منشورات المكتبة العصرية، صيدا – بيروت، الجزء الثاني – الصفحات 425-426-427.
(10) في هامش كتاب النكبة ((عند مفرق الطرق المؤدية إلى كفرياسيف ومجد الكروم وطمرة وشَعَب)).
(11) نجيب الأحمد: كتاب فلسطين تاريخاً ونضالاً- كتاب عن تجربة شخصية ووثائق - دار الجليل للنشر عمان - الطبعة الأولى 1985 - ص510 حتى 513.
العادات والتقاليد في القرية
العرس في القرية
لا يختلف العرس في قرية شَعَب عن الأعراس في باقي القرى الفلسطينية في قضاء عكا، لذلك فإنه لن يكون مثيراً لمن قرأ عن العرس الفلسطيني في هذا القضاء أن يقرأ عن العرس في شَعَب، ولكن هناك اختلافاً يهمّ أهل القرية أنفسهم له علاقة باختلاف المكان والأشخاص.
وقد آثرت -رغم تشابه الكتب- أن آخذ ما يجري في العرس على لسان كبار السن في البلد، وليس من الكتب، وذلك للحفاظ على خصوصية المكان والزمان والأشخاص، وكذلك لاستنباش وإبراز الفروق في شَعَب، ليشعر ((أهل البلد)) بخصوصية كتاب بلدهم، وهذا من أهداف الكتاب، وإلا ما كان هناك حاجة للكتابة عن بلد بعينها. وكثيرة هي الكتب التي كتبت عن العرس الفلسطيني، وأعترف أن التالي لن يكون موسوعياً، (ولا أريده كذلك؛ ولو كنت أردته كذلك لجمعت من الكتب ما لا تحويه ذاكرة إنسان). ولكني أردت أن يمشي القارئ في عرس في شَعَب مع من كانوا يشاركون في العرس، لا أن يقرأ عن أعراس لا علاقة له بها. وعندما تقرأ –عزيزي القارئ- الأسماء ستدرك ما أقول.
1- فيما يخص العروس(1)
س- لنتكلم في البداية عن العروس، والعادات التي ترافق زفافها..
ج- قبل العرس تسهر البنت في بيت أهلها، وتحضر رفيقاتها ويغنّين لها أغاني خاصة، مثل: رفيّقتي رفيّقة الدلالِ..
ثم يعزمونها إلى بيت خالها، ويغنون لها أكثر من أغنية، ويحنّونها في بيت خالها بالذات.. وإن لم يكن عندها خال، يمكن أن يستعاض عنه ببيت صديقة لها أو أختها أو خالتها مثلاً.
س- لماذا يختارون منزل الخال وليس العم مثلاً؟
ج- لا أحد أولى من خالها إذا كان موجوداً.. وفي اليوم التالي، تتم الصمدة في بيت خالها أيضاً، حتى المساء..
س- هل من علاقة لتحرّيها (أي عدم سماح قريب لها بزواجها من غيره) باختيار منزل الخال أو العم؟
ج- الذي يتحرّاها هو ابن عمها، وإذا تعارض التحرّي بين ابن العم وابن الخال، فإن ابن العم هو الأحق.
س- يعني خالها يحق له أن يعزمها عنده فقط؟
ج- يعزمها عنده بليلة الحنّة. ويصمدونها كل النهار التالي في منزله. وفي السهرة تكون هي فقط من دون أهلها، ولكنها ((سهرة نسوان))، وليس فقط رفيقاتها، فمن تريد من النسوة أن تغني لها يمكنها ذلك، ويسمون هذا الغناء ((الترويد))، وليس الأغاني. مثل:
يا رويدتنا يا فلانة
يا رويدتنا يا هِي
تضلي بحارتنا يا فلانة
تضلي بحارتنا يا هِي
ويعدّون عليها مقاطع عديدة أخرى. ويغنّون أيضاً أغنية (رفيّقتي)، ومنها:
رفيّقتي رفيّقتي الدلالِ
رفيّقتي رفيّقتي الدلالِ
رفيّقتي ولما عزموها
تقول للبدر حيّد عن قبالي
وأغنية (مساة الخير)، ومنها:
مساة (مساء) الخير يا فول المقمع
مساة (مساء) الخير يا فول المقمع
والكحل لايقة والخد يلمع
والكحل لايقة والخد يلمع
لَفَتْ خيلنا عَ دار أبوك
لفت خيلنا عَ دار أبوك
تسع أيام تا أهلك عطوك
تسع أيام تا أهلك عطوك
تسع أيام تا صبوا القهيوي (القهوة)
تسع أيام تا صفّوا الكراسي
.. (وهكذا)
س- ما العبرة في كلمة ((فول المقمع))؟
ج- كان مشهوراً ((صف الحكي)) كيفما اتفق، ولكن الفول يكون مرتباً نظيفاً بدون ((شروش أو قشور)) بعد تقميعه. وهو نوع من الغزل في المناطق الزراعية.(قيمة جمالية في البيئة الزراعية).
س- ومتى يأتي العريس؟
ج- يأتي أهل العريس إلى دار خال العروس ليأخذوها، عندها يغنّون لأهل العروس، على لحن (الأويها):
ظليت أدوّر على الاِجْواد تَنَاسبهم
حتى رماني الهوى على مصاطبهم
وأنا اْن جابولي عشرة جمال تحمّلهم
خمسة قرنفل وخمسة من قهيوتهم
قومي معي يا بنت الكرام قومي
يا زعفرة مْبرمكة يا زهر لموني
ولـْ ميمتك إطلعي ولخالتك كوني
يا وردة فتّحت بشهر كانونِ
وهذه الأغاني تعتبر تكريماً للعروس حتى تقوم وتذهب معهم، ومنها:
وقومي معايي وراكي سند
وراكي حمولة بتعمّر بلد
وراكي أبو فلان وسُرِبْتُه (مجموعته)
وما أحلى ديّاته (يديه) لعدّ الذهب
ويخاطبون خال العروس وأهلها بالتالي:
يا بيّ فلان وعز الرمح بين إيديك
إحنا نسايبك واحنا التزمنا ليك
وإن ردت غربلنا..
ويعزمون العروس إلى دار خالها فتقوم معهم، عندها يغنون لخالها، ومما يقولونه:
آييها قمح قصري
وآييها شعير قايس
آييها يسلّمك يا أبو فلان
آييها يا عزّام العرايس
والقمح في بلادنا له عدة أسماء: قمح قصري، قمح زرّيعة، قمح نورسي، وهي عدة انواع بموسم واحد.
وعند خالها تكون ليلة الحنة، فيحنونها ويغنون لها:
دبّل عيونو ومدّ إيدو يحنّونُو
خصره رقيّق وبالمنديلِ لفّونو..
(ويعدون عليها عدة مقاطع) (2).
وتنام العروس بعد ليلة الحنّة عند خالها، وعند الصباح يحممونها ويبرزونها (يزينوها بزينة العروس) ويصمدونها في بيت خالها.
س- ألا يغنون لها أغاني خاصة بالحمام والبَرزة والصَّمدة؟
ج- نعم، في بيت خالها، يغنون لها أغاني الحمام، ومنها:
يا محمِّمِة حمِّميها
بشويش لا توجّعيها
ريت العدل (الوجع) لديّاتك (لِيديْك)
تطلع حبيبتي (العروس) سليمة
شعرك سباني سباني
على الوسايد رماني
لـَ سايلِ امّ الشعور (لأسألها أين تنام)
وألحقها على المنامِ
أما البرزة، فقد كان لها أغان عديدة، منها:
لبستك الألوان وقطعتك الوادي
واصطادها يا عريس لو كنت صيادي
ويعدون على هذه اللازمة عدة مقاطع حسب الألوان الموجودة (الأصل أن تكون حسب الألوان التي تلبسها العروس).
وقد درجت في البلد مقاولة (حوار زجلي) بين السمراء والبيضاء عند البَرزة.
س- ذكرت لنا الألوان، فما هي الألوان والعدة المستعملة للعرس، وكيف يتم تحضيرها؟
ج- كانت تستخدم العروس عدة ألوان، بدلة بيضا وبدلة زهر وبدلة زرقاء، تبدلهم ما بين ليلة الحنة والخروج إلى بيت العريس.. وقد تستخدم واحدة أو اثنتين أو ثلاثة، حسب القدرة المادية.
كان كل أهل البلد يشترون من محل واحد في عكا، كانوا يقصّون القماش والجهاز من محل كامل أحمد سليمان الخطيب. كان ينزل أهل البلد فيشترون من عنده كل شيء في بقجة واحدة.(3)
هذه البقجة خاصة لهذه المناسبة، يحضرها كامل الخطيب في محله، وتضم كل العدة من الحنة حتى البدلة.. وعندما يعودون إلى البلد يبدأ عمل الخياطات.
س- وماذا كانت العروس تحضر من عكا؟
ج- كانت العروس تحضر من عكا البدلة، الطرحة، الإكليل، الحنة، الريحة، الشمع، الكحل، حومرة (أحمر الشفاه)، بودرة، كريم، دبابيس عادي وللشعر، زيت للشعر، أما الصابون فمن أهلها ومن العريس، مناديل، حطّات، قمطات (كانت نساء البلد تلبس القمطة فوق الحطة وليس تحتها، لم تلبس نساء البلد إيشاربات بل حطات حرير مسنسلة).
أما الثياب الجديدة، فيتم تطريزها في البلد، كالثياب الداخلية مثلاً، توزعها العروس على رفيقاتها ليقمن بخياطتها وتطريزها، والجيل الذي سبق جيل النكبة كانوا يطرّزون مثل الثياب التي نراها في الحفلات التراثية، أما الجيل الذي خرج من فلسطين فلم يطرز هذا النوع.
أما البدلات الثقيلة (الثياب المهمة) فتُرسل إلى الخياطات، وأشهر خياطات العرايس في البلد كانت زهرة الطيار (توفيت سنة 2002).
ولم يكن في البلد خياطون للرجال، فكان الرجل إذا أراد أن يفصّل بدلة ينزل إلى خياط في عكا. أما الخياطة الرجالية الخفيفة فكانت الزوجات تقوم بها.
س- من يُلبّس العروس للبَرزة؟ أمها أم زوجة خالها؟
ج- لا، كان هناك امرأة متخصصة بذلك، ففي بلدنا كانت هناك أم رفعت منصور (نجيّة العبد)، كانت تبرز كل بنات البلد، ولم تكن في سنة 1948 كبيرة السن، بل صبية، ولكنها كانت مرتَّبة ولبقة ومذوقة، وكان ترتيبها يعجب أهل البلد، وقد توفيت في لبنان سنة 1998. وكانت تساعدها زليخة الحاج أحمد، توفيت بعد النكبة بقليل.
س- وماذا عن الأغاني أثناء البَرزة؟
ج- كانوا يغنّون على وزن (آويها)، ومما كانوا يغنون:
الطول طول القنا والعنق مايل ميل
والخصر من رقّتُه هدّ القوى والحيل
ويا صايمات الضحى يا مفطرات الليل
ردّوا عليّ غزالي ما بقالي حيل
فتقول أم العريس:
أنا هالغزال غزالي
أنا شريته بمالي
شو عَ بال الناس منُّه
إن كان رخيص ولاّ غالي
قالوا غزالك زْغيّر قلت شو مالُه
صندوق صدره ذهب لو ضاعت قفالُه
والله لآخذُه واصبر على حالُه
وأقيم من مال أبوي وأحطّ على ماله
أما الصبايا من رفيقاتها فيغنّين لها (أويها):
شعرك قصاقيص الذهب يِنزان (يوزن) بالميزان
ما بين شعرة وشعرة منبت الريحان
لـَ زين ثقلك ذهب لـَ زين ثقلك مال
لـَ زين ثقلك ذهب تـَ يِرْجح القبّان
أظافيرك الحمر بالحنة صبغتيهن
وزنودك البيض ما طلع الشعر فيهن
وخدودك الحمر شبه الورد هاويهن
وعيونك السود عمْ يتماثلوا فيهن
س- من كان يؤلف من أهل البلد هذه الأغاني التي تغنونها؟
ج- لم يكن هناك شخص واحد محدد يؤلف الأغاني، ولكنها تأتي بالاحتكاك والتراكم. فمثلاً، يمكن أن تقول إحدى الحضور (آويها) جديدة، كنا نحفظها ونرددها في الأعراس التالية. ويمكن لو أحضرنا عروساً من بلد ثانية (مثل ميعار أو البروة أو الدامون..)، كان من يأتي من تلك القرى هم أهل العروس وأقاربها ومن يبيّض الوجه من المغنين والدبّيكة، فيأتون بأجمل الأغاني عندهم، وأثناء العرس كنا نقول ما عندنا ويقولون ما عندهم، فنحفظ منهم ويحفظون منا، كذلك الأمر إذا جاء أهل عريس ليأخذوا عروساً من بلدنا.
مثل المقاوَلة التي أخبرتك عنها (بين السمراء والبيضاء)، كانت تقولها طَليبة (وهي من سحماتا، كانت زوجة أحمد محمد طه الخطيب في البلد)، وقد تقاولْتُ معها، فقلت لها:
إحنا السمر إحنا علبة العطّار
وكل شبٍّ تعلق بهوانا طار
وهات اللبن والعسل تنكشف الأسعار
ولحسة من العسل تسوى من اللبن قنطار
فتقول هي:
إحنا البيض إحنا الخوخ بعنوقوا (أعناقه)
وتقول أيضاً:
يا ماخذ البيض خرخش بالذهب خرخش
واصبر على البيض تينوّر المشمش
واصبر على البيض تَيحمرّ خديهن
طلت نجمة الصبح من بين عينيهن
وتقول عن الطول:
إحنا الطوال وإحنا طولنا غيّه
وكل الأمارة بتقصد طولنا فَيّه
وقول للقصير، يا كلبة سلاقية
تجرّ المصارين عَ سوق الاسكافية
وتظل النساء والرفيقات يغنين لها، إلى أن يحين وقت خروجها. وبالمناسبة لم تكن المقاوَلة تقتصر على القوالين، ففي كثير من الأحيان، يستطيع دقيق الملاحظة أن يدرك الخلافات بين الأقارب، كأن تكون عمة العريس على خلاف مع أمه، فإن من الممكن أن يظهر الخلاف في الأغاني، والغريب أن جميع نساء العائلة كنّ يقمن بواجب الغناء للعروس، ولكن كان ((كل يغني على ليلاه)) في بعض الأحيان، ويظهر ((التزريك والتلطيش)) في الغناء، كأن تمدح إحداهن العروس بما ليس فيها للفت النظر، أو أن تغني إحداهن لابنها الذي تراه أحق من العريس بهذه العروس، وهكذا.. إلا أن ذلك لم يكن حالة عامة، إنما كان في حالات خاصة وشاذّة.
وبعد العصر، يأتي أهل العريس لأخذ العروس إلى بيت أهلها لتودعهم وينقّطوها، ثم يأخذوها إلى بيت العريس.
في بيت خالها يغنون له:
يا بيّ فلان كَثّر الترحيبة
إحنا ضيوفك من بلاد بعيدة
واحنا الإمارة دُوبْنا لفينا
من باب مكة للحرم صلينا
يا بيّ فلان يا ابن السنجق العالي
يا رُزّ حيفا وكل الناس تكتالِ
قهوتك البن والسكر مباريها
عوايد، أبوك من قبلك مجرّيها
ثم يغنون للعروس، وهي أغان مكررة من مرحلة سابقة (أي عندما يأخذونها من بيت أهلها إلى بيت خالها):
قومي معي يا بنت الكرام قومي
يا زعفرة مْبرمكة يا زهر لموني
ولـْ ميمتك إطلعي ولخالتك كوني
يا وردة فتّحت بشهر كانونِ
وهذه الأغاني تعتبر تكريماً للعروس حتى تقوم وتذهب معهم، ومنها:
وقومي معايي وراكي سند
وراكي حمولة بتعمّر بلد
وراكي أبو فلان وسُرِبْتُه (مجموعته)
وما أحلى ديّاته (يديه) لعدّ الذهب
ثم ينقطها خالها، ويأخذها إلى خارج البيت، ثم إلى بيت أهلها. وعند الوصول إلى بيت أهلها تبدأ الأغاني لها ولأهلها:
يا بنت فلان يا بنت من حشم
بتستاهلي العبيد والمملوك والخدم
بتستاهلي الصايغ يصغلك خواتمك
من نُص حيفا على قد خناصرك
وعند خروجها يغنون وراءها:
يخلف على خال العروس
راعي الشرف راعي الناموس
عروستنا ملاّ عروس
حطّينا فيدها فلوس
عروستنا يا ام الحلق
قبّضنا فيدها ورق
عروستنا يا ام الكردان
قبضنا فيدها ذهبان
ويمسكون بالدبكة عند أهل العروس:
حولونا حولونا نسايب لا تزعلونا
عادتنا نلبس مقاصب عادتنا نشلح مقاصب
عادتنا نناسب مناصب بالكرم ما يغلبونا
عادتنا نلبس مخامل عادتنا نشلح مخامل
عادتنا نناسب حمايل بالكرم ما يغلبونا
دار أبو العروس ويا ركّة على ركّة
يللي حرثتي على قلوب العدا بسكّة
هجمت عليكي الأعادي تا يصيدوكي
فشْرت لِحاهم ولا غدوا يطولوكي
وعند أخذها من بيت أهلها يغنون:
يخلف عليكو وكثّر الله خيركو
ولا عجبنا من النسايب غيركو
وإذا تأخرت العروس في الخروج من بيت أهلها، يغنون لها أغنية ذات لحن خاص، وليست تابعة للازمة (أويها):
كلينا واحنا واقفين
والصبر على الله الكريم
يا أبوها وصلت حدّها
ربع المجيدة خدها
سبع البراري بيّها
ويغنون للعروس أيضاً في هذه الحالة (التأخر):
قومي يا عروس قومي تمامك عادْ
شعرك ربايط سعد رابي عَ جنب الوادْ
قومي يا عروس قومي تمامك بس
شعرك ربايط سعد رابي عَ جنب البص (الماء)
قومي اركبي يا غزالي بيضا يا رفيعة
شعرك ربايط سعد رابي عَ الشريعة
ثم يغنون لأبيها ليسمح بأخذها:
سامح يا أبو فلان ومرضاكو عندنا
نرضيك بعبدتنا ونرضيك بعبدنا
نرضيك بشقرا من سلايل خيولنا
ويغني للعروس أهلُها عند خروجها (وهذه اللحظات تكون لأهل العروس لحظات حزن على فراقها، حتى لو كان العريس ابن الجيران، فليست العبرة بالبعد ولكن بالانفصال عن العائلة واسمها)، وهذه الأغنية على لحن (عريسنا زين الشباب):
من طلعتك يا جوهرة
الشمس رجعت لَوَرا
ويغنون على لسان العروس:
يا إمي يا إمي طوّي لي مناديلي
طْلِعِتْ من الدار ما ودعت أنا جيلي
يا إمي يا إمي عبّي لي مخداتي
وطلعت من الدار ما ودّعت خيّاتي
يا أهلي يا أهلي لا يبري لكو ذمة
شو اللي عماكو عن ابن الخال والعمّي
يا أهلي يا أهلي لا يهنى لكو بالِ
شو اللي عماكو عن ابن العمّ والخالِ
كانت تخرج العروس إلى بيت خالها ليلة الحنة ماشية، غير أنه لم يكن في عادات البلد أن تخرج العروس من بيت أهلها مشياً، بل على ظهر الفرس.. وترفع يدها والتي يمسكها أخوها أو أبوها، ويكون ماشياً بجانب الفرس. ويمكن أن تمسك بيدها باقة ورد أو قطعة سلاح، فيقال:
فلانة خرجت رافعة يدها، أي شريفة مكرمة..
كما أنّ العروس تلبس عباءة رجالية وتحمل السلاح (فرد أو شبرية..)، ويغنّون لها:
ركبت عَ ظهر الشقرا (الفرس) أخت الشباب
ركبت عَ ظهر الشقرا بطقم عناب
وهذه الأغنية حُوّرت في الشتات وأصبحت: ركبت بقلب التاكسي..
س- ماذا كانوا يغنون للعروس عند خروجها إلى بيت عريسها؟
ج- كانوا يغنون لها لدى الخروج بها:
صارت لنا ام الحسن صارت لنا
صار الحمام يدرج على ابوابنا
ثم يتبعونها بأغنية ((جبناها)):
جبناها وجينا يا خليلي
جبناها من الدرب الطويلة
جبناها ولا بعنا ذهبنا
ولا أصبحنا من المتدينين (من الدَّيْن)
في هذا الوقت يغني أهل العروس لابنتهم، وخاصة إذا كانت ذاهبة إلى قرية أخرى:
ودّعناكي يا منيحة والدرب منين
لو نعرف ودعناكي قبل بسنتين
ودعناكي ورجعنا الله معنا
رب السما يجمعنا ع درب العين
عندما يبتعدون عن بيت أهل العروس، يبدأ الغناء للعريس، ومما يقولونه:
يا ذكر(ةَ) الله يا خازاك يا إبليس
يا مين يروح يبشر العريس
خدّ العروس أحمر بلا تنقيش
عين العروس كحلا بلا مروادِة
خدّ العروس أبيض بلا سبيداجِ
يا ذكر ألله يا خزى الشيطانِ
يا مين يبشر العرسانِ
هنيّة يا عريس الزين هنيّة
هنيّة بالرواحة والمجيّة
هنيّة للعريس (فلان - اسم العريس) لو جاب عروسته
وعيب عَ شباب العزابيّة
2- الطْليبة وكتب الكتاب (خاص بشعب)
س- مررنا على الزفة والزواج ولكن متى يتم كتب الكتاب؟
ج- يتم كتب الكتاب قبل الزفة بوقت، في بيت أهل العروس، وكان يكتب الكتاب في بلدنا الشيخ رفيق ملك (الشيخ محمد)، كان يأتي من عكا، وهو شَعَبي الأصل، ولكنه كان يكتب الكتابات لعدد من قرى القضاء.
وعندما كان يطلب شاب فتاة، وتتم الموافقة، تبدأ القطيعة بينهما (يتحاربون) ولا يكلمان بعضهما أبداً أوضح البعض الصورة أنهما كانا كالأخوة، وثبتت ((نية)) الشاب بطلبه إياها!، لذلك فلا يحلّ له الكلام معها خارج الزواج لأن في باله شيئاً ما تجاهها (وبظني أن هذا نوع من الجهل، وأعتقد أن السبب الحقيقي للأمر أن العروسين باتا تحت المجهر، ولم يعُد بإمكانهما التظاهر بالبراءة أمام الناس).. هذه هي العادة، والعادات تنشأ بالتراكم، ومن الصعب أن يجيب رأي فرد واحد على أسبابها.
س- كيف تتم الخطبة، يعني إذا بلغ شخص سن الزواج، وبدأ بالتفتيش عن العروس؟
ج- أول الأمر، يذهب أهله لرؤية عروس، ربما استنسبها العريس أو كلمه البعض عنها، فتذهب أم العريس وتكلم أم العروس بالأمر، وتُروى قصص على سبيل النكتة ولم تحدث في بلدنا على الأقل، أن تأخذ أم العريس معها عدة الفحص! (الإبرة وحبة جوز لفحص نظرها وأسنانها)، وهذا ما يتندر به الناس، وربما صدّق البعض أن هذا يحدث، على الأقل في بلدنا وعصرنا لم يحدث. لكن ما يهمّ أهل القرى كان قوة بنية البنت، لأن العمل الذي ينتظرها في بيت زوجها كثير، ويحتاج إلى القوة أكثر من النعومة، ومما يروى من طرائف شباب شَعَب أن أحد أبناء البلد أراد أن يخطب فتاة، فنصحته أمه بأختها لأنها أقوى بُنية منها، فما كان منه إلا أن قال لأمه ((أنا بدي أتزوجها، مش آخذها لأحرث عليها!!)).
ثم تُكلم أمُّ العروس والدَها، فإذا تمت الموافقة الضمنية، يأتي أهل العريس مع (الجاهة)، وهي مجموعة من وجهاء الأقارب والبلد.
وإذا كان أهل العروسين أصدقاء ومعرفة قديمة، يعفون عن طلب الجاهة، وتكلفة العريس الواجب تجاه الجاهة. أما إذا كان أهل العروس يحبون الفخامة، فإنهم يطلبون الجاهة التي هي من أركان وركائز طلب العروس، بل قد يشترط أهل العروس على أهل العريس أن يكون في الجاهة أشخاص معيّنون (ربما بهدف التطعيم بشخصيات مهمة، أو التعجيز، أو التفاخر..).
والجاهة لا تكلف مالاً، بل تتطلب جهداً غير هيّن. وقد يُطلب في الجاهة أناس من خارج البلد، ولكن هذا لم يحدث في بلدنا. والأمر كله في النهاية مظاهر ومن باب الإعلام والإعلان.
ويتمّ طلب العروس من قبل رئيس الوفد (الجاهة)، فيقول والد العروس: أعطيتك، فيجيب والد العريس: وأنا أجزيتك (أجزلتك) العطاء، ثم يذكرون قيمة المهر (يتفق عليه عادة قبل حضور الجاهة). وقد وصلت قيمة مهر العروس (الفيد) في أواخر السنوات التي سبقت النكبة إلى 600 ليرة فلسطينية (وهو مبلغ نادر لم يحصل عليه سوى عدد قليل). وقد يكون هناك مؤخر الصداق، وقد لا يكون، ومنهم من لا يجد مالاً فيكتب في المهر قطعة أرض أو عدة شجرات..
وبعد الموافقة توزع الحلوى على الحاضرين، وتتفرق الجاهة بعد جلسة الطلب التي تكون على شكل سهرة في بيت والد العروس.
عندما تدار القهوة على الحاضرين، لا يشربها أحد من الجاهة إلا إذا لبّي طلبهم، وعندما يلبى الطلب يشربون القهوة، ولا يشربونها إذا لم يلبّ طلبهم.
س- ماذا عن المهر (الفيد) وقيمته؟
ج- في العادة تَدْرُج أسعار، وتُعمّم على أهل البلد، فتجد جيلاً من العرائس كان مهرها 300 ليرة فلسطينية. والجيل الذي تلاه كان المهر فيه 460 ليرة فلسطينية (حوالي سنة 1947).
ثم تلاهم مهر بنت المختار الشيخ أمين حمزة، خطبوها لمحمد عبد منصور. فبعد أن أعطى، قالوا له أجزيناك العطاء بـ 400 ليرة فلسطينية، فاجأهم بطلب 600 ليرة، فارتبكت الجاهة وتمت الموافقة على مضض.. وقد أثار الأمر بلبلة بين أهل البلد (حيث إن تعميم قيمة جديدة للمهر يضرّ بالعرسان اللاحقين، ويثير غيرة العرائس السابقات).. وكان ذلك سنة 1948.
س- هل كانت هذه آخر عروس في البلد؟
ج- نعم اسمها صفية الأمين، وبقيت في البلد بعد النكبة، وكانت آخر بنت خطبت في البلد، غير أن هذه الخطبة لم تُكلل بالزواج.
وقد خرج من البلد حوالي عشرين بنتاً مخطوبة أو مكتوب كتابها ومسلّمة المهر، أما من تزوج عام 1948 في فلسطين، فهنّ: عصرية (زوجة محمد عبد منصور)، صفية العبد (زوجة أحمد كامل الخطيب - أبو كامل). وكان مهر كلّ منهما 600 ليرة فلسطينية، وفاطمة الكامل (زوجة سعيد عبد الجليل).
س- من أول من تزوّج من أهل البلد بعد النكبة؟
ج- كل من خرج خاطباً من فلسطين، تزوج بعد النكبة بصمت، بدون الزفة أو الهيصة التي ذكرناها، وكانوا كأنهم في حداد، فكان زواجهم في الخيم سنة 1949..
لقد كان لهول التهجير ضغط غير طبيعي على المهجرين، فلم تشهد السنوات التالية للنكبة أعراساً فلسطينية كالتي كانت تحدث في البلد. علماً أن حوالي عشرين شاباً من أهل القرية كانوا على أهبة الزواج، منهم من كان خاطباً ومنهم من كان كاتباً كتابه.
وممن كان خاطباً من أهل البلد:
منيرة الموسى (أبو عرب) – صبحي سليمان أبو الهيجا
آمنة الأسعد – طه الخطيب
نجمة السعيد – رشيد مطلق
حاجي علي الموسى الأسدي – عمر أبو دياب (عبد الرحيم الزمار)
عائشة علي حسين – أحمد محمد حسين
نجمة سليم السيلة (أبو عرب) – محمد موسى أبو عرب
أمينة أحمد عبد الحليم (حسين شحادة) – عمر محمد عبد الحليم (حسين شحادة)
أمينة أحمد الحاج (طافش) – أحمد الحاج طافش
عفيفة حسين الميعاري – إبراهيم حسن الميعاري
ولكل خاطب أو متزوج من أهل البلد قصة طريفة أو أليمة تروى في المجالس، رأينا أن نحتفظ بخصوصيتها لأصحابها رغم أن طرافتها تغري في بعض الأحيان الكاتب إلى تناولها.
3- العرس عند الرجال
بعد الاطلاع على ما كتب في التراث، وخاصة قصص القرى، يلاحظ أن هذه الكتب تناولت احتفالات الرجال ولم تتناول بالتفصيل احتفالات النساء.
ويعود ذلك –بتقديري- لأمر أساسي، وهو أن احتفالات الرجال كانت عامة بين الناس، ويشهدها الجميع. وبصيغة أخرى كانت هي القسم المعلن من الأعراس، والمشترك بين الجنسين، وهو الذي يعطي للمراقب طابع القرية ويعبر عنها. أما احتفال النساء فكان مخبأً، الأمر الذي يجعل عرض حفلات الرجال أسهل.
لذلك آثرنا في الكتاب أن نعرض لحفلات النساء بالتفصيل، فيما نعتمد على اختصار حفل الرجال التي فصّلتْها الكتب الأخرى، كما سيأتي.
ولقد شهدتُ هذا العرس بتفاصيله في مخيم برج الشمالي، وحرصت على تسجيله ومقارنته بأعراس فلسطين، حيث ما زالت بعض العائلات الفلسطينية تحافظ على هذا التقليد، كما أني شهدته أيضاً على شريط فيديو وصل إلينا من فلسطين بعد الاجتياح الصهيوني للبنان، وكان العرس لقريبنا الأستاذ في جامعة حيفا – كلية العلوم الاجتماعية نهاد صلاح حسين.
تتابع الحاجة أم هاني(4).
س- ماذا يقابل طلب العروس عند الرجال؟
ج- في الوقت الذي تكون فيه العروس قيد التحضير، تجري زفة العريس في شوارع البلد والبيدر، على أن هذه الزفة قد تطول وتقصر حسب مكانة والد صاحب المناسبة وكرمه، فمنهم من تبدأ أفراحه قبل يوم ومنهم من تبدأ قبل أسبوع، وقد يحدث أن تطول أكثر..
تأتي (الفاردة) لإحضار العروس من بيت أهلها، في هذا الوقت يغنون لها ولأهلها (راجع في الصفحات السابقة حول عرس النسوان).
س- متى يتم حلق الشعر والرقص بالطقم؟
ج- (فاتتنا هاي!)، قبل الزفة يؤخذ العريس إلى بيت أحد أصدقائه، وتتم هناك هذه العادات والتقاليد.
1- فيحلقون له شعره ويزينونه و(يهندسونه! قبل أن يهندموه)، ويغنون له:
احلق يا حلاق وتمهل عليه تاييجوا صحابه يطوفوا حواليه
احلق يا حلاق بموس الفضة تمهّل يا حلاق زعلان تيرضى
احلق يا حلاق بموس الذهب واحلق للعريس يا شيخ العرب
2- وبعد حلق الشعر يتم اغتسال العريس، وفي هذا الوقت تغني أمه والجيران والأخوات في الخارج، ويتناوبن على السدر (الطبق) الذي وضع عليه طقم العريس، ويرقصن به ويتمايلن الواحدة تلو الأخرى وهنّ يغنين:
هاتوا لنا هالعريس تنشوف حالاتو
هاتولنا هالعريس تنشوف زيناتو
3- ثم يرسل الطقم للعريس بعد انتهائه من الحمام، ويدعى إلى الزفة بالأغاني، وتغني النساء:
بالهنا يا أم الهنا يا هنية
نزّلوا العريس عالفيصلية
بالطبول والزمور القوية
ثم تبدأ الزفة..
س- الغريب أن كل القرى تقريباً متفقة على أن الزفة تتم على البيدر، هل هذا ما كان يحدث في شَعَب؟
ج- نعم، لأن البيدر يكون بمثابة ساحة لكل البلد، وغير محسوب على حارة واحدة، ويتجمع فيه كل أهالي البلد من كل الحواري (الشرقية والغربية والشمالية والنصارى)..
يتجه أهل البلد من بيت العريس إلى البيدر، وقد يستضيف العريسَ أحدُ البيوت القريبة من البيدر، مثل بيت الحاج حسين فاعور في شَعَب الذي استضاف أكثر من عريس، منهم سعيد محمد علي لدى زفافه إلى فاطمة ياسين فاعور. وفي البيدر تبدأ مراسم الزفة، حيث كان في شَعَب يسير الناس بصورة منتظمة، الرجال قبل الفرس والنساء بعدها، والأطفال منتشرون..
س- وهل كان يُزفّ العريس على الفرس؟
ج- نعم، وكان يتم تزيين الفرس بثلاثة ألوان فوق بعضها من أقمشة المخمل، وفيها شراشيب أشبه بشراشيب الستائر المنزلية في أيامنا.
وكان أثناء سير الزفة إلى البيدر ومنه إلى بيت خال العروس، يغني الحدّا (الحادي) محمد خليل، ولا يغيب بالطبع دور العازفين هنا، فقد كان يتقن العزف على الشُبّابة من القرية عبد الله الحفيظ وشكري أبو علي فيما كان سيد العزف على المجوز علي الحاج حسن، وكانوا كلما مروا على بيت من بيوت القرية يغنون لصاحبها، وتقوم نساء هذا البيت بِرشّ الملبّس على أفراد الزفة، ويخرج من بعض هذه البيوت من يوزع القهوة على الناس، ويغني له الناس ولقهوته.
س- ومتى تقام حلقات الدبكة والسحجة؟
وعند الوصول إلى البيدر، تُعقد حلقات الدبكة والسحجة بالإضافة إلى سبق الخيل، وقد يتحدى الشباب برفع العَمْدة. ولأهل شَعَب تراث في السحجة ما زال حتى يومنا هذا يطبق، حيث يقوم كبار القرية وصغارها في حلقات العرس الحديثة ويبدأون في السحجة على أنغام وأغاني بهاء حسون (ابن الشاعر يوسف حسون).
والسحجة من عادات فلسطين إلا أن شَعَب اشتهرت بها بعد النكبة أكثر من القرى الأخرى، وذلك كما ذكرنا لوجود الشاعر يوسف حسون، ووفاء من أهل البلد لما تركه من تراث، وكانت تم كالتالي:
يقف في صف واحد طويل عدد كبير من الشبان والرجال، ويبدأ الحداء بترديد أغنيتها، التي هي في الأصل كناية عن العونة والشرف، فيقول ((يا حلالي ويا مالي))، ويردد الجميع هذه اللازمة بعده، مترافقة مع تصفيق خاص وسير بطيء، إنه أشبه بدبكة الكفوف وليس الأرجل. ويقول الشاعر:
بحيّي الرجال بحييها من أولها لتاليها
شَعَب ألله محييها مِثْلا ما شفت بلدان
ويتابع الجميع خلفه مع التصفيق على نغمة خاصة: يا حلالي ويا مالي.
وهناك الكثير من الأغاني، سنعود إليها في فصل لاحق.
وفي الزفة تطلق معظم هذه الأغاني، بالإضافة إلى المهاهاة والزغاريد، التي تطلقها النساء بين الحين والآخر.
وعندها تخرج الزفة من البيدر إلى بيت خال العروس، حيث يتم اصطحابها إلى بيت أهلها، وهناك تودع أهلها وينقّطونها، ويجلونها ثم يذهبون بها إلى بيت العريس. (راجع هذا في الفصل السابق بدقة في الحديث عن القسم النسائي من العرس)..
وقبل وصول العروس إلى بيت العريس، تكون النساء من الأقارب قد أدخلن كسوة العروس إلى بيتها، وسط الأغاني والزغاريد:
حمّل الزين يا زين حمل الزين وشال
حمّلوا جهازك يا حلوة حمّل أربع جمال
..
وتدخل العروس إلى البيت (أشرنا في السابق وكيف يتم استقبال العروس في بيت عريسها).
س- وكيف يستقبل أهلُ العريس العروسَ في بيتها؟
ج- تكون أم العريس قد جهزت الخميرة وإبريق ماء. فتلصق العروس الخميرة على باب الدار، وتحمل إبريق الماء على رأسها وترش الماء من العتبة إلى المرتبة. والعبرة من إبريق الماء، أن الماء خير، وأن قدوم العروس إلى بيت عريسها خير.
س- ومتى يأتي العريس؟
تجلس العروس في بيت العريس، وفي هذا الوقت لا يكون العريس موجوداً، وعندما يأتي العريس من الزفة الخاصة به، يؤذّنون على رأسه ويدخل البيت فيكشف المنديل عن وجهها (ويرفع الطرحة عن رأسها)، ويجلس قربها وتبدأ الصمدة من جديد في بيت العريس بوجود الناس والأغاني الخاصة التي ذكرناها.
وتستمر النسوة بالأغاني إلى أن يحين وقت الدخلة، فيتفرق الناس بعد نيل حظهم من الفرحة والقيام بالواجب. وفي صباح اليوم التالي، يُحضر الأهل أطايب الطعام وأزكاها وأكثرها تغذية للعروسين..
س- وماذا عن الصباحية؟
ج- اشتُهرت عادةٌ على سبيل المزاح بين الشباب، مثل ((العلامة على نجاحه)) في تلك الليلة، أن ما يرسل من طعام للعروسين، يخصصان به. فإذا ((تيسّر)) أمر الزواج في تلك الليلة، فإنهم يحضرون له ((القص)) من الذبيحة، وأما إذا لم تتم الأمور فإن الطعام يرسل من دون ((القص)).
وبعد أسبوع يُعزم العريس وزوجته إلى بيت أهلها في عادة تسمى (ردة الرِجل).
4- أغاني العرس
كثيرة هي الأغاني التي تجود بها حناجر الرجال والنساء في الأعراس، وقد درجت مؤخراً ظاهرة تجديد هذه الأغاني وبات الجيل الجديد يحفظ معظمها، وكانت يتم تطويل الأغاني بتغيير كلمة أو كلمتين من المقطع أكثر من مرة، وسنشير في نهاية كل مقطع إلى الكلمات التي تستبدل ونضيف إليها مثلاً واحداً مما يحل مكانها، فإذا كتبنا (أمه = أخته) فإن هذا يعني أن الكلمة تستبدل بأخته أو خالته أو عمته أو جيرانه وهكذا، الأمر الذي قد يغير أحياناً بقافية الأغنية، كما سنستبدل اسم العريس بكلمة (عريس)، كما أن القارئ سيجد في طيّ ما سبق بعض ما سنذكره هنا، ومن هذه الأغاني:
1- واحنا ناوينا ع الفرح يا ناس صلوا ع النبي
جبنا البدلات وعشرة من عند تاجر مغربي
مَدْري لعرسك يا عريس والاّ لزوار النبي
2- تستاهلي يا امّ العريس الفرح
تستاهلي كبش الغنم ينذبح
تستاهلي الذبّاح على بابكِ
ويظلوا يذبح تا يلوح الصباح
(الذباح= الدباك وغيره..).
3- يا تمر حنة يا عرق القمح
وتقول إمه يا قليبي انشرح
قولوا لأمه تفرح وتتهنى
ترش الوسايد بالعطر والحنة
(إمه= أخته، عرق البلح= عرق الشجر).
4- من وين اجيب الحنة يا عريس يا أمير
والعروس من عنا والحنة من الخليل
(الخليل= يتم تعداد البلدان الفلسطينية والعربية)
5- يا هالحبايب، ودايم فرحكو دايم
حسّ الزغاريد أقلقتني وأنا نايم
(دايم الثانية= دغشة، وأنا نايم= من الفرشة)
أغاني الحمام
6- آه يا شراب رمان يا عريس بالحمام
بعثتللو البدلة والصانع والخدام
(البدلة= الريحة..)
7- حمموا الغالي بالرِّواء العالي
عدوة إمه تقول يا غلب حالي
يا ريت مِن دعت عليك يا روحي
تبلى بحربة في مرد اللوحِ
(يا روحي= يا غالي، مرد اللوح= سقم الحالِ).
أغاني الدبكة
8- بدينا نقول باسم الله بدينا
صلوا ع النبي يا حاضرينا
صلوا ع النبي وزيدوا صلاته
صلاته تشرح القلب الحزين
9- جينا افراحكو يا احباب جينا
وما احلى فرحكو يا الغاليينا
(يا احباب جينا= يا دار عمي، يا الغاليينا= أرقص واغني)
10- هذه الردة تتحدث عن المنافسة بين فريقين على عروس واحدة:
طلّت خيلنا من قاع وادي
راحت خيلنا تلاقي الأجواد
راحت خيلنا وإجت مبرشمة
راحت خيلهم رجعت مْفشّلة
شربت خيلنا ميّة زلال
شربت خيلهم تالي العكاري
علقت خيلنا روس الصلايب
علقت خيلهم تالي الطرايب
11- عن استقبال الضيوف والذبح:
وضيوف جاتنا ومدري مين لاقاها
قام أبو العريس هبوب الريح لاقاها
إيدو تسلم والأخرى تشوح للراعي
هات الجفاري وخللي إمّات (أمهات) الصغار
يا أم العريس روجي بالعشا روجي
ساوي المطبّق ملبّق عشا الأجواد
12- في مدح أصحاب الفرح وشبابهم، والجنينة هنا رمز لعائلة صاحب الفرح وشبابها.
فيكي وفيكي يا جنينة دار الشيخ
فيكي وفيكي يا ميمتي يمّا
يتخطّم فيك هالشيخ أبو العريس
يتخطّم فيكي يا ميمتي يمّا
(فيكي وفيكي= فيكي زيتوني أو تيني)
13- وجيت أصبر ولا جاني جلادِه
ولا من احبابنا نلنا المرادِ
ولا قرش الزغل مثل الجهادي
ولا طير الجلب مثل المربى
ولا ابن البلد عنو مخبى
14- غزل رقيق يشير إلى جمال الحبيب وفراقه:
يا نجمة المصباح
كان لك زمان وراح
يا زين بالله احكيلي
سكران والاّ صاحي
15- أغنية طويلة عن سفر الأحباب:
آه يا ريم الغزلان
يللي ع السفر نويتْ
يللي ع السفر عمّدْ
صلوا على محمد
يوم قالولي عمّد
صبغت تيابي وحديت
أغاني الزفة على البيدر:
16- عددوا المهرة وشدوا عليها
تا ييجي العريس ويركب عليها
قلتللو يا عريس يا ابن الكرام
عيرني سيفك ليوم الكيوان
وسيفي محلوف عليه ما بعيره
جايي مسقّط من بلاد اليماني
(شدوا عليها= جيبو عباتُه أو عقالُه..)
17- بالهنا يا امّ الهنا يا بوادي
وِالْتَوت عيني ع بيض الجياد
والتوت عيني ع العريس بالأول
لأنه أحلى من تمر الفؤاد
18- ودّوا ورا أولاد عمُّه يجيبولو
بالطبول وبالزمور يلعبولو
بالخيول المبرشمة يطاردولو
بعد العودة من البيدر يدخلون البلد ويبدأون بالغناء لأصحاب البيوت التي يمرون قربها (راجع التفاصيل سابقاً).
وبيّ فلان أول من نبدي
الله يجيرك من ليالي الشدِّه
وبي فلان هالعريس نَزيلك
ذرّ القهيوي بطرف منديلك
(نزيلك= بساحتك أو بدارك أو عريسك..، منديلك= عباتك أو زنارك أو قميصك).
19- هوجي وموجي يا الفرس
واصحي لا تْدبّينَه يا الفرس
غالي ع محبينه يا الفرس
اصمدي بالخيمة يا الفرس
غالي على الميمة يا الفرس
(الخيمة= الفيّة أو لحاله، الميمة= الخيّ أو خاله).
20- اركب ويا عريس وعلّي ركبتك
يا ضمّة الريحان تزين سُربتك
وإن كان يا عريس تريد ام الكردان
لانصب لك الرايات على مدخل بيسان
(ام الكردان= ام المنديل أو ام الذهب، مدخل بيسان= جبال الخليل أو مدخل شَعَب وأصلها قلعة حلب).
21-ويش هالعريس الطايف ابن الدلال والعادة
قاعد على المخدة وإجرو على السجادة
يا بيّو قوم وافتحلوا جايب معه القلادة
(العادة= الغيّة، السجادة= الخديدية).
22- ويش هالعريس اللي تقولوا عنو
يا خلقة الرحمن قالوا عنو
والله لالحقه على حمامه
أضحك عليه وآخذ بدلته منو
(حمامه= منامه)
23- يا بيّ العريس يا لبيب السيف
الله يجيرك يا محيي الضيف
(لبيب السيف= وردة جورية أو وردة بمزرعة أو لبيب الخاتم، يا محيي الضيف= يا صاحب االناموس والكبرية أو للضيف دوم مشرعة أو يا محيي الحاكم)
24- عند الوصول إلى البيت لينزل العريس عن الفرس:
يا هاالعريس الْ راكب بدك تنزل
خيل الأعادي قاصدة للمنزل
يا طالعة من عقبات الريحاني
وقفوا للعريس مهرته تعبانِة
وقفوا لَـ بيّو تا يمدّ سفرتُه
يا سفرتُه ما مدها سلطانِ
25- المقطع السابق عند نزول العريس عن الفرس وقبيل غداء الناس، والآن إلى غداء الناس:
يا مين يغدّي هالصبايا علب
بصحون فضة والمعالق ذهب
يا مين يغذي هالصبايا إوز
بصحون فضة والمعالق ألماز
26- وعند الوصول إلى بيت أهل العروس لأخذها:
يا بيّ العروس كثر الترحيبِة
إحنا ضيوفك من بلاد بعيدة
إحنا الأمارة دوبنا لفينا
من باب مكة للحرم صلينا
27- ولحظة الخروج مع العروس من بيت أهلها:
يخلف عليكو وكثر الله خيركو
ولا عجبنا بالنسايب غيركو
صارت لنا ام الحسن صارت لِنا
صار الحمام يدرج على ابوابنا
يا ذكرة الله يا خزاك يا إبليس
يا مين يروح يبشر العريس
خد العروس أحمر بلا تنقيش
وعين العروس كحلا بلا مروادِة
(إبليس= الشيطان، العريس= العرسان)
28- هنية يا عريس الزين هنية
هنية بالرواحة والمجيّة
هنية للعريس تيجيب عروسته
ويعيّب ع شباب العزابية
29- عند دخول العروس إلى بيت العريس، يغنون لها:
عمّر البيت عمر بحياة الرجال
خشب البيت صندل عواميده ريحان
شرع السيف واعبر يا بنيّ الحلال
ما بالبيت إلا حلالك شعرها للزنار
دوسي على الفرشة دوسي
يا مباركة يا عروسِة
(دوسي= بحلاتك أو بقميصك أو بكمك أو لحالك، عروسة= حماتك أو عريسك أو بيت عمك أو عيالك).
يا زارعين الورود أحمر ع لون الخدود
والورد إجا من الجناين غزوا براس الكناين
والورد إجا من الكنايس شكّوا بروس العرايس
يا زارع الورد شمُه والورد بعده على إمّه
والورد إجا من حاصبيا شكّوا براس البنيّة
يا زارع الورد صونوا والورد دلّى غصونُه
نازل من القصر نازل خصره يا رق الخناجر
واجب عليك بي العريس تعزم بنات الأكابر
تطبخ من الرز الأصفر ونزعفرُه بالطناجر
جوز الحمامات شرّق والعنب والتين ورّق
30- المباركة والدعاء للعروسين بالرفاء والبنين:
ريتك مباركة علينا وعلينا
وتبشري بالصبي ونلفه بإيدينا
31- واحنا حلفنا الليلة مال ناكل إلا زيت
يا فرحتك يا عريس غزالك خش البيت
(زيت= خيار أو الفقوس، البيت= الدار أو جبنالك العروس)
32- طالت الليلة عليك يا ابن عمي
إنت روح لأمك وأنا أروح لأمي
كيف بدي أخليك تروحي لأمك
عشر آلاف ال حطيتها لعمك
(ابن عمي= ابن خالي، لأمي= لحالي)
33- الأغاني التالية يتم بعضها في منزل أهل العروس أحياناً:
مسيكو بالخير يا أهل البيت
من هو ضايفكو يا أهل البيت
العريس ضايفكو يا أهل البيت
بدو بنيّتكو يا أهل البيت
بدو..
يخلف على خال العروس
راعي الشرف راعي الناموس
عروستنا ملا عروس
حطّينا فيدها فلوس
عروستنا يا ام الحلق
قبّضنا فيدها ورق
عروستنا يا ام الكردان
قبضنا فيدها ذهبان
ويمسكون بالدبكة عند أهل العروس:
حولونا حولونا نسايب لا تزعلونا
عادتنا نلبس مقاصب عادتنا نشلح مقاصب
عادتنا نناسب مناصب بالكرم ما يغلبونا
عادتنا نلبس مخامل عادتنا نشلح مخامل
عادتنا نناسب حمايل بالكرم ما يغلبونا
دار أبو العروس ويا ركّة على ركّة
يللي حرثتي على قلوب العدا بسكّة
هجمت عليكي الأعادي تا يصيدوكي
فشرت لحاهم ولا غدوا يطولوكي
34- قطعنا البحر بحرينِ
قطعنا البحر يا عيني
قطعنا البحر يا عمي
على اللي خصرها ضمِّة
(عمي= خالي، خصرها ضمة= فيدها غالي)
35- مندل مندل منديلا
عريس يا أبو المنديلا
هاتوا الجمل تا نرحل
عالقدس والخليلا
قاعد بالبيت الغربي
وداير وجهه للغربي
عريس حرقت قلبي
بلبسانك للمنديلا
36- شمع العريس سلطاني
وأنا اشعلُه بداري
وانده وأقول يا بيّو
هَيّي العروس للغالي
(بيّو= إمه)
37- والسمسم الأخضر جلل الحيطان
من هو عريس وميمتُه فرحانِة
فلان العريس وميمتُه فرحانِة
قولوا للتاجر يفتح الدكانِة
يطول القمصان يلبس العرسانِ
(التاجر= الصايغ، القمصان/البدلات= الساعات/المحابس)
38- يا حميمصة يا فريط رماني
يا حميمصة حامضُه لفّاني
يا حميمصة صرّيت لُه الريحة
يا حميمصة بمحرمة مليحة
(الريحة= القهوة، مليحة= شهوة).
39- واللي فرح لِنا ييجي ويهنينا
واللي فرح لِنا ييجي من باب الدار
ولاّ أنت يا عريس يا مزرر القفطان
(الدار= الخوخة، القفطان= الجوخة)
40- يا فرحتي اللي ما طال العمر برقب ليها
وسْألت رب السما إنه يتمِّمِها
واتّممت يا عزيز الروح يا غالي
واتّممت بعناية ربنا العالي
41- قومي اركبي غزالِة قومي تمامك عاد
شعرك ربايط سعد رابي عا جنب الوادْ
(عاد= بس أو بيضة يا رفيعة، الواد= البص أو رابي عالشريعة)
بالإضافة إلى هذا، لم نذكر المهاهاة والأغاني المكررة والمناظرات بين الحدائين في الأعراس، وبعض الأغاني التي ذكرت سابقاً..
ثانياً:
الولادة
كانت الولادة تتم علي يدي القابلة (الداية أو الولاّدة)، وكان في شَعَب عدة دايات منهن الحجة وردة الشاهين (حسين شحادة)، آمنة الحسنا (شحيبر)، وفاطمة المسلمانية (هي لبنانية مسيحية قيل إنها من قرية رميش، حضرت إلى القرية مع ابنتها وأسلمت وتزوجت عبد محمد الخطيب).
وقد كان آخر من ولّد من نساء القرية أثناء النكبة: ريا العلي (أم فيصل شحيبر)، ولد ابنها عمر شحيبر في حقول الزيتون التي اختبأ فيها الأهالي أثناء الكرّ والفرّ على القرية. ثم تبعتها أمها زهرة الخالد التي ولدت في مجد الكروم، ابنها عبد العزيز علي، وقد بقيت بعد النكبة في مجد الكروم وتوفيت مؤخراً في عام 2002.
أما أصعب الولادات فكانت لزوجة فياض الحاج حسن، فقد ولّدت لبيبة ابنها أحمد فياض الحاج حسن في ((طلعة الجرف))(5) أثناء النزوح.
ولأهمية المولود الذكر في مجتمع الفلاحين، كانت تأخذ الداية أجرها زيادة إذا كان المولود ذكراً، فيزيد الأجر بالهدايا من الصابون والحلو. أما إذا كان أنثى فإن مما ورثه أجدادنا عن الجاهلية من عادات جبّها الإسلام أن يسود الصمت والعبوس إذا كان المولود بنتاً. وكان أكثر من يتأثر بالهدايا هو أم المولود فتكثر هداياها عندما تلد ذكراً.
وقد كانت هدايا الأقارب لأهل المولود تتركز على الطعام من اللحم والدجاج وغيره، كما تتضمن الهدايا قطع القماش، وكثيراً ما كانت تُدسّ قطع القماش مع الطعام المرسل إلى أهل المولود.
وكانت تتم الولادة في البلد كالتالي:
بعد الولادة وقطع الحبل السّرّيّ، يحمّمون المولود الجديد، ثم يلفّونه ويقمّطونه ويربّطونه، وفي اليوم التالي والثالث والرابع يُملّح المولود من دون حمام، وفي اليوم الخامس يغسلونه ويكحّلونه. وفي اليوم السابع يتم طهور المولود الذكر.
ويغنون لها بالمهاهاة:
آييها يا ناس صلوا ع النبي
آييها والحلوة جابت صبي
آييها والمبشر يبشر أبوه
آييها يقرا مولد للنبي
ومنه أيضاً:
آييها جابت صبي يا حراير
آييها شوشتُه بأربع جدايل
آييها إمه فلسطينية
آييها أبوه رَكّاب الأصايل
ثالثاً:
الطهور والحلاقة
وكما ذكرنا بعد أن يغسلوا المولود ويكحّلوه. يتم في اليوم السابع طهور وحلاقة المولود.
لم يكن في البلد مطهّر خاص، بل كان هناك مطهران من عائلة واحدة يأتيان من صفورية، وقد توارث أبناء العائلة المهنة، ومن المعلوم أن معظم المطهرين في مخيمات الشتات في لبنان من الجنوب إلى بيروت، ويقال له ((الصفوري)). وكذلك في غير لبنان، مثل مخيم اليرموك في دمشق.
ولم يكن من الدارج في القرية إقامة الحفلات والأغاني بشكل ملفت إلا إذا كان أهل المولود ممن نذروا سابقاً، ومن المعروف أن أكثر الاحتفالات بهذه المناسبة تمّت عند طهور محمود الغانم، حيث أقام له عمه أحمد أسعد الغانم (الذي تبناه بعد استشهاد والده(6) ولم يكن عنده أولاد) احتفالات دامت عدة أيام عزم ضيوفاً من عكا والقرى المجاورة، فكانت احتفالات هذا الطهور توازي احتفالات العرس.
وكان مما يغنى في طهور الأولاد:
طهروا يا مطهر وناولُه لأمُّه
يا دمعته هالغالية نزلت على كمُّه
طهروا يا مطهر وناولُه لأبوه
يا دمعتُه هالغالية نزلت على ثوبُه
طهروا يا مطهر وناولُه لخالُه
يا دمعته هالغالية نزلت على خلخاله
طهروا يا مطهر وناولُه لسيدُه
يا دمعته هالغالية نزلت على إيدُه
طهروا يا مطهر بموس الفضة
واصبر عليه للغالي زعلان تا يرضى
طهروا يا مطهر بموس الذهب
ما تزعللي الغالي وأمير العرب
طهروا يا مطهر بموس أبو ريشة
وما تزعللي الغالي وبعطيك بخشيشِ
وعند حلاقة شعره يغنون له:
احلق لُه يا حلاق وتمهل عليه
احلق لُه للغالي عمامه حواليه
احلق لُه يا حلاق وامسح لُه بكمُّه
واستنى يا حلاق تا ييجي عمُّه
واحلق لُه يا حلاق بموس الذهبية
واستنى ع الغالي تا تيجي الأهلية
احلق لُه يا حلاق وامسح لُه ببشكيره
واستنى يا حلاق تا عمّه ييجي لُه
رابعاً:
هدهدة الأطفال
ليست هدهدة الأطفال بالطبع مناسبة يُحكى عنها، ولكنه يندرج ضمن الأغاني المنزلية، وأغاني الطهور والحلاقة نوع من الهدهدة يمكن أن تغنى للأطفال. غالباً ما تغني الأمهات أو الجدات للأطفال حتى يناموا أو يسكتوا إذا حمي ((وطيس)) البكاء عندهم.
وكانوا يحاولون أن يجدوا للأطفال هزازاً كسرير، وإذا كان ما يزال رضيعاً ينصب حبل تربط أطرافه ويعلق على شجرة في الدار على شكل حبلين متجاورين متدليين، وتلصق ذيلاهما بقطعة قماش متينة، لينام الصغير عليها.
نشير أيضاً أنه كان واضحاً، أن الهدهدة تتضمن في الغالب أبياتاً تتعلق بالتوجه الديني التلقيني للأم والجدة.. حيث تزخر الهدهدة بجملة من المدائح النبوية..
يا حادي العيس سلملي على إمي
واحكي لها شو جرى واشكيلها همّي
يا حادي العيس قول لإمّي وأبوي عني
وأهلي جفوني وخُلاني ابعدت عنّي
صلوا على المصطفى، صلوا على الهادي
صلوا على اللي بنوره أشعل الوادي
لولاك يا مصطفى، ولولاك يا هادي
ما حجّت النوق من وادي إلى وادي
يا رايحين النبي معكو جمل هالدار
زيدوا عليقُه كرامة للنبي المختار
يا رايحين النبي، خذوني بمحاملكُو
لاني حديدٍ ولا بولاد أثقلكُو
وإن كان زادي وزوّادي بيثقلكُو
لأصوم لله ويكفاني النظر منكو
يا حادي العيس قللي وينتا (إيمتى) بِلفو (بيعودوا)
وتيابنا اتسخت واحوالنا تِلفو
وحياة مين أخلَقِ النجوم يعترفوا
أكثر بكايي على الغياب تا يِلفو (يعودوا)
يا نجمة الصبح دليني على احبابي
وأيا طريق إجو تافتح لهن بابي
وإن إجو من الغرب أهل الغرب غيابي
وإن إجو من الشرق، يا عيني، هِنّي جملة حبابي
يا ليل ما أطْولك كعّيتني نومي
وأبعدتني عن جميع أهلي وعن قومي
وإن كان بيشرعكو بتحللوا صومي
لأصوم لله والقي الصوم للصومِ
يا درب ما أبعدك مشّيتني حافي
يا همّ ما أثقلك هديت لي كتافي
ذكر النبي ما أحسنُه وذكر ما أحلاه
وذكر النبي لو دخل، بيت الفقير أغناه
وذكر النبي لو دخل جوف العليل أبراه
يا آمنة وضعته ويا جبرائيل سمّاه
وشهدت ملوك السما إنُّه رسول الله.
خامساً:
عودة الحجاج
قبل البداية هناك ملاحظتان تفيدان صعوبة الحج وكلفته الباهظة وندرته بين الفلاحين من أهالي القرى، حيث كان يوجد في القرية كلها حوالي عشرة حجاج فقط لا غير، إضافة إلى بعض العقائد فيما يخص موضوع الحج.
الملاحظة الأولى أن معظم الحجاج في بداية القرن، لم يكونوا من أولئك الحجاج الذين حزموا أمتعتهم من القرية مُيَمّمين وجوههم شطر المسجد الحرام في مكة، بل كان معظمهم من أولئك الذين خدموا مع الجيش العثماني في الحجاز. فكان يعود العسكري إلى دياره حاملاً لقب الحاجّ لدى انتهائه من الخدمة. وقد كانوا قلة أولئك الذين رحلوا في رحلة الحج، إلا أن ذلك تغير بعد سقوط الخلافة العثمانية، وبات لا يذهب إلى الحج إلا من عقد النية واقتدر. ولم يعد يختلط الأمر على الناس.
الملاحظة الثانية، هو أن الحجّ كان يُعدّ إنجازاً، لم يكن لقب الحاج يلتصق باسم صاحبه كما هو الحال في أيامنا هذه، بل كان يلتصق بأسماء أبنائه، فاسم مصطفى عبد حمزة كان يعرف في القرية باسم مصطفى الحاج عبد، وحتى اسم ((أبو إسعاف)) كان يُذكر أحياناً إبراهيم الحاج علي (على اسم والده الحاج علي)، وليس إبراهيم الشيخ خليل. وهذا الأمر كان ينطبق على الشيوخ مثل عائلة الشيخ محمد والشيخ خليل.
أما في البعد الوطني، فيحق لفلسطين أن تفخر أنه كان من عادة الحجّاج أن يتموا حجّهم بعادة اسمها التقديس، أي زيارة القدس، وكانوا يعتبرون الحج موقوفاً وناقصاً حتى يتم التقديس. وذلك اقتداء بقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: ((لا تُشدّ الرحال إلى لثلاث المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى)). فكان الحاج إذا أتمّ الحج إلى مكة وزيارة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة يمّم وجهه شطر المسجد الأقصى. وفي ذلك يقول الشاعر تحسّراً على القدس في مناسبة عودة الحجاج:
اليوم أتممتم شعائر حجّكم فمتى تتمّ مراسم التقديس
والآن، كيف كان انعكاس الحج في القرية؟
كان يتم توديع الحجاج قبل سفرهم بعدة ليال، ويزورهم الأقارب والأصدقاء وأهل القرية. وكانوا يغنون لهم في الوداع:
يا حجاج النبي سيروا بالتهليل
لزيارة الكعبة وأبونا الخليل
يا حجاج النبي سيروا بالأعلام
لزيارة محمد عليه السلام
وكانت طريق الحجاج في البحر عبر قناة السويس إلى جدة، وكانت الرحلة في بعض الأماكن مخيفة، كما هي الحال في ((بركة فرعون)) في البحر الأحمر، وقد كان أهل البلد يغنون بعض الأغاني للحجاج تدل على سفرهم بالبحر وخوفهم واتكالهم على الله في سفره البحري هذا:
الحج نزل البحر بعباته (عباءته)
يا رب تردّه سالم لبناته
والحج نزل البحر بإيده كيلة (وعاء)
يا رب تردّه سالم لها العيلة
وعند عودة الحُجّاج كان يتم استقبالهم عند أول البلد، تحت العين، (بالعدة والأعلام) عند باب القرية، والعدّة هي الطبول والصنوج، والأعلام هي الرايات الدينية الكبيرة، وكانت العدة والأعلام في القرية موجودة عند عائلتين فقط، هما عائلة أبو الهيجا، وعائلة اللزقة (االأسدي). وكان إذا توفي رجل صالح من القرية كانوا يشيعونه مع العدة والأعلام.
ويزور الحاجَّ أهلُ القرية على مدى أيام ويوزع عليهم الهدايا كما هي الحال في هذه الأيام. وكانت الهدايا ذات دلائل دينية كالبخور والعطور والتمر وماء زمزم وسجادات الصلاة والمسابح. ولكن أشهر الهدايا النسائية كانت وما زالت النساء الحاجّات تحضرها معها هي الحناء.
سادساً:
شهر رمضان
كان لرمضان جو مميز يتم تحضير المأكولات الخاصة به قبل أسابيع. ولم تكن تلك المأكولات نادرة ولكن حالة القِلّة التي كان يعيشها الفلاح، كانت تجبره على طعام يومي لا يتجاوز الطبيخ المعتاد، المكوّن من البرغل والعدس كمادة أساسية في طبيخ أهل القرية. أما في رمضان فكانوا يحضّرون بعض الطعام في البيت، فيجرشون العدس واالبرغل ليكون طازجاً، ويفتلون الشعيرية، ويحضّرون من إنتاج البلد أيضاً الصبر والعنب والتين الأخضر واليابس، وكانوا يحضّرون الزلابية إذا كان الفصل شتاءً وذلك لما تحتاجه من زيت لا يفرّطون فيه إلا في موسمه.
وكانوا يشترون قمر الدين والأرزّ، ونشير إلى أنه لم يكن يخلو بيت من بقرة وحليب أو دجاج وبيض. وكان البعض يحضر القطايف الطازجة من عكا.
أما موعد السحور فكان توقيته يعتمد على النجوم، ولم يكن يعتمد على مسحّر للقرية، فكانوا يعرفون الوقت من النجم االذي كانوا يعتمدون عليه أيضاً في أسفارهم وصلاة الفجر وإخراج الطرش.
أما عند الغروب، فكان معظم أهل البلد يفطرون على أسطح المنازل إذا كان الجو صيفاً، لينظروا إلى غروب الشمس أولاً ويسهل عليهم سماع الأذان، وليتجنبوا الطقس الخانق والحرارة.
ويُذكر أن أول هجوم لليهود عند احتلال شَعَب الأول كان في وقت الغروب وعند ساعة الإفطار في رمضان، حيث نزل إليها اليهود من ميعار المشرفة عليها، وأقاموا فيها ثلاثة أيام، قام اليهود بقتل بعض كبار السن الباقين في القرية، وكان ذلك بين 19-20 تموز 1948.
وتتذكر حنيفة الصالح (أم أكرم)(7) فتقول: كنا أطفالاً في أواخر الأعوام التي قضيناها في فلسطين، وكان بيتُنا قريب من الجامع، وعند ساعة الغروب يكون الصيام قد فعل فعله بنا، وكان عنادنا يدفعنا لمقاومة الجوع، إلا أننا كنا نصعد إلى سطح المنزل ونراقب الشيخ في المكان الذي يؤذن منه، سطح مقام سيدي أحمد العليمي الملاصق لسطح المسجد الذي كان على شكل قبة، كان يصعد قبل الأذان بأكثر من ساعة، ربما عند العصر، يتمشى على سطحه بانتظار غروب الشمس. ومن كثرة ما يمشي كنا نظنه يقصد إغاظتنا في هذا الأمر.
أما صيامنا، حين كنا أصغر من ذلك السن، فقد كان حتى أذان الظهر، وكنا نأخذ كوب الماء إلى مقام سيدي أحمد العليمي ونجلس عند الدرج الذي كان يصعد عبره المؤذن إلى السطح ليرفع الأذان، وما إن يرفع أذان الظهر حتى نشرب كوب الماء، وينتهي صيامنا عند هذا الوقت.
كان هذا الصيام بمثابة التدريب للأطفال الذين لا يستطيعون الصوم، وكان يسمى ((صيام درجات الجامع)).
وفي العشر الأواخر من رمضان، كانوا يوحّشون لوداع الشهر الكريم وينشدون فيها:
لا أوحش الله منك يا رمضان
لا أوحش الله منك يا شهر الصيام
لا أوحش الله منك يا شهر الرحمات
لا أوحش الله منك يا شهر البركات
وعندما ينتهي شهر رمضان، يحين يوم عيد الفطر، الذي لم يكن يخلو أيضاً من طقوسه الخاصة.
سابعاً:
الأعياد
كان يعرف عيد الفطر الفطر بالعيد الصغير أو عيد رمضان، فيما يعرف عيد الأضحى بالعيد الكبير.
ولا تختلف عادات العيدين وطقوسهما في شَعَب، فقد كان الرجال يصلّون صلاة العيد في المسجد، وعند الانتهاء منها يذهبون للزيارة في المقابر، حيث تكون النساء والصِبية قد سبقوهم إليها، ولا أدري سبباً لهذه العادة التي تناقض فرحة العيد من أولها. ويكون الصوت في المقابر، مثل صوت قفير النحل، حيث يقوم الموجودون بقراءة القرآن والندب والبكاء، ويوزعون الطعام والكعك على زوار هذه المقابر.
ثم يعود الناس إلى بيوتهم، ويتم تحضير الفطور يوم العيد من اللحوم المشوية في الطابون غالباً، وبعد الفطور يخرج الكبار في زيارات وواجبات العيد. وتنظيم الزيارات له أصول لا يعرفها أبناء جيلنا (جيل ما بعد النكبة)، فلا يخرج الجميع لزيارة الجميع. وإلا لن يجد أحدٌ أحداً في بيته. وكان بعض هذه الزيارات يتضمن زيارة خاطفة، وبعضها يتم طول النهار مع الغداء، وكانت العادات في اليوم الأول (ويتم تبادل الزيارة في اليوم التالي حيث يعزم بعض الزائرين مضيفهم في اليوم التالي) على الشكل التالي:
- الأهل عند بناتهم المتزوجات.
- الرجل مع عائلته عند أهله.
- الأخ عند أخواته.
- الخطيب عند خطيبته.
- وقد كانت الأولوية في الزيارة لأهل الفقيد حديثاً، وفقدان عزيز يلغي كل العادات المتّبعة في الزيارات.
وكان يغلب على ضيافة العيد الكعك والمعمول المنزلي، ولم يكن أحد يقدم الحلو والملبس في مضافته إلا نادراً.
أما الأولاد، فكانت كل عائلة تنصب مراجيحها الخاصة على شجرة في الدار أو قربه، حيث يقضي الأولاد يومهم في اللعب عليها، وهم يأكلون بعض الحلويات التي يشترونها أو يحضرونها من المنازل، والألعاب التي تظهر فجأة في الدكاكين (يحضرها صاحب الدكان من عكا، ويخبئها حتى فترة العيد). ويغنون أغاني العيد، ومنها:
بكرة العيد ومنعيّد منذبح بقرة سْعيّد
وسْعيّد مالو بقرة منذبح بنتو هالشقرة
والشقرة ما فيها دم منذبح بنتو وبنت العم
ويتميز عيد المولد بإقامة الموالد، وخروج بعض سكان القرية إلى عكا، حيث كانت تقام الاحتفالات الضخمة، والموسيقى والفرق الكشفية والرياضية والدينية، وكانت الألعاب الصعبة مثل ابتلاع النار أو شك الشيش بالأجسام، وكان الذاهبون إلى عكا من الشباب الذكور أو رجل أخذ عائلته ليتفرجوا على الاحتفالات هناك، ولم تكن تذهب النساء وحدهن، وكذلك الأطفال.
في الخميس الثالث من شهر نيسان من كل عام يوافق خميس الأموات (موسم النبي موسى) فتتم زيارة المقابر حيث تقرأ سورة ياسين ويتم توزيع الحلوى على الفقراء..
فيحضر الناس البيض ويسلقونه مع صبغة صفراء حيث يغلون معه نبتة البسبيس، أو صبغة خضراء يغلون معه نبتة الخامشة، او قشر البصل الأحمر. ثم تتم المفاقسة بالبيض وهو تحدٍ بين شخصين يقومان بضرب رؤوس البيض ببعضها البعض، والذي تنكسر البيضة في يده يتخلى عنها لمنافسه.
المرجع: كتاب شعب وحاميتها للأستاذ ياسر علي
(1) من مقابلة مع الحاجة أم هاني: سعاد صالح حسين، وادي الزينة تموز 2001.
(2) يعدّون: أي يرددون عدة مقاطع على وزن هذا المقطع، بكلام مختلف قليلاً.
(3) البقجة: قطعة قماش تنوب عن الشنطة يتم ربط أطرافها الأربعة في جهة واحدة.
(4) مقابلة في بيتها في وادي الزينة تموز 2001.
(5) راجع خطوط سير النزوح من البلد.
(6) راجع القسم الثاني من الكتاب ((فصول من تاريخ القرية)).
(7) وهي من مواليد عام 1936، في مقابلة معها في بيتها في مخيم برج الشمالي في صور – لبنان عام 2002.
روايات أهل القرية
تعالوا بنا (1)
كانت شَعَب قرية يسكنها نحو 1700 نسمة، وتقع في منطقة عكا، وهي مشهورة بزيتونها. وقد أعطاني ز.ك.، الذي يمارس مهنة التعليم حالياً في لبنان ويدرس التاريخ في أوقات فراغه، وصفاً لقريته يستحق أن يقتطف بأكمله بوصفه سجلاً تاريخياً موثوقاً فيه:
((ولدت في مدينة عكا سنة 1936 بعد أن كان والدي قد ترك شَعَب للعمل في مصنع للكبريت. وكان عادة يبيع السمنة والزيت الذي يجلبه معه من القرية. وكان من تقاليد القرية أنه عندما يولد الطفل الأول، وخاصة إذا كان صبياً، أن يأخذه جداه للعيش معهما. كنت أحب القرية وأكره أن أعود إلى المدينة. كانوا يقولون لي على سبيل المداعبة أنهم سوف يعيدونني إلى عكا، فكنت أصرخ وأسبّ وأشتم لأعبر عن غضبي..
في القرية، كنت عادة آخذ الحصان ليشرب، وأستمع إلى الناس وهم يتحدثون لأن منزل جدي كان في وسط القرية، وكان هذا المنزل هو ((المهوى)) أي المكان الذي يجتمع فيه الناس. وبالقرب منه خان ينزل المسافرون فيه. وأذكر أنهم كانوا يأتون من لبنان وسوريا، وخاصة من برجا (قرية لبنانية في إقليم الخروب)، ومعهم بضائع ليبيعوها في القرى. وكانوا أحياناً ينزلون ضيوفاً في منزل جدي.. وأذكر أن منزل جدي كان أحد أوسع منازل القرية: أقواس عالية ومكان لتخزين الزيت والفواكه المجففة، وموقد نجتمع حوله في الليل لنستمع إلى الحكايات التي ترويها عمتي وجدي وجدتي، وغرفة واسعة منفصلة للضيوف؛ اسمها ((المضافة)) يقابلها مكان الحيوانات، من بقر وخيول، ولعلف الحيوانات والتبن. وكان للمنزل مدخل واحد فقط له باب يقفل بقضبان حديدية ضخمة..
وكان خارج المنزل منطقة مرتفعة يجتمعون عليها ليناقشوا الأخبار، وأذكر أن أحد الرجال الكبار كان يقرأ، بصوت عال، الجريدة التي كانت تصل القرية بعد الظهر. وكان هنالك باص يذهب إلى المدينة ثلاث مرات في اليوم، أو كان الناس يذهبون على ظهور الخيل، ويحملون معهم، عادة، إلى عكا وحيفا منتجات القرية من بيض ودجاج وتين وعنب.
كان من عادة أهل القرية أن يحتفلوا معاً بالمناسبات السعيدة، كالأعراس مثلاً حين كان كل الناس يجتمعون ويغنون العتابا والميجانا ويرقصون الدبكة. وكانوا يعملون ((السحجة))، وهي الاحتفال الذي يأخذون فيه العريس ويطوفون به القرية ثم يأخذونه إلى البيدر ثم إلى بيته، العريس فوق الحصان والرجال يمشون وراءه وهم يرددون الأغاني. وبعد ذلك يحضرون العروس على ظهر حصان إلى منزل العريس، والنساء من خلفها يرددن الأغاني. وإذا كانت عائلة العريس غنية، تقام الأفراح طيلة أربعين يوماً بعد الخطوبة. وفي اليوم الأربعين، كانوا يذبحون الذبائح ويدعون أهل القرية إلى العشاء.
كان منزل كبير ((الحَمولة)) المكان الذي يجتمع فيه أفرادها، وخاصة في أوقات الأعياد الرسمية. وكان عليه أن يكون مستعداً لأن يذبح عدة أغنام وأن يدعو كل فرد من أفراد العائلة إلى الأكل. كان جدي لا يقبل أن يغيب أحد من العائلة. وكانوا عادة عندما يجتمعون، خاصة في ليالي الشتاء، يعدون المأكولات الخاصة: ((قرصة)) مع سمنة وسكر، ((زلابية))، ((بسيسة))، ((معكرونة))، ((قراقيش)) (ملاتيت ولزقة)، وغير ذلك الكثير. وكانت هذه المأكولات تتألف من أشياء بسيطة: طحين، زيت، سكر. ولكنهم كانوا يزينونها وكأنها أعمال فنية. وكان جدي يقوم بنفسه بتقطيعها بواسطة سكين تشذيب الأشجار التي كان يحملها في حزامه الجلدي، مثلما كان يفعل جميع الفلاحين.
وكانوا يحبون أكلة أخرى هي ((المسخن))، المصنوع من الخبز المغطى بالزيت والبصل والدجاج والبهارات المطبوخ في فرن خاص مصنوع من الطين المجفف، يسمى ((طابون)). وكان ((المسخن)) يعتبر أحسن هدية يمكن أن يرسلها المرء إلى أهل القرية الذين كانوا يعيشون في المدينة لأنهم لم يكونوا يستطيعون عمله هناك.
كل واحد من القرية كان يزرع الخضروات التي يحتاجها: الفاصولياء والبندورة والبامية تحت أشجار الزيتون أو في المساحات غير المشجرة. لم يكونوا يبيعون الخضروات أبداً، بل كانوا يهدونها إلى الأقارب أو الجيران الذين ليس لهم أرض. كما كانوا يزرعون التين والبطيخ والسمسم ويصنعون ((الفريكة))، وكانت جميع هذه الأشياء تذهب هدايا، ولم تكن تباع أبداً..
كان أهالي القرية يذهبون في الوقت نفسه لقطاف الزيتون، وذلك بناء على أمر من المختار. وكان يجب على جميع الذين يملكون أراضي فيها زيتون أن يذهبوا، وكان كل من لا يذهب يعاقب من قبل المختار أو المجلس الاختياري الذي يتألف من ممثلين عن جميع العائلات، يساعدون في تدبير شؤون القرية. وكان هناك مختاران اثنان، أحدهما من الحارة الغربية والثاني من الحارة الشرقية.
كانت القرية عادة تختار المختار، ويعيّنه القائم مقام رسمياً. وكان مركز المختار يعتبر مركزاً قيادياً، ولكن الذين جربوه وجدوه مكلفاً. أذكر أن أحد أعمامي كان مختاراً وأن ابنه رفض وراثة المركز بناء على نصيحة والده، فقد كان المختار يستضيف الزوار الرسميين، وكان ذلك يشكل عبئاً مالياً ثقيلاً وإن ساعدته حمولته في تغطية المصاريف. كما أن أي غريب يمر في القرية يحل ضيفاً على المختار، أو على أي شخص عنده ((مضافة)). كانت المضافة غرفة واسعة، والفرشات ممدودة فيها دائماً، وفيها موقد فحم عليه أباريق القهوة التي يجب أن تكون ساخنة باستمرار، وذلك لكي يجد الضيف القهوة جاهزة في أي وقت يصل، فيقول إن هذه المضافة ((حية)) وأن صاحبها ليس فقيراً إلى درجة أنه ينتظر أن يصل الضيف فيعدّ القهوة. كان يوجد عادة أكثر من مضافة في كل حمولة، وذلك ليس بسبب المشاجرات ولكن بداعي الافتخار، لكي يرى الناس أن بيوتهم مفتوحة دائماً للضيوف.
أكبر المحاصيل في قريتنا كان الزيتون الذي كانت تنتج منه كميات كبيرة. أذكر أنه كانت هنالك ثلاث معاصر للزيتون وأن التفل (النفايات التي تترسب بعد عصر الزيتون – جفت)، كان يسيل في قنوات سوداء عندما تعمل المعاصر، ويصل حتى عكا، والبحر (عبر وادي الحلزون). كان الزيتون يوضع في أكوام عالية في مضافة جدي، وكانوا يأخذونه إلى المعصرة يطحنونه برحى حجرية. كان أهالي القرية جميعاً يشاركون في قطاف الزيتون، وكانوا يضطرون إلى استخدام نساء لمعاونتهم. كانت هؤلاء النساء يأتين عادة من جويّا وبنت جبيل في لبنان. وكنّ يأخذْنَ زيتوناً بدل أجورهن ليبعْنَه أو لعصره زيتاً.
كان السمسم هو المحصول الثاني المهم: يحصد ويوضع على البيدر على شكل دوائر كبيرة حتى يجف، فيضرب حتى تنزل منه الحبوب التي توضع في أكياس وتباع إلى تجار عكا وحيفا. أما المنتجات الأخرى فكانت القمح والذرة.
أما بالنسبة للمدارس، فكان هناك مدرسة القرآن حيث يقوم شيخ متعلم بتعليم أمور الدين. كان الصبيان وحدهم يذهبون إلى المدرسة. وكان أهالي القرية عادة يرفضون تعليم البنات خوفاً من الفضائح. وكانت هناك أيضاً مدرسة رسمية فيها من الصف الأول حتى السابع الابتدائي، يأتيها الصبيان عادة من القرى المجاورة مثل معار والدامون وكابول وتمرة (يحتاج إلى الدقة، فقد كان في بعضها مدارس) ليتعلموا فيها العربية والإنكليزية والعلوم والدين والتاريخ والزراعة. وبعد انتهاء المرحلة الابتدائية، كان على الصبيان أن يذهبوا إلى عكا أو صفد لمتابعة تعليمهم.
كانت إحدى الوظائف المتاحة للقرويين هي العمل مع الحكومة في سلك الشرطة. وقد عمل في هذه الوظيفة العديد من القرويين، ووصل بعضهم إلى مراكز عالية فعلاً. وكانت أشبه ما تكون بوظيفة وراثية، فعندما كان الوالد شرطياً كان أبناؤه يصيرون شرطيين من بعده.
أذكر الأحاديث التي كانت تدور حول العلاقات بين العرب واليهود. كان والدي كثيراً ما يتحدث عن الزمن الذي كان قبل أن توجد السيارات، عندما كان عنده جمال تنقل منتجات القرية إلى حيفا وصفد وطبريا وحتى إلى حلب أحياناً. كان يعرف بعض اليهود في طبريا وكان يبيعهم البضائع. ويتحدث معهم، وكان اليهود يقولون له ((سوف نصير حكام هذه البلاد)). وكان جدي يغضب ويشتمهم ويصرخ فيهم: ((سوف نضربكم بالعصي والحجارة يا أولاد الميتة)).
أذكر كيف أن جدي حمل عصاه خلال حرب 1948 ودعا شباب القرية للهجوم على اليهود قائلاً: ((خلينا نخلص على أولاد الميّتة هؤلاء))، كان يعتقد أن اليهود لا يستطيعون مواجهة العرب، لأنه ما يزال يفكر بعقلية قتال رجل لرجل، وليس بعقلية العصر الحديث حيث أفضل الأسلحة هي التي تؤمن الانتصار في الحرب. كان معظم أهل القرية يفكرون مثل جدي، ويحاولون بشتى الوسائل الممكنة. كثير منهم باع بقرة أو حصاناً ليشتري بندقية. وكانوا يرسلون البعثات إلى سوريا ولبنان لشراء البنادق، خاصة البنادق الألمانية القديمة التي كانت تكلف ما بين 40 و100 جنيه فلسطيني (الجنيه كان يعادل جنيهاً استرلينياً) وهو مبلغ كبير بالنسبة للفلاح الفقير..)).
إن هذا الوصف يكشف عن مدى حلاوة العشرة في الحياة الفلاحية الفلسطينية، وعن أهمية تلك الاحتفالات التي كانت تفعم كافة المناسبات المهمة بالفرح – وذلك على نقيض الكدح المعاش يومياً وتبدو هذه الاحتفالات من وجهة النظر الاقتصادية مدعاة للتبذير- إذ غالباً ما تقع العائلات تحت وطأة دين ثقيل لتتمكن من تغطية نفقات الولائم التي ترافق زواج الأبناء وتستمر أسبوعاً..
وقد حدثني ز.ك.، الذي كان جده يريد الهجوم على اليهود بعصاه، عندما لحق بعائلته بعد سقوط شَعَب:
((عندما غادرنا القرية، أخذ اليهود جدي وأخرجوه إلى الأردن مع اثنين من أبنائه. وقد مات عمّان لي آخران على الطريق بالقرب من جنين ولكن جدي البالغ من العمر يومئذ نحو 110 سنوات تابع طريقه إلى حلب حيث كان له معارف مكث عندهم بعض الوقت. وبعد ذلك انضم إلينا في (مخيم) بعلبك. وكان طقس بعلبك شديد البرودة بالنسبة لرجل طاعن في السن كجدي فعدنا إلى صور. وهناك قرر أن يعود إلى فلسطين. حاول والدي أن يقنعه أنه كبير السن وأنه لن يستطيع الوصول. كان ذلك سنة 1950. ولكنه أصر على الذهاب، دون أن يخبر أحداً، اشترى حماراً واستأجر دليلاً وعاد إلى فلسطين ووصل قريتنا. وعاش هناك عيشة صعبة للغاية لأنهم منعوه من البقاء مما اضطره إلى الاختباء في الحقول أثناء النهار. كانت جدتي في مجد الكروم ولكنها لم تستطع الوصول إليه. وبعد عدة محاولات استطاعت أن تصل إليه فوجدته مريضاً وفاقد البصر. ومات بعد أربع أو خمس سنوات)).
هذه باختصار قصة الحياة في شَعَب كما وردت في كتاب روز ماري صايغ..
عن كتاب شعب وحاميتها: للأستاذر ياسر علي
أعلام من القرية
شخصيات من شَعَب
كثيرة هي الشخصيات التي تستحق أن تُذكر في هذا الفصل، وهو أحد أكثر الفصول إحراجاً، خاصة أمام كبار البلد ممن كان لهم دور مهم في معارك الدفاع عنها أو فيما بعد النكبة.
إلا أننا وضعنا في الاعتبار شرطين أساسيين كمعيار لاختيار الشخصيات: الأول، ينطلق من منهج الكتاب الذي حددنا فترته الزمنية حتى العام 1948، ما يعني أنه سيتناول فقط أولئك الذين كان لهم دور حتى تلك الفترة، أو أولئك الذين بدأ تَشكُّل شخصياتهم قبل العام 1948، كالشاعر يوسف حسون الذي لفت الانتباه إلى نبوغه وإبداعه قبل النكبة. أما المعيار الثاني، فهو أننا لن نكتب عن الأشخاص الذين ما زالوا على قيد الحياة حتى تاريخ تحرير هذا الكتاب.
وهذا مما حرمنا من الكتابة عن أناس أبدعوا فيما بعد النكبة، وكان لهم كبير قدر وعظيم واحترام. إلا أننا نأمل أن يستطيع أحد أبناء البلد، وخاصة من الداخل أن يتابع الكتابة عن ((شعب بعد النكبة))، الأمر الذي يعفيني من تعداد عدد كبير من أفاضل أهل البلد الذين تميزوا بالعلم والتجارة والعمل النضالي والأدب والذاكرة وحسن الخلق و..إلخ.
كما أن الشخصيات المختارة في هذا الفصل يمكن القول أنها نوعية وانتقائية، وليس فيها تفضيل أو معايير سوى التميّز (في الخير أو في الشر). لذلك نعتذر لمن لم نذكرهم في هذا المجال. وقد كان بودي الحديث عن إحدى شخصيات القرية (الحسحوس: المشهور بالاحتيال) إلا أنني واجهت عاصفة معارضة آثرت الانحناء أمامها.
أبو إسعاف القسامي (قائد حامية شَعَب)
إبراهيم علي الشيخ خليل:(1334-...)هـ. (1915-...)م. (1)
المجاهد إبراهيم علي الشيخ خليل (أبو إسعاف)، ولد عام 1915م في قرية شَعَب الفلسطينية قرب مدينة عكا، أنهى دراسته الابتدائية في مدرسة شَعَب، وتوفي والده منذ صغره، فانتقل إلى مدينة عكا ليعمل في وزارة الزراعة وما لبث أن طرد منها بسبب ميوله الوطنية، فانتقل إلى حيفا حيث عمل في سكة الحديد.
تعرف خلال وجوده هناك إلى الشيخ عز الدين القسام، إلا أنه لم يُقبل ضمن جماعة القسام لصغر سنه، ولكنه ما لبث أن انضم إلى جماعة القسام بعد أن قام بعدة عمليات بنفسه دون علم جماعة القسام، ويشير إلى ذلك قائلاً (سألوني إن كان هناك أشخاص يعملون بالعمليات فأجبت بالنفي، وسألوني من الذي ينفق عليك فذكرت لهم، بأنني أبيع حلي زوجتي. فقالوا لا تشتري شيئاً من الأسلحة لأننا سنزودك بالقنابل والمسدسات، وفي اليوم التالي جاءتني أم علي حمادة -زوجة المجاهد القسامي حسين علي حمادة الذي كنت أسكن داره- في يدها سلة من بصل، وقالت احرص على ما فيها، ووجدت فيها ثلاث مسدسات وخمس قنابل يدوية وباشرنا العمل ضمن فصيل ناجي أبو زيد، وكانت أكثر مهماتنا ضرب واغتيال البوليس اليهودي الذي كان ينتشر بالأحياء العربية).
وفي 31-4-1931(هكذا) (2) اعتقل أبو إسعاف في معتقل بيت جليل بحيفا حيث ذاق شتى أنواع العذاب، ثم نقل إلى معتقل المالكية على الحدود الفلسطينية اللبنانية حيث مكث عدة أشهر. بعد خروجه من المعتقل التحق برفاقه القساميين الذين التجأوا إلى سوريا هرباً من المطاردة الإنكليزية، ثم اتجه إلى بغداد وبقي هناك لمدة عام حيث اشترك مع إخوانه الفلسطينيين مع ثورة رشيد عالي الكيلاني في الدفاع عن بغداد ضد الإنكليز، ثم اتجه إلى سوريا ومن هناك إلى تركيا ثم عاد إلى دمشق حيث أقام مع المجاهدين الفلسطينيين لمدة قصيرة، عاد بعدها إلى فلسطين لمتابعة الجهاد، إلا أنه وضع قيد الإقامة الإجبارية في بلدته مع وجوب إثبات وجوده أسبوعياً في عكا أمام حاكم اللواء الإنكليزي، وحينما أُعلن التقسيم أعلن الشعب رفضه لهذا القرار وحمل السلاح لإسقاطه، وكان لأبي لإسعاف دور كبير في هذا المجال، ذلك أنه قام بالاشتراك مع الهيئة العربية العليا بشراء الأسلحة من مصر ونقلها إلى فلسطين، واستطاع بجهوده المتواصلة أن يشكّل فصيلاً كبيراً مع كامل أسلحته في قرية شَعَب حيث قام بهجوم على القوات اليهودية التي احتلت البروة قرب عكا، واستطاع أن يستعيد القرية بعد مقتل عدد كبير من الصهاينة(3).
ومن المعارك التي قادها معركة ميعار ومعركة الدامون، ففي معركة ميعار استطاع قتل عدد من اليهود واحتفظ بجثة العقيد سيغيف قائد المعركة، وقام بتسليم الجثة مقابل انسحاب اليهود من منطقة راس الزيتون التي تبلغ مساحتها حوالي عشرة كيلومترات مربعة وتسليمها للمجاهدين الفلسطينيين(4)؛ إلا أن الأمور سارت بعد ذلك على غير ما يريده شعب فلسطين ذلك بعد انقطاع الذخيرة والمؤن وما يقابله من الجانب الآخر من دعم كامل لليهود بكل أنواع الأسلحة والمؤن أدى إلى سقوط قسم كبير من بيد العصابات اليهودية، فانتقل أبو إسعاف إلى لبنان حيث التحق (على رأس حامية شَعَب) بقوات اليرموك التي كانت تُشكل قبل ذلك جيش الإنقاذ، ومنح رتبة ملازم وعُهد إليه بقيادة سرية شَعَب ضمن القوات، ثم انتقل إلى سوريا حيث انضم إلى فوج أجنادين وعين فيه قائداً للسرية الأولى ومساعداً لآمر الفوج. إلا أن الضعف الرسمي العربي أمام التحديات الصهيونية أبعدته عن خطوط القتال، فاتجه للعمل الزراعي في منطقة حوران، ثم سافر إلى إمارة قطر حيث عمل هناك في دائرة المعارف لمدة اثني عشر عاماً. خلال وجوده في قطر كان يقوم بواجبه الوطني وحينما قامت منظمة التحرير الفلسطينية عُيّن عضواً في المجلس الوطني الفلسطيني، وكان له نشاط فاعل في بعض العمليات التي نفذها الفدائيون الفلسطينيون بعد عام 1965 ضد العدو الصهيوني على أرضنا السليبة.
كما كان له نشاط في بعض العمليات عام 1983 التي استهدفت العدو الصهيوني الذي احتل لبنان عام 1982، ولم يكن يتقاضى مقابل عمله أجراً إنما كان دافعه في كل هذا قيامه بواجب الوطن من كل مخلص ومحبّ لأرضه وتراثه وشعبه. ولا زال أبو إسعاف يقوم بواجبه الوطني قدر استطاعته وقناعته.
مقابلة مع أبو إسعاف(5)
التجربة الجهادية والاعتقال:
كنت أعمل في حقل مملوك ليهودي اسمه ((ماكوفيتش))، وفي يوم من الأيام أساء اليهودي لأحد العمال بألفاظ تسيء للإسلام فقمت بضربه وعلى أثرها طُردت من عملي وبعد هذه الحادثة سجنت بتهمة حرق البيادر وكان عمري 11 عاماً. واعتقلت في سن الرابعة عشرة إثر نسف جسر ما بين عكا والسميرية أثناء المظاهرات وحقق معي الإنجليز في سجن عكا ولم أعترف، وأفرج عني.
التعرّف على الشيخ عز الدين القسام:
بعد خروجي من السجن عملت في سكة الحديد، وكنت أسمع عن الشيخ عز الدين أنه عالم وثائر ويعطي دروساً في مسجد الاستقلال، فذهبت أنا وثلاثة من زملائي إلى المسجد، فوجدناه يلقي درساً عن الجهاد فتشجعنا، وبعدها تطرق إلى موضوع مبطلات الوضوء فتفاجأنا، وبعدها عرفنا أن أحد عيون الشيخ أشار إليه بقدوم أحد العملاء. وأخذت أتردد على مسجد الاستقلال لأصلي وأستمع لخطب الشيخ الجهادية، وبعد الخطبة كان يقوم الناس ليسلموا عليه ويقبلوا يديه.
وفي إحدى المرات صافحته وأحسست أنه ضغط على يدي، ففهمت من ذلك أن أتبعه دون أن أمشي معه إلى أن وصلنا إلى بيته، فدخلت وكان هناك ثلاثة رجال، وعندما شاهدوني همّ بعضهم بالخروج فتبعهم الشيخ، وسمعت أنهم يقولون عني صغير أو أولاد صغار فبكيت وقمت، فأمسك الشيخ عز الدين القسام بيدي وتحدث معي كلاماً طيباً، وقال لأحد جلسائه وهو الشيخ محمود زعرورة أنا لي نظرة في هذا الشاب وجلسنا قليلاً ثم انطلقت. وأصبحت أتردد على جلساته القرآنية.
تاريخ جهادي:
اشتُهر القساميون بعملياتهم الجهادية في شوارع حيفا وأخذتني الغيرة والحماس فاشتريت قنبلة من مالي الخاص ورميتها على مطعم يجلس فيه اليهود والإنجليز وهربت. وفي اليوم الثاني كتبت الصحف: إلقاء قنبلة على مطعم يافا كان فيه عدد من الضباط الإنجليز من بينهم الميجر ((ستوب)). ورميت قنبلة ثانية وكتبت الصحافة أيضاً مجهول ألقى قنبلة على باص يهودي وأصيب بعضهم بجراح خفيفة وانتشرت إشاعة بإصابة 40 شخصاً وعشرة قتلى.. كما نفذت مع إخواني من 7 إلى 11 عملية في مدينة حيفا.
أما أشهر العمليات التي قام بها القساميون:
تفجير عمارة مكوّنة من خمسة طوابق بها ضباط إنجليز.
تفجير عمارة من أربعة طوابق بها ضباط إنجليز.
عملية الدرج أسفرت عن مقتل اثنين من اليهود وأخذ أسلحتهما.
معركة بيت جنّ كانت معركة قوية جرح فيها اثنان من إخواننا وأصيب العديد من جنود الاحتلال.
معركة (جربا) حيث سيطرنا على منطقة يوجد فيها البوليس الإضافي ((العملاء)). ووفق الآية القرآنية قال تعالى {إنما جَزَاءُ الذينَ يُحارِبونَ اللهَ ورسولَهُ ويَسْعَون في الأرض الفسادَ أن يقتّلوا أو يصلّبوا أو تقطّع أيديهم وأرجلُهم من خلاف أو يُنفوا من الأرض}. فكان القسام يقول لهم استخدموا النقطة الرابعة من الآية وهي النفي من الأرض، فأي شخص تثبت عليه تهمة التجسس اكتبوا له رسالة أن يخرج من فلسطين إلى أي دولة، وإن لم يخرج يطلق عليه النار.
رسائل
أقول للمجاهدين في فلسطين، إن اسم كتائب الشهيد عز الدين القسام له أثر كبير في نفوسنا، فهي تعمل ضمن العقيدة الإسلامية، فأنا أقدرهم ولهم مني كل الاحترام والتقدير، وأدعو الله أن يحفظهم ويحفظ كل المجاهدين الذين يحملون العقيدة الإسلامية. كما أوجّه لهم نصيحة وأقول لهم إن اليهود يقاتلوننا بعقيدتهم وعلينا أن نقاتلهم بعقيدتنا الإسلامية حتى نستطيع أن نقف أمامهم.
أما الأسرى والمعتقلين، فهم زهراتنا وهم شبابنا وهم طلائعنا، والرائد لا يكذب أهله، وصبروا صبراً شديداً وحملوا مشاق العدو وحملوا مشاق الصديق.
وفي نهاية حديثي أسأل الله سبحانه وتعالى أن يميتني مجاهداً.
اللهم أحينا سعداء وأمتنا شهداء.
وأضاف (كتاب فلسطين تاريخاً ونضالاً) ما يلي:
يُذكر أن أبو إسعاف كان في المنشية قبل مجيئه إلى شَعَب، كانت أخته خضرا تساند الحامية بالماء والذخيرة، وكانت مثلها نجمة العبد الله (أم يوسف حسون)، والدة الشاعر الشهير وشقيقة الشهيد محمد العبد الله. وكان من جماعة الحاج أمين وجاء إلى شَعَب بعد رحلته إلى ليبيا وإحضاره أسلحة للمدن المحاصرة ولما وجدها سقطت توجه بها إلى شَعَب.(6)
وذكر لي الشيخ زهير الشاويش(7) أنه كان في حي الميدان الدمشقي يرى عدداً من الشخصيات الفلسطينية التي كانت تَفِدُ إلى دمشق للدعم والتنسيق، ومن هذه الشخصيات شخص يقال له أبو إسعاف.
توفي أبو إسعاف في العام 2002 في منزله في منطقة البرامكة بدمشق.
مصطفى ونجيب الطيار (المتكاملان):
لا يمكن الكتابة عن أحد هذين الشخصين دون الكتابة عن الآخر، فهما كانا متكاملين في الموقع والحياة. وكان لهما دور مشهود في مقاومة حامية شَعَب.
مصطفى الطيار
ولد مصطفى الطيار في شَعَب عام 1910، وتعلم في كتّاب القرية القرآن الكريم، وفي السادسة عشرة من عمره عين شرطيَّ صواري في عدة قرى من الجليل. وكان في الوقت نفسه يعمل في شَعَب في فلاحة الأرض وزراعة القمح والزيتون، ويربي النحل ويبيع العسل.
تزوج مرتين، المرة الأولى كانت في فلسطين، من فاطمة العبد (خوالد)، وأنجبت له سعاد، وانتقل من بيت أبيه إلى منزل كبير في أول القرية (راجع ملحق الصور). وفي المرة الثانية كانت في لبنان من هدية فاعور، وله منها عفاف وبهاء ونهى وعبد الحليم ومهى وخزنة وأكرم وأحمد ومحمد.
كان من أوائل من اقتنوا الراديو في شَعَب، نظراً لاهتمامه بالسياسة والأحداث المتعاقبة التي كانت تنذر بسوء المستقبل.
وفي حديثنا إلى عدد من أفراد حامية شَعَب الباقين على قيد الحياة، أجمعوا على شعبيته وقيادته وشجاعته وذكائه في إدارة الأمور، وقد كان الرجل الثاني في قيادة الحامية بعد أبو إسعاف، بل ويشير البعض إلى كونه القائد الميداني للحامية في المعارك، حيث أن أبو إسعاف كان القائد العام (وهو وإن كان مثل أبو إسعاف، إذ لم يكن ذا عائلة كبيرة وعزوة في البلد، إلا أنه لم يخرج طويلاً منها، كما حدث مع أبو إسعاف الذي قضى طفولته وشبابه غائباً عن شَعَب، وعاد إليها في أواسط الأربعينات).
وفيما ساهمت علاقات أبو إسعاف مع الحاج أمين الحسيني في تأمين الدعم اللوجستي والسياسي للحامية، ساهمت خبرة ورتبة مصطفى الطيار العسكرية في توحيد رجال الحامية تحت راية خبير في المعارك، خاصة حين كان في مقدمة المشاركين في معركة البروة. بل إن قيادته هذه ساهمت في زيادة شعبيته بين رجال الحامية. ولم يكن بعد خروج الحامية من فلسطين يشيد ببطولات الحامية، ولكنه كان يتحسّر على موقف العرب وتخاذل الأصدقاء، وكان يعتبر أنه كان يمكن للحامية أن تصمد أكثر لولا أن هناك أمراً دُبّر بليل.
وحين حوّلت حامية شَعَب إلى سرية صلاح الدين في فوج أجنادين، رفض أن يعطى رتبة حسب مزاجية قادة الفوج، وانتظر حتى استطاع إحضار أوراقه التي تثبت أنه كان ذا رتبة في الشرطة، وعين في الفوج ملازماً، ونائباً لقائد السرية.
ويبدو أنه رأى أن تواجد السرية في سوريا، وسحب أسلحتها منها أفقدها مبرر وجودها، وأن من المنطق أن تعود السريّة إلى الحدود وليس إلى مناطق بعيدة عن فلسطين. وقدّم استقالته بعد إشكالات مع بعض القادة وعلى رأسهم قائد الفوج.
ومما يدل على شعبيته في الحامية أن معظم أبناء شَعَب في السريّة قد تركوها بعد تركه لها.
وعاد إلى لبنان، وسافر إلى السعودية، حيث عمل في شركة أرامكو، لمدة ست سنوات، ثم عاد إلى لبنان حيث كان قد اشترى منزلاً على طريق السكة قرب الحسبة في صيدا، ومنزله وإن كان يعتبر سياسياً ضمن مخيم عين الحلوة، إلا أنه عقارياً خارجها. وقد عمل في منزله في تربية النحل وبيع العسل، إلى أن توفاه الله عام 1979.
حافظ على كثير من ذكرياته في شَعَب، وقد زوّدنا أبناؤه بعدد من الصور الملحقة، وذكر لنا ابنه أكرم أنه كان يحتفظ بمواد ووثائق قيمة منها الخريطة العسكرية لمعارك شَعَب، وقد رُسمت على ورق كتّان، وكان يستعان بها في القصف والقتال، وعليها الخطط العسكرية التي اتبعت في المعارك، إلا أنها فقدت إبان الاجتياح الصهيوني للبنان عام 1982.
نجيب الطيار:
من مواليد شَعَب في 11/2/1920 (كما أورد في مذكراته)، درس في عكا ثم تعلم في الكلية العربية في القدس، التي لم تكن جامعة، ولكنها كانت أرفع كلية في فلسطين آنذاك، ومنتهى شهاداتها هي المتروكوليشن (اعتاد أهل القرية على تسميتها ماتريك) التي تؤهل حاملها لدخول الجامعة.. وهذا ما كان يحدث مع مثقفي فلسطين، الذين كانوا يحضّرون للجامعة فيها، ثم يرحلون في طلب العلم إلى بيروت أو القاهرة حيث الجامعات الأجنبية.
علّم في عدد من القرى في الجليل، منها الدامون وشعب، وبعد النكبة علم في سوريا بعد عناء البحث عن عمل (كتب في مذكراته يومها، يا للسخرية بعد أن كنا نركض وراء القضايا الكبرى في دمشق، ها نحن اليوم نركض خلف الوظيفة). درّس في (يبرود)، وكاد في تلك الفترة أن يتزوج لكنه عدل عن الفكرة نهائياً، حيث سافر إلى ليبيا، وأخيراً حطت به الأمور في تونس حيث كان يكتب في عدد من الصحف التونسية، ويدرّس في بعض كلياتها، إلى أن توفي عام 1981 هناك.
عمل أثناء الدراسة في تربية النحل في شَعَب، وشارك في حامية شَعَب مشاركة فعالة، حيث تكامل مع أخيه الأكبر مصطفى في العمل في الحامية. ففي الوقت الذي كان فيه مصطفى نائباً لقائد الحامية وقائداً ميدانياً لها، كان نجيب أشبه بالمسؤول السياسي والإعلامي لها، حيث كما يبدو من مذكراته أنه كان يردّ ويوضح الموقف في الجبهة في عدد من الصحف، حتى أثناء زياراته لدمشق حيث كان يكتب في صحفها.
وكان في سفره إلى دمشق يقوم بجمع التبرعات والأسلحة لصالح الحامية، وسيلاحظ القارئ في القسم الثاني من الكتاب، دور نجيب الطيار في حامية شَعَب.
إن أهم ما يتميز به نجيب الطيار هو الدقة في تنظيم شؤون حياته، ففي دفاتره الخاصة تجد مذكراته القيمة وحساباته الدقيقة، مثل مداخيله ومصاريفه اليومية على مدى سنوات، وتلخيصها في صفحة واحدة بطريقة مذهلة، وهي إن دلت على شيء فإنما تدل على دقة هذا الرجل وتنظيمه في شؤونه الخاصة والعامة.
سعيد صالح عبد الهادي الأسدي (الفلسطيني)
اسمه في شَعَب سعيد الصالح. اسمه عند المختار سعيد الأسدي. اسمه في الهوية سعيد صالح عبد الهادي. اسمه في مواقع النضال الفلسطيني من عام 1936 إلى 1982 وحتى وفاته في عام 1997 أبو صالح.
من كبير أسفي أنني لم أعرف هذا الرجل شخصياً، مع أن كل من كلّمته عن كتاب شَعَب يقول لي من الخسارة أن لا تكون قد قابلت أبو صالح.
بعد كل الذي قرأته عنه والمعلومات التي جمعتها، لم أجد له لقباً يشبهه، ويكون مثله في خانة السهل الممتنع إلا ((الفلسطيني))، فكلنا فلسطينيون ولكن أكثر من يستحق اللقب مع ((الـ)) التعريف هو أبو صالح. هو الوحيد الذي سخّر حياته ورهنها للقضية. هو الفلسطيني الحقيقي الذي لم يكلّ ولم يملّ منذ ثورة 1936 حتى اجتياح 1982 عن حمل السلاح.
كان كنزاً أدبياً رغم أنه ليس أديباً، وكان راوية رائعاً ولم يكتب حرفاً وكان.. وكان..
الشهيد غسان كنفاني كان يزوره دائماً، ولأنه ((الفلسطيني)).. كثيراً ما كان كنفاني يستخرج منه القصص والحكايات، ولئن كان كنفاني قد خصّه بقصة ((العروس)) المثبتة في ملاحق الكتاب، فإن عدداً من القصص كما علمت من بعض العارفين بالأمر، قد سمع أطرافها من فم أبو صالح.(8)
غير أن من أهم ما كُتب عن أبو صالح كان رواية ((باب الشمس)) التي كتبها إلياس خوري وأصدرها في العام 1998، في الذكرى الخمسين للنكبة. وكانت هذه الرواية من أكثر الكتب مبيعاً في ذلك العام.
ورواية ((باب الشمس)) إن كانت تناولت النكبة عبر قصة بلدة شَعَب وحاميتها، فإن من ألهم إلياس خوري بحبكتها كان ذلك ((الفلسطيني)) أبو صالح، حيث تبدأ القصة من حيث انتهى أبو صالح، في مستشفى الهمشري في غيبوبة الموت الأخيرة على سرير يجلس قربه الممرض الذي يحكي القصة.. ووجّه إلياس خوري أول شكر للمساهمين في إنجاز العمل، في خاتمة الرواية لسعيد صالح عبد الهادي. كما أن تعريف الكاتب بالقصة وخيطها الروائي السردي كان عن أبو صالح الذي سمته الرواية ((يونس))، فتحدث عنه وعن علاقته بزوجته ((منيرة)) التي سمتها الرواية ((نهيلة))، كتب ذلك في الغلاف الخارجي الأخير من الكتاب:
نهيلة الأولى، كانت زوجته الصغيرة التي لم يعرفها، لأنه كان في الجبال مع المجاهدين.
نهيلة الثانية، كانت المرأة الجميلة التي ولدت في مغارة باب الشمس، وهي تدعس على حبات العنب، وتتزوج زوجها.
نهيلة الثالثة كانت أم إبراهيم الذي مات.
نهيلة الرابعة، كانت أم نور، التي التصق بها يونس في المغارة، وصار يدعوها أم النور، كلما أتته والضوء يشع من عينيها.
نهيلة الخامسة، كانت بطلة المأتم، التي خرجت من السجن لتعلن موت زوجها، وتتشحّر أمام الناس.
نهيلة السادسة، هي أم كل هؤلاء الأولاد، الذين يملأون ساحة دير الأسد.
في تلك الليلة ولدت نهيلة السابعة.
نهيلة السابعة تعبت من التعب. امرأة وحيدة وفقيرة.
نذكر هنا أن المخرج المصري يسري نصر الله قد بدأ أواخر العام 2002، بإخراج فيلم سينمائي مأخوذ من رواية ((باب الشمس))، وشارك في مهرجان كان 2003 للسينما، ثم عاد وأتم الجزء الثاني من الفيلم وتم عرضه في أكثر من مهرجان دولي ونال عدة جوائز.
أما ما كانت تقوله هي عن هذه الأحداث وعن اختبائه في المغارة التي سماها إلياس خوري ((باب الشمس))، فيدلنا عليه ما كتبه إبراهيم نصار في حفل تأبين أبو صالح في أربعينه في قرية ((دير الأسد)):
كان يحمل السلاح عندما تعزّ الطلقة ويخترق الحدود.. يوزع السلاح ويزرع طفلاً، وهكذا أنجب معظم أبنائه. هو في المنفى وأم صالح في الوطن، وبينهما الحدود المزروعة بالنار والموت. لن يتردد. كان يراوغ زخات الرصاص وينجح، أرهق حرس الحدود وأتعبهم في كل رحلة يودعه الرصاص من خلف ومن أمام، ويستقبله من خلف ومن أمام.. قدرته مدهشة على التآلف مع الموت والخطر.. المهم أن يصل السلاح وأن يزرع طفلاً.. وتضحك أم صالح من أسئلة الجنود الغبية.!
من أين لك هذا الطفل؟!
من أبو صالح!!
وهل كان هنا؟!
نعم بالتأكيد، وسيعود قريباً. لأننا اتفقنا على إنجاب أطفال ستة، ولم يكتمل العدد بعد (تقول متباهية).
ولكن كيف؟!
يا لكم من حمقى!
ألا تعرفون كيف ينجب الأزواج أطفالهم! بالحب الجميل! ما بين زخة الرصاص الأولى والتي تليها.
ولأنه ((الفلسطيني)).. فإنه كان صاحب أول رسم محفوظ للفنان ناجي العلي.
فمن هو أبو صالح؟
ولد سعيد صالح عبد الهادي الأسدي، في قرية شَعَب عام 1918، وشارك في ثورة عام 1936 ضد الاستعمار البريطاني والصهيوني.
وكان في الصفوف الأولى في حامية شَعَب أثناء نكبة 1948، وخرج من فلسطين تاركاً زوجته التي رفضت أن تترك والديه المُسنَّين وحدهما في فلسطين، وأقامت معهما هناك. استقرت عائلته بداية الأمر في دير الأسد، ودون علم سلطات الاحتلال كان شبه مقيم هناك، وكان تواجده في فلسطين أكثر من تواجده في لبنان. ذلك أنه لم يكن قد قرر القبول بالتشتت، إلى أن بات صعباً عليه التردد إلى هناك، واستقر نهائياً في لبنان منذ عام 1956.
أقام في مخيم عين الحلوة، وهناك عمل وكيلاً لبساتين حمضيات، وكان ممن عمل معه الشهيد ناجي العلي(9)، كما ذكر محمود كلّم في كتابه ((ناجي العلي: كامل التراب الفلسطيني)). وكانا رفيقين أيضاً في حركة القوميين العرب التي كان أبو صالح من جيل التأسيس فيها. غير أن ناجي العلي لم يكن ينضبط بمواعيدها الدقيقة، مما أدى إلى فصله ثلاث مرات.
سجن عدة مرات في السجون اللبنانية بسبب مواقفه الوطنية، وكان مع ناجي العلي في زنزانة واحدة في سجن أبلح في شهر آذار من عام 1961، وما زال الرسم الذي رسمه له ناجي العلي في ذلك السجن يعتبر أول رسم محفوظ له. يومها رسمه على علبة سجاير (راجع ملحق الصور)، حين علقه سجانه على شباك السجن، والرسم عبارة عن بورتريه لوجه أبو صالح، معلقاً على صليب ومحاطاً بالهلال.(10)
وكان من الرعيل التأسيسي الأول للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وأحد قادتها، شارك في معارك أيلول الأسود في الأردن، وأصيب في رجله وأرسل للعلاج في الاتحاد السوفياتي لمدة ثلاثة أشهر.
شارك في الدفاع عن الجنوب اللبناني في اجتياح عام 1978، فيما سمي لاحقاً ((عملية الليطاني)).
في الاجتياح الصهيوني للبنان عام 1982، شارك في المقاومة، وكان في الرابعة والخمسين من عمره. واعتقل في معتقل أنصار بعد معاناة من نظره بسبب تنشّق غازات أطلقت عليه أثناء المعارك. وبقي نزيل معتقل أنصار عامين كاملين، خرج بعدها إلى صفوف المقاومة كما كان في البدء.
عاش قرابة الخمسين عاماً بعيداً عن عائلته وأولاده، وزوجته التي رفضت ترك أهله ورفضت الطلاق، وبقيت على عهده وبقي هو كذلك لم يتزوج ثانية.
في كانون الثاني من العام 1997م، أصيب بعارض صحي، نقل على أثره إلى مستشفى الهمشري في صيدا، وبقي فيه حتى وافته المنية في 28-1-1997م.
أما أيامه الأخيرة، التي بها بدأت رواية ((باب الشمس))، فقد عبرت عنها رسالة مؤسسة الشهيد غسان كنفاني أرسلتها عائلته، وقد تُلِيتْ في حفل تأبينه بمناسبة مرور أربعين يوماً على وفاته:(11)
عائلة أبو صالح
تحيات حارة لكم جميعاً في ذكرى الصديق العظيم
كان أبو صالح صديقاً رائعاً وشخصاً عظيماً.
أنا وأطفالي ((تريز وليلى)) اعتدنا احترامه وتقديره.
كان محارباً شجاعاً وشريفاً من أجل حقوق وحرية شعبه بالعودة إلى فلسطين، وبالرغم من سنه وعمره كانت فيه روح الشباب الجميلة.
أرسل لكم صورتين لأبي صالح في الذكرى الرابعة والعشرين لمؤسسة غسان كنفاني في الثامن من تموز 1996.
لقد زرته في المستشفى في الثاني من كانون الثاني 1997، وكان مملوءاً بالحيوية والحياة، وتحدث عن الناس، عن الكفاح، عن فلسطين. عن العائلة وعن قاسم أبو ماهر وأصدقاء آخرين والسنوات التي مرت، وهو يمزح ويضحك، وعندما تركته في ذلك اليوم شعرت بالارتياح وتطلعت إلى الأمام لأراه ثانية في زيارتي القادمة إلى صيدا.
في 24-1-1997 ذهبت إلى المستشفى في صيدا، وسمح لي أن أرى أبو صالح من خلال شباك غرفة العناية المركزة، لكن لم يحالفني الحظ أن أحدثه مرة ثانية.
كل أهالي عين الحلوة والمخيمات الأخرى أحبت أبو صالح وشيعوه إلى القبر ليودعوه الوداع الأخير.
سيبقى دائماً في عقول وأفكار الناس.
أطفال الروضة في عين الحلوة سيزورون قبره ويضعون الورود عليه.
مع تحياتنا
تريز وليلى
لقد بقي سعيد صالح عبد الهادي (أبو صالح) يجسد صورة الفلسطيني الحقيقية، الذي ولد في فلسطين، وشهد ثورة 1936 ونكبة 1948، وشارك في معارك الدفاع عن قريته بشراسة، وبقي يتردد إلى فلسطين كلما شدّه الشوق إليها، وشارك في المعارك كلها، وحمل الهم القومي إلى جانب همه الفلسطيني، واعتقل لدى العدو، وبقي حتى آخر يوم من حياته لا يصدق أنه سيموت.
فكيف سيتحمل بعد كل هذا النضال أن يموت بعيداً عن فلسطين. مات أبو صالح لكنّ رايتَه لم تسقط، ستبقى خفاقة حتى تُزرع على ربى فلسطين من جديد.
حادي فلسطين يوسف حسون (أبو العلاء)
شاعر القضية الفلسطينية (12)
بقلم: أحمد الحاج علي
في العام 1928 كانت قرية شَعَب وفلسطين على موعد مع ميلاد شاعر من كبار شعراء فلسطين أحيا بشعره تراثاً فلسطينياً كاد أن يندثر وصنع ألواناً فنية عديدة أصبحت تراثاً للشعب الفلسطيني فيما بعد؛ إنه الشاعر الفلسطيني الكبير يوسف حسّون (أبو العلاء). عرف أبو العلاء كبقية الفلسطينيين شظف العيش ولكن ذلك لم يثنِهِ عن المثابرة لنهل المعرفة وطلب العلم. فدرس في مدرسة شَعَب، ولكن لم تكن المدرسة سبيله الوحيد لطلب المعرفة، فعقله واستيعابه كانا أكبر بكثير من أن ينحصر في منهاج دراسي محدّد، فكان يلتهم الشاعر يوسف حسّون كل ما يقع بين يديه من كتب وكرّاسات. وممّا يحكى عن طفولته أنه نزل وابن عمته إلى مدينة عكا وباع بقرة تخص أبيه، وكل ذلك ليشتري كتباً يثقف فيها نفسه فكانت ثقافته بجهد شخصي جبار منه. ولم يكن غريباً على من كانت الثقافة والمعرفة دأبه وغايته أن يقول الشعر وينظمه نظماً عجيباً ولم يبلغ الثالثة عشرة من عمره بعد.
ومن أولى القصائد التي ذاع صيته من خلالها قصيدة يمدح فيها شيخ الطريقة الشاذلية والتي كانت منتشرة في شَعَب وقتذاك. وكان من شدة تعلقه بالفن والعزف أن يضع الأسلاك بجانب بعضها ويعزف عليها ليحدث نغماً جميلاً.
وكان يوسف حسون في طفولته يواظب على الأعراس التي يحضرها كبار الشعراء، وخصوصاً تلك التي كان يحضرها الشاعر أبو سعيد الحطيني، أشعر شعراء الزجل في ذلك الوقت. وفي أحد أعراس شَعَب سنة 1942، وبينما كان الحضور يتحضّرون لسماع الشاعر أبو سعيد الحطيني صاح الشاعر يوسف حسون من بين الحضور، وكان لا يتجاوز الثالثة عشرة، ببيت عتابا أثارت إعجاب الحاضرين:
حبيبي جهد ما يبعد بعيدو (البعد)
نغم لو كل ما عجبني بعيدو (الإعادة)
وضحية إن كان لازملو بعيدو (العيد)
أنا الضحية لأجل عينو والهداب
وما إن سمعه الحطيني حتى انتفض من مكانه وقرّبه إليه وأجلسه إلى جانبه وقال: إن العتابا في فلسطين بألف خير، والتفت إلى يوسف حسون وقال: تابع معي. وصار يأخذه معه إلى الأعراس، ممّا أعطى الشاعر يوسف حسون قوة معنوية كبيرة كان بحاجة إليها، ومن شدة رواجه قال له الشاعر الحطيني مازحاً: ركّبناك على الحمار مدّيت إيدك على الخرج، وأردف قائلاً وبإعجاب: اشهدوا بشاعرية هذا الطفل، وأحسّ يوسف حسون بمكانته بين الشعراء ممّا حدا به أن يستعير (قمباز) جدّه، وذاعت شهرته على مستوى الوطن.
الوجود الصهيوني في فلسطين كان أكثر ما يثير حمية وغيرة هذا الشاعر المرهف الحس، فشارك الشاعر بالقتال مع حامية شَعَب والذود عنها خلال نكبة 1948، وكان لخروجه من شَعَب التي أحبها وبنى فيها أجمل أيام طفولته وشبابه شديد الأثر عليه ممّا دفعه لأن ينظم قصيدة من أجمل القصائد التي وصفت النكبة وتأثيرها على أهل فلسطين وهي قصيدة (مرسال فلسطين) التي بين أيدينا..
بعد النكبة درس الموسيقى في الكونسرفاتوار الوطني اللبناني. وأثناء وجوده في بعلبك أصبح أبو العلاء واحداً من أهم المراجع الثقاة في الشعر الشعبي وخاصة العتابا، فكان يزاجل الشعراء اللبنانيين الذين كانت تربطه بهم علاقة قوية، وكان يكتب في بعلبك بمجلة (بنت العرزال) لمؤسسها حسين سلمان.(13)
نشر يوسف حسون قصائد في مجلة (بنت لبنان) سنة 1949، ومجلة (الثأر) الفلسطينية سنة 1952. في العام 1955 كتب قصيدة (نشيد فلسطين)، وقدم عدة برامج إذاعية عبر إذاعة صوت فلسطين من القاهرة أوائل الستينات منها (فلاحين بلدنا) في 65 حلقة و(أبو عودة). و(فلاحين بلدنا) كانت تدور حول موضوع وطني بطريقة تمثيلية.
ذهب أبو العلاء إلى مصر ونال شهادته من هناك، ولكن عند عودته رفضت الأنروا توظيفه لغياب (الواسطة)، وكان مدير التعليم من عائلة فرح فكتب يوسف حسون قصيدة قال فيها:
جنوا على العلم والتعليم واجترحوا لما قضوا أن يولّى فيهما فرح
ما أنصفوا العلم بل زادوا مصائبه ويح الوكالة بئس الرأي ما اقترحوا
وأخذ القصيدة إلى دياب الفاهوم وهدّدهم بالنشر، وعلى إثرها وظفوه مع شقيق زوجته. وكان أبو العلاء متفانياً في التدريس حتى أنه كان يجلب الطلاب في الليل ويضيء لهم اللوكس، ليعطيهم الدروس ويعلمهم بعضاً من حب فلسطين وعشق المعرفة. وأصبح مديراً لمدرسة القادسية في الرشيدية ثم مدير مدرسة المجدل في تل الزعتر ومن ثم انتقل إلى الدامور.
في العام 1976 بدأ أبو علاء يقدم برنامجاً إذاعياً في إذاعة ((صوت فلسطين.. صوت الثورة الفلسطينية)) هو الأشهر في تاريخ الثورة الفلسطينية (غنّى الحادي) في 104 حلقات إلى أن وافته المنية. وقد اشتُهر مطلع هذا البرنامج الذي يقول فيه:
غنى الحادي وقال بيوت بيوت غناها الحادي
سدوا الدرب منين أفوت أفوت وأقدر بعنادي
فوق التل وتحت التل وبين الوادي والوادي
مين تسأل عنا بتندل بتلقاني وتلقى ولادي
وكذلك اشتهر أبو العلاء بـ ((يا حلالي يا مالي)) والتي فيها:
جينا على اســم الفدا نعطي الجمـاهير اليقين
بشمالنا غصن الزّتون البنـــدقية باليميــن
ولم يكن من خلال هذه البرامج فناناً عادياً بل كان حاملاً لهمّ سياسي، وكرّس برامجه لخدمة القضية، وكان يستعرض بعض الأحداث والمواقف شعراً، كما في القصيدة الشهيرة عن غولدا مائير، التي أُشيع أنها كانت تقول إنها تشعر بالنار تشتعل فيها كلما ولد طفل فلسطيني، وتتمنى أن ترفس كل امرأة فلسطينية حامل على بطنها لإسقاط جنينها:
في مرة قالت مائير كلمة عنا بتعنيها
كل ما يخلق طفل صغير نارو بتشعلل فيها
ققد أنشد ((الحسون)) الشروقي والعتابا والميجانا ولم تغِب الأرض عن كل قصائده. لم ينسَ أبو العلاء المعتقلين والمعتقلات في السجون الإسرائيلية وكان يذكر أسماء بعضهم في أغانيه الشعرية، وكذلك غنى للمقاتلين وتغنّى بالبندقية، خلّد في شعره معركة الكرامة ويوم الأرض ومجزرة دير ياسين وتل الزعتر وجنوب لبنان، لقد كان مؤرخاً صادقاً لعمليات الثورة الفلسطينية، وانتقد كامب ديفيد بأسلوبه الساخر. وكان أبو العلاء يشارك في العديد من المهرجانات العالمية كمهرجان برلين في العام 1977 والذي حظي فيه الشاعر باحتفاء قل نظيره، ومهرجان قطر، وقدّم أبو العلاء في مهرجان رام الله (قبل العام 1967) أوبريت وطنية. وكان الشاعر لشدة حماسه الوطني يقيم العديد من المهرجانات لصالح الثورة الفلسطينية، ومن تلك المهرجانات مهرجان في الجامعة العربية شارك فيه المطرب اللبناني نصري شمس الدين والمطربة سميرة توفيق. وغنى شمس الدين له:
يا طير يا طاير على فلسطين بكّير صبحها ومسّيها
سلم عليها وقلها جايين جايين نحرّر أراضيها
وغنت سميرة توفيق للشاعر:
حرّروني يا رجالي وافتدوني بكل غالي
تعامل الشاعر مع العديد من الملحنين منهم: صبحي أبو لغد، عفيف رضوان، زكي ناصيف. ومن الفنانين الذين تعامل معهم: نصري شمس الدين، سميرة توفيق، فايزة أحمد، سعاد هاشم، سمير يزبك، فهد بلاّن، غازي الشرقاوي. كما كان مرجعاً ومراجعاً لغوياً للعديد من الشعراء أبرزهم الشاعر الفلسطيني معين بسيسو.
وفي 24/10/1979 توقف قلب الشاعر عن الكلام، وفي اليوم التالي خرجت جماهير الشعبين الفلسطيني واللبناني تودّع الشاعر الثائر يوسف حسون (أبو العلاء) في موكب مهيب انطلق من أمام مسجد الجامعة العربية ليوارى الثرى في مقبرة شهداء فلسطين. وقد أعلنت الأنروا والمؤسسات الفلسطينية إضراباً عاماً حداداً على روحه. وممّا يؤسف له أن العديد من مغنّي اليوم ينسبون لأنفسهم العديد من الأبيات التي أبدعتها عبقرية أبو العلاء.
أحمد الحلبي (الطبيب المزعوم)
ليس لدينا الكثير عن هذا الرجل المبهم، جاء إلى البلد وسكن في أول البلد (من جهة الغرب) وفي أحد أعلى بيوتها المشرفة على القرية(!)، في منزل خليل الشيخ خليل في ((كرم المقرة)).
وقد قيل إنه طبيب، وكان يداوي أهل البلد، ولكنه كثيراً ما كان يتعرض للإحراج عند سؤاله عن ماضيه، وعن علمه، وكان يبدو في كلامه الكذب والشك، وسأله ذات مرة طبيب في البِعنة من آل الخازن من أي الكليات الطبية تخرجت؟ فتهرب من الإجابة، وذات مرة أعطى إبرة بنسلين بالوريد لأحد المرضى، وكاد يتسبب بمقتله، وهكذا كان الأمر بالنسبة للعلاج الذي كان يقوم به.
قيل عنه (يا دوب كان ممرض)، سكن في منزل بطرف البلد، بعيداً عن أعين الناس، وبقي مجهولاً بالنسبة للكثيرين منهم، إلى أن حدثت النكبة. ولا يذكر أحد أين كان أثناء معارك حامية شَعَب مع العدو.
بعد سنوات من النكبة، نقل أحد زوار البلد من الشتات، أنه رأى (الدكتور!) أحمد الحلبي في مدينة عكا بعد سقوطها بسنوات، وأنه ضابط في الاستخبارات الصهيونية، كان من اليهود العرب الذين قدموا إلى فلسطين لخدمة المشروع الصهيوني، وكان يتكلم العربية جيداً فتم زرعه في القرية
المرجع: كتاب شعب وحاميتها للأستاذ ياسر علي
أشعار قيلت في القرية
أشعار قيلت بشعب
القصائد التالية من تأليف ياسر علي كاتب هذه السطور وهذا الكتاب:
حــلـم
رأيت بنورِ أحلامِ الليالي أديباً صاغ أمجاد الخيال
رأيت بظل زيتونٍ رجالاً تُسابق نحو موت لا تبالي
لحامية الحدود سلام عزٍ إلى شَعَب التي بين الجبال
دروس العزّ قد كُتبت بفخر ولم تفزع بأيام خوالي
* * *
مررت بسهل قمح قد تماهى بِسمْسمها، أرى ذهباً بدا لي
وزيتونٍ تجذّر في الزمان بدا في الأرض محفور الظلال
وعبهرةٍ وعينٍ مع بنات لنا تحكي الحكايا والتسالي
شمالي بيدرٌ يبكي صِبانا يميني الشامخاتُ من التلال
وبينهما شهيُّ الخطو سفحٌ يضم بحضنه بلد الغوالي
فأدخل قريتي شبراً فشبراً أقبّلُ تربَها، والترْبُ غالي
((أقبّل ذا الجدار وذا الجدار)) أليلى خلفه؟ بل قل ((ليالي))
وأسأل في الأزقة عن شباب وحامية، بها عزُّ الرجال
رأيت ظِلالَهم تحمي الحدود بدت كالماردِ العملاقِ عال
* * * *
أفقتُ من المنام وتحت رمشي بلادٌ لم تزلْ حباً ببالي
تفارقها الجوارحُ دون روحٍ وتحيا الروحُ فيها كاللآلي
وتعشق أن تحطّ على رباها فقد طارت إلى ذاك المجال
ففي كل المواسم كالسنونو تبشّر بالربيع وبالغلال
قضيت العمر أبحث عن بلادي وعن أحلام عمرٍ في الجمال
رأيتهمُ ولو في حلم نومي وها أنذا، أموت ولا أبالي
زجل
يا دارنا شَعَب يا ديرة الشجعان ما تحيد عن حبك بيوم سيرتنا
سقى الله ايّامنا ما بين الاخوان ما ننسى بحماك يوم جيرتنا
لا بد يا ديارنا لو طالت الأزمان نرجع نبوّس ترابات ديرتنا
والبعد ما هو من شيمة الإنسان لكن جَبَرْنا الضيم مَ خيرتنا
ولا بد ما الشوق يِنبِت لنا جنحان ونعود يا دارنا ونفك حيرتنا
فم الذهب (شَعَب)
وادٍ من الأبطال أنهكه التعبْ؟
أم سفْحُ أشجارٍ تميد به الرياح من الطربْ؟
أم أرضُ دمعٍ سال رقراقاً على الماء العذب؟
أم أنها عسلٌ تكوّر شهدُه بِفَمِ الذهب؟
الشمس تشرق في الجليل وترتقي،
لكنها كالغصن فوق الماء تحنو.. في شَعَب
* *
ذهب الغريب مشرداً ما همَّه نيلُ الأربْ
ما صام عن شيء سوى عن أرضه يوم اغتربْ
أرضٌ على هامِ الزمان قصيدةٌ وبطولةٌ،
بل درّةٌ قد رصّعت تاجَ العرب
أرضي بأرضي لا يوازيها مكانٌ،
لا يطاولُها العتب
أرضُ الكرامةِ في الغضبْ
أرضُ التجلي في الأدبْ
في وجهِ حوريّاتِها وبناتِ عينٍ عند عَبْهرةِ النسب
وادٍ من الأبطال من يعنين حتى آخر الدنيا.. شَعَب
الباحث والمراجع
المراجع
1- عزايزة، عاطف محمد، قرية شَعَب، ص 75.
2-مدونة فلسطين https://mohammadhamdan64.wordpress.com
3- موقع قرية شعب https://sites.google.com/site/sha3abswebsite/home/nbdhte-tarykhyte/swr-alqryte
4- كتاب شعب وحاميتها للأستاذ ياسر علي ومنه المراجع التالية:
(1) زهير غنايم: لواء عكا في عهد التنظيمات العثمانية، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، الطبعة الأولى حزيران/يونيو 1999، ص128 -144.
(2) شكري عراف: الموقع الجغرافية في فلسطين – الأسماء العربية والتسميات العبرية، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، الطبعة الأولى تموز/يوليو 2004.
(3) راجع إحصاءنا الذي أجريناه عن البيوت والأسر.
(4) مجلة الدراسات الفلسطينية، العدد 45/46، شتاء ربيع 2001، صفحة 90، ((لاجئون في وطنهم: الحاضرون الغائبون في إسرائيل)) للكاتب واكيم واكيم من جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين، الجدول صفحة 92، أشار إلى أن عددهم عام 1948 كان 574 نسمة.
(5) يسمح القانون الصهيوني لهم بالسكن عبر الاستئجار لمدة 99 سنة دون الشراء، ولا يحق لأي منهم أن يستأجر بيت أهله، لذلك من يذهب الآن إلى البلد سيجد أنهم لا يسكنون بيوتهم الأصلية.
(6) خالَفَ هذا التاريخ كتاب لواء عكا في عهد التنظيمات الإدارية العثمانية لزهير غنايم فذكر في جدول صفحة 272 أنه 1304هـ 1886م.
(7) مصطفى الدباغ: بلادنا فلسطين – مصدر سابق –ج7 – ق2– ص382
(8) الموسوعة الفلسطينية – القسم الخاص - المجلد الثاني – ص970. نقلاً عن قوائم شوماخر في ذلك العام حول سكان لواء عكا، وكان يتم التعداد لكل من هم بين 16-60سنة، ثم يضرب العدد بخمسة. وذكر التقرير أن عدد المسلمين 269، وعدد المسيحيين 17، والمجموع 286*5=1430.
(9) شكري عراف: القرية العربية الفلسطينية - مبنى واستعمالات أراض، مطبعة أوفست أبو دلّو، بيت صفافا 51 القدس، صفحة 267.
(10) ريم عبيدو، كيف يعيش فلسطينيو الجليل في شَعَب ودير الأسد وترشيحا، تقرير في ذكرى النكبة، على موقع www.moqawama.net على الإنترنت.